ما حكم تأخير المُشتغل بالإفطار سُنَّة المغرب والذكر بعد الصلاة؟
لا مانع شرعًا من تأخير الصائم المشتغل بالإفطار سُنَّةَ المغرب وأذكارَ ما بعد الصلاة إلى ما بعده، وخاصّة أنَّ تعجيل الفطر من سنن الصيام ومستحباته التي ورد نصوص الشرع بالحث عليها.
المحتويات
حثَّت الشريعة الإسلامية الصائمين على تعجيل الفطر بعد التحقق من غروب الشمس، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ التعجيل علامة لخيرية هذه الأمَّة، بقوله: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ» متفقٌ عليه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.
قال العلامة ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (2/ 26، ط. مطبعة السنة المحمدية): [تعجيل الفطر بعد تيقُّنِ الغروب مستحبٌّ باتفاق] اهـ.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه: الحث على تعجيله بعد تحقق غروب الشمس، ومعناه: لا يزال أمر الأمة منتظمًا وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السُّنَّة، وإذا أخروه كان ذلك علامةً على فسادٍ يقعون فيه] اهـ.
وقد حثت الشريعة الإسلامية أيضًا على المحافظة على أداء الصلوات في وقتها الذي وقَّته الله تعالى وجعله كتابًا موقوتًا لها، ودلت النصوص الشرعية على أن هذا من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وقد قال جلَّ شأنه: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148].
صلاة المغرب من هذه الصلوات التي رغَّبت الشريعة في أدائها أول وقتها، فقد ورد حثٌّ خاصٌّ على أداء هذه الصلاة؛ لأنها وتر النهار، وأول صلوات الليل، وبها يختم المسلم نهاره، ويستقبل ليله، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كَانَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ" رواه الإمام البخاري في "صحيحه".
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (4/ 342، ط. أوقاف المغرب): [أجمع المسلمون على تفضيل تعجيل المغرب، مَن قال: إن وقتها ممدود إلى مغيب الشفق، ومَن قال: إنه ليس لها إلا وقتٌ واحدٌ، كلهم يرى تعجيلها أفضل] اهـ.
أما نافلة المغرب، فقد اتفق الفقهاء على سنيتها. يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني الحنفي (1/ 284، ط. دار الكتب العلمية)، و"التاج والإكليل لمختصر خليل" للمواق المالكي (2/ 371، ط. دار الكتب العلمية)، و"المهذب" للشيرازي الشافعي (1/ 157، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإنصاف" للمرداوي الحنبلي (2/ 180، ط. دار إحياء التراث العربي).
وأما الأذكار التي يقولها المسلمُ بعد أداء الصلاة، فهي من الأمور المطلوبة شرعًا على سبيل الاستحباب بإجماع العلماء، ولا سيَّما أنَّها سببٌ لإكمال النقص الذي ربما وقع فيه المصلي في صلاته، قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 70، ط. دار الفكر): [أجمع العلماءُ على استحباب الذكر بعد الصلاة] اهـ.
ولم يَرَ العلماءُ مانعًا من تأخير أداء سنة المغرب أو أذكار الصلاة إلى ما بعد الإفطار بوقتٍ يسيرٍ، وخاصة إذا كان المسلم مشغولًا بالإفطار ونحوه، فقد أورد الإمام ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى حُذَيْفَةُ الْمَغْرِبَ فِي جَمَاعَةٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ، فَجَذَبَهُ حُذَيْفَةُ. قَالَ: "اجْلِسْ، لَا عَلَيْكَ أَنْ تُؤَخِّرَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، انْتَظِرْ قَلِيلًا". وعنه أيضًا: "كَانُوا يُحِبُّونَ تَأْخِيرَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ حَتَّى تَشْتَبِكَ النُّجُومُ".
وقد أشار بعض فقهاء المذاهب المتبوعة إلى ذلك، قال العلَّامة منصور البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 440، ط. دار الكتب العلمية): [(يُسن ذكر الله والدعاء والاستغفار عقب الصلاة) المكتوبة (كما ورد) في الأخبار... قال ابن نصر الله في الشرح: والظاهر أن مرادهما أن يقول ذلك وهو قاعد، ولو قاله بعد قيامه وفي ذهابه، فالظاهر: أنه مصيب للسُّنَّة أيضًا، إذ لا تحجير في ذلك. ولو شُغِل عن ذلك، ثم تَذكَّره فذكره، فالظاهر حصول أجره الخاص له أيضًا إذا كان قريبًا لعذر، أما لو تركه عمدًا ثم استدركه بعد زمن طويل، فالظاهر فوات أجره الخاص، وبقاء أجر الذكر المطلق له] اهـ.
بناءً على ذلك: فلا مانع شرعًا من تأخير الصائم المشتغل بالإفطار سُنَّةَ المغرب وأذكارَ ما بعد الصلاة إلى ما بعده، ولا سيَّما أنَّ تعجيل الفطر من سنن الصيام ومستحباته التي ورد نصوص الشرع بالحث عليها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إقامة العزاء وإحضار القراء لقراءة القرآن جهرًا؟ وهل إقامته لها مدة معينة؟
ما حكم صلاة السنن لمن عليه فوائت؟ فقد وقع في بلدتنا خلافٌ في هذه الأيام ما بين العلماء الجاويين في مسألة السُنَّة والقضاء، وقد أفتى جمهورهم ببطلان السُنَّة وتركها، ويحرم فعلها إذا كان عليه قضاء مطلقًا بلا قيد ولا شرط، فبناءً على هذه الفتاوى الصادرة قد اتخذ العوام ذلك سلاحًا عظيمًا وبرهانًا جليًّا وساطعًا لهدم سنن أشرف العباد وفقًا لأهوائهم، مرتكزين على أقوال علمائهم الذين أعانوهم بكل صراحة، فقد دب وسرى ذلك الداء في قلوبهم حتى أمثال العيدين وصلاة الجنائز والتراويح بطلت، ولم يفعلها إلا القليل النادر، ولهذه الحالة أصبحت شعائر الإسلام آخذة في الوهن، مع أن السلف الصالح رحمهم الله تعالى قالوا: "إذا كان عليه فوائت فلا بد من صرف زمنه للقضاء، إلا ما اضطر كنوم ومؤنته ومؤنة من تلزمه جاز له ذلك على قدر الضرورة"، فهذا مراد السلف الصالح في كتبهم بتحريم السنة، فمِن أين للعلماء المذكورين الآن هذا الاستنباط بتجويز كل عمل ما عدا السنة لا يجوز فعلها على الإطلاق، وإذا فعلها كانت إثمًا مبينًا وذنبًا عظيمًا، وهناك الطَّامة الكبرى كما يُفهَم من كلامهم وتصريحهم؟! وبعكسه إذا لم يصرف جميع زمانه للقضاء، أبفعل السنة يؤثم أو يثاب على الترك عمدًا؟ أفيدونا مأجورين.
ما حكم الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان؟
ما حكم الدعاء وقراءة الفاتحة بعد الفراغ من الطعام لكل من ساهم فيه؟ فعادةً ما يتم تقديم طعام الإفطار أو الغداء أو العَشاء للناس، ومِن ثم يتم الدعاء لمَن بَذَل وأَكَل وسَاهَم وتَصَدَّق، ويتم قراءة سورة الفاتحة، وأيضًا قراءة الفاتحة بعد تناول الطعام بشكلٍ عامٍّ في كلِّ الأوقات.
ما حكم السجود على قدم المصلي عند الزحام؟ حيث دخلتُ لأداء صلاة الجمعة بأحد مساجد القاهرة الكبرى، واشتد الزحام في المسجد، ولم أستطع تمكين جبهتي من الأرض عند السجود لضيق المكان، فسجدت على قَدَمِ من يصلي أمامي؛ فهل صلاتي صحيحة شرعًا؟ وهل يلزمني إعادتها؟
ما حكم صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة إذا توافرت شروط الجمعة في المكان الذي لا تتعدد فيه الجمع، وذلك طبقًا للمذهب الشافعي؟ حيث إننا في الشيشان نتبع المذهب الشافعي ولا توجد مذاهب أخرى.