حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه

تاريخ الفتوى: 14 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 8266
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه

ما حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه؟ فهناك رجلٌ مات والدُه، وترك محلًّا بالإيجار، وقد اتفق هذا الرجلُ مع صاحب المحل على شرائه منه بمبلغٍ محددٍ دفعه له وتم البيع، على أن يتم توثيق هذا البيع ونقل أوراق الملكية خلال مهلة أسبوعين، وأثناء هذه الفترة وجد مشتريًا لهذا المحل بمبلغ أكبر، فوَعَدَه ببَيْعه له بعد أن يُنهي إجراءات الشراء ونَقْل المِلكية رسميًّا لنَفْسه أولًا، فما حكم هذا الوعد الذي جرى بينه وبين ذلك الراغِب في شراء المحل منه شرعًا، وذلك بعد إتمام تلك الإجراءات؟

وَعْد الرجل المذكور أن يبيع المحل -بعد إنهاء إجراءات تملُّكه لنَفْسه أولًا- لذلك الراغِبِ في شرائه منه بمبلغٍ أكبر مما اشتراه به -لا حرج فيه، وهو وعد بالبيع يجب الالتزامُ والوفاءُ به شرعًا.

المحتويات

 

حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه

أباح الشرعُ الشريفُ العقودَ التي تحقق مصالح أطرافها متى كانت خاليةً من الغش والغرر والضرر والربا وسائر الممنوعات، ومن أهم العقود التي أباحها الشرع الشريف رفقًا بالعباد وتعاوُنًا على حصول معاشهم: عقد البيع، وهو عقد معاوَضة مالية تفيد مِلك عينٍ أو منفعةٍ على التأبيد لا على وَجْه القُربة، كما في "حاشيتي قليوبي وعميرة" (2/ 191، ط. دار الفكر)، وهو متوافق مع تعريف البيع الذي نصَّ عليه القانون المدني رقم (١٣١) لسنة (١٩٤٨م) في المادة (٤١٨) منه، والتي تنص على أنَّ: [البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكيةَ شيءٍ أو حقًّا ماليًّا آخَر في مقابِل ثمنٍ نقدي] اهـ.

وبالنظر في التعامل محل السؤال نجده يتكون من شِقَّين:

أما الشِّق الأول: فهو عقد بيعٍ تمَّ بين متعاقدَين على محلٍّ معلومٍ بثمنٍ معلومٍ، مع اتفاقهما على توثيق هذا العقد بشكل رسمي بناءً على ما اتَّفَقَا عليه؛ ضمانًا لحقوقهما، ومَنعًا مِن وقوع النزاع والشقاق بينهما فيما بَعْدُ، وقد حدَّد البائعُ والمشتري مدةً زمنية مقدارُها أسبوعان لإتمام إجراءات البيع والتوثيق.

وما دَامَ المتعاقِدان قد حَدَّدَا أركانَ البيع وشروطَه، وتراضَيَا على الثمن المُستَحَق، وتَمَّ البيعُ بينهما، واتَّفَقَا كذلك على الوقت الذي سوف يُوثِّقان فيه عقدَ البيع ويُتِمَّانِ إجراءاته القانونية، فإنه يكون بيعًا صحيحًا جائزًا ونافذًا شرعًا، ولا يُؤثِّر تَأخُّر توثيق العقد في صحته؛ حيث إنَّ الشكل الإجرائي للأوراق ليس شرطًا في صحة عقد البيع، ولا يترتب على تأخره فساد العقد، وإنما محل صحة العقد الثمنُ والمثمَنُ والإيجابُ والقبولُ اللَّذان يَدُلَّان على حصول الرضا مِن المتعاقدَيْن.

وأما الشِّق الثاني: فهو صورة مِن الوعد بالبيع، والوعد بالبيع مختلفٌ عن البيع، حيث يُراد به الْإِخْبَار بإيصال الْخَيْر فِي الْمُسْتَقْبل، كما في "عمدة القاري" للإمام بدر الدين العَيْنِي (1/ 220، ط. دار إحياء التراث العربي)، فلا يتضمن مجردُ الوعدِ معاوضةً، ولا يترتب عليه تمليكُ عينٍ أو منفعة.

فما حدث مِن وَعْدٍ واتفاقٍ بين الطرفين المذكورَين في السؤال على أن يبيع أحدُهما للآخَر محلًّا معلومًا له بثمنٍ معلومٍ أيضًا، مع اتفاقهما على أن يتمَّ ذلك في وقت معيَّن، وما دَامَا قد حَدَّدَا أركانَ البيع وشروطَه الأساسية، والوقتَ الذي سوف يُبرِمَانِهِ فيه، وعَلَّقَا ذلك على حصولِ سببٍ هو إتمام البيع الأول فهو جائزٌ شرعًا، ويجب على البائع الالتزامُ بهذا الوعد عند إنهاء إجراءات التملُّك لهذا المحل مِن البائع الأول.

ذلك أنَّ الوفاء بالوعد صفةٌ مِن صفات المؤمنين الذين امتدَحَهم اللهُ جَلَّ وَعَلَا بحِفظِهم للأمانات، ووفائهم بالعهود والتزامهم بالعقود، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8].

قال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (5/ 463، ط. دار طيبة): [أي: إذا اؤتُمِنُوا لم يَخونوا، بل يؤدُّونها إلى أهلها، وإذا عاهَدوا أو عاقَدوا أَوْفَوْا بذلك] اهـ.

وأيضًا فإن الوفاء بالوعد والالتزام بالعقد داخلٌ تحت عموم كثير من الآيات التي وردت ليؤكِّد مدلولُها معنَى طلب الوفاء بالعهود والالتزام بالعقود، كما في قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [الْمَائِدَةِ: 1]، وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ۝ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصَّفِّ: 2- 3].

وورد في السُّنَّة عن حُذَيْفَةَ بن الْيَمَانِ رضي الله عنه قال: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قال: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا؟ فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: «انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وفي الحديث دلالة واضحة على وجوب الوفاء بالعهد، كما قال القاضي عِيَاض في "إكمال المُعلِم بفوائد مسلم" (6/ 158، ط. دار الوفاء).

وقد نقل الإمامُ القاضي أبو بكر ابن العَرَبِي الإجماعَ على وجوب الوفاء بالوعد إذا تَعَلَّق بسببٍ مِن الأسباب -كما في مسألتنا-، فقال في "أحكام القرآن" (4/ 242، ط. دار الكتب العلمية): [فإن كان المَقُولُ منه وعدًا، فلا يخلو أن يكون منوطًا بسبب، كقوله: إن تزوجتَ أعنتُك بدينار، أو ابتعتَ حاجةَ كذا أعطيتُك كذا، فهذا لازم إجماعًا مِن الفقهاء] اهـ.

موقف القانون المصري من ذلك

على هذا جرى القانون المدني المصري في مادتيه رقم (101) و(102)، إذ نَصَّتَا على أنَّ الاتفاق بين الطرفين بالوعد على إبرامِ عقدٍ معيَّنٍ في المستقبَل يَنعقد ويكون لازمًا إذا تم فيه تَعيِينُ المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامُه مِن أركان ذلك العقد وشروطه الأساسية، والتي لا يَحتاج الطرفان بَعْد تعيينها إلى الاتفاق على شيءٍ آخَر، كتعيين المبيع والثمن والمدة التي سيتم إبرام العقد فيها، مع وجوب مراعاة ما يشترطه القانون في هذا الشأن مِن الشكلية في بعض العقود، وأنه يحقُّ للطرف الثاني إذا انصرف الطرفُ الأول عن وعده أن يرفع الأمر للقضاء، ومتى صَدَر الحكمُ لصالح الموعود حائزًا قوة الشيء المقضي به فإنه يقُوم مَقَامَ العقد الموعود به.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ وَعْد الرجل المذكور أن يبيع المحل بعد إنهاء إجراءات تملُّكه لنَفْسه أولًا لذلك الراغِبِ في شرائه منه بمبلغٍ أكبر مما اشتراه به لا حرج فيه، وهو وعد بالبيع يجب الالتزامُ والوفاءُ به شرعًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إضافة بعض المواد إلى اللبن حتى لا يتغير لحين بيعه؟ فأنا أعمل في تبريد الألبان وتوريدها للشركات الكبرى لتصنيعها، وهذه الشركات تطلب حموضة معينة للبن -وهي ثلاث عشرة- وهي درجة حموضة اللبن عند الحلْب، ولكن درجة الحموضة ترتفع إلى عشرين أو أكثر من زمن حلب اللبن وتوريده إِلَيَّ من التجار وحتى يأخذ اللبن درجة التبريد الكافية لتوريده للشركات، وهذا ما يجعل الشركات ترفضه، ولذا فإنني ألجأ إلى وضع مادة النشادر -الأمونيا- أو مادة الصودا الكاوية لخفض نسبة الحموضة للنسبة المطلوبة، علمًا بأن جميع العاملين في هذا المجال يتبعون نفس الطريقة وهذا بعلم من هذه الشركات، كما أنني أتسلم بعض الألبان من العملاء وأنا أعلم أنها مغشوشة بنسبة مياه وبها نسبة حموضة أعلى من المستوى المطلوب، فهل وضع هذه المواد مباح؟ وإذا كان مباحًا فما هي النسبة الجائز وضعها؟ وهل وضع الماء باللبن جائز؟


ما حكم التجارة في منتجات تجميل الثديين التي تتم بإدخال النَّهد الصناعي داخل جوف الثدي بواسطة فتحة تحت الإبط أو فتحة في الطية الموجودة أسفل الثدي، وذلك إما لغرضٍ تجميلي تحسيني؛ على سبيل المثال: تكبير حجم الثدي أو غرض طبي ضروري؛ مثل حالات سرطان الثدي حيث تتم العملية لإعادة بناء الثدي بعد إزالته بسبب مرض السرطان؟ مع العلم بأن النسبة التقريبية للعمليات التحسينية لا تقل عن سبعين بالمائة من الحالات. وهل بيع وتسويق مثل هذه المنتجات يعدُّ مشروعًا؟
هناك منتجات أخرى تستخدم عن طريق الحقْنِ لتعديل حجم الشفتين والأنف والخدود والحواجب وإزالة التجاعيد عن باقي أجزاء الوجه بغرضٍ تجميلي، وأيضًا تستعمل في بعض حالات الحروق والعيوب الخلقية بغرض طبيٍّ. فما الحكم في المتاجرة فيها؟


ما حكم بيع الأدوية المرسومة بسعر قديم بسعرها الجديد؟ فهناك رجلٌ يملِك صيدلية، وفي ظلِّ ارتفاع الأسعار تُوَرَّدُ إليه الأدوية مُسَعَّرَةً بأسعارها الجديدة، ويوجد في الصيدلية أدويةٌ أخرى بأسعارها القديمة، فهل يجوز له بيع الأدوية المُسَعَّرَة بالسِّعر القديم بسِعر التوريد الجديد مِن باب توحيد سِعر الدواء؟ علمًا بأنه يسدد ثمن الدواء القديم لشركات الأدوية بالسِّعر القديم المنقوش عليه ولو كان السداد بعد تحرُّك الأسعار.


ما الحكم الشرعي للعقود الفورية مؤجلة التنفيذ لظرف طارئ بعد إبرامها وقبل تنفيذها؟ فنحنُ مكتب بيع قطع غيار سيارات، وتعاقدنا مع أحد الأشخاص على بيع صفقة بمواصفات محدَّدة بعد وصولها من الخارج، وتَمَّ الاتفاق على أن يدفع العميل كامل مبلغ الصفقة، على أن يتم التسليم الفعلي بعد شهرين، لكن فوجئنا بظروف استثنائية حالت دون وصول البضاعة في الوقت المحدد للتسليم، وقابل ذلك ارتفاع سعر الدولار مما أدى إلى زيادة أسعار مشمولات هذه الصفقة، بشكل يجعل تنفيذ هذا التعاقد غير مُجْدٍ اقتصاديًّا لنا، ونقع جراء ذلك في إرهاق مالي. فهل يجوز تعديل سعر هذا التعاقد نظرًا لهذا العارض الطارئ أو لا؟


ما حكم المطالبة بزيادة الثمن بعد إتمام البيع؟ حيث باعت أختي لشقيقي مساحةً من الأرض بعقد ابتدائي، وبعد فترة وجيزة تم عمل طريق رسمي بجوار هذه الأرض ومُدت خطوط الكهرباء فيه؛ مما أدى إلى ارتفاع قيمة الأرض. فهل من حق أختي أن تطالب بفرق الثمن؟


هل يجوز للمشتري أن يطلب من الشفيع ثمنًا زائدًا عما دفعه؟ حيث باع شخص شقته لشخص آخر، وعندما علم جاره بذلك أخبره أنه كان يرغب في شرائها توسعة على أولاده، فطلب من البائع أن يستردها، فأخبر المشتري برغبة الجار في أخذ الشقة لنفسه، فرفض إلا بإعطائها له بمبلغ أكبر من المبلغ الذي اشتراها به، فهل من حقِّ الجار أن يطلب أخذ الشقة لنفسه؟ وهل يحِقُّ للمشتري أن يطلب ثمنًا زائدًا عما دفعه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31