ما حكم الشرع في قيام ليلة العيدين؟ حيث ظهرت بعض الفتاوى التي تدَّعي أن تخصيص ليلة العيد بالقيام يُعَدُّ من البدعة المنهي عنها شرعًا.
يندب قيام ليلة العيد وإحياؤها بشتَّى أنواع العبادة؛ مِن الذكر وقراءة القرآن ونحوهما وذلك باتفاق الفقهاء؛ حيث نصُّوا على أنَّ ذلك مِن أعظم القربات وأجلِّ العبادات التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها ويغتنمها لإحياء قلبه وتزكية نفسه، والنصوص الشرعية والآثار المروية التي وردت في ذلك كثيرة، ولا يَقْدَح في فضل هذه الليلة وما يستحب فيها من القيام والقُرَب والطاعات ما يُثَار حولها من ادّعاءات المتشددين القائلين بأنّها بدعة؛ فإنّها مردودة بالأحاديث النبوية، والآثار المروية عن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم مِن الأئمة المجتهدين وأقوال فقهاء المذاهب المعتبرين وعملهم المستقِر الثابت، وَما تقرر في قواعد الشرع مِن أنَّ "مَنْ عَلِمَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ".
المحتويات
ورد الأمر الشرعي بالتذكير بأيام الله تعالى وما فيها من العبر والآيات والنعم والنفحات؛ فقال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ومن التذكير بأيام الله تعالى: قيام ليلة العيد وإحياؤها بجميع أنواع الطاعات والقربات؛ لينال قائمُها الثوابَ العظيم والأجرَ الجزيل، بالإضافة إلى ما في إحيائها مِن حياة للقلوب، وتزكية للنفوس، والأمان من سوء الخاتمة، والحيلولة دون شر العاقبة.
وقد ورد في مشروعية إحيائها وفضلها واستحباب قيامها جملةٌ من الأحاديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، والعديدُ مِن الآثار عن الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم مِن فقهاء الأمة المعتبرين، كما جرى على ذلك عملُ المسلمين سلفًا وخلفًا عبر الأعصار والأمصار من غير نكير ولا ادِّعاء أنَّ ذلك مِن البدعة المذمومة في الدين؛ فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ؛ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رواه ابن ماجه في "السنن"، وفي سنده: بقية بن الوليد؛ وهو ضعيف إلَّا أنَّ رِوَايَةُ بَقِيَّةَ عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ جَيِّدَةٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى؛ كما قال العلَّامة ابن مفلح [ت: 763هـ] في "الفروع" (2/ 408، ط. مؤسسة الرسالة).
وقال الحافظ شهاب الدين البوصيري [ت: 840هـ] في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه" (2/ 85، ط. دار العربية): [هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف؛ لتدليس بَقِيَّة وَرُوَاته ثِقَات، لَكِن لم ينْفَرد بِهِ بَقِيَّة عَن ثَوْر بن يزِيد.. فيَقْوَى بمجموعِ طُرُقِهِ] اهـ.
وعن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيْفٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «خَمْسُ لَيَالٍ لَا تُرَدُّ فِيهِنَّ الدَّعْوَةُ: أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةُ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ» رواه الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 408، ط. دار الفكر).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى؛ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رواه الطبراني في "المعجم الأوسط".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: سمعت النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «يَفْتَحُ اللهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ سَحًّا: الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةِ عَرَفَةَ إِلَى الْأَذَانِ» رواه ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" (1/ 242، ط. دار الراية)، ورواه الديلمي في "الفردوس" (5/ 274، ط. دار الكتب العلمية) بلفظ: «يَنْسَخُ اللهُ الْخَيْرَ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ نَسْخًا».
وعن كُرْدُوسٍ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» رواه ابن الأعرابي في "المعجم".
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِيَ الْأرْبَعَ وَجَبَتْ لَهُ الْجنَّةُ: لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ، وَلَيْلَةَ عَرَفَةَ، وَلَيْلَةَ النَّحْرِ، وَلَيْلَةَ الْفِطْرِ» رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (43/ 93)، وابن قدامة في "فضل يوم التروية وعرفة" (ص: 16، مخطوط)، والسُّهْرَوَرْدي في "مشيخته" (ص: 99، ط. مؤسسة الريان).
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ أَحْيَا أَرْبَعَ لَيَالٍ أَحْيَاهُ اللهُ مَا شَاءَ: لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ، وَلَيْلَةَ عَاشُورَاءَ، وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ؛ أَحْيَاهُ اللهُ مَا شَاءَ» رواه أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري اللخمي [ت: 476هـ] في "مشيخته" (ص: 127، ط. مكتبة الرشد).
والروايات في قيام ليلة العيدين كثيرة، حتى بلغت من الأهمية بمكانٍ أنْ أفرد لها الحفاظُ أبوابًا في كتب السنة والحديث؛ فساقوا أحاديثها ورواياتها، وأثبتوا بذلك فضلها ومكانتها، وحثُّوا على قيامها مع ما في بعض رواياتها من ضعف؛ لأنّها في جملتها يقوِّي بعضُها بعضًا.
فممَّن أفرد لها أبوابًا: الإمام محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن ماجه في "السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"المعرفة"، وأبو القاسم الأصبهاني المعروف بـ"قوام السنة" [ت: 535هـ] في "الترغيب والترهيب".
ومن المقرر عند أهل الحديث: أنّه قَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ؛ كما قال الإمام النووي في "الأربعين النووية" (ص: 42-43، ط. دار المنهاج)، ونقل ذلك عنه الحافظُ ابن حجر العسقلاني في "الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع" (ص: 71، ط. دار الكتب العلمية) مُقَرّرًا له.
وقد تقوَّتْ هذه الأحاديثُ أيضًا بالمأثور عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، والتابعين، والسلف الصالحين؛ قولًا وعملًا وحرصًا وحثًّا على اغتنام فضلها، والمداومة على إحيائها؛ ومن هؤلاء: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأبو الدرداء رضي الله عنهم، وعمر بن عبد العزيز، وخالد بن معدان، ومكحول، وعطاء الخرساني، وعبد الرحمن بن الأسود، والحسن بن عبيد الله، وعبد الله بن المبارك رحمهم الله أجمعين.
فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "يُعْجِبُنِي أَنْ يُفَرِّغَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ الأَضْحَى، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ"؛ كما في "التبصرة" للحافظ ابن الجوزي (2/ 20، ط. دار الكتب العلمية).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال: "خَمْسُ لَيَالٍ لَا تُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاء: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ" رواه عبد الرزاق في "المصنف".
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنّه قال: "مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لله لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ حِينَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ" رواه الإمام الشافعي في "الأم"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"شعب الإيمان" واللفظ له.
وعن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أنّه كتب لعامله على البصرة عدي بن أرطأة: "أن عَلَيْكَ بِأَرْبَعِ لَيَالٍ؛ فَإِنَّ اللهَ يُفْرِغُ فِيهِنَّ الرَّحْمَةَ إِفْرَاغًا: أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، ولَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى" رواه أبو القاسم الأصبهاني المعروف بـ"قوام السنة" في "الترغيب والترهيب"، والحافظ ابن الجوزي في "التبصرة" (2/ 20).
وعن خالد بن معدان أنّه قال: "خَمْسُ لَيَالٍ فِي السَّنَةِ مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهِنَّ رَجَاءَ ثَوَابِهِنَّ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِنَّ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجنَّةَ: أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبِ يَقُومُ لَيْلَهَا وَيَصُومُ نَهَارَهَا، وَلَيْلَةُ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةُ الْأَضْحَى، وَلَيْلَةُ عَاشُورَاءَ، وَلَيْلَةُ نِصْفِ شَعْبَانَ" رواه الخلَّال في "فضائل رجب" (ص: 75، ط. دار ابن حزم).
وعن مكحول -وهو إمام أهل الشام، ولم يكن في زمنه أبصرُ بالفتيا منه- قال: "مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْفِطْرِ أو لَيْلَةَ الْأَضْحَى لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ إذا مَاتَتِ الْقُلُوبُ" ذكره الدارقطني في "العلل" (12/ 269، ط. دار ابن الجوزي).
وعن عطاء الخراساني أنّه قال: "خَمْسُ لَيَالٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ: أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ يَقُومُهَا وَيُصْبِحُ صَائِمًا، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ يَقُومُهَا يُصْبِحُ صَائِمًا، وَلَيْلَةُ الْفِطْرِ يَقُومُهَا وَيُصْبِحُ مُفْطِرًا، وَلَيْلَةُ الْأَضْحَى يَقُومُهَا وَيُصْبِحُ مُفْطِرًا، وَلَيْلَةُ عَاشُورَاءَ يَقُومُهَا وَيُصْبِحُ صَائِمًا: كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ" رواه الشجري في "ترتيب الأمالي الخميسية".
وعن الحسن بن عبيد الله أنّه قال: "كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ يَقُومُ بِنَا لَيْلَةَ الْفِطْرِ" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، ورواه محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل"، وزاد فيه: "أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ لَهُمْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ بِأَرْبَعِينَ رَكْعَةً، وَيُوتِرُ بِسَبْعٍ".
وعن عبد الله بن المبارك أنّه قال: بلغني أنّه "مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ أَوِ الْعِيدَيْنِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ حِينَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ" رواه الحسين بن حرب في "البر والصلة"، ومثله: عن هارون بن عبيد الله الأسلمي؛ رواه محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل".
يضاف إلى ما سبق: أنَّ فقهاء المذاهب الفقهية المتبوعة قد نصُّوا على استحباب قيام ليلتي العيدين، وإحيائهما بكافة أنواع الطاعات والقربات بالذكر والصلاة والدعاء وقراءة القرآن والاستغفار ونحوها.
قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (2/ 28، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْيِيَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ؛ فَإِنَّ لَيْلَةُ الْعِيدِ جَامِعَةٌ لِأَنْوَاعِ الْفَضْلِ مِنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ] اهـ.
وقال العلَّامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 150، ط. المكتبة العصرية): [(و) نُدب (إحياء ليلة العيدين) الفطر والأضحى؛ لحديث: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ أَحْيَا قَلْبَهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ»، ويستحب الإكثار من الاستغفار بالأسحار] اهـ.
وقال الإمام ابن الحاج المالكي في "المدخل" (4/ 232، ط. دار التراث): [وقد كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقوم تلك الليلة كلها، وكذلك غيره، وقد استحبَّ العلماء ذلك في جميع الأقطار] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "الأذكار" (ص: 171، ط. دار الفكر): [يُستحبُّ إحياء ليلتي العيدين بذكر الله تعالى والصلاة وغيرهما من الطاعات؛ للحديث الوارد في ذلك] اهـ.
وقال أيضًا في "شرحه على صحيح مسلم" (8/ 71، ط. دار إحياء التراث العربي): [اتفقوا على استحباب إحياء ليلتي العيدين] اهـ.
وقال العلَّامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (2/ 407): [وقيل عنه: يستحب الاجتماع ليلتي العيدين للصلاة جماعةً إلى الفجر، ويستحب إحياء بين العشاءين؛ للخبر، قال جماعة: وليلتي العيدين] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ قيام ليلتي العيد؛ الفطر والأضحى، وإحياءهما بشتَّى أنواع العبادة؛ مِن الذكر وقراءة القرآن ونحوهما هو أمرٌ مرغَّبٌ فيه شرعًا ومندوبٌ إليه نصًّا، وقولًا وعملًا، وذلك باتفاق الفقهاء؛ حيث نصُّوا على أنَّ ذلك مِن أعظم القربات وأجلِّ العبادات التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها ويغتنمها؛ لإحياء قلبه وتزكية نفسه، وقد وردت النصوص الشرعية والآثار المروية في بيان فضلها والحث على اغتنام نفحاتها وما ينزل فيها من الخيرات، وأنها مِن الليالي التي اختصها اللهُ بالمِنَحِ والبركاتِ، ومزيدِ الفضلِ وتَنَزُّلِ الرحمات، واستجابة الدعاء وعُلُوِّ الدرجات في الحياة وبعد الممات، ولا يقدح في فضل هذه الليلة وما يستحب فيها من القيام والقُرَب والطاعات ما يُثَارُ حولها من ادعاءات المتشددين القائلين بأنها بدعة؛ فإنها مردودة بالأحاديث النبوية، والآثار المروية عن الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم مِن الأئمة المجتهدين، وأقوال فقهاء المذاهب المعتبرين وعملهم المستقِر الثابت، وَما تقرر في قواعد الشرع مِن أنَّ "مَنْ عَلِمَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ".
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاقتراض للأضحية؟ فالأضحية لها فضل عظيم، فهل إذا حضر وقتها ولم يكن معي مال كاف لها، هل يجوز لي أن أقترض من غيري لكي أقوم بها؟
زعم بعض الناس أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الاستراحة بين ركعات التراويح بدعة. فهل هذا الكلام صحيح؟
هناك من يدعي أنه لا يجوز تعظيم من انتسب إلى البيت النبوي الكريم؛ لأن تعظيمهم يؤدي إلى المغالاة فيهم، وأن الانتساب حاليًّا إلى الهاشميين محل نظر، وأنه بسبب بُعد النسب واختلاطه في القرون الماضية قد يدعي بعض الناس هذا الشرف بغير حق فيصدقهم الناس، وأنه كانت لهم مزية في العهد النبوي وما قَرُب منه، فكانوا لا يأخذون من الزكاة، أما الآن فقد ضعُفَت هذه المزية، وإنما هم كسائر الناس: إما مؤمن تقي أو فاجر شقي.
فهل لمن انتسب إلى آل البيت النبوي مزيّة على غيرهم من عامة المسلمين؟ وما هو الحق الواجب على غيرهم في التعامل معهم؟
ما حكم طلب دعاء العائدين من الحج، وتركهم صلاة الجماعة في المسجد بعض الأيام؟ فقد سافر بعض الناس في قريتي لأداء فريضة الحج، وبعد عودتهم إلى بلدهم، لم يحضر عدد منهم إلى صلاة الجماعة في المسجد مدة أسبوع أو يزيد، فذهبت أنا وأحد الأصدقاء إلى بيوتهم نسأل عنهم، فوجدناهم بخير حال، ولما سألناهم عن سبب عدم مجيئهم لصلاة الجماعة كان جوابهم أن عادة العائلة عندهم أن الحجاج عند رجوعهم من البقاع المقدسة إلى بلدانهم يلزمون بيوتهم أسبوعًا لا يخرجون؛ لأن الناس تنكب عليهم لطلب دعائهم، فهل هذا أمر جائز شرعًا؟
ما حكم الصلاة خارج المسجد عند امتلائه أمام الإمام؟ فمسجدنا صغير، مما يجعل بعض المصلين -المسبوقين خاصة- يصلُّون خارجه عند امتلائه أمام الإمام. فهل صلاتهم صحيحة؟ وهل صلاة من يأتي بعد تسليم الإمام ليأتَمَّ بالمسبوق منهم صحيحة؟
ما حكم المداومة على صلاة الضحى؟ فأنا أحافظ على أداء صلاة الضحى كلَّ يوم، وأخبرني صديقٌ بأنه قرأ في أحد الكتب أن المداومة على صلاة الضحى مكروهة، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُداوِم عليها.