ما حكم طواف المريض حاملًا القسطرة؟
المريض حامل القسطرة البولية يُحكم بطهارته، ويجوز له الطواف بالبيت، ولا حرج عليه في ذلك، وطوافه صحيح مجزئ، بل يؤدي بطهارته هذه ما شاء من العبادات، ما لم ينتقض وضوؤه بسبب آخر.
المحتويات
مِن المقرَّر شرعًا أنَّ الطواف بالبيت عبادةٌ فاضلةٌ وقربةٌ جليلةٌ، وفاعِلُها يُشبِه الملائكة المقرَّبين في طوافهم حوْل العرش، وقد روى الإمام أحمد في "مسنده" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن طَافَ بِهَذَا البيْتِ أُسْبُوعًا يُحْصِيه، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ، وَكُفِّرَ عَنهُ سَيِّئَةٌ، وَرُفِعَتْ لَهُ دَرَجَةٌ، وَكَانَ عَدْلَ عِتْقِ رَقَبَةٍ».
وقوله: «أُسْبُوعًا»، أي: سبعة أشواط، كما في "مرقاة المفاتيح" للملا علي القاري (5/ 1791، ط. دار الفكر).
قد اتَّفق العلماءُ على أنَّ الطهارة في الطوافِ مطلوبةٌ، واختلفوا في درجةِ هذا الطلب: فذهَبَ الجمهور إلى عدم صحَّة الطواف بغير طهارة، وذهَبَ الحنفيةُ إلى صحَّة طوافه، ويلزمُه دم.
قال ابنُ هبيرة في "اختلاف الأئمة العلماء" (1/ 292، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أنَّ مِن شرط صحَّة الطواف بالبيت في هذه الأطوِفَة، ركنها وواجبها ومسنونها: الطهارةُ وستر العورة، إلَّا أبا حنيفة، فإنه قال: ليسا بشرطٍ في صحته، إلا أنه يجِبُ بتركها دم] اهـ.
والطهارة المطلوبة في الطواف تكون من حدث وخبث، فالأول: بالوضوء في الأصغر، وبالغسل في الأكبر، وبالتيمم فيهما عند الفقد أو التعذر، والثاني: بإزالة العين النجسة عن ثوب وبدن ومكان، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكاساني (1/ 3، 60، ط. دار الكتب العلمية).
القسطرة البولية (Urine Catheterization): وسیلةٌ تُستخدَم لتفریغ المثانة البولیة مِن البول المُحتَبَس بداخلها لِمَن یُعانُون مِن صُعوبةٍ في إخراج البول، وهي عبارةٌ عن كيسٍ خارج البدن، يوجد به أنبوب يَتَّصل بالمثانة ليخرج منها البول المحتبس في جسم المريض، كما أفاده "الدليل الطبي" للدكتور حسن أبو علوان (ص: 343، ط. E- kutub Ltd).
والحاصل أنَّ مريض القسطرة حال طوافه بالبيت متلبسٌ بحمله للنجاسة، وهو البول المتجمع في كيس القسطرة، وملازمة الحدث إياه، ومع أن الأصل نقض الوضوء بالبول الخارج من الجسم، إلا أن المريض حامل القسطرة البولية يأخذ حكم صاحب سلس البول، ويعامل معاملته، فيحكم بطهارته وصحة العبادة منه ما لم يتلبس بناقض آخر على ما ذهب إليه المالكية، وهو المختار للفتوى.
قال الإمام الحَطَّاب في "مواهب الجليل" (1/ 291، ط. دار الفكر): [السَّلَس على أربعة أقسام: الأول: أن يلازم ولا يفارق، فلا يجب الوضوء ولا يستحب؛ إذ لا فائدة فيه، فلا ينتقض وضوء صاحبه بالبول المعتاد] اهـ.
وقال العلَّامة الدُّسُوقِي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 116، ط. دار الفكر): [وذهب العراقيون مِن أهل المذهب إلى أنَّ السَّلَس لا يَنْقُض مطلقًا، غايةُ الأمر أنَّه يُستحب منه الوضوء إذا لَم يُلَازِم كلَّ الزمان، فإنْ لازَمَ كلَّه فلا يُستحب منه الوضوء] اهـ.
وأما حمله للنجاسة المتمثلة في البول المتجمع في القسطرة مع عدم إمكان النزع والإفراغ، واستمرار التدفق، فمن المعفُوَّات التي تصح العبادة مع وقوعه، فسقط اعتباره شرعًا، وقد اتفق الفقهاء على أن المتلبس بالنجس المتعذر الاجتناب والإزالة في حكم الطاهر؛ لعموم قول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وقد تقرر في قواعد الشرع الشريف أن "المَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ"؛ فكان مقتضى ذلك التخفيفَ عن مريض القسطرة في أمور العبادة، كما هو الشَّأن في كلِّ صاحب عذر من أصحاب الحدث الدائم، كصاحب السلس والمستحاضة ونحوهما، ويكون الواجبُ عليه حينئذ أن يغسل محِلَّ النجاسة -إذا سرت منه وتلوَّث معها-، ويتأكَّد مِن عدم خروج شيء يلوث المسجد في أثناء الطواف، ثم يتوضَّأ وضوء الصلاة، ويطوف بالبيت ويصلِّي ما شاء، ما لم يأت بناقض آخر.
قال العلَّامة الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 90، ط. المكتبة العصرية): [فاقد ما يزيل به النجاسةَ المانعةَ: يصلي معها، ولا إعادة عليه؛ لأنَّ التكليف بحسب الوُسع] اهـ.
وقال الإمام الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 131): [المعتمد في المذهب أنَّ مَن صلَّى بالنجاسة متعمدًا عالمًا بحكمها، أو جاهلًا وهو قادرٌ على إزالتها: يُعيد صلاته أبدًا، ومَن صلى بها ناسيًا لها، أو غير عالِمٍ بها، أو عاجزًا عن إزالتها: يُعيد في الوقت على قول مَن قال: إنها سُنَّة، وقَوْلِ مَن قال: إنها واجبةٌ مع الذِّكر والقُدْرة] اهـ. فأفاد أنَّ العجْز صيَّرها من المعفوات.
وقال العلامة الشَّرْوَانِي الشافعي في "حاشيته على تحفة المحتاج" (1/ 398، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ولا يجوز لِلسَّلِسِ أن يُعَلِّق قارورةً لِيَقْطُرَ فيها بَوْلُهُ؛ لكونه يَصير حاملًا لنجاسةٍ في غير معدنها مِن غير ضرورة] اهـ. فلما قيَّد الحكم بغير الضرورة نفاه عمَّا كان لضرورة، كما المريض حامل القسطرة محَل السؤال.
وقال شرف الدين الحجَّاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 95، ط. دار المعرفة) عن النجاسة: [فمَتَى لَاقَاهَا ببَدَنه أو ثوبه، أو حَمَلَها عالِمًا أو جاهِلًا أو ناسِيًا، أو حَمَل قارورةً فيها نجاسةٌ.. قادِرًا على اجتنابها، لم تَصِحَّ صَلَاتُه] اهـ. فقيَّد عدم الصحة بالقدرة، مما أفاد الصحة عند العجز.
كما أن فقهاء الشافعية في وجهٍ قد قرروا صحة صلاة حامل شيء من النجاسة ما دامت في شيء مُحكَم الإغلاق، بحيث لا يخرج منه شيء يصيب جسد الطائف أو ثوب إحرامه.
قال الإمام الشيرازي في "المهذب" (1/ 119، ط. دار الكتب العلمية): [وإن حمل قارورة فيها نجاسة، وقد شد رأسها، ففيه وجهان: أحدهما: يجوز؛ لأن النجاسة لا تخرج منها، فهو كما لو حمل حيوانًا طاهرًا] اهـ.
وهذا حاصلٌ بالجملة في القسطرة المسؤول عنها.
بناء على ذلك: فالمريض حامل القسطرة البولية يُحكم بطهارته، ويجوز له الطواف بالبيت، ولا حرج عليه في ذلك، وطوافه صحيح مجزئ، بل يؤدي بطهارته هذه ما شاء من العبادات، ما لم ينتقض وضوؤه بسبب آخر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما كيفية الطهارة للمريض الذي يحمِلُ قسطرةَ البول؟
ما حكم صيام المرأة عند انقطاع حيضها مع عدم التيقن من الطهر قبل الفجر؟ لأن امرأة كان عليها الحيض في رمضان، ثُمَّ في أثناء الشهر انقطع الدَّمُ، ولم تلتفت إليه إلَّا بعد طلوع الفجر، ولم تتيقَّن هل حَصَل النَّقَاءُ من الحيض وانقطاعُ الدَّمِ قبل الفجر أو بعده، فَنَوَتْ صيام هذا اليوم على أنَّه إِنِ انقطع الدَّم قبل الفجر فالصيام صحيحٌ، ولو كان الانقطاعُ بعد الفجر فستقضي هذا اليوم بدلًا عن أيام حيضها، فهل هذا الصوم صحيحٌ؟
سائلة تقول: أرغب في الذهاب للعمرة لكنني حامل؛ فهل يجوز لي الاعتمار أو أنَّ الحمل يمنعني من ذلك؟
هل يجوز استعمال الماء المتغير بصدأ الحديد في الطهارة من الحدث والخبث؟ حيث كنت في مسجد والماء الذي أتوضأ به يخرج مختلطًا بصدأ الحديد، فقال لي البعض: إن هذا الماء المتغير بالصدأ الموجود في الأنابيب الموصلة للمياه لا يجوز الوضوء به وذلك لتغير لونه بهذا الصدأ. فما حكم الطهارة بالماء المتغير بالصدأ الموجود في الأنابيب الموصلة للمياه؟
ما المقصود من عبارة (حاضري المسجد الحرام)؟ حيث أعيش في مكة المكرمة، وسافرتُ إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بداية شهر ذي القعدة، ثم رجعتُ فأحرمتُ من آبار عليٍّ بالعمرة، علمًا بأني قد نويتُ أن أحج هذا العام، فهل ينطبق عليَّ وصف حاضري المسجد الحرام الوارد في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُن أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ﴾؟
ما حكم الإقدام على عملية جراحية قد تفضي إلى الموت؟ فرئيس القسم الجنائي بنيابة السيدة زينب قال: لي ولد أصيب في عامه الرابع من عمره بمرض الصَّرع، عرضته على كثير من الأطباء المختصين في الأعصاب، وكانوا يعالجونه بشتى طرق العلاج من أدوية وحقن مخدرة إلى غير ذلك، إلا أن حالته كانت تزداد سوءًا يومًا بعد يوم وعامًا بعد عام، حتى أصبح الآن فاقد النطق والإحساس والحركة، فلا يستطيع المشي ولا الكلام ولا الفهم، فهو عبارة عن جثة أو كتلة يدب فيها الروح، ويبلغ من العمر الآن ثماني سنوات، ونعاني في تمريضه صنوف العذاب فيحتاج لمن يطعمه ويحمله ويعتني بنظافته كأنه طفل في عامه الأول.
لم أشأ أن ألجأ للشعوذة لعلمي ويقيني أنها خرافات لا فائدة منها، وأخيرًا أشار عليّ بعض الأطباء بإجراء جراحة له في المخ وأفهموني أنها خطيرة لا يرجى منها إلا بنسبة واحد إلى عشرة آلاف، أعني أنه سينتهي أمره بعد العملية، وعللوا نظريتهم بأنه:
أولًا: ربما تنجح العملية، ويستفيد منها.
ثانيًا: إذا قدر له الموت وهو محتمل فسيستريح هو كما سنستريح نحن من هذا الشقاء، ولما كنت أخشى إن أقدمت على إجراء هذه العملية أن يكون فيها ما يغضب الله؛ لأنني أعتقد بأنني أسعى إلى قتله بهذه العملية، فقد رأيت أن ألجأ إلى فضيلتكم لتفتوني إن كان في إجراء العملية في هذه الحالة محرم وأتحمل وزرًا أم لا.