الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية

تاريخ الفتوى: 30 أكتوبر 2023 م
رقم الفتوى: 8074
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية

ما حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية؟ حيث يسأل رجلٌ يصلِّي بالناس إمامًا: ما حكم قراءته آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية؟ وإذا جاز له ذلك فهل يسجد لها على الفور، أو يجوز له تأخيرها حتى الانتهاء مِن الصلاة؟

يُكره للرجل المذكور إذا كان يصلي بالناس إمامًا أن يقرأ آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية، فإذا قرأ فَلْيُؤَخِّر السجود لها إلى ما بعد الانتهاء مِن الصلاة؛ حتى لا يُشَوِّشَ على المأمومين.

المحتويات

 

حكم سجود التلاوة

مِن المقرر شرعًا أنَّ السجود للتلاوة مطلوبٌ في حق القارئ والمستَمِع، سواءٌ أكانت التلاوة في الصلاة أم خارجها؛ لما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل، فسَجد وسَجد الناسُ، حتى إذا كانت الجمعةُ القابِلَةُ قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»، ولَم يَسجد عمر رضي الله عنه. وزاد نافعٌ عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ، إِلَّا أَنْ نَشَاءَ".

والمختار للفتوى: أنَّ السجود للتلاوة سُنَّةٌ، يثاب فاعلُها، ولا يُؤاخَذ تاركُها، وهذا ما عليه جمهورُ الفقهاء مِن المالكية والشافعية والحنابلة. ينظر: "التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (2/ 361، ط. دار الكتب العلمية)، و"فتح العزيز" للإمام الرَّافِعِي الشافعي (4/ 185، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (1/ 446، ط. مكتبة القاهرة).

حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية وأقوال الفقهاء في ذلك

قراءة الإمام آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية وسجودُه لها -محلُّ خلافٍ بين الفقهاء.

فذهب فقهاء الحنفية إلى أنَّه لا ينبغي للإمام في الصلاة السرية قراءة آيةٍ لها سجود؛ لأنه إذا قرأها ولَم يسجد لها فقد تَرَك السجدة عقب التلاوة، وإن سجد لها لَم يَعلم المأمومون سببَ السجود، فيظنون أنه سَهَا عن الركوع، فيُسَبِّحُونَ له ولا يَتَّبِعُونَهُ في سجوده، مما قد يترتب عليه اختلاف كبير بين المصلين، إلا أنه يجب السجود لها عقب تلاوتها، ويسجد المأمومون معه؛ لتقرر سبب السجود في حق الإمام بالقراءة، وفي حق المأمومين بوجوب متابعة الإمام.

قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (2/ 10، ط. دار المعرفة): [ولا ينبغي للإمام أن يقرأ سورة فيها سجدة في صلاة لا يجهر فيها بالقرآن؛ لأنَّه لو فعل ذلك وسجد لها اشتبه على القوم فيظنون أنَّه غلط فقدم السجود على الركوع، وفيه مِن الفتنة ما لا يخفى، فإن قرأ بها سجد لها؛ لتقرُّر السبب في حقه وهو التلاوة، وسجد القومُ معه؛ لوجوب المتابعة عليهم] اهـ.

وذهب فقهاء المالكية إلى كراهية تعمد الإمام أو المنفرد قراءةَ آيةٍ فيها سجدةٌ في صلاة الفريضة، سواء كانت الصلاةُ سِرِّيَّةً أو جَهرِيَّةً؛ لما يترتب عليه من الخلط على المأمومين في الصلاة.

جاء في "المدونة" للإمام مالك (1/ 200، ط. دار الكتب العلمية): [لا أحب للإمام أن يقرأ في الفريضة بسورة فيها سجدة؛ لأنه يخلط على الناس صلاتهم] اهـ.

ومع قولهم بكراهة تعمد قراءتها، إلا أنهم نصوا على مشروعية السجود لها عند قراءتها في الصلاة، سواء كانت الصلاة جَهرِيَّةً أو سِرِّيَّةً، واختلفوا في حُكمها، فقيل: سُنَّة، وقيل: فضيلة، أي: مندوبة.

وكذلك استحبوا أن يجهرَ الإمام بآية السجدة في الصلاة السِّرِّيَّةِ؛ حتى يعلم المأمومون خَلْفه أنه يسجد للتلاوة فيتابعونه في السجود لها، فإن لم يجهر بها وسجد لها، فللمأموم به أن يتابعه في السجود كما هو قول الإمام ابن القاسم، أو لا يتابعه كما هو قول الإمام ابن سحنون، مع صحة الصلاة في الحالتين.

قال العلامة عَلِيُّ بن خَلَفٍ المنُوفِيُّ في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 361، ط. دار الفكر، مع "حاشية العدوي"): [(ويسجدها) أي: سجدة التلاوة (مَن قرأها) وهو (في) صلاة (الفريضة و) صلاة (النافلة) سواء كان إمامًا أو فذًّا، وإن كره لهما تعمُّدها في الفريضة على المشهور، ويجهر بها الإمام في السِّرِّيَّةِ، فإن لم يَجهر بها وسجد، قال ابن القاسم: يَتبعه مأمومُه، وقال سحنون: لا يتبعه؛ لاحتمال سَهْوِه. ابن عرفة: وتَصِحُّ صلاتهم إنْ لَم يتبعوه على القولين] اهـ.

قال العلامة العَدَوِي مُحَشِّيًا عليه: [قوله: (ويَسجدها مَن قرأها.. إلخ) وهل سجوده سُنَّة أو فضيلة؟ خلاف] اهـ.

وذهب فقهاء الشافعية إلى أنَّ قراءة الإمام لآية سجدة في الصلاة السرية لا كراهة فيها؛ لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «سَجَدَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ، فَرَأَيْنَا أَنَّهُ قَرَأَ تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ» أخرجه الأئمة: أبو داود في "السنن" واللفظ له، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وعبد الرزاق في "المصنف".

إلا أنه يُستحبُّ للإمام في الصلاة السرية تأخير السجود للتلاوة إلى ما بَعْد الفراغ مِن الصلاة؛ حتى لا يُشَوِّشَ على المأمومين في صلاتهم بسجوده للتلاوة أثناء الصلاة.

قال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 59، ط. دار الفكر): [وإن كان المصلي إمامًا فهو كالمنفرد فيما ذكرناه، قال أصحابُنا: ولا يكره له قراءة آية السجدة في الصلاة، سواء كانت صلاةً جَهرِيَّةً أو سِرِّيَّةً، هذا مذهبنا] اهـ.

وقال في "روضة الطالبين" (1/ 324، ط. المكتب الإسلامي): [إذا قرأ الإمامُ السجدةَ في صلاةٍ سِرِّيَّةٍ، استُحب تأخير السجود إلى فراغه مِن الصلاة] اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الْهَيْتَمِي في "تحفة المحتاج" (2/ 213-214، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ولا يُكره لإمامٍ قراءةُ آيةِ سجدةٍ مطلقًا، لكن يُسَنُّ له في السرية تأخيرُ السجود إلى فراغه؛ لِئَلَّا يُشَوِّشَ على المأمومين] اهـ.

وذهب فقهاء الحنابلة إلى كراهة قراءة الإمام آيةً فيها سجودٌ للتلاوة في الصلاة السِّرِّيَّةِ، وكذلك يُكره السجود لها إن قرأها؛ لما في ذلك مِن التشويش والخلط على المصلين، وإذا سجد الإمام لها لا يَلزم المأمومَ متابعتُه في ذلك، إلا أنَّ متابعتَه أَوْلَى مِن مخالفته.

قال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي في "مطالب أولي النهى" (1/ 588، ط. المكتب الإسلامي): [(وكره قراءة إمام) آية (سجدة بصلاة سِرٍّ) كظهر وعصر؛ لأنَّه إن سجد لها خلط على المأمومين، وإلا ترك السُّنَّة (و) كره (سجوده) أي: الإمام (لها) أي: التلاوة لصلاة سِرٍّ؛ لما فيه من التخليط على مَن معه، (ويُخَيَّر مأموم) سَجَد إمامُه في صلاة سِرِّيَّةٍ بين المتابعة وتَرْكها، (و) كون المأموم (يتابع) إمامَه (أَوْلَى)؛ لعموم: «وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا»] اهـ.

الخلاصة

يتلخص مما سبق: أنَّ قراءة الإمام آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السِّرِّيَّةِ غير مكروهة عند الشافعية، ومكروهةٌ عند جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو المختار للفتوى، ومع ذلك يُشرَع السجود لها فَوْر قراءتها وجوبًا كما هو مذهب الحنفية، وسُنَّة أو فضيلة كما هو مذهب المالكية، ويُشرع تأخير السجود لها حتى يَفرغ مِن الصلاة استحبابًا كما هو مذهب الشافعية، ويُستحب عند إرادة السجود أثناء الصلاة الجَهرُ بآية السجود عملًا بمذهب المالكية؛ حتى يعلم المأمومون بسبب السجود وأنه للتلاوة فيتبعوه في ذلك.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: يُكره للرجل المذكور حال كونه يصلي بالناس إمامًا أن يقرأ آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية، فإذا قرأ فَلْيُؤَخِّر السجود لها إلى ما بعد الانتهاء مِن الصلاة؛ حتى لا يُشَوِّشَ على المأمومين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم غلق جميع الصيدليات وقت الصلاة، حيث يوجد بالمدينة التي أعيش فيها خمس صيدليات أهلية داخل المدينة، وكل هذه الصيدليات تُقفَل للتوجُّه لأداء الصلوات المكتوبة بالمساجد، والتي تستغرق من نصف إلى ثلاثة أرباع ساعة حسب بُعد المسجد وقُربِه، وقد يحضر المرضى والمصابون للعيادات التي تقوم على الفور بطلب الدواء اللازم لحالة المريض أو المصاب من الحوادث، والحالات تتراوح ما بين المتوسطة إلى الحالات الحرجة والخطرة التي تتطلب دواءً فوريًّا كمرضى القلب أو الجلطات أو نزيف الدم، وقد حصل معي هذا أكثر من مَرَّة وأُشهِد الله على ذلك، وقد قمت في المرة الأخيرة بتوبيخ أحد الصيادلة، وكان يُقفِل الصيدلية لأداء فريضة صلاة العشاء والتي غاب فيها نصفَ ساعة، مما ترتَّب عليها في حالة المريضِ ما ترتَّب، وقلت له حسب فهمي البسيط -كمواطنٍ مسلمٍ- لدينِ الإسلام: إن إنقاذَ حياة مريضٍ أفضلُ مِن صلاتك في المسجد وقَفْلك للصيدلية؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.
وعليه: ما حكم الإسلام في قفل الصيدلية وقت الصلاة لأكثر من نصف ساعة وترك الحالات المَرَضِيَّة المذكورة دون أن توجد بين الصيدليات صيدلياتٌ مُناوِبة؟ وهل يجوز للصيدلي أن يؤدي صلاته في مكان عمله ويتابع صرف الدواء للمرضى أصحاب الحالات الحرجة؟


ما حكم قول (بلى) بعد قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾؟حيث إنَّ هناك بعض الناس بعد الانتهاء من قراءة قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] أو سماعه يقولون: (بلى)، سواء ذلك في الصلاة أو خارجها، فما حكم هذا القول؟


ما حكم ركوع الإمام بعد سجدة التلاوة من دون أن يقرأ شيئًا من القرآن؟


ما حكم صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة إذا توافرت شروط الجمعة في المكان الذي لا تتعدد فيه الجمع، وذلك طبقًا للمذهب الشافعي؟ حيث إننا في الشيشان نتبع المذهب الشافعي ولا توجد مذاهب أخرى.


ما حكم المصافحة عقب الصلاة بين المصلين؟ حيث إن هناك بعض الناس يقول بأنها بدعة؛ بحجة أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا صحابته الكرام، وأنها تشغل المصلي عن أذكار ختام الصلاة؟


نرجو منكم بيان مذاهب العلماء في حكم التشهد الأخير في الصلاة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20