ما حكم احتساب ما يدفعه المزكي الضامن لدين شخص من الزكاة الواجبة عليه في ماله المتبقي عنده؟ فهناك رجل ضَمِنَ آخرَ في دين عليه، ولم يسدد المدين هذا الدين وأفلس، فقام الضامن بسداده من ماله، وهو مبلغ 50 ألف جنيه، وللضامن مال آخر تجب فيه الزكاة، فهل يجوز له أن يحتسب مبلغ الـ50 ألف جنيه التي سدَّدها بطريقة الضمان للدائن من الزكاة التي تجب عليه في ماله الخاص؟
لا مانع شرعًا من أن يجعل الضامن المال الذي دَفَعَه عن المضمون من زكاة ماله بعد أن صار دَينًا له عليه بسداده للدائن، وذلك باعتبار أن المضمون عنه غارمٌ للضامن، لا من جهة تعلقه بالضمان للدائن الأول.
المحتويات
الزكاة ركنٌ مِن أركان الإسلام، والتي نظَّم الشرعُ الشريفُ كيفية أدائها وحدَّد مصارفها في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
والكفالة تعني الضمان، وتستعمل في اللغة بسبعة ألفاظٍ، منها: الحميل والزعيم والكفيل والضامن، يقال: حمل يحمل حمالةً فهو حميلٌ، وزعم يزعم زعامةً فهو زعيمٌ، وكفل يكفل كفالةً فهو كفيلٌ، وضَمِن يضمن ضمانًا فهو ضامنٌ، كما في "الذخيرة" للإمام القرافي المالكي (9/ 189، ط. دار الغرب الإسلامي).
وقد اختلفت عبارات الفقهاء في بيان حقيقتها الشرعية إلا أنَّه يمكن القول بأنها: ضم حقٍّ ثابتٍ في ذمة -المضمون عنه- إلى ذمةٍ أخرى -وهو الضامن- في المطالبة بهذا الحق الثابت -المضمون- في ذمة الأول، كما في "الهداية" للإمام المرغيناني الحنفي (3/ 87، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"مواهب الجليل" للإمام الحطاب المالكي (5/ 96، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني الشافعي (3/ 198، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (4/ 399، ط. مكتبة القاهرة).
ومن المقرر شرعًا أنَّ الكفيل أو الضامن غارمٌ لما ضَمِنَه إذا لم يؤدِّ المضمون عنه ما عليه من المضمون، حيث قال تعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: 72]، ﴿وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ أي: كفيل، كما في "مفاتيح الغيب" للإمام الفخر الرازي (18/ 487، ط. دار إحياء التراث العربي).
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الزَّعِيم غارمٌ» أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه في "السنن"، والكفيل مُلْزِمٌ نفسه ما ضمنه، والغُرْم أداء شيء يلزمه، كما في "شرح المشكاة" للإمام الطيبي (7/ 2195، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز).
الحكم الشرعي في مدى احتساب الضامن الدَّين الذي قضاه عن مكفوله أو مَن ضَمِنَه من الزكاة الواجبة عليه -كما هي مسألتنا- يتضح بالنظر إلى جهتي تعلقه: جهة الدائن، وجهة المدين، وهو الشخص المكفول.
فأما من جهة تعلقه بالدائن: فلا يجوز له شرعًا احتساب هذا الدَّين من الزكاة الواجبة عليه؛ لانشغال ذمة الضامن بالمال المضمون، فكلاهما مطالبٌ بسداده من المُقرِض شرعًا، فقد تقرر فقهًا أنَّ مَن كان له على آخر حقٌّ واجبٌ من مالٍ، فضمنه عنه ضامن ورضي المضمون له بذلك وكان الضامن غنيًّا يستطيع الوفاء بما ضَمِنَ، فإن ذلك جائزٌ، وللمضمون له أن يُطالِب الضامنَ بما ضَمِنَ له عند عدم الأداء من المدين -المضمون عنه-، وقد نقل الإمام ابن حزم الاتفاق على ذلك في "مراتب الإجماع" (ص: 62، ط. دار الكتب العلمية).
أما من جهة تعلقه بالمدين: فلا مانع من إسقاط هذا الدَّين عنه من مال الزكاة وإعفائه من سداده بعد تحقق شروط استحقاق الزكاة فيه؛ لدخوله تحت مصرف ﴿الْغَارِمِينَ﴾؛ فهو بمنزلة الدفع للغارم بجامع السبب لبراءة الذمة، على ما ذهب إليه الإمام أشهب من المالكية، والشافعية -في مقابل الصحيح-، وهو قول الإمامين عطاء بن أبي رباح، والحسن.
قال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (3/ 153، ط. دار الغرب الإسلامي): [لا يخرج في زكاته إسقاط دينه عن الفقير؛ لأنه مستهلك عند الفقير، قال سند: فإن فَعَل، فقال ابن القاسم: لا يجزئه. وقال أشهب: يجزئه بمنزلة الدفع للغارم بجامع السبب لبراءة الذمة] اهـ.
وأيَّد قول الإمام أشهب الإمامُ الحطابُ من المالكية إن عَلِم أنه لن يُزَكِّي، قال الإمام الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 214، ط. دار الفكر): [قال الحطاب: ثم إن عَلِم مِن حالِ مَن تجب عليه الزكاة أنه إذا لم يحسب ما على العديم من زكاته لم يُزَكِّ، فإنه ينبغي العمل بما قال أشهب؛ لأن إخراج الزكاة على قَوْلٍ أَحْسَنُ من لزومها على كلِّ قولٍ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 210، ط. دار الفكر): [إذا كان لرجلٍ على معسرٍ دَينٌ، فأراد أن يجعله عن زكاته، وقال له: جعلتُه عن زكاتي، فوجهان حكاهما صاحب "البيان"، أصحهما: لا يجزئه... والثاني: تجزئه، وهو مذهب الحسن البصري وعطاء] اهـ.
وقال الإمام القاسم بن سلام في "الأموال" (ص: 533، ط. دار الفكر): [عن عبد الواحد بن أيمن قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: لي على رجل دين، وهو معسر، أفأدعه له، وأحتسبه من زكاة مالي؟ فقال: نعم. وعن الحسن أنه كان لا يرى بذلك بأسًا إذا كان ذلك من قرضٍ] اهـ.
ووجه تغاير الحكم بين الجهتين -في عدم مشروعية احتساب المال المضمون من الزكاة في الجهة الأولى- أنَّ الزكاة من شروط صحتها النية، فحينما تخرج من الضامن في دفع الغرم المضمون عن المضمون عنه فإنها تخرج لأداء واجبٍ عليه وهو واجب الضمان وبراءة لذمته هو؛ لكونه مطالبًا بسداد المال للمُقرِض شرعًا، مثله في ذلك مثل المقترض سواء بسواء، كما أفاده القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص: 1231، ط. المكتبة التجارية)، بالإضافة إلى عدم تحقق معنى الزكاة شرعًا، وهو تمليك جزءٍ من المال إلى فقيرٍ بنيةٍ مقارنةٍ للأداء أو لعزل الواجب.
وهما منتفيان في الجهة الثانية، حيث تمحضت نية الزكاة عند الإسقاط؛ لأنه في ذلك بمنزلة الدفع للغارم وبراءة لذمته، كما أنَّ التمليك راجعٌ إليه مآلًا، كما "لو كانت له عنده وديعة، ودفعها عن الزكاة إليه فإنه لا فَرْقَ بين أن يقبضها منه، وبين أن يحتسبها من زكاته من غير إقباضٍ" كما قال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 425، ط. دار المنهاج).
بناء عليه وفي واقعة السؤال: فلا مانع شرعًا أن يجعل الضامن المال الذي دَفَعَه عن المضمون من زكاة ماله بعد أن صار دَينًا له عليه بسداده للدائن، وذلك من جهة اعتبار المضمون غارمًا للضامن، لا من جهة تعلقه بالضمان للدائن الأول.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يرجى إفادتنا بفتوى رسمية من دار الإفتاء المصرية بخصوص مشروعٍ لتوصيل المياه للقرى الفقيرة، وعمل آبار مياه ومحطات تنقية مياه للمناطق المعدومة التي بلا مياه وأحيانًا بلا ماء صالح للشرب.
هل التبرع للمشروع يجوز من زكاة المال؟ وهل يحسب كصدقة جارية؟ علمًا بأن الأسر التي تُوَصَّلُ المياه لها هي أسرٌ فقيرةٌ جدًّا وأحيانًا كثيرة تعجز عن توفير قوتها اليومي ولم يُسمح لهم بتوصيل المياه النظيفة لبيوتهم بسبب ضيق ذات اليد.
هل يمكن أن أقوم بدفع زكاة المال على أقساطٍ شهرية؟ علمًا بأنني كنت مقصِّرًا قبل هذا في إخراج الزكاة وقد تراكمت عليَّ سنواتٍ طويلة.
ما حكم أخذ الجهات الجامعة للزكاة والصدقات نسبة منها؟ فبعض الجهات القائمة على جمع أموال الزكاة والصدقات تشترط أخذ نسبة من الأموال الـمُتَحَصَّلة لديها؛ لرعايتها والقيام عليها، فهل هذا جائز شرعًا؟ وما مقدار هذه النسبة إن جاز لهم ذلك؟
هل على الطماطم زكاة؟
جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة مُشهَرة بمديرية التضامن الاجتماعي، ومجال عمل الجمعية يتلخص في رعاية الفئات الخاصة والمعاقين، وتقديم الخدمات الثقافية والعلمية والدِّينية.
وحيث إن الجمعية تهدف إلى ممارسة العديد من الأنشطة تتمثل في الآتي: إقامة مراكز التثقيف الفكري، وإقامة فصول تعليمية وتربوية وتدريسية، وإقامة معارض تعليمية وتسويقية بالاشتراك مع الجهات المعنية والتأهيل للاندماج في المجتمع، وتيسير رحلات الحج والعمرة للأعضاء، وإنشاء المكاتب التثقيفية والعلمية والدِّينية، وفتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم، وإقامة الندوات والمحاضرات الثقافية والعلمية والدِّينية، وتنظيم الرحلات الثقافية والعلمية للأعضاء، وإصدار مجلة أو نشرة تعبر عن أنشطة الجمعية.
فما مدى شرعية قبول الجمعية زكاةَ المال من أهل الخير للصرف منها على أطفال الجمعية وأنشطتها المذكورة؟
السؤال الأول: هل على أنواع المحاصيل الآتية زكاة: محاصيل الخضر، محاصيل الفاكهة، محاصيل اللب بأنواعه: اللب السوبر، لب القرع، لب الخشابي، لب دوار الشمس؟
السؤال الثاني: إذا كنتُ مستأجرًا لأرض وأقوم بزراعتها، فهل لي أن أخصم قيمة الإيجار من المحصول الناتج قبل إخراج الزكاة، أم أُخرج الزكاة من كامل المحصول دون خصم قيمة الإيجار؟
السؤال الثالث: أقوم باستثمار أموالي في المشاركة على الماشية -بقر كبير وجاموس كبير وكذلك عجل جاموس وبقر وجميع أنواع الماشية- وتكون المشاركة كالآتي:
أقوم بشراء الماشية من السوق وأعطيها للفلاح كطرف ثانٍ، حيث يقوم بجميع تكاليف التغذية والخدمة ويكون هو المستفيد الوحيد بإنتاجها من اللبن ولا أستفيد أنا إلا من نصف الربح من نتاجها كعجول أو عند بيعها، فآخذ نصف الربح الزائد على ثمنها الأصلي، وقد يدفع الطرف الثاني -الفلاح- قدرًا ولو ضئيلًا من ثمنها عند شرائي لهذه الماشية، وقد يكون الربع أو الثلث من ثمنها، أو قد لا يدفع شيئًا قط، وذلك هو الغالب. فهل في ذلك زكاة؟