ما حكم تشهير كل من الزوجين بالآخر بعد الطلاق؛ حيث انتشر بين الناس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تشهير أحد الزوجين بالآخر وذكر عيوبه بعد الطلاق، نرجو الإفادة بالرأي الشرعي في هذا الأمر.
يحرم شرعًا ويُجرَّم قانونًا تشهير أحد الزوجين بالآخر -سواء في حال قيام الزوجية أو بعد الفراق-، وذِكْره بالسوء مما يُبغَض ويُكرَه، وكذلك ذكر شيءٍ يتعلق بالعيوب أو الأسرار الخاصة بأحدهما، بلا ضرورة أو مقتضى شرعيّ أو سبب معتبر، والواجب عليهما الستر على بعضهما، ومراعاة المفارقة بالإحسان والمعروف.
المحتويات
حثَّ الشرع الشريف على السِّتْر، وغضِّ الطرف عن عثرات الناس وعيوبهم، وعدم تتبع عوراتهم، وعدم التشهير بهم مطلقًا؛ لئلا يكون ذلك سببًا في نشر السوء من وجهٍ، وسترًا وعونًا على إصلاح النفس والاستقامة والتوبة من وجهٍ آخر؛ فعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
وفي رواية: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ» أخرجها ابن ماجه في "سننه".
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "سبل السلام" (4/ 638، ط. دار الحديث): [من ستر مسلمًا اطلعَ منه على ما لا ينبغي إظهارهُ من الزلاتِ والعثراتِ، فإنه مأجور بما ذكره من سترهِ في الدنيا والآخرة؛ فيسترهُ في الدنيا بألَّا يأتي زلةً يَكْرَهُ اطلاعَ غيرهِ عليها، وإن أتاها لم يُطلعْ الله عليها أحدًا، وستره في الآخرة بالمغفرة لذنوبه، وعدم إظهار قبائحه وغير ذلك] اهـ.
تشهير أحد الزوجين بالآخر وذكر عيوبه، والتحدث عنه بالسوء بعد الطلاق بلا ضرورة وغرض شرعي يستدعي ذلك: أمرٌ يتعارض مع كل ما سبق، ويُعدُّ هتكًا لستر الآخرين بغير سبب مبيح، وهو من الغيبة المحرمة شرعًا.
والغيبة: هي ذكر المرء بِمَا فيه مما يَكْرَهُ في دينه أو دنياه أو أهله أو غير ذلك مما يتعلق به؛ سواء كان ذلك باللفظ أو بالإشارة أو بالرَّمْز، أما ذِكْرُه بما ليس فيه فيكون بهتانًا.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/ 117، ط. دار الكتاب الإسلامي): [الحاصل أن الغيبة: وهي ذِكْرُ الإنسان بما فيه ممَّا يكره ولو في ماله أو ولده أو زوجه أو نَحوِهَا: مُحَرَّمَةٌ؛ سواء أذكره بلفظ أم كتابة أم إشارة بعين أو رأس أو يد أو نحوها] اهـ.
والغيبة من الذنوب المحرمة التي تواترت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع في الدلالة على حرمتها والتنفير منها ومن مظاهرها، ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12]؛ قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (22/ 308، ط. مؤسسة الرسالة): [حرَّم الله على المؤمن أن يغتاب المؤمن بشيء، كما حرَّم المَيْتة] اهـ.
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ، قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» أخرجه مسلم.
والأحاديث في التحذير من الغيبة واسعة جدًّا دالة على شدة تحريمها؛ كما في "سبل السلام" للصنعاني (2/ 670).
وقد حكى الإجماع على تحريم الغيبة غيرُ واحد من العلماء؛ كالإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (16/ 337، ط. دار الكتب المصرية)، والإمام النووي في "الأذكار" (ص: 336، ط. دار الفكر)، وغيرهما.
فإذا كانت الغيبة بذكر الإنسان أخاه المسلم بما يكره أمرًا محرمًا شرعًا على النحو السابق؛ فإن الحرمة هنا تكون أشد وآكد؛ لما تتضمنه من إفشاء أسرار الحياة الزوجية الخاصة بعد الطلاق، وقد بيَّن صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقوله: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (10/ 8، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي هذا الحديث: تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قولٍ أو فعلٍ ونحوه] اهـ. فيحرم على كِلَا الزوجين إفشاء الأسرار وذكر العيوب الخاصة بأحدهما بدون سبب معتبر، سواء في حالة قيام الحياة الزوجية أم بعد زوالها.
كما يتعارض ذلك مع الأمر بحُسْن العِشْرَة والمفارقة بالمعروف الوارد في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: 231]، وقوله: (بِمَعْرُوفٍ): أي بكلِّ ما يُعرف من إِقامة الحقِّ في إِمساك وتسريح المرأة، كما في "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق الزجاج (1/ 307، ط. عالم الكتب).
والوارد في قوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ وقوله: (الْإِحْسَانُ): أن يوفيها حقَّها، فلا يؤذيها، ولا يشتمها، ولا يتعدى عليها بأيِّ قولٍ أو تشهيرٍ؛ كما في "جامع البيان" للطبري (4/ 548)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (3/ 127).
وقال العلامة ابن الزبير الغرناطي في "ملاك التأويل" (1/ 67، ط. دار الكتب العلمية) عند تفسير هاتينِ الآيتينِ: [وقد روعي في هذه الآي كلها مقصد التلطف وتحسين الحال في المحبة والافتراق] اهـ.
ولا شك أن تشهير أحد الزوجين بالآخر بذكر عيوبه والتحدث عنه بالسوء يتنافى مع الافتراق بالإحسان والمعروف، وهو أمرٌ تأباه العقول السليمة والأخلاق الكريمة.
هذ، وقد جرَّم المُشْرِع المصري أفعالَ السَّب والقذف والتشهير بالغير وإفشاء الأسرار، واعتبر ذلك جنحةً يعاقب عليها إذا توفرت أركانها بالحبس والغرامة، أو بأحدهما؛ وذلك بحسب التفصيل الوارد في الباب السابع "القذف والسب وإفشاء الأسرار" في المواد (302-310) من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937م.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يحرم شرعًا ويجرم قانونًا تشهير أحد الزوجين بالآخر -سواء في حال قيام الزوجية أو بعد الفراق-، وذِكْره بالسوء مما يبغض ويكره، أو يتعلق بالعيوب أو الأسرار الخاصة بأحدهما، بلا ضرورة أو مقتضى شرعي أو سبب معتبر، والواجب عليهما الستر على بعضهما، ومراعاة المفارقة بالإحسان والمعروف.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الإبلاغ عن المخالفات في جهة العمل؛ فأنا كنت أعمل في بداية حياتي بوظيفة في شركة بجانب عملي في مجال العزف والتلحين الموسيقي، ومنذ أكثر من عشرين عامًا كان مجال عملي الوحيد هو الفن بعد تفرغي له، ومنذ حوالي عشر سنوات كنت أتمنى ترك هذا المجال، وظللت أدعو الله لكي أترك هذا المجال، وأكرمني الله بأن جعل أحد رجال الأعمال سببًا في أن أعمل عنده في إحدى شركاته، مع العلم بأن خبرتي ليست قليلة في المجال الذي عملت به، وبعد اندماجي في العمل وجدت الكثير من المخالفات، وقد أشرت إليها إلى السيد مدير الإدارة والذي أعمل نائبًا له، ولكنه يهمش دوري في العمل؛ لوفاة نائب صاحب الشركة والذي كان يعمل مديرًا للشركة، ولانشغال صاحب الشركة في باقي أعماله.
أفتوني هل أخبر صاحب المال عمَّا أراه من مخالفات تضر بمصالح صاحب المال ومصالح العاملين بالشركة وحتى لو أساء الظن بي من ناحية أن يظن بي أن يكون لي مطمع معين. والله يعلم بأنني بريء من مثل هذا الظن؟
ما حكم الإخبار بما في الخاطب من عيوب؟ فقد استشار رجلًا جارُه في شأن شاب تقدَّم لخِطبة ابنته، وهو يعلم عن هذا الشاب بعض الأمور غير الحسنة، فهل يجوز له أن يخبر جاره بها، أو ينبغي أن يستر عليه؟
زوجة تسأل: تعمل فتاة مع زوجي في عمله الخاص، وأشك في تصرفاتهما. فما واجبي تجاه هذا الأمر؟
نجد بعض الناس يستهين بعقد الزواج مع كونه عقدًا وصفه الله سبحانه وتعالى بالميثاق الغليظ؛ فنرجو منكم بيان أهمية هذا العقد وخطورته في الشرع الحنيف.
ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.
ما المراد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ»؟