الفرق بين لفظي الصوم والصيام وما يترتب على ذلك من أحكام

تاريخ الفتوى: 07 أبريل 2024 م
رقم الفتوى: 8340
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
الفرق بين لفظي الصوم والصيام وما يترتب على ذلك من أحكام

هل هناك فرق في الاستعمال الشرعي بين لفظي الصوم والصيام؟ وهل يترتب على الفرق بينهما أيُّ أحكام شرعية؟

لا يوجد فرق في الاستعمال الشرعي بين لفظي الصوم والصيام في المعنى، أي: أنهما يدلان على نفس المعنى وهو الإمساك المخصوص المعهود شرعًا، وما دام لا يوجد فارق بين اللفظين، فلا يُتصور تَرَتُّبُ أيِّ أحكام شرعية على أحدهما عند إطلاقه لا تترتب على الآخر؛ لأنهما مستويان في الدلالة على معنى واحد وهو المذكور، ولا توجد دلالة شرعية زائدة يدل عليها أحدهما دون الآخر.

المحتويات

 

أقوال علماء اللغة في الفرق بين لفظي الصوم والصيام 

مادة الصاد والواو والميم (صوم) تدل في اللغة على أصلٍ واحدٍ وهو الإمساك، وفي خصوص الفرق في المعنى بين لفظي "الصوم" و"الصيام"، فأهل اللغة على فريقين، فريق يرى أن ماهية هذا المعنى مفترقة في اللفظين، وفريق آخر يرى أن مدلول اللفظين واحدٌ، استنادًا إلى أنه قد جاء التعبير بلفظ "الصيام" في سبع آيات من آيات القرآن الكريم، أما لفظ "الصوم" فإنه لم يرد إلا مرَّة واحدة، وهو قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: 26].

ولذا، فيكون لأهل اللغة في وجود فارق بين ما يدل عليه كِلَا اللفظين قولان:

القول الأول: أنه يوجد فرق بين الصيام والصوم، فالصيام هو الإمساك عن المفطرات مع النية، والصوم هو الإمساك عن المفطرات وعن الكلام أيضًا، وهو ما عبَّر عنه الإمام أبو هلال العسكري في "معجم الفروق اللغوية" (ص: 325، ط. مؤسسة النشر الإسلامي) بقوله: [الفرق بين الصيام والصوم: قد يفرق بينهما بأن الصيام هو الكف عن المفطرات مع النية، ويرشد إليه قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

والصوم: هو الكف عن المفطرات والكلام، كما كان في الشرائع السابقة، وإليه يشير قوله تعالى مخاطبًا مريم عليها السلام: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: 26]] اهـ.

والقول الثاني: أنه لا يوجد فرق بين الصيام والصوم في اللغة، وأن كِلَا اللفظين بمعنى واحدٍ.

قال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (12/ 350، ط. دار صادر) وهو يبين معنى كلمة "صوم": [الصوم: ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام، صام يصوم صومًا وصيامًا واصطام] اهـ، فلم يفرق بين أحدٍ منها، وقد ذكر هذا كثير من علماء وأئمة اللغة، ومنهم الإمام الفيومي في "المصباح المنير" (1/ 352، ط. المكتبة العلمية).

الفرق بين لفظي الصوم والصيام عند العلماء والفقهاء 

أما في استعمال العلماء والفقهاء فلم يجعلوا فارقًا بين هذين اللفظين، أي أنهم يستعملون اللفظين للدلالة على نفس المعنى وهو الصيام المعهود، سواء صوم رمضان أو صيام غيره كالنوافل، أو صيام الكفارات أو غير ذلك، بل إن بعضهم قد نصَّ صراحة على عدم وجود فارق بين هذين اللفظين.

قال الإمام بدر الدين العيني في "شرح سنن أبي داود" (2/ 450، ط. مكتبة الرشد): [والصيام والصَّوم واحد وهو الإمساك لغةً، وشرعًا: إمساك عن المُفطرات] اهـ.

وهو ما بحثه العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 370، ط. دار الفكر) بقوله: [(قوله: لما في "الظهيرية"... إلخ) وجه الاستشهاد أن هذا الفرع يدل على أن الصيام جمع أقله ثلاثة أيام كما في الآية، فإن فدية اليمين صوم ثلاثة أيام، فكان التعبير به أولى لدلالته على التعدد، فإن الترجمة لأنواع الصيام الثلاثة، أعني الفرض والواجب والنفل.. حاصل كلام الشارح أن الصوم اسم جنس له أنواع وهي الثلاثة المذكورة، فحيث عبر عنه بالصوم أو الصيام يراد منه أنواعه المترجم لها لا ثلاثة أيام فأكثر، قال في "المغرب": يقال: صام صومًا وصيامًا فهو صائم وهم صوم وصيام اهـ. فأفاد أن مدلول كلٍّ من الصوم والصيام واحدٌ، ولا دلالة في واحدٍ منهما على التعدد؛ ولذا قال القاضي في تفسير قوله تعالى: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ﴾ [البقرة: 196] أنه بيان لجنس الفدية، وأما قدرها فبينه عليه الصلاة والسلام في حديث كعب. اهـ. نعم يأتي الصيام جمعًا لصائم كما علمته لكن لا تصح إرادته هنا ولا في الآية كما لا يخفى، ولو سُلِّم أن الصيام جمع لأفراد الصوم فلا أولوية في العدول إليه؛ لأن أل الجنسية تبطل معنى الجمعية فيتساوى التعبير بالصوم وبالصيام، هذا تقرير كلام الشارح على وفق ما في "النهر" فافهم] اهـ.

كما أن النصوص الشرعية الدالَّة على وجوب صيام شهر رمضان جاءت تارة بلفظ الصيام كما في قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وجاءت تارة أخرى بلفظ الصوم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه، فاستعملت الشريعة اللفظين للدلالة على نفس المعنى، أي: لإيجاب نفس الفريضة، مما يؤكد ما قرره العلماء لفظًا واستعمالًا من انتفاء الفارق بين اللفظين.

وقد جرت عادة العلماء على استعمال اللفظين عند الحديث عن شهر رمضان، أي أنهم لم يفرقوا بينهما في إطلاق ذلك على الشهر الكريم، فيقولون: صيام شهر رمضان، كما يقولون: صوم شهر رمضان، وقد نص الإمام الزمخشري على ذلك، حيث قال في "أساس البلاغة" (1/ 565، ط. دار الكتب العلمية): [(ص و م): هو شهر الصوم والصيام ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ أي: فليصم فيه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه لا يوجد فرق في الاستعمال الشرعي بين لفظي الصوم والصيام في المعنى، أي: أنهما يدلان على نفس المعنى وهو الإمساك المخصوص المعهود شرعًا، وما دام لا يوجد فارق بين اللفظين، فلا يُتصور تَرَتُّبُ أيِّ أحكام شرعية على أحدهما عند إطلاقه لا تترتب على الآخر؛ لأنهما مستويان في الدلالة على معنى واحد وهو المذكور، ولا توجد دلالة شرعية زائدة يدل عليها أحدهما دون الآخر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

لماذا تصرّون على أن قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ الآية [النساء: 11] من القطعيات التي لا يجوز أن تخالف، مع أن المجتهدين اختلفوا في كثير من نصوص الميراث بل في بقية الآية الكريمة؟ فماذا تقولون في ذلك؟


ما هو توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب؟ فأنا أسكن في برج يتجاوز عدد طوابقه 150 طابقًا، ويختلف موعد شروق الشمس وغروبها نسبيًّا بين الطابق السفلي والطابق العلوي، مما يجعلني في حيرة من أمر الإمساك والإفطار؛ فما توقيت الإمساك والإفطار بالنسبة لي؟


سائل يقول: تنتشر بين الناس مقولة شهيرة، وهي: "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه"؛ فهل لهذه المقولة أصلٌ في الشرع الشريف؟


ما حكم الدم النازل على المرأة الكبيرة بعد انقطاع الحيض عنها؟ وهل يمنع من الصلاة والصيام؟ فقد تجاوزت سني السادسة والخمسين سنة، وقد انقطع عني دم الحيض منذ عام، ولكن فوجئت منذ أيام بنزول الدم مرة أخرى بنفس ألوان دم الحيض المعروفة لمدة خمسة أيام، فما حكم ذلك شرعًا؟ وهل يعتبر دم حيض يمنع من الصلاة والصيام؟


ما حكم التلفيق بين مذهبين في بعض مسائل الطهارة؟ حيث جاء في حاشية العلامة السفطي المالكي ‏على الشرح المسمى بـ"الجواهر الزكية ‏على ألفاظ العشماوية" للشيخ أحمد بن ‏تركي المالكي في باب فرائض ‏الوضوء ما نصه: "واعلم أنهم ذكروا ‏للتقليد شروطًا.." إلى أن قال: ‏‏"الثالث: أنه لا يلفق في العبادة، أما إن ‏لفق كأن ترك المالكي الدلك مقلدًا ‏لمذهب الشافعي، ولا يبسمل مقلدًا ‏لمذهب مالك، فلا يجوز؛ لأن الصلاة ‏حينئذٍ يمنعها الشافعي؛ لفقد البسملة، ‏ويمنعها مالك؛ لفقد الدلك"، ثم قال بعد ‏ذلك: "وما ذكروه من اشتراط عدم ‏التلفيق رده سيدي محمد الصغير ‏وقال: المعتمد أنه لا يشترط ذلك، ‏وحينئذ فيجوز مسح بعض الرأس ‏على مذهب الشافعي، وفعل الصلاة ‏على مذهب المالكية، وكذا الصورة ‏المتقدمة ونحوها وهو سعة ودين الله ‏يسر".‏ فهل لو اغتسل غسلًا واجبًا أو توضأ ‏وضوءًا واجبًا من ماءٍ قليلٍ مستعمل ‏في رفع حدث مقلدًا لمذهب مالك ‏وترك الدلك مقلدًا لمذهب الشافعي ‏يكون غسله أو وضوؤه صحيحًا مثل ‏الصورتين المتقدمتين؟ وهل يجوز التلفيق في قضية ‏واحدة بين مذهبين في غسل واجب أو ‏وضوء واجب؟


ما حكم إنشاء مدارس داخل المساجد؟ حيث طالعت عبر وسائل التواصل الحديثة دعوى أحد الأفراد بإنشاء مدارس نظامية داخل المساجد يكون عملها في غير أوقات الصلاة، فما مدى مشروعية ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 50
العصر
4:19
المغرب
6 : 59
العشاء
8 :17