حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام قبل لبسها

تاريخ الفتوى: 13 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8638
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الحج والعمرة
حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام قبل لبسها

ما حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام قبل لبسها؟ فقد عزم رجل على أداء العمرة هذا العام، وبدأ في إجراءات السفر، وقد علم أن تطييب البدن قبل الإحرام مندوب، ويريد أن يعرف الحكم في تطييب ملابس الإحرام قبل لبسها.

يجوز لمريد النسك أن يُطيِّب ملابسه التي يُحرِم فيها قبل إحرامه، وله استدامة لُبسها مدة الإحرام، فإن نزعها لم يجز له إعادة لبسها مرةً ثانيةً ما دام أثر الطِّيب لا يزال باقيًا فيها.

المحتويات

 

بيان فضل متابعة العمرة إلى العمرة

شرَع الله تعالى العمرة، ورتَّب عليها أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلًا، وبيَّنَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ في متابعة العمرة إلى العمرة تكفيرًا للذنوب والسيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» متفق عليه.

حكم وضع الطيب على البدن قبل الإحرام

يستحبُّ للمحرم بالعمرة أن يطيِّب بدنه قبل الإحرام؛ لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» متفق عليه.

وتطييب أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين إحرامه يدل على أن التطيب عند الإحرام مستحبٌّ، كما في "شرح صحيح الإمام مسلم" للإمام النَّوَوِي (8/ 98، ط. دار إحياء التراث العربي).

وهو ما عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (2/ 144، ط. دار الكتب العلمية)، و"روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي الشافعي (3/ 70، ط. المكتب الإسلامي)، و"الفروع" للإمام شمس الدين بن مُفْلِح الحنبلي (5/ 324، ط. مؤسسة الرسالة).

حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام قبل لبسها

من المقرَّر أن التطيُّب الذي لا يبقى أثره جائز قبل الإحرام متى زال الأثر قبل الشروع في الإحرام، واختلف الفقهاء في جواز تطيُّب مريد النسك الثوبَ الذي يُحرِمُ فيه قبل إحرامه تطيُّبًا يبقى أثره، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية، والشافعية في وجهٍ، والإمام أبو بكر الآجُرِّي من الحنابلة إلى عدم الجواز.

واستدلوا على ذلك بعموم ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ، وَلَا الْخُفَّيْنِ، إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا، حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ» متفق عليه.

قال الإمام برهان الدين الجَعْبَرِي في "رسوخ الأحبار" (ص: 373، ط. مؤسسة الكتب الثقافية): [وهذا يدل على أنَّه يَحرُم على المُحرِم استصحابُ جِرْمِ الطِّيب السابق والإحرام بعده] اهـ.

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْلَالِهِ، وَطَيَّبْتُهُ لِإِحْرَامِهِ طِيبًا لَا يُشْبِهُ طِيبَكُمْ هَذَا» تَعْنِي: لَيْسَ لَهُ بَقَاءٌ. أخرجه الإمام النسائي.

فقد دلَّ الحديث على أن تطييب أم المؤمنين السيدة عائشة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان بما لا يبقى أثر رائحته بعد الإحرام، وفي الثوب يبقى الأثر طويلًا، فلا يدخل تطييب الثوب في عموم الحديث. ينظر: "شرح الإمام الزَّرْكَشِي على مختصر الإمام الخِرَقِي" (3/ 77، ط. مكتبة العبيكان).

كما أنَّ المُحرِم قد يحتاج إلى نزع الثوب الذي طيَّبه قبل إحرامه، فإذا أعاد لُبسه يكون كأنه قد ابتدأ لبس ثوب مطيَّب، وهو محظور. ينظر: "الوسيط" للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغَزَالِي (2/ 635، ط. دار السلام).

قال الإمام زين الدين بن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 345، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: وتطيب) أي: يُسنُّ له استعمال الطيب في بدنه قبيل الإحرام.. وقيَّدنا بالبدن؛ إذ لا يجوز التطيب في الثوب بما تبقى عينه] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 153، ط. دار الفكر): [قال في "المدونة": وسئل ابن القاسم عن الرجل يُحرِمُ في ثوب يجد فيه ريح المسك والطِّيب، قال: سألتُ مالكًا عن الرجل يكون في تابوته المسك، فيكون فيه ملحفةٌ، فيخرجها ليُحرِم فيها وقد علق فيها ريح المسك، قال: يغسلها أو ينشرها حتى يذهب ريحه، قال سند -بعد أن ذكر الخلاف في التطيُّب عند الإحرام..- ما نصُّه: أمَّا ثوب المُحرِم إذا علق به ريح طِيب، أو تبخر بعنبر وند وشبههما، فلا يلبسه المُحرِم] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 71): [في تطييب إزار الإحرام وردائه وجهان، وقيل: قولان.. الثاني: التحريم] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 530، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وليس له لبس ثوب مطيَّب)... وقال الآجُرِّي: يَحرُم] اهـ.

بينما ذهب الشافعية في الأصح والحنابلة في قول إلى أنَّ الثوب كالبدن، يجوز تطييبه قبل الإحرام، وله استدامة لُبسه مُدَّة إحرامه، فإن نَزَعه لم يجز له أن يعيد لُبسه.

واحتجوا للجواز: بقياس تطييب الثوب قبل الإحرام على جواز تطييب البدن قبله؛ لوقوع الفعل في كلٍّ منهما قبل الإحرام. ينظر: "البيان" للإمام أبي الحسين العِمْرَانِي (4/ 125، ط. دار المنهاج).

قال إمام الحرمين أبو المَعَالِي الجُوَيْنِي في "نهاية المطلب" (4/ 218، ط. دار المنهاج): [ولو طيَّب المُحرِم قبل الإحرام إزارَه، أو رداءَه، وتوشّح أو اتَّزر، ثم أَحرَم، فحاصل ما قيل فيه ثلاثة أوجه... والأصح أنَّه لا يمتنع تطييب الثوب... ولو عطَّر ثوبه وجوَّزنا ذلك على الأصح، ثم نزعه ومحاه، ثم عاد إليه ولَبِسَه، وهو بعدُ عَطِرٌ، ففي المسألة وجهان: أحدهما: المنع؛ فإن اللبس الجديد بعد الإحرام في حكم إنشاء تطيُّب] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين بن مُفْلِح الحنبلي في "الفروع" (5/ 325): [المذهب: يكره تطييب ثوبه.. وقيل: هو كبدنه، وهو أصح قولي الشافعي، وإن نقله من بدنه من مكان إلى آخر، أو نقله عنه ثم ردَّه، أو مسَّه بيده، أو نزعه ثم لَبِسَه، فَدَى] اهـ.

وذهب الحنابلة في المعتمد إلى أن تطييب الثوب مكروه.

قال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 530، ط. دار إحياء التراث العربي): [الصحيح من المذهب: كراهة تطييب ثوبه، وعليه أكثر الأصحاب] اهـ.

وللشافعية وجه ثالث، وهو جواز التطيُّب في الثوب بما لا يبقى له جِرْمٌ، وعدم الجواز بغيره.

قال الإمام النَّوَوِي في "المجموع" (7/ 218، ط. دار الفكر) عند ذكره أوجه الأصحاب في حكم تطييب المُحرِم ثوبَه قبل الإحرام: [(والثالث) يجوز بما لا يبقى له جِرْم، ولا يجوز بغيره] اهـ.

ما عليه الفتوى في حكم وضع الطيب على ملابس الإحرام قبل لبسها

الذي عليه الفتوى: هو جواز تطييب المُحرِم ثوبه قبل الإحرام، مع مراعاة عدم إعادة لُبسه فيما لو نزعه حال إحرامه، وبقي فيه أثر الطيب، فقد قرر الفقهاء أنه "يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام جلال الدين السُّيُوطِي (ص: 283، ط. دار الكتب العلمية).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّه يجوز لمريد النسك أن يُطيِّب ملابسه التي يُحرِم فيها قبل إحرامه، وله استدامة لُبسها مدة الإحرام، فإن نزعها لم يجز له إعادة لبسها مرةً ثانيةً ما دام أثر الطِّيب لا يزال باقيًا فيها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجب على المسلم أن يغتسل قبل إحرامه بالحج أو العمرة؟


أود أن أسأل عن موضوع تقصير الشعر للمرأة المحجبة، وهو ليس تشبيها بالرجال، وإنما يعطي شكلًا جماليًّا.


هل يجبُ الحجُّ بمجرد وجود الاستطاعة، أم يجوزُ التأجيل؟ وما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟


نرجو منكم بيان عدد الجمرات في كل يوم من أيام التشريق؟


ما حكم لبس قبعة المظلة الشمسية المثبتة على الرأس للمحرم؟ فقد ذهب رجل لأداء فريضة الحج، واشتد عليه حرُّ الشمس، ولم يجد ما يحتمي به غير ما أعطاه له صديقه من قبعةِ المظلَّة الشمسيَّة القابلة للطَّي، والتي تثبت على الرأس بشريط مطاط، وتبقى مرتفعةً عن الرأس غير ملامسةٍ له، فاستعملها خلال أداء المناسك، فهل ما فعله يوجب عليه الفدية؟


ما الحكم لو مسَّ المُحْرِمُ شيئًا من الطّيب الموجود على الكعبة المشرفة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 مايو 2025 م
الفجر
4 :11
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 51
العشاء
9 :23