أنا ولي أمر طالبة في مرحلة الثانوية العامة، وقد صدر قرارٌ من الجهات القائمة على العملية التعليمية يتضمَّن إلزام الطلاب بارتداءِ زيٍّ مُوحَّد، كما يتضمَّن إلزام الطالبات بكشف وجوههنَّ داخل الأبنية التعليمية، وقد كانت ابنتي بدأت ترتدي النقاب منذ بلوغها؛ فنرجو الإفادة بالرأي الشرعي في هذا الأمر.
انتقاب الفتيات هو من قبيل العادات لا المطلوبات الشرعية، والمطلوب شرعًا من المسلمة المكلفة هو كلُّ زِيٍّ لا يَصِف مفاتن الجسد ولا يشفُّ عمَّا تحته، ويستر الجسم كلَّه ما عدا الوجه والكَفَّيْن.
ويجوز للجهات القائمة على العملية التعليمية إلزام الطلاب والطالبات بتوحيد زيِّهم المدرسي، ومنع تغطية الفتيات لوجوههنَّ داخل الأبنية التعليمية، ويجب على الطلاب وكذلك أولياء الأمور الالتزام بذلك.
المحتويات
الأصل في شأن الأزياء والثياب أنها متروكة -في الجملة- للاختيارات التي تحكمها أذواق الأشخاص وعادات الناس وأعرافهم، على أنَّ المصلحة تقتضي أحيانًا وضع جملة من الضوابط والمطلوبات لأشكال الأزياء؛ حسبما يراه أهل الاختصاصات المختلفة.
ومن المطلوبات الشرعية أن أَمَر الشرع الشريف المسلمة المكلفة بالحجاب أي: بتغطية كلِّ جسدها ما عدا وجهها وكفيها؛ وذلك لقول الله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31].
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة أنَّ ذاتُ النِّطاقَين أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما- دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليها ثِيابٌ رِقَاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: «يَا أَسْمَاءُ: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وأشار إلى وجهه وكَفَّيْه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، أخرجه أبو داود في "سننه".
فاللباس المطلوب شرعًا من المسلمة المكلفة هو كلُّ زِيٍّ لا يَصِف مفاتن الجسد ولا يشفُّ عمَّا تحته، ويستر الجسم كلَّه ما عدا الوجه والكَفَّيْن.
أمَّا تغطية الوجه بما يسمى بـ"النقاب": فمن قبيل العادات وليس من قبيل التَّشَرُّع عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والصحيح من مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعليه أصحابه، وهو مذهب الأوزاعي وأبي ثور، ومِن قَبْلِ أولئك: عُمَر، وابن عباس رضي الله عنهم، ومن التابعين: عطاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبو الشعثاء، والضحاك، وإبراهيم النخعي، وغيرهم.
ينظر: "مختصر القدوري" للعلامة القدوري الحنفي (ص: 26، ط. دار الكتب العلمية)، و"البناية شرح الهداية" للإمام العيني الحنفي (2/ 126، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الكبير" للشيخ الدردير المالكي (1/ 214، ط. دار الفكر)، و"أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي (1/ 176، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/ 431، ط. مكتبة القاهرة).
وقد نصَّ المالكية على أنَّ انتقاب المرأة مكروهٌ إذا لم تجرِ عادة أهل بلدها بذلك، وذكروا أنَّه من الغُلُوِّ في الدِّين.
قال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 218، ط. دار الفكر) عند قول الإمام خليل: [(و) كُرِهَ (انتقاب امرأة) أي: تغطية وجهها بالنقاب، وهو ما يصل للعيون في الصلاة؛ لأنَّه من الغُلُوِّ، والرجل أولى ما لم يكن من قوم عادتهم ذلك؛ (ككف) أي: ضم وتشمير (كم وشعر لصلاة)، راجع لما بعد الكاف، فالنقاب مكروه مطلقًا] اهـ.
وقال الشيخ الدسوقي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: وانتقاب امرأة) أي: سواء كانت في صلاة أو في غيرها كان الانتقاب فيها لأجلها أو لا، (قوله: لأنه من الغلوّ) أي: الزيادة في الدِّين؛ إذ لم ترد به السُّنَّة السمحة.. (قوله: فالنقاب مكروه مطلقًا) أي: كان في الصلاة أو خارجها سواء كان فيها لأجلها أو لغيرها ما لم يكن لعادةٍ] اهـ.
ومَن رأى من العلماء وجوب النقاب استدل ببعض النصوص المحتملة، وقد أجاب عنها الجمهور بأن ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، وإذا تعارضت الأدلة فالأصل براءة الذمة من التكليف.
من ثَمَّ، فإلزام الجهات القائمة على العملية التعليمية الطلاب بمنع الفتيات من تغطية وجوههنَّ داخل الأبنية التعليمية -كما هي مسألتنا-: أمرٌ جارٍ على مذهب جمهور الفقهاء، ومراعاة ذلك واجبة، فلا يجوز الركون إلى وجود خلاف فقهي في مسألة انتقاب المرأة، ولا الامتناع من تطبيقه؛ لتقليد القائلين بوجوب تغطية الوجه، فمن القواعد الفقهية المقرَّرة أنَّ: "حكم الحاكم يرفع الخلاف"؛ فإذا اختار ولي الأمر لمقتضى المصلحة التربوية والتعليمية قولًا من أقوال المجتهدين في مسألة من المسائلِ الخلافية وألزمهم بالأخْذ به؛ كان عليهم أن يتبعوه في ذلك.
وعلى هذا المعنى تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة:
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 100، ط. دار الكتب العلمية): [اتِّباع الإمام في محل الاجتهاد واجبٌ كاتِّباع القضاة في مواضع الاجتهاد] اهـ.
وقال الإمام القرافي المالكي في "الفروق" (2/ 103، ط. عالم الكتب): [اعلم أن حكم الحاكم في مسائلِ الاجتهاد يرفعُ الخلافَ، ويرجع المخالِفُ عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فُتياه بعد الحكم عمَّا كانت عليه؛ على القول الصحيح من مذاهب العلماء] اهـ.
وممَّا هو مُقَرَّر أيضًا أنَّ: "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 121، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام عز الدين ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (2/ 89، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [يتصرَّف الولاة ونُوَّابهم بما ذكرنا من التَّصرُّفات بما هو الأصلح للمولى عليه درءًا للضرر والفساد، وجلبًا للنفع والرشاد، ولا يقتصر أحدهم على الصلاح مع القدرة على الأصلح إلَّا أن يُؤدِّي إلى مشَقَّة شديدة] اهـ.
وتحقيق مصالح العباد يكون بالتكامل والتعاون بين الحاكم والمحكوم، وكما كُلِّف الحُكّامُ -من قِبَل الشرع- برعاية مصلحة الرعية ودرء المفسدة عنهم، فقد خُوِّلوا -من قِبَل الشرع أيضًا- باتخاذ الإجراءات والوسائل التي تكفل تحقيق ذلك؛ ولذلك جُعِل للحاكم تقييدُ المباح، ووضعُ الضوابط، وسَنُّ القوانين، وإصدارُ القرارات، التي تساعده على تحقيق واجباته الشرعية في رعاية مصالح الرعية، وجُعِل تصرفُه عليها منوطًا بالمصلحة، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفقٌ عليه.
فللإمام -والمقصود به من له سلطة التشريع أو القرار- تدبير كثير من الأمور وَفْقَ الاجتهاد الذي توَصَّل إليه بعد النظر السليم والبحث والتَّحَرِّي واستشارة أهل العلم الأمناء وأهل الخبرة العدول مع مراعاة الضَّابط الكُلِّي، وهو المصلحة المعتبرةُ، أو المرسَلةُ بضوابطها، لا الملغاةُ، والتي تأخذ صفة العمومية التي من شأنها حفظ المصالح العامة والنظام العام.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فانتقاب الفتيات هو من قبيل العادات لا المطلوبات الشرعية، ويسوغ للجهات القائمة على العملية التعليمية إلزام الطلاب والطالبات بتوحيد زيِّهم المدرسي، ومنع تغطية الفتيات لوجوههنَّ داخل الأبنية التعليمية، ويجب على الطلاب وكذلك أولياء الأمور الالتزام بذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تهذيب المرأة لحاجبيها؟ وهل يختلف الحكم بين المتزوجة وغير المتزوجة؟ وهل يدخل ذلك في النهي عن النَّمص ولعنِ مَن تفعل ذلك أو ترضاه كما ورد في الحديث الشريف؟
1- يقال إن سيدنا نوحًا عليه السلام قد صنع سفينته من خشب شجرة الكوك، وكذلك عصا سيدنا موسى عليه السلام قد صنعت من نفس نوعية هذا الخشب. فما هي امتيازات وفضائل هذه الشجرة؟
2- كما يعتقد بعض الناس بأن السبح والخواتم المصنوعة من خشب الكوك لها قدرة خاصة على شفاء الأمراض وذلك بشرب الماء بعد وضع تلك السبح والخواتم به لفترة من الزمن.
3- ويعتقد بعض الناس أيضًا بأن ارتداء خواتم مصنوعة من خشب الكوك يحمي الإنسان من الشيطان والسحر. فما رأي الدين في ذلك؟ نرجو التكرم بإفادتنا.
طلب أحد الشيوخ ببيروت الإجابة عن حكم تحلي الرجل والمرأة بلبس الخاتم والسوار والسلسلة والساعة والنظارة من الحديد أو النحاس.
ما حكم زرع العدسات الملونة؟ حيث إنني جراح عيون؛ وردت لي الكثير من التساؤلات والطلبات من مرضى ومريضات يطلبون مني أن أقوم لهم بزرع عدسة داخل العين تؤدي إلى تغيير لون العين؛ هذه العدسة عبارة عن بلاستيكات طبية رقيقة السُّمْك، وقطرها يساوي قطر قزحية العين، والذي يحدد كثافة الصبغة بداخلها لونُ عيون الناس، هذه العدسة يمكن زرعها؛ أي: إدخالها داخل العين عن طريق عملية بسيطة يتم خلالها عمل جرح بسيط (حوالي 3 مم) تحت تأثير مخدر موضعي قطرة أو مرهم وبدون حقن، ويتم قبل العملية عمل فحوصات للعين للتأكد من صلاحيتها؛ مثل ضغط العين، وعدد خلايا بطانة القرنية، وعمق الخزانة الأمامية، وعدم وجود أمراض مثل السكر أو التهاب قزحي. هذه العملية لم يتم إجراؤها في مصر، لكن يتم إجراؤها في بعض الدل العربية وفي الدول الأجنبية. ويوجد أكثر من لون؛ يستطيع الإنسان قبل العملية اختيار اللون الذي يريده. ولقد قمت كثيرًا بزرع العدسات الشفافة المماثلة؛ للنظر، وليس لتغيير لون العين (ICL)، وامتعنت عن زرع العدسات الملونة خوفًا من أن يكون حرامًا، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لعن الله الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله».
وتذكرت من سنوات بعيدة أنني كنت أيضًا أرفض التعامل مع العدسات الملونة مخافة الحرام، حتى أتيح لي سؤال أحد المشايخ الأساتذة بجامعة الأزهر ولهم تفاسير مطبوعة باسمهم فأجاز أنها حلال، وكذلك سمعت فتوى أنها حلال ما دامت لم تستخدم في التدليس على الخاطب، وما دام أنها يمكن إزالتها وليست دائمة، وأنها تأخذ حكم ما يتم ارتداؤه.
وهذا النوع من العدسات التي تقوم بتغيير لون العيون يمكن إزالته من العين أيضًا بعملية جراحية بسيطة، لكن القيام بزرع العدسة أو إزالتها بعملية جراحية يمكن أن يحمل نسبة بسيطة من المخاطر، كما أن لبس العدسات الملونة الخارجية يمكن أن يحمل نسبة من المخاطر، ويتعامل بها ويستخدمها ملايين من الناس.
واليوم اتصلت بي سيدة تلح علىَّ أن أقوم لها بزرع هذه العدسات؛ لأن أمها سورية وأهلها كلهم عيونهم ملونة ما عدا هي، وحيث إن أباها مصري فعينها سوداء، وذلك يؤلمها نفسيًّا وتريد أن تكون مثل أهلها، قلت لها: أخاف الحرام، فجادلتني وأخبرتني أنها سألت فقيل لها: إنَّ ذلك حلالٌ؛ لأنه ليس تغييرًا دائمًا لخلق الله، وأنه مثل العدسات اللاصقة الملونة التي توضع على القرنية ويمكن خلعها في أي وقت؛ حيث إن العدسات التي يمكن أن تزرع يمكن أن تخلع من العين أيضًا إذا أراد الإنسان وبالتالي لها نفس حكم العدسات اللاصقة الواسعة الانتشار والاستخدام والتي أجاز استخدامها العلماء.
أيضًا جادلتني تلك السيدة وذكرتني بحالة نادرة أحيانًا تأتي إلينا وهم الناس الذين خلق الله لعيونهم أكثر من لون؛ فليست العينان شبيهتين في اللون بطريقة تشعر معها الإنسانة بأن شكلها قبيحٌ وغريبٌ، وفي ذلك ضرر نفسي كبير، وأصرت على أن زرع هذه العدسة لهؤلاء المرضى لا يمكن أن يكون حرامًا.
ما حكم لبس الساعة ذات العقارب الذهبية للرجال؟
ما مدى صحة حديث السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما الوارد في الأمر بالحجاب وحكم العمل به؟ فقد ورد أن السيدة أسماءَ بنتَ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما دخلَتْ على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم وعليها ثِيَابٌ رِقَاق، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. وقد سمعت في بعض الوسائل: أن هذا الحديث ضعيف. فما مدى صحة هذا الكلام؟ نرجو منكم الإفادة