ما مدى صحة دعوى أنَّ أئمة الفقه ليسوا من أهل السنة في باب العقيدة؟ فهناك معهد من المعاهد غير الرسمية يُدَرِّس الفقه على أحد المذاهب الأربعة، ويدَّعون إعطاء إجازة لمن يجتاز الاختبارات، لكنهم يقولون لنا: إنَّ مشاهير أئمة المذاهب الفقهية كانوا أشاعرة، والأشاعرة ليسوا من أهل السنة في باب العقيدة؛ لذا فإنَّنا نأخذ منهم الفقه فقط، فهل هذا صحيح في المنهج العلمي أن يكون هناك فصل بين علم الفروع وعلم العقيدة؟
دعوى الأخذ بكلام الفقهاء في الفروع دون الأصول خطأٌ علمي محض ومخالفة للمنهج العلمي المستقر لدى علماء المسلمين سلفًا وخلَفًا؛ فقد اجتمع الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة في علم الكلام على طريقة أهل السنة والجماعة، وهو مصطلح صار عَلَمًا على أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري، وعلى أتباع الإمام أبي منصور الماتريدي من زمن قديم جدًّا، فمتى أطلق مصطلح أهل السنة والجماعة في كتب أهل العلم المعتبرين انصرف الذهن إليهم بلا ريب.
المحتويات
ممَّا هو مقرَّر أنَّ العلوم الإسلامية تقوم على منهج يجعل هذه العلوم يكمل بعضها بعضًا، فعلم الفقه مبنيٌّ على علم أصول الفقه، وعلم أصول الفقه مستمد من علم الكلام واللغة، فكأنَّ علم الفقه هو نتاج تلاقح تلك العلوم وترابطها، فالاجتهادات الفقهية للمجتهد مرتبطة باجتهاداته الكلامية لا محالة، ولا انفكاك لأحدهما عن الآخر.
وقد اجتمع الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة في علم الكلام على طريقة أهل السنة والجماعة، وهو مصطلح صار عَلَمًا على أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري، وعلى أتباع صِنوه الإمام أبي منصور الماتريدي من زمن قديم جدًّا، فمتى أطلق مصطلح أهل السنة والجماعة في كتب أهل العلم المعتبرين انصرف الذهن إليهم بلا ريب. ينظر: "إتحاف السادة المتقين" للعلامة المرتضى الزبيدي (2/ 6، ط. المطبعة الميمنية)، و"حاشية ابن عابدين" (1/ 48-49، ط. دار الكتب العلمية)، و"تبيين كذب المفتري" للعلامة ابن عساكر (ص: 410، ط. دار الكتاب العربي)، و"معيد النعم ومبيد النقم" للعلامة ابن السبكي (ص: 75، ط. مكتبة الخانجي).
وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي -كما في "طبقات الشافعية الكبرى" لتاج الدين السبكي (3/ 376، ط. دار هجر)-: [وأبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة، وعامة أصحاب الشافعي على مذهبه، ومذهبه مذهب أهل الحق] اهـ.
ومن ثم يعلم أن طريقة الأشاعرة والماتريدية هي التي عليها السواد الأعظم من فقهاء المسلمين، كما أنها هي الطريقة المرضية عند أكثر مدارس المسلمين العلمية في شرق البلاد وغربها، فهي الطريقة المعتمدة في الحواضر العلمية والجامعات الإسلامية العريقة، كالأزهر الشريف بمصر، والزيتونة بتونس، والقرويين بالمغرب، بالإضافة إلى المدارس الشرعية في الشام، والعراق، واليمن، وشنقيط، وغيرها من أماكن الدرس في معظم الديار الإسلامية.
كما أنَّ الأصول والتقاليد العلمية المتبعة في أسس بناء المدارس والأكاديميات تفرض على القائمين على التعليم فيها قيمًا واجبة الاتباع، منها: احترام المستقر لدى الجماعات العلمية، ومنها احترام المنهج العلمي بمعنى الاتساق العلمي بين الفروع والأصول، وعدم احترام هذا المنهج ينتج عنه اختلال المنظومة التعليمية، وهذا له من المفاسد النفسية والتعليمية على الطلاب -خصوصًا في مراحل التعلم الأولى- ما الله به عليم، ولا شك أن المعهد المسؤول عنه قد خالف هذه القيم والأعراف العلمية المعتبرة.
شأن طالب العلم ألَّا يأخذ العلم إلا عمَّن وثق بعلمه وعدالته، وأن ينأى بنفسه عن الأخذ من أهل البدع والأهواء، فعن محمد بن سيرين رضي الله عنه، قال: «إنَّ هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم» أخرجه مسلم.
قال الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (2/ 191، ط. دار ابن الجوزي): [ينبغي للمتعلِّم أن يقصد من الفقهاء من اشتهر بالديانة، وعرف بالستر والصيانة] اهـ.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير".
قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (2/ 533، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [قال الطبراني عن بعضهم: يقال: إنَّ المراد الأصاغر من أهل البدع] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ دعوى الأخذ بكلام الفقهاء في الفروع دون الأصول خطأٌ علمي محض ومخالفة للمنهج العلمي المستقر لدى علماء المسلمين سلفًا وخلَفًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
بعض الناس يقوم بالإنكار على قول صاحب البردة:
وكيف تدعو إلى الدنيا ضَرُورَةُ مَن ... لولاه لم تُخْرَج الدنيا من العَدَم
وقد وصلت المبالغة إلى التعريض بكفر قائله ومن يُردده؛ فما البيان الشرعي في ذلك؟ وكيف نرد على هؤلاء؟
ما حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين؟
سأل رجل في طريقة جماعة البلشفية التي فشت في هذا الزمان، وعم ضررها، وحاصل طريقتهم أنهم يدعون إلى الفوضى والفساد، وإنكار الديانات، وإباحة المحرمات، وعدم التقيد بعقيدة دينية، وإلى الاعتداء على مال الغير، وينكرون حق الأشخاص فيما يملكون، ويعتقدون أنه يسوغ لكل واحد أن يغتصب ما شاء ممن يشاء، ويستبيحون سفك الدماء، وينكرون حقوق الزوجية بين كل زوجين، كما ينكرون نسبة الأولاد إلى آبائهم؛ بل يجعلونهم منسوبين إلى حكومتهم، ويهدمون سياج المعيشة العائلية، ولا يفرقون بين حلال وحرام، وكل امرأة تحل لكل واحد منهم ولو لم يكن بينها وبينه عقد زواج، ويستبيحون دم كل امرأة تصون عرضها عن أي واحد منهم، وكثيرًا ما يجبرون النساء على انتهاك حرماتهن إذا كن غير متزوجات، أو على تلويث شرفهن وشرف أزواجهن وأولادهن إذا كن متزوجات وذوات أولاد. وبالجملة فهم قائلون بإباحة كل شيء حرمته الشرائع الإلهية. أفيدوا تؤجروا أثابكم الله.
يحتكر بعض التجار السلع، ويُضَلِّلون في أسعارها، ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة في السعر على الفقراء؛ فنرجو موافاتنا بالحكم الشرعي لهذا الفعل؟
يقول السائل: أنا مسلم وأحافظ على الفرائض والشعائر، لكني أعمل في مجالٍ متخصص يستغرق وقتي، ولا أتمكن من دراسة علوم الدين، فقال لي بعض الناس: إن هناك من يرى أن ذلك يُعدُّ من الإعراض عن دين الله ومن نواقض الإسلام. فما حكم الشرع في ذلك؟ نرجو منكم البيان.
ما مدى مشروعية استدامة نفقات التعليم للمحضون بعد بلوغه ١٥ عامًا؟ فهناك ولدٌ يعيش في حضانة أمه، وقد بلغ مِن العمر خمسة عشر عامًا، ولا يزال في مرحلة التعليم، فهل يجب على أبيه الاستمرارُ في النفقة على تعليمه بعد بلوغه هذه السن؟