ما حكم الاعتماد في إخراج الزكاة على الحول الشمسي (السنة الميلادية)؟ فأنا أمتلك مؤسسة تجارية ويصعب عليَّ إخراج الزكاة اعتبارًا بالحول القمري؛ نظرًا لربط ميزانية المؤسسة بالسَّنةِ الميلادية؛ فهل يجوز لي اعتبارها بالحول الشمسي؟
المعتبر في حَوَلان الحول في زكاة الأموال إنما هو الحول القمري -السَّنَة الهجرية- ويكون مقدار الزكاة ربعَ العشر (2.5%)، فإذا تَعسَّر على المكلَّف حساب زكاته بالعام الهجري لعدم اتضاح قدر أمواله إلا مع احتساب ميزانية المؤسسة الخاصة به والتي تكون بالعام الميلادي، فإنه لا مانع شرعًا من حسابها وفق العام الميلادي، على أن يُراعي في هذه الحالة زيادة النِّسْبة لتكون (2.577%) بدلًا من (2.5%).
المحتويات
اعتنت الشريعةُ الإسلامية بحقِّ الفقير فاستفاضتْ في بيانِ أحكام إخراج الزكاة إليه، من حيث النصاب الموجِب لها، والنوع الذي تجب منه، والوقت الذي تخرج فيه، وذلك كي لا تكون حاجة الفقير مَوْقُوفَة على هوى أو رغبة الغني مع ما جُبِلت عليه الأنفس من الشح وحب المال؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9]، وقال تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: 20]، فأما حَوَلان الحول فهو: مرور عام كامل على المكلف وقد بلغ ماله النصاب؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن".
وقد نقل الإجماعَ على اشتراط الحول غيرُ واحد من أهل العلم؛ كالإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 47، ط. دار مسلم).
والحولُ يُطلق ويُراد به السَّنةُ والعامُ؛ كما في "المصباح المنير" للفيومي، مادة: (س ن هـ)، و(ع و م) (1/ 292- 2/ 438، ط. المكتبة العلمية).
والمراد بحَوَلان الحول في أصله الشرعي أن يكون بالحول القمري وليس بالحول الشمسي، حيث قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: 189]، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: 5]، فـ"الشهور المعتبرة في الشريعة مبنية على رؤية الأهلة، والسَّنَة المعتبرة في الشريعة هي السَّنَة القمرية" كما في "مفاتيح الغيب" للإمام الرازي (17/ 209، ط. دار إحياء التراث).
ويتبين من ذلك أن الأحكام الشرعية -ومنها اشتراط الحول لوجوب الزكاة- متعلقة في أصلها بالعام القمري لا الشمسي، وعلى ذلك تواردت نصوص فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، كما في "البحر الرائق" للعلامة ابن نجيم الحنفي (2/ 219، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"شرح الخرشي على مختصر خليل" (2/ 162، ط. دار الفكر)، و"فتاوي السبكي" (1/ 207، ط. دار المعرفة)، و"اللباب" للعلامة ابن عادل الحنبلي (3/ 334، ط. دار الكتب العلمية).
إذا تعسَّر على المكلف مراعاة الحول القمري في إخراج زكاته، لنحو ربط ميزانية شركته أو مؤسسته -كما هي مسألتنا- بالسَّنَة الشمسية فإنه يُشْرَع له في هذه الحالة أنْ يعتمد في حساب زكاته وإخراجها على الحول الشمسي؛ لكن يلتزم حينئذٍ بزيادة نِسْبة الزكاة من (2.5%) المقررة شرعًا للحول الهجري، إلى نسبة عدد الأيام التي تزيد بها السَّنَة الشمسية على السَّنَة القمرية، وذلك لأن السَّنَة الشمسية تزيد على السَّنَة القمرية حوالي أحد عشر (11) يومًا؛ فأيام السَّنَة الشمسية "الميلادية" (365) تقريبًا، بينما أيام السَّنَة الهجرية "القمرية" (354) تقريبًا؛ مما يترتب عليه إسقاط عامٍ من زكاة المكلف في نحو كلِّ ثلاثة وثلاثين عامًا تقريبًا؛ كما في "الدر المختار" للعلامة الحَصْكَفي الحنفي (ص: 244، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية العلامة العدوي المالكي على شرح مختصر خليل" (2/ 162، ط. دار الفكر).
ولذا، يمكن تدارك ذلك بأن يُخرِج المكلَّف (2.577%)، وهذه النِّسْبة متحصلة من حاصل ضرب ربع العشر (2.5%) في عدد أيام السَّنَة الميلادية (365) مقسومًا على عدد أيام السَّنَة الهجرية (354) أي: (2.5×365÷354 = 2.577%).
ويُستأنس لذلك بما قرره المالكية من اعتبار الحول الشمسي في إخراج زكاة الأنعام؛ بتحصيلها في أول الصيف وهو فصلٌ من فصول السَّنَة الشمسية؛ اعتبارًا للمصلحة الراجحة، ورفعًا للحرج والمشقة عن أصحاب المواشي وعن العاملين على تحصيل الزكاة في حال الالتزام بالحول القمري.
قال العلامة خليل المالكي في "التوضيح" (2/ 318، ط. مركز نجيبويه): [(وخروج السُّعاة أول الصيف تخفيفًا على القَبيلَيْنِ): أي: والمراد بالقبيلين السعاة وأرباب المواشي، لأنه لو خرج في زمان الربيع لوجد الناس مفترقين على المياه والمراعي، فيحصل للسعاة التعب ولأرباب المواشي؛ لأن بعضهم قد يحتاج إلى نقل ماشيته، وقد يحتاج إلى سِنٍّ فيجد عنده غيره، بخلاف أول الصيف فإن المياه تقل فيجتمع الناس] اهـ.
وقال العلامة محمد الأمير المالكي في "ضوء الشموع شرح المجموع" (1/ 568، ط. دار يوسف بن تاشفين): [(قوله: أول الصيف)، وذلك أول بؤونة، واعتبروا هنا السنين الشمسية، وإن كان أصل إناطة الأحكام بالقمرية] اهـ.
وحكى العلامة ابن عرفة المالكي أن الإمام عزَّ الدين ابن عبد السلام قد أورد على قول المالكية أن ذلك ملزوم منه إسقاط عام بعد نحو ثلاثين سنة، والصواب البعث أول المحرم؛ لأن الأحكام إنما هي متعلقة بالعام القمري لا الشمسي، ثم عقَّبه بقوله في "المختصر الفقهي" (2/ 16، ط. مؤسسة خلف أحمد الحبتور): [يردُّ بأن البعث حينئذٍ لمصلحة الفريقين لاجتماع الناس بالمياه؛ لا لأنه حولٌ لكلِّ الناس، بل كلٌّ على حوله القمري، فاللازم فيمن بلغت أحواله من الشمسية ما تزيد عليه القمرية حولًا كونه في العام الزائد كمن تخلف ساعيه. لا سقوطه] اهـ. أي: يوفيه في العام الزائد. ينظر: "الفتح الرباني على شرح الزُّرْقاني" للعلامة البُنَاني (2/ 224، ط. دار الكتب العلمية).
فراعى ابن عرفة بذلك الأصل في حَوَلان الحول في زكاة الأنعام بالسَّنة القمرية؛ إلا أنه هنا وللمصلحة العامة جاز اعتبار السَّنة الشمسية وتزكية الفارق بينهما.
ويشهد للعمل بذلك ما جرى عليه أصحاب الدواوين قبل سنة 242 هجرية من اعتبار مواقيت تحصيل أموال الزكاة والخراج والمستغلات ونحوها بالشهور الشمسية، جريًا على عادتهم في الحساب، ثم إن المتوكل العباسي [ت: 247هـ/ 861م] قد ألزمهم بدفع سنة زائدة وهي حاصل فَرْق ثلاث وثلاثين سنة ليجبر بها نقص عدد أيام العام الهجري عن الشمسي بزيادة نِسْبة الزكاة المدفوعة بالعام الشمسي وتحصيلها مؤجلة، كما ذكر العلامة المقريزي في "المواعظ والاعتبار" (2/ 49، ط. دار الكتب العلمية).
ويظهر من ذلك أنه يجوز الاعتماد على الحول الشمسي إن تعيَّن عليه ذلك بأن تعسَّر على المكلف حساب زكاته وإخراجها بالعام القمري، مع مراعاة الفارق بين الحولين؛ حتى يحتاط من تفويت عام من الزكاة في كلِّ ثلاثة وثلاثين عامًا تقريبًا.
بناءً على ذلك، وفي واقعة السؤال: فإنَّ المعتبر في حَوَلان الحول في زكاة الأموال إنما هو الحول القمري -السَّنَة الهجرية- ويكون مقدار الزكاة ربعَ العشر (2.5%)، فإذا تَعسَّر على المكلَّف حساب زكاته بالعام الهجري لعدم اتضاح قدر أمواله إلا مع احتساب ميزانية المؤسسة الخاصة به والتي تكون بالعام الميلادي، فإنه لا مانع شرعًا من حسابها وفق العام الميلادي، على أن يُراعي في هذه الحالة زيادة النِّسْبة لتكون (2.577%) بدلًا من (2.5%).
والله سبحانه وتعالى أعلم.
من هم الأقرباء الذين يُضعَّف الأجر عندما نعطيهم الزكاة؟
برجاء موافاتنا بفتواكم حول إمكانية استخدام زكاة المال لتملك أسهُم في الوقف الخيري في فندق يُستخدم في رحلات الحج والعمرة الخيرية فقط.
جمعية خيرية تخضع لأحكام قانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية، وتمارس الجمعية العديد من الأنشطة، وتسأل عن الحكم الشرعي في الآتي:
- جمع الزكاة والصدقات للصرف منها على علاج الفقراء والمساكين، والقوافل الطبية، وإنشاء العيادات، وتوفير الأجهزة الطبية اللازمة، وتوفير مواد الإغاثة اللازمة في حال الأزمات والكوارث.
- جمع الزكاة والصدقات والصرف منها على المساعدات الخارجية، وبالأخص إغاثة غزة والسودان.
- جمع زكاة الفطر وصكوك الأضاحي وصرفها على الفقراء والمساكين وذوي الحاجة.
هل يجب إخراج زكاة المال وزكاة الفطر من المال المدَّخَر للزواج؟
ما حكم زكاة الزرع المخصص لإطعام للنحل؟ حيث سُئل عن زكاة زرع أرض عشرية -أي تُروَى بدون تعب ولا آلة- يباع محصولها طعامًا للنحل، وهو نية صاحبها؛ بأن يزرعها لتكون قوتًا للنحل؟
نرجو منكم كيفية حساب زكاة الشركات فيما يتعلق بمحاسبة زكاة الشركات للنقاط التالية:
أولًا: مخصص إهلاك الأصول الثابتة عروض القنية:
من المتعارف عليه في معظم كتب فقه الزكاة للشركات وعروض التجارة أنه يتم حسمه من الموجودات الزكوية، وبعض الكتب يرجح عدم حسم هذا المخصص من الموجودات الزكوية بل يوجب الزكاة في هذا المخصص؛ لأنه قبل إنفاقه فعلًا لصالح عروض القنية يعتبر مالًا زكويًّا ولا عبرة برصده لذلك الغرض فيخضع للزكاة. والسؤال: أيهما نتبع؟
ثانيًا: إحدى شركات المجموعة تتعامل في بيع بضائع بالتقسيط وتحصل القيمة الأصلية بالإضافة إلى مبلغ إضافي بالتقسيط على ثلاث أو خمس سنوات بأقساط شهرية بكمبيالات ويظهر بحساب الميزانية في نهاية العام رصيدان:
الأول: رصيد الكمبيالات التي تستحق خلال سنة لاحقة لسنة محاسبة الزكاة افتراض سنة المحاسبة 2008م والرصيد يستحق عن عام 2009م.
الثاني: رصيد الكمبيالات التي تستحق خلال سنوات لاحقة للسنة اللاحقة لسنة محاسبة الزكاة افتراض سنة المحاسبة 2008م والرصيد يستحق للأعوام من 2010م. السؤال: بافتراض أن جميع هذه الديون جيدة فما هو الحكم الشرعي للرصيدين عند حساب الزكاة؟ وما هو حكم باقي الشيكات والكمبيالات الآجلة عن مبيعات بضائع الشركة جملة وتجزئة لنفس الرصيدين إذا أمكن فصل الكمبيالات المستحقة عن العام اللاحق وبعد اللاحق؟