حكم الفطر للمسافر إذا قدم بلده صائمًا وناويًا الإقامة

تاريخ الفتوى: 26 سبتمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8010
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم الفطر للمسافر إذا قدم بلده صائمًا وناويًا الإقامة

هل يجوز للمسافر الذي قدم بلده صائمًا أن يفطر في هذا اليوم؟ فهناك رجلٌ سافر في رمضان قبل الفجر، ثم وصل إلى بلده بعد الظهر ناويًا الإقامة فيه، فهل له أن يترخص برخصة السفر فيفطر في هذا اليوم؟

مَن سافر سفرًا تُقصر فيه الصلاة، فإنه لا تَنْقَطِعُ عنه أحكامُ السَّفرِ ورُخَصُهُ ما دام مسافرًا، فإن قَدِمَ بلده ونوى الإقامة انقَطَعَت عنه رُخصةُ السفر، وصار مقيمًا تجري عليه أحكام المقيم، مِن إتمام الصلاة ووجوب صيام رمضان ونحو ذلك.

وعليه: فليس للرَّجلِ المذكُور أن يترخص بالفطر، وعليه أن يتم صيام يومه، ما لم يطرأ عليه عذرٌ آخَر يُبيح له الفطر.

المحتويات

 

المسافة التي تبيح للمسافر الترخص بالفطر في رمضان

مِن المقرَّر شرعًا أنَّ مَن بلغ سَفَرُه مسافةً تُقصَر فيها الصلاة، فإنَّ له أن يَتَرَخَّص بِرُخَصِ السَّفر ويَعمَل فيه بأحكامِه، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101].

وقد أجمع الفقهاء على مشروعية التَرَخُّصِ بالفطر في رمضان لمَن بلغ سَفَرُه في غير معصيةٍ مسافةً تُقصَر فيها الصلاة، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للإمام ابن القَطَّان (1/ 229، ط. الفاروق الحديثة)، وذلك على تفصيلٍ بينهم في تقدير هذه المسافة، والمفتى به أنَّها لا تَقِلُّ عن مرحلتَيْن، وتُقَدَّران بنحو ثلاثةٍ وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر.

ومن المعلوم أنَّ الرُّخصَة منوطةٌ بأسبابها، فلا تثبُت إلا بتحقُّقِها، ولا تُرفَعُ إلا بزوالها، وما دام السبب قائمًا يَبْقَى الترخُّصُ مباحًا، فإذا انقطع السببُ بثبوت الإقامة في حق المكلَّف يَنقطع تبعًا لذلك الترخُّصُ الذي كان مِن أجْله.

قال الإمام الشَّاطِبِي في "الموافقات" (1/ 468، ط. دار ابن عفان): [إن شرعيَّة الرُّخص جزئيَّة يُقتَصَرُ فيها على مَوضِعِ الحاجَة، فإن المصلِّي إذا انقطع سَفَرُه وَجَبَ عليه الرجوع إلى الأصل مِن إتمام الصلاةِ وإلزام الصومِ] اهـ.

هل يجوز للمسافر الذي قدم بلده صائما أن يفطر في هذا اليوم؟

لأجل ذلك، فإنَّ مَن وافَق سفرُه شهرَ رمضان المبارك، ولَم يترخَّص في أثناء سفره بالفطر -بشروطه التي نص عليها الفقهاء على اختلاف بينهم فيها- حتى عاد إلى بلده وأقام فيه، فلا يُرخَّص له بالفطر للسفر، وهذا ما نص عليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية، والشافعية في الصحيح، والحنابلة.

قال الإمام أبو بكر الحَدَّادِي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 144، ط. المطبعة الخيرية): [قوله: (وإذا قدم المسافر أو طَهُرت الحائضُ في بعض النهار أَمْسَكَا بقية يَوْمِهِمَا) هذا إذا قَدِم المسافرُ بعد الزوال أو قَبْله بعد الأكل، أما إذا كان قبل الزوال والأكل فعليه الصوم، فإنْ أفطر بعدما نَوَى لا يلزمه الكفارة؛ للشبهة] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 447، ط. دار الفكر): [مَن بَيَّت الصوم في السفر، ثم دخل الحَضَر، فأفطر بعد دخوله، فلا يجوز له الفطر بلا خلاف] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 262، ط. دار الفكر): [إذا قَدِمَ المسافرُ وهو صائمٌ، هل له الفطر فيه؟ وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما، (وأصحُّهُما) عند القاضي أبي الطيب وجمهور الأصحاب: لا يجوز، وهو قول أبي إسحاق، وهكذا الحكم لو نوى المسافر الإقامة في بلد بحيث تنقطع رُخَصُهُ] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "الكافي" (1/ 436، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا قَدِمَ المسافرُ وبرئ المريض وهما صائمان لَم يُبَحْ لهما الفطر؛ لأنه زال عُذرُهما قبل الترخُّص، أشبه القصر] اهـ.

وقال العلامة شمس الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "الفروع" (4/ 432، ط. مؤسسة الرسالة): [وإنْ برئ مريضٌ صائمًا، أو قَدِمَ مسافرٌ أو أقام صائمًا، لزمه الإتمام] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فمَن سافر سفرًا تُقصر فيه الصلاة، فإنه لا تَنْقَطِعُ عنه أحكامُ السَّفرِ ورُخَصُهُ ما دام مسافرًا، فإن قَدِمَ بلده ونوى الإقامة انقَطَعَت عنه رُخصةُ السفر، وصار مقيمًا تجري عليه أحكام المقيم، مِن إتمام الصلاة ووجوب صيام رمضان ونحو ذلك.

وفي واقعة السؤال: ليس للرَّجلِ المذكُور أن يترخص بالفطر، وعليه أن يتم صيام يومه، ما لم يطرأ عليه عذرٌ آخَر يُبيح له الفطر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يسأل عن مدى ضرورة الالتزام بالقوانين التي تضعها الدول للدخول إليها والخروج منها، وهل هي واجبة شرعًا؟


ما حكم تقديم إخراج فدية الصيام قبل دخول شهر رمضان؟ فأنا لا أستطيع الصوم في رمضان لعذرٍ دائم.


ما المراد بالأيام البيض؟ ولمَ سُمّيت بذلك؟ وهل منها الستة أيام من شوال كما يُشاع بين الناس؟


ما حكم استخدام الحقن المسكنة والمضاد الحيوي والمحلول الملحي والجلوكوز والمانيتول الذي يدر البول لمرضى ضغط العين؟ وما حكم زبدة الكاكاو المرطبة للشفاه المتشققة؟ وذلك في أثناء الصيام.


هل يتفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة؟ حيث يتفاوت شعور الناس بالمشقة في الصيام، وقد سمعت: "أن الثواب على قدر المشقة"؛ فما صحة ذلك؟ وهل كلما زادت المشقة ازداد الثواب؟


ما حكم صلاة غير المحجبة وصيامها؛ فأنا غير محجبة، فهل يقبل الله صلاتي وصيامي؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 18 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
6 :0
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :12