حكم اشتراط البنك عدم بيع السلعة المُموَّلة حتى سداد الثمن كاملًا

تاريخ الفتوى: 18 مايو 2023 م
رقم الفتوى: 8112
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم اشتراط البنك عدم بيع السلعة المُموَّلة حتى سداد الثمن كاملًا

سائل يقول: اشتريت شقة عن طريق التمويل العقاري من البنك، ومن ضمن بنود العقد اشتراط البنك على العميل عدم بيع محل التمويل العقاري حتى يقوم بسداد كامل الثمن؛ فما حكم ذلك شرعًا؟

اشتراط البنك حَظْرَ بيع محل التمويل في بعض الصور؛كالشقق والأراضي والسيارات.. إلخ حتى سداد كامل الثمن؛ هو عبارة عن تقييد حق البنك في التصرف فيها بالبيع، مع تسلم المشتري (العميل) إياها حقيقةً بمجرد إبرام الموافقة الائتمانية وحصول البيع بالفعل: فإن هذا الشرط يأتي على معنى رهن المبيع حتى استيفاء ثمنه في ذات عقد البيع؛ حيث إن الملك قد انتقل حقيقة إلى المشتري بعقد البيع، وتسليم السيارة إليه، وحيازتها، والتمكن من الانتفاع بها، لكنه رَهَنَ هذا الملك للبنك حتى استيفاء باقي الأقساط، فإذا وَفَّى جميع الثمن: انْفَكَّ الرهن، ورفع البنكُ يده عن حظر البيع؛ بحيث يملك المشتري (العميل) التصرف فيها بالبيع ونحوه كيفما يشاء، وإلا استوفى البنك منها باقي حقه، وهذا الشرط صحيح وجائز شرعًا؛ إذ هو لضمان حق البنك في استيفاء باقي الثمن ولا يخالف مقتضى عقد البيع.

وقد نصَّ فقهاء المالكية على أنه إذا كان البيع بثمن مؤجل إلى أجل معلوم؛ فإنه يجوز للبائع أن يشترط على المشتري ألَّا يتصرف في المبيع ببيع، أو هبة، أو نحوهما حتى يستوفي منه الثمن، وأنَّ ذلك يكون بمنزلة رهن المبيع ولا حرج فيه.

وكذلك نصَّ الحنابلة في الصحيح عندهم على جواز اشتراط المتبايعَين في العقد رهن المشتري المبيعَ لدى البائع حتى يستوفي كامل ثمنه؛ لأن هذا الشرط وإن اقترن بالبيع: يحقق مصلحة مُشتَرِطِهِ، ولا ينافي مقتضى العقد؛ فكان صحيحًا وملزمًا لطرفيه شرعًا؛ لعموم قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الترمذي في "السنن".

ووجه الدلالة من الحديث: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أطلق جواز الصلح ثم استثنى، وهذا الإطلاق يدل على أن الأصل فيما يكون صلحًا: الجواز، كما أطلق جواز الاشتراط ثم استثنى؛ مما يدل على أن الأصل في الاشتراط بين المتعاقدين في أيِّ معاملة من المعاملات: الجواز.

ولحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابْتَاعَ منه بَعِيرًا. قال جابر رضي الله عنه: قُلْتُ -أي: لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-: عَلَى أَنَّ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ» رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

فأفاد الحديث: أنَّ اشتراط ما فيه مصلحة أحد المتعاقدين مما لا ينافي مقتضى العقد: صحيحٌ ولازمٌ للمشترَط عليه شرعًا، ويدخل في ذلك: اشتراط البائع رهن المبيع على استيفاء جميع ثمنه.

قال الإمام أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل" (6/ 414،  ط. دار الكتب العلمية): [ومِن سماع عليٍّ: سئل مالك عمن باع عبدًا، أو وليدةً، أو غير ذلك من السلع، واشترط على المبتاع أنك لا تبيع، ولا تهب، ولا تعتق حتى تعطي الثمن؟ قال: لا بأس بذلك؛ لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن إلى أجلٍ مُسمًّى] اهـ.

وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (5/ 80، ط. دار الفكر): [ولا بأس بالبيع بثمن إلى أجل على ألَّا يتصرف ببيع ولا هبة ولا عتق حتى يعطي الثمن؛ لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن لأجل مُسمًّى] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (4/ 285، ط. مكتبة القاهرة): [وَإِذَا تَبَايَعَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ رَهْنًا عَلَى ثَمَنِهِ: لَمْ يَصِحَّ؛ قَالَهُ ابْنُ حَامِد، وهو قول الشافعي؛ لأن المبيع حين شرط رهنه لم يكن ملكًا له، وسواء شرط أنه يقبضه ثم يرهنه، أو شرط رهنه قبل قبضه، وروي عن أحمد أنه قال: إذا حبس المبيع ببقية الثمن فهو غاصب، ولا يكون رهنًا إلا أن يكون شرطًا عليه في نفس البيع. وهذا يدل على صحة الشرط؛ لأنه يجوز بيعه، فجاز رهنه.. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: صِحَّةُ رَهْنِهِ] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (11/ 251، ط. هجر): [يصح شرط رهن المبيع على ثمنه على الصحيح من المذهب؛ نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، فيقول: بعتُك على أن ترهنه بثمنه.. وإن قال: إذا رهنتنيه على ثمنه وهو كذا؛ فقد بعتُك، فقال: اشتريتُ ورهنتُها عندك على الثمن: صح الشراء والرهن] اهـ.

وقال الإمام البهوتي في "كشاف القناع" (3/ 189، ط. دار الكتب العلمية) في تقرير صحة وجواز هذا الشرط: [يصح اشتراط رهن المبيع على ثمنه؛ فلو قال: بعتُك هذا على أن تَرْهَنَنِيهِ على ثَمَنِهِ، فقال: اشتريتُ ورهنتُك: صح الشراء والرهن] اهـ.

وهذا ما أخذ به القانون المدني المصري الصادر برقم (131) لسنة 1948م في المادة رقم 430 في الفقرة الأولى منها؛ حيث جاء فيها: [إذا كان البيع مؤجل الثمن؛ جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفًا على استيفاء الثمن كلِّه ولو تم تسليم المبيع] اهـ.

وجاء في الفقرة الثالثة من المادة ذاتها: [وإذا وُفِّيَت الأقساط جميعًا؛ فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مُسْتَنَدًا إلى وقت البيع] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الرجوع في البيع لعدم سداد باقي الثمن؟ حيث أن جمعية زراعية خصَّصت للسائل مساحةَ أرض زراعية مقدارها عشرون فدانًا، ومساحة أخرى للبناء ومقدارها سبعمائة وثمانية وعشرون مترًا مربعًا وذلك سنة 1978م، وقد باعها السائلُ لإحدى السيدات سنة 1983م مقابل مبلغ قدره ثلاثون ألف جنيه قامت بسدادها المشترية كاملة، وقامت بالتوقيع على العقد بحضور زوجها، وضمن نصوص العقد المحرر بينهما أنه على المشترية الالتزام بالتقدم للجمعية لاستكمال إجراءات تثبيت الملكية وكذلك سداد الأقساط التي تطالب بها الجمعية، إلا أنه فوجئ باستمرار الجمعية في مخاطبته كمالكٍ ومطالبته بالأقساط المتأخرة حتى بلغت اثني عشر ألفًا وثمانمائة وثلاثين جنيهًا، ثم تسلم إنذارًا من الجمعية أخيرًا بسداد المبلغ المتبقي وإلا اعتبر العقد مفسوخًا مع الالتجاء إلى القضاء، علمًا بأن المشترية قد اختفت.
والسؤال الذي يطرحه السائل: هل يقع عليَّ ذنبٌ لو تصرفت ببيع الأرض لسداد مستحقات الجمعية واسترداد ما سبق سداده إلى الجمعية قبل البيع والاحتفاظ للمشترية بالمبلغ الذي سبق لها سداده عند الشراء وهو الثلاثون ألفًا يضاف إليها قيمة الأرباح المستحقة طول الفترة السابقة، أم أترك الأرض بصورتها الصحراوية للجمعية وأنهي العلاقة معها دون مسؤولية أدبية من جانبي عن ضياع أموال المشترية؟


ما حكم بيع الثمار قبل نضجها؟ حيث يقول السائل: في بلادنا يتعاقد الفلاح (البائع) والمشتري على القمح والشعير وأمثالهما من الحبوب قبل نضجها؛ فالبائع يأخذ المال مقدمًا، وحين تظهر الحبوب وتنضج يحصدها المشتري ويأخذها؛ فهل هذا البيع جائز؟ وهل يدخل تحت بيع السلم مِن منظور المذهب الحنفي؟


ما حكم الشرع في الكسب المبني على الغش والخداع والتحايل على الناس؟


ما حكم تقاضي السمسار عمولة من البائع والمشتري دون علم المشتري بأن البائع يدفع عمولة؟ فهناك رجلٌ يعمل كسمسار، ويتقاضى عمولةً مِن البائع والمشتري، ولا يعلم المُشتري أن هذا السمسار يتقاضى عمولةً مِن البائع، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


ما حكم بيع الثمار بعد ظهورها على الأشجار ولكن قبل أن تطيب؟


ما الحكم الشرعي في بيع الذهب بالقسط؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31