ما مدى انقطاع تتابع الطواف بالذهاب للوضوء؟ فرجلٌ ذهب إلى الحج، وأثناء الطواف انتقض وضوؤه، فخرج مِن طوافه وتوضأ، ثم عاد فور الانتهاء مِن الوضوء فأكمل الشوط الذي خرج منه وبَقِيَّةَ الأشواط بعد ذلك، فهل طوافه صحيح شرعًا؟
إذا أحدث الطائف بعد إن طاف عدة أشواط ثم قَطَع الطواف ليتوضَّأ، ثم عاد مستكملًا مباشرةً الطوافَ مِن الموضِع الذي توقف عنده- فطوافه حينئذٍ صحيحٌ شرعًا، ولا إعادة عليه.
المحتويات
الطواف لغةً: الدوران حول الشيء، يقال: طاف بالشيء يطوف طوْفًا وطوافًا، أي: استدار به، والمطاف: موضِع الطواف؛ كما في "مقاييس اللغة" للعلامة ابن فارس (3/ 432، ط. دار الفكر)، و"المصباح المنير" للعلامة الفيومي (2/ 380، ط. المكتبة العلمية).
و"الطواف موضوعٌ لغةً لمعنًى معلوم لا شبهة فيه؛ وهو: الدوران حول البيت"؛ كما قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "الأصول" (1/ 138، ط. دار المعرفة).
وقد وَصَفَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الطواف بأنه صلاة؛ لبيان حُرمته ومكانته وعظيم فضله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَكِنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الدارمي والبيهقي في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، وابن الجارود في "المنتقى" واللفظ له، والحاكم في "المستدرك" وغيرهم، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "أَقِلُّوا الْكَلَامَ فِي الطَّوَافِ؛ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ" أخرجه الأئمة: النسائي والبيهقي في "السنن"، والفاكهي في "أخبار مكة".
الطواف وإن كان بهذا القدر مِن المكانة والعَظَمة والحُرمة والفضل، إلا "أنه ليس كالصلاة في الأحكام"؛ كما قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (4/ 48، ط. دار المعرفة).
ومِن ثَمَّ، فإذا أحدَث الطائفُ بعد أن طاف عدة أشواط، ثم خرج مِن طوافه فتوضأ، ثم عاد مباشرةً فبَنَى على ما طاف -كما هي مسألتنا-، فإن بناءَه على ما أدَّاه من الطواف قبل الوضوء صحيح، ويترتب على ذلك أن طوافه كلَّه صحيح شرعًا، ولا يَلزمه الإعادة؛ كما هو مذهب الحنفية، ورواية عن الإمام مالك نَقَلَها الإمام ابن حبيب، والشافعية، والحنابلة في أحد القولين.
قال علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 130، ط. دار الكتب العلمية): [لو خرج الطائفُ مِن طوافه لصلاةِ جنازةٍ أو مكتوبةٍ أو لتجديدِ وضوءٍ، ثم عاد، بَنَى على طوافه، ولا يلزمه الاستئناف] اهـ.
وقال العلامة علي بن خَلَف المُنُوفِي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 530، ط. دار الفكر، مع "حاشية الشيخ العدوي") في بيان شروط الطواف: [وأحدَث في أثنائه، تَطَهَّر وابتدأ، ولا يبني على المشهور] اهـ.
قال الشيخ العدوي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: ولا يبني على المشهور) أي: خلافًا لابن حبيبٍ، فقد نقل عن مالكٍ: أنه إذا أحدَث في الطواف فليتوضأ ويبني] اهـ.
وقال شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 69، ط. دار الفكر): [قال ابن حبيب عن مالك: إذا أحدث في الطواف فليتوضأ ويبني. قال ابن يونس: ورواية ابن حبيب هذه ضعيفة، وظاهر كلام ابن يونس: أن له أن يفعل ذلك ابتداءً على رواية ابن حبيب، وظاهر كلام ابن الحاجب: أن خلاف ابن حبيب إنما هو بعد الوقوع، وهذا هو الظاهر] اهـ.
وقال الإمام الشِّيرَازِي الشافعي في "المهذب" (1/ 408، ط. دار الكتب العلمية): [وإن أحدَث وهو في الطواف، تَوَضَّأَ وبَنَى؛ لأنه يجوز إفراد بعضه عن بعض، فإذا بطل ما صادفه الحدَث منه لَم يبطل الباقي، فجاز له البناء عليه] اهـ.
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 48- 49، ط. دار الفكر) بعد أن ذكر طُرُق أئمة المذهب في هذه المسألة: [فهذه طُرُق الأصحاب، وهي متقاربةٌ ومتفقةٌ على أن المذهبَ جوازُ البناء مطلقًا في العمد والسهو وقُرْب الزمان وطُوله] اهـ.
وقال الإمام إسحاق بن منصور الكَوْسَج في "مسائله عن الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه" (5/ 2329، ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة): [قلتُ: إذا أصابه شيءٌ في الطواف مما ينقض وضوءه، أَيَبْنِي أم يَستأنف؟ قال: يَبْنِي، قال إسحاق كما قال] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (3/ 357، ط. مكتبة القاهرة): [وإن سَبَقَهُ الحدث، ففيه روايتان.. والرواية الثانية: يتوضأ ويبني، وبها قال الشافعي وإسحاق، قال حنبل عن أحمد فيمن طاف ثلاثة أشواط أو أكثر: يتوضأ، فإن شاء بنى، وإن شاء استأنف، قال أبو عبد الله: يبني إذا لم يُحدِث حَدَثًا إلا الوضوء، فإن عَمِلَ عملًا غير ذلك استَقبَل الطواف؛ وذلك لأن الموالاة تَسقط عند العُذر في إحدى الروايتين، وهذا معذورٌ، فجاز البناء] اهـ.
وأما الموضِع الذي يَبني منه، فالمختار للفتوى: أنه يُكمِل طوافه مِن الموضِع الذي انتهى إليه قبل الذهاب إلى الوضوء ولو كان هذا الموضِع في أثناء الشوط، وهو مذهب الجمهور القائلين بجواز البناء في هذه الحالة، بخلاف الحنابلة حيث قالوا بوجوب البدء مِن أوَّل الشوط الذي قطعه في أثنائه. ينظر: "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (2/ 497، ط. دار الفكر)، و"حاشية العلامة الصاوي المالكي على الشرح الصغير" (2/ 47، ط. دار المعارف)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 49)، و"الإقناع" لشرف الدين أبي النَّجَا الحَجَّاوِي الحنبلي (1/ 382، ط. دار المعرفة).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن طوافَ الحاج المذكور -مع كونه قَطَع الطواف ليتوضَّأ بعد أن انتقض وضوؤه أثناء الطواف، مستكملًا بَعده مباشرةً الطوافَ مِن الموضِع الذي توقف عنده- صحيحٌ شرعًا، ولا حرج عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم أداء السعي للحائض؟ حيث توجد امرأة ذهبت لأداء العمرة، وبعد الانتهاء مِن الطواف وصلاة ركعَتَي سُنَّة الطواف، وقبل البدء في السعي داهمها الحيض، ولم تتمكن مِن انتظار الطهر؛ لأنَّ للسفر موعدًا محددًا، فأتمَّت سعيَها على هذه الحال، وتسأل: ما حكم سَعيها وعُمرتها؟ وهل يجب عليها شيء؟
ما حكم الصعود على جبلي الصفا والمروة في أداء المناسك في الحج والعمرة؟ وبيان القدر الواجب في السعي بين االصفا والمروة في كل شوط؟
ما حكم الإحرام لمن سافر إلى مكة ثم نوى أداء العمرة؟ فقد سافرت إلى مكة المكرمة لزيارة ابنتي، فدخلتها غير محرم؛ ثم بدى لي طالما أنني موجود في هذه الرحاب الطيبة، الذهاب غدًا لأداء العمرة، مع العلم أنني حين دخلتها لم أكن أقصد أداء العمرة، وإنما قصدت زيارة ابنتي، فهل دخولي إليها على هذه الحال يوجب علي دم؟ وهل يجوز لي الإحرام بالعمرة منها؟ أم أرجع إلى ميقات بلدي؟
هل يجوز للمرأة أن تسافر وحدها؛ حيث تريد ابنتي البكر التي تبلغ من العمر ثلاثين عامًا أن تسافر مع والدتها لأداء فريضة الحج، علمًا بأن السفرَ آمنٌ والصحبة آمنة؟
في ظل ما تقوم به المؤسسات المعنية بالوكالة عن الحجاج في ذبح هدايا التمتع والقران وتوزيعها على مستحقيها؛ فمتى يكون ذبح هذه الهدايا؟ علمًا بأنه يزداد في بعض الأحيان عدد الهدايا بكميات يتعذر معها استيفاء الذبح في يوم عيد الأضحى وأيام التشريق الثلاثة، رغم استمرار الذبح المتتابع للهدايا دون انقطاع؛ فهل يكون الذبح حينئذٍ واقعًا في وقته أداءً، أو يكون قضاءً؟
ما الحكم فيما لو أحرمتُ من المدينة متمتعًا، ثم جاءني المرض فخلعتُ ملابس الإحرام قبل أداء العمرة؟