هل تحصل المرأة الكبيرة في السن التي لا تحفظ كثيرًا من القرآن، ولا تستطيع القراءة من المصحف، على ثواب الاستماع للقرآن الكريم من المذياع ونحوه؟
قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته كلاهما من أفضل العبادات، وأكدت نصوص الشرع فضلهما وثوابهما، وينبغي على المسلم الجمع بين وجوه الخير، فيقرأ تارة ويستمع تارة أخرى، فإذا لم يستطع القراءة، وكان قادرًا على الاستماع بأن يلقي سمعه، ويحضر قلبه بما يتحقق معه الفهم والتدبر -فلا شك أنه محمودٌ مأجورٌ بإتيانه ما يقدر عليه من ذلك، ومعذورٌ بما عجز عنه، ويتحقق الاستماع لتلاوة القرآن بالكريم بكل ما هو متاح على حسب الطاقة، سواء كان بسماع من يقرأه مباشرة، أو بواسطة مذياع أو تلفاز أو هاتف ونحو ذلك، وبه يحصُل الثواب الموعود.
المحتويات
قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته كلاهما عبادة من أفضل العبادات، والسنة النبوية عامرة بالنصوص المؤكِّدة لفضلهما وثوابهما: ففي خصوص قراءته جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي.
وفي خصوص الاستماع إليه جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كانت لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد.
وقد حث الله تعالى عباده المؤمنين على الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فالله عز وجل أرشد المؤمنين به المصدقين بكتابه إلى أن يصغوا وينصتوا إلى القرآن إذا قرئ عليهم؛ ليتفهموه ويعقلوه ويعتبروا بمواعظه؛ إذ يكون ذلك سبيلًا لرحمة الله تعالى بهم.
قال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (10/ 658، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: ﴿وَإِذَا قُرِئَ﴾ عليكم أيها المؤمنون، ﴿الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه] اهـ.
وقال الإمام الليث: [يُقال: ما الرحمة إلى أحدٍ بأسرع منها إلى مستمع القرآن؛ لقول الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و"لعل" من الله واجبةٌ] اهـ. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (9/1، ط. دار الكتب المصرية).
كان النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يحب أن يستمع لتلاوة القرآن من غيره، وهذا مما يؤكِّد سنية الاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن الكريم واستحبابه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: قال لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» معنى استماعه القرآن من غيره -والله أعلم- ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسُه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي حديث ابن مسعود هذا فوائد، منها: استحباب استماع القراءة والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم] اهـ.
قد كان هذا حال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين مع القرآن؛ فكانوا إذا اجتمعوا أمروا رجلًا منهم أن يقرأ وهم ينصتون إليه، وهو أيضًا حال التابعين ثم مَنْ بعدهم مِن العلماء والصالحين والمتعبدين.
فعن أبي نضرة قال: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اجْتَمَعُوا تَذَاكَرُوا الْعِلْمَ وَقَرَءُوا سُورَةً» أخرجه الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع". وينظر: "التبيان في آداب حملة القرآن" للإمام النووي الشافعي (ص: 113، ط. دار ابن حزم)، و"مجموع الفتاوى" للشيخ ابن تيمية الحنبلي (11/ 626، ط. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف).
مما ينبغي على المسلم اتباعه أن يجمع بين كل ذلك الخير، فيقرأ تارة ويستمع تارة أخرى؛ إذ التلاوة تشمل الاستماع إلى قراءة نفسه، وتزيد على ذلك لتشمل النظر في المصحف الشريف إن كانت القراءة منه، وتحريك اللسان بكلام الله تعالى، وفي جميع الأحوال ينبغي الحرص على أن يكون قلبه أقرب للخشوع والتدبر والفهم لآيات القرآن الكريم.
فإذا لم يستطع قراءة القرآن الكريم، وكان قادرًا على السماع بأن يلقي سمعه، ويحضر قلبه بما يتحقق معه الفهم والتدبر، فلا شك أنه محمودٌ مأجورٌ بإتيانه ما يقدر عليه من ذلك، وهو معذورٌ فيما عجز عنه، ولا ينبغي أن يكون ما عجز عنه عذرًا أو وسيلة لترك ما يقدر عليه من الخير، فما يمكن له الإتيان به سواء كان واجبًا أو مستحبًا لا يسقط عنه لأجل ما عجز عنه؛ لأن "الميسور لا يسقط بالمعسور"، كما هو مقررٌ في القواعد، قال الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16]، ومن قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه البخاري. يُنظر: "الأشباه والنظائر" للإمام تاج الدين السبكي (1/ 155، ط. دار الكتب العلمية).
ويحصل الاستماع لتلاوة القرآن الكريم بكل ما هو متاح على حسب الطاقة، سواء كان بسماع من يقرأه مباشرة، أو بواسطة مذياع أو تلفاز أو هاتف ونحو ذلك.
بناءً عليه وفي واقعة السؤال: فقراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته كلاهما عبادة من أفضل العبادات، جاءت نصوص الشرع مؤكدة لفضلهما وثوابهما، وينبغي على المسلم أن يجمع بين وجوه الخير، فيقرأ تارة ويستمع تارة أخرى، فإذا لم يستطع قراءة القرآن الكريم، وكان قادرًا على الاستماع بأن يلقي سمعه، ويحضر قلبه بما يتحقق معه الفهم والتدبر -فلا شك أنه محمودٌ مأجورٌ بإتيانه ما يقدر عليه من ذلك، ومعذورٌ بما عجز عنه، ويتحقق الاستماع لتلاوة القرآن الكريم بكل ما هو متاح على حسب الطاقة، سواء كان بسماع من يقرأه مباشرة، أو بواسطة مذياع أو تلفاز أو هاتف ونحو ذلك، وبه يحصُل الثواب الموعود.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم دراسة فنيات الصوت والأداء لتلاوة القرآن؟ فأنا أحيط سيادتكم علمًا بأنني سوف أتقدم للحصول على درجة الماجستير في موضوع بعنوان: (أسلوب الشيخ محمد رفعت في تلاوة القرآن الكريم باستخدام المقامات العربية) وتتلخص أهداف البحث في الآتي:
1- التعرف على مجال الدراسات الخاصة بفن التلاوة (التجويد والقراءات) وأعلام فن التلاوة.
2- التعرف على أسلوب الشيخ محمد رفعت وطريقته في استخدام المقامات العربية.
3- التعرف على أسلوب الشيخ محمد رفعت في تصوير معاني الآيات القرآنية باستخدام المقامات العربية والفنون الصوتية المختلفة. ولمزيد من الإيضاح سوف تقوم الدراسة على أداء الشيخ رفعت من ناحية الصوت البشري، وإمكانية استخدام الصوت، وموضوعيته الفنية من خلال مخارج الألفاظ، ومدى تمكّنه من أساليب التجويد والقراءات، والتسميات المقامية لما يؤديه، والتحويلات النغمية.. وغير ذلك من الفنون الصوتية والموسيقية الموجودة داخل القراءة، والتي تدل دلالة قاطعة على تداخل الفن الموسيقي داخل القراءة.
ومن الجدير بالذكر أنه لن يتم تدوين هذه الآيات موسيقيًّا.
ولذا نرجو من سيادتكم توضيح رأي الدين في هذا الموضوع، وهل يجوز الخوض فيه ودراسته دراسة تحليلية، أم لا يجوز؟ وذلك بإصدار فتوى رسمية بهذا الموضوع.
ملحوظة: مرفق بالطلب نسخة طبق الأصل من الخطة المقدمة من الباحثة في هذا الموضوع.
ما حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت والدعاء له؟ فبعض الناس عندما يتوفى لهم أحد من الأسرة، يقومون بدعوة الناس لقراءة القرآن الكريم في منزله، ويختمون قراءته كله، ثم يدعون ويهبون ثواب هذه القراءة للمتوفى، ويشفعون له بالمغفرة من الله تعالى، ولكن بعض الناس يعترضون على هذا العمل ويقولون إنه بدعة وحرام؛ علمًا بأن هذا العمل يزداد وينتشر يومًا بعد يوم، فما رأي الدين في هذا؟
هل الدعاء للميت بعد دفنه يكون سرًّا؟ أم يجوز الجهر به؟ حيث كثر الخلاف بين الناس في هذا الأمر.
ما حكم قراءة القرآن حال لُبس الحذاء؟ فإني أرى كثيرًا من الناس يقرؤون آيات من القرآن الكريم في الطرقات والمواصلات العامة وساحات الانتظار ونحو ذلك وهم يلبسون أحذيتهم، فهل تجوز قراءة القرآن الكريم حال لُبس الحذاء مع ما قد يَعلَق به من أوساخ في هذه الحال؟
ما حكم طباعة المصحف الشريف بحروف اللغة الإنجليزية ليتمكَّن الناطقون بها من النطق بالقرآن الكريم؟
هل يجوز شرعًا إلقاء السلام من الرجال على النساء؟ وهل يختلف الحكم بين الجماعة أو الانفراد؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.