ما واجبات الطواف؟ وما شروط صحته؟
واجبات الطواف منها ما هو متفق عليها عند جمهور الفقهاء: كالطهارة، وستر العورة، ومنها ما هو مختلف فيها وعدَّها بعض الفقهاء مِن الشروط ولا يقع الطواف صحيحًا بدونها، كالطواف بالبيت داخل المسجد سبعة أشواط تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي عنده مع جعل البيت عن يساره، وغير ذلك من الشروط.
المحتويات
الطواف بالكعبة المشرَّفة قربةٌ مشروعةٌ، وعبادةٌ لذاتها مقصودةٌ؛ قال الله تعالى في مُحْكَم التنزيل: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ طَافَ بِهَذَا البَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ، كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللهُ عَنْهُ خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً» أخرجه الإمامان: الترمذي في "سننه" وَحَسَّنَهُ واللفظ له، وأحمد في "مسنده".
والطواف هو الدَّوَرَان حول الكعبة المشرفة بصفةٍ مخصوصةٍ، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (4/ 44، ط. دار المعرفة)، و"العناية" لأكمل الدين البَابَرْتِي (3/ 50، ط. دار الفكر).
وفي الحج أنواعٌ للطوافِ، أهمها: طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع، وللعمرة طواف واحد يسمى طواف الفرض وطواف الركن. ينظر: "المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 11، ط. دار الفكر).
فأمَّا طواف القدوم: فهو أول ما يبدأ به المحرم عند دخول مكة؛ لما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: «أن أول شيء بدأ به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قدم مكة أنه توضأ، ثمَّ طاف بالبيت، ثم حج».
وأمَّا طواف الإفاضة: فهو المذكور في قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 50، ط. دار الكتب المصرية): [الطواف المذكور في هذه الآية هو: طواف الإفاضة الذي هو من واجبات الحج. قال الطبري: لا خلاف بين المتأولين في ذلك] اهـ.
وأمَّا طواف الوداع: فهو آخر ما يفعله المحرم قبل مغادرة مكة بعد الانتهاء من جميع المناسك.
فمحل طواف القدوم: أول قدوم مكة، ومحل طواف الإفاضة: بعد الوقوف بعرفة، ومحل طواف الوداع: عند إرادة السفر من مكة بعد قضاء المناسك. ينظر: "المجموع" للإمام النووي (8/ 12).
للطواف أمور واجبة في جميع أنواعه، من طواف قدوم وإفاضة ووداع في الحج، وطواف ركن في العمرة، وما يتحلل به المحرم في الفوات، وطواف نذر، وطواف تطوع، وهذه الأمور الواجبة منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، فأمَّا الأمور المتفق عليها عند كثير من الفقهاء: فهي الطهارة، وسَتْر العورة، كما عند الحنفية، والشافعية، والحنابلة في روايةٍ. يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (2/ 517، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (2/ 243، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر الخِرَقِي" (3/ 195- 196، ط. دار العبيكان).
وأمَّا الأمور الواجبة المختلف فيها فقد اعتبرها بعض الفقهاء من الشروط، وهي بحسب كل مذهب:
حيث ذهب الحنفيَّة إلى أَنَّ الواجب في الطواف ستة أشياء: المشي لـمَن يقدر عليه، وإتمام أشواط الطواف السبعة، والطهارة، وستر العورة، وفعل طواف الإفاضة أيام النحر، والتيامن.
قال العلَّامة المحقق ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 517، ط. دار الفكر): [وواجباته: المشي للقادر، والتيامن، وإتمام السبعة، والطهارة عن الحدث، وستر العورة، وفعله أيام النحر] اهـ.
ثمَّ ذكر الحنفيَّة شروطًا لصحة الطواف، منها: الإسلام، وتقديم الإحرام، والوقوف، والنية، وإتيان أكثره، والزمان: وهو يوم النحر وما بعده، والمكان: وهو حول البيت داخل المسجد، وكونه بنفسه ولو محمولًا، فلا تجوز النيابة إلَّا لمغمى عليه. يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (2/ 517).
وذهب المالكيَّة إلى أَنَّ الواجب في الطواف إيقاع ركعتين بعد الفراغ منه، وابتداء الطواف من الحجر الأسود، والمشي للقادر عليه، وزاد أبو الوليد ابن رشد: كون جميع بدنه خارج البيت.
قال الإمام أبو البركات الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (2/ 43-48، ط. دار المعارف): [(ووجب للطواف مطلقًا) -واجبًا أو نفلًا- (ركعتان) بعد الفراغ منه... (ووجب) للطواف (ابتداؤه من الحجر) الأسود، (و) وجب له (مشي لقادر) عليه] اهـ.
وقال العلَّامة أبو عبد الله المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 98، ط. دار الكتب العلمية): [عَدَّ ابن رشد من واجبات الطواف: أن يكون جميع بدنه خارج البيت فلا يمشي على شَاذَرْوَانِهِ، ولا في داخل مَحُوطِ الحجر؛ فإن بعضه من البيت] اهـ.
ثمَّ ذكر المالكيَّة شروطًا لصحة الطواف، منها: الطهارة، وستر العورة، وجعل البيت عن يساره، وخروج كل البدن عن الشاذَرْوان وعن الحِجْرِ، وكونه سبعة أشواط داخل المسجد متواليًا. يُنظر: "الشرح الصغير" للشيخ الدردير (2/ 43- 47).
وذهب الشافعيَّة إلى أنَّ الواجب في الطواف ثمانية أشياء، منها: ستر العورة، والطهارة من الحدث والنجس في البدن والثوب والمطاف -وهو موضع الطواف-، وأن يجعل البيت عن يساره، وأن يطوف سبعًا، وكون الطواف داخل المسجد، وأن يبتدئ بالحجر الأسود، ونية الطواف، وعدم صرف الطواف لغيره كطلب غريم. يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (2/ 243، ط. دار الكتب العلمية).
أمَّا شروط صحة الطواف عند الحنابلة: فالطهارة من الحدث والخبث، واستلام الحجر وتقبيله، وأَن يجعل البيت عن يساره، ويطوف سبعًا، وأن يكون طوافه خارجًا عن الحِجْر. يُنظر: "الروض المربع" للبُهُوتِي (270-271، ط. دار المؤيد).
بناءً على ما سبق: فإن واجبات الطواف منها ما هو متفق عليها عند جمهور الفقهاء: كالطهارة، وستر العورة، ومنها ما هو مختلف فيها وعدَّها بعض الفقهاء مِن الشروط ولا يقع الطواف صحيحًا بدونها، كالطواف بالبيت داخل المسجد سبعة أشواط تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي عنده مع جعل البيت عن يساره، وغير ذلك من الشروط.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي السنة التي فَرض الله تعالى فيها فريضة الحج؟ فأنا كنت أتكلم مع أخي؛ فقال لي: إن الحج فُرض في السنة العاشرة من الهجرة؛ أي: في السنة التي حج فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقلت له: بل فُرض قبل ذلك؛ وجرى نقاشٌ بيننا في ذلك، وأريد أن أعرف الرأي الصحيح في هذا الأمر؟
ما حكم الاستدانة للحج وزيارة المدينة؟ فقد حججت بيت الله تعالى وأخذت في طريقي لذلك من أخي خمسمائة ريال سعودي، ولم أردها حتى الآن، ولم أذهب إلى المدينة المشرفة على ساكنها الصلاة والسلام، وقد توفي أخي، فهل حجي صحيحٌ؟ وكيف أردُّ دَيْن أخي؟
هل الأولوية للشباب الزواج أم الحج؟ حيث يوجد رجل عزم على الزواج في عام والحج في العام التالي، ولم يتمّ الزواج في العام المتفق عليه لظروف ما، وأتى عام الحج. ويسأل: هل الأَوْلى الزواج، أو أداء فريضة الحج في الوقت المحدد له، وتأجيل الزواج إلى العام المقبل؟
هل للعمرة أوقات معينة؟ وما الأوقات المستحبة لها؟
ما حكم مَن وقف بعرفة قبل الزوال فقط؟ وهل يجوز للحجاج أن ينفروا من عرفة قبل المغرب؟ وما حكم مَن وقف بها جزءًا من ليلة النحر فقط؟ وهل يجوز شرعًا أن تكون نفرة الحجيج من عرفات على مراحل لتتم النفرة في سهولة ويسر لهذه الأعداد الغفيرة المتزايدة؟ وهل هذا يعتبر تغييرًا لمناسك الحج؟
ما حكم حج الرجل عن أخته المريضة؟ فأختي تبلغ من العمر 61 سنة، والحركة عسيرةٌ عليها، على الرغم مِن قيامها بحاجاتها، وأداؤها للمناسك فيه مشقةٌ كبيرةٌ عليها، فهل لها أن تُنِيبَني في حَجَّةِ الفريضة عنها؟