ما حكم حج مريض الزهايمر؟ فوالدي رجل مسنٌّ ويعاني من مرض ألزهايمر، فهل تسقط عنه فريضة الحج أو أنه مطالبٌ بها؟ أفيدوني.
مريض ألزهايمر يمر بمراحل ثلاث، تظهر فيها الأعراض بشكل تدريجي، وهي وإن اشتركت في معنى النسيان والتِّيه ونقص الإدراك، إلَّا أنها تتفاوت في درجة المرض ومراتب الإدراك والقدرة على التحكم في الذات.
فإن كان والدك المريض من أصحاب المرحلة الأولى من المرض التي يستطيع معها إنجاز كثير من مهامه وواجباته ومتطلباته، ومنها العبادات البدنية، كالصلاة ونحوها، فإنه يجب عليه أداء الحج، بشرط القدرة والاستطاعة، ويجوز له أن يستخدم بجانب العلاج بعض الوسائل المُعينة له على التذكر وإتمام العبادات، وإن كان من أصحاب المرحلة الثانية والثالثة والتي يضطرب فيها إدراكُهُ ويختلُّ فِعْلُهُ، فلا يجب عليه أداء الحج، فإذا برئ وجبت عليه حينئذ الفريضة متى توفرت الاستطاعة.
المحتويات
الحج شعيرة إسلامية تشتمل على عبادات متعددة، منها: البدنية، كالطواف والسعي والصلاة والصيام، ومنها: المالية، كالنفقة والفدية والهدي، ومنها: القولية، كالتلبية والذكر والدعاء، وقد أناط الله تعالى هذه العبادات بالاستطاعة وجعلها شرطًا لوجوبه؛ فقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا». فقال رجلٌ: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثم قال: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شيء فَدَعُوهُ» متفق عليه، واللفظ لمسلم.
والاستطاعة التي هي شرطٌ لوجوب الحج أمرٌ عامٌّ، قد يتعلق بالمكلف في زاده وراحلته، وحله وترحاله، وقد يتعلق به من حيث التكليف، وهو سلامة الأسباب والآلات، ومن جملتها: الصحة التي تتضمن زوال الموانع البدنية والعقلية، من مرضٍ، أو جنونٍ، أو نحو ذلك. يُنظَر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (2/ 121، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل شرح مختصر خليل" للعلامة الحطَّاب المالكي (2/ 490، ط. دار الفكر)، و"أسنى المطالب في شرح روض الطالب" للشيخ زكريا الأنصاري الشافعي (1/ 444، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الإقناع في فقه الإمام أحمد" للإمام الحجاوي الحنبلي (1/ 339، ط. دار المعرفة).
إذا طرأ على العقل مرضٌ أو عرَضٌ أفسد أثره وعطَّل فعله، بحيثُ سبَّب له خللًا في أداء وظائفه الأساسية، كان لذلك أشد الأثر في سلب الأهلية وتغير الأحكام، قال العلامة شمس الدين الفناري في "فصول البدائع" (1/ 323، ط. دار الكتب العلمية): [الصغر: عارضٌ على أهلية وجوب الأداء؛ لأنها شأن العقل والبلوغ، بخلافهما، وكالجنون، والعَتَه، والنسيان، والإغماء، فإنها أمراض لخصوصياتها أثرٌ في سلب الأهلية أو تغيير كثير من الأحكام] اهـ.
وعوارض الأهلية: يدور معناها حول صلاحية الإنسان للوجوب والتكليف، فهي عبارة عن خصال أو آفات لها تأثير في الأحكام بالتغيير أو الإعدام، وهي تنقسم إلى: أهلية وجوب، وأهلية أداء.
أما أهلية الوجوب: فهي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه معًا، أو له فقط، ويعبَّر عنها "بأهلية الشخص للإلزام والالتزام".
وأما أهلية الأداء: فهي صلاحية الإنسان لكون ما يصدر عنه معتبرًا شرعًا، فهي صفة تجعل المرء أهلًا للإيجاب والقبول والإنشاء وغيرها من الأعمال التي اشترط الشرعُ العقلَ لاعتبارها، ويتوقف على تلك الأهلية اعتبار التصرفات سواء كانت قولية أو فعلية، وهذه الأهلية قد يطرأ عليها ما يؤثِّر بالنقص أو الزوال، كالجنون، والعته، والنسيان، والنوم، والإغماء، والجهل، والسكر، والخطأ، والإكراه، ونحو ذلك.
وهذه العوارض هي حالة من حالات ذهاب المحل، فإذا طرأ للعقل عارض أَثَّر على إدراكه بالنقصان أو الزوال: انعدم محل الحكم؛ لذلك رفع الشرع عن مريض العقل التكليفَ وأسقط عنه الخطاب.
فعن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» أخرجه الأئمة: أبو داود والنسائي والدارقطني في "سننهم"، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم في "المستدرك"، وصححه.
قال أبو داود: رواه ابنُ جُريجٍ عن القاسم بن يزيد، عن عليٍّ رضي الله عنه، زادَ فيه: «والخَرِفِ».
وفي روايةٍ: «وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ» أخرجه أبو داود في "السنن"، والطيالسي وأحمد وأبو يعلى والشاشي في "مسانيدهم"، من حديث عليِّ بن أبي طالب وعائشة رضي الله عنهما.
وفي رواية: «وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَعْقِلَ» أخرجه أحمد في "مسنده" من طريق أبي ظبيان.
وفي رواية: «وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يُفِيقَ» أخرجه ابن الجارود في "المنتقى"، وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، من حديث عائشة رضي الله عنها.
وفي رواية: «وَعَنِ المُصَابِ حَتَّى يُكشَف عَنهُ» أخرجه أحمد في "مسنده"، من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وصحح إسنادَه ابن الجزري في "مناقب الأسد الغالب".
فذكرت الروايات جملة من الأمراض العقلية التي يمكن أن ترتفع معها الأهلية عن المكلف، وهي معان متقاربة، يجمعها غلبة العقل.
قال الشيخ تقي الدين السبكي في "إبراز الحكم" (ص: 98، ط. دار البشائر): [وهذه الألفاظ كلها متقاربة أو متوافقة، والمجنون والمعتوه واحد هنا، وإن كان اللغويون أطلقوا أن المعتوه: الناقص العقل، والمراد بنقص العقل: نقصانه عن أهلية الخطاب، وذلك هو الجنون] اهـ.
قد نص العلماء على أن قدر العقل المقتضي للتكليف هو ما يستطيعُ معه صاحبه أن يُميِّز بين الحَسَنِ والقبيح، وبين المنافع والمضار، والكمال والنقصان، فمن كان هذا وصفه: حُكم عليه بأنه عاقل مُكَلَّف، فإن انتفى عنه هذا المقتضي انتفت صفة التكليف في حقه؛ فلا يُحكمُ على صاحبه بأنه مكلَّف. ينظر: "مفاتيح الغيب" للإمام الرازي (2/ 422، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"البحر المحيط" للإمام الزركشي (2/ 63، ط. دار الكتبي).
وكون مريض العقل مغلوبًا على عقله لا يستلزم زوال عقله بالكلية، بل إن عقله حاصلٌ، غير أنه عرضَ له ما أفسده وعطَّل أثره؛ ولذلك كان من شروط التكليف فهم الخِطاب:
قال الإمام نجم الدين الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (1/ 180، ط. مؤسسة الرسالة): [من شروط المكلف: العقل، وفهم الخطاب، أي: يكون عاقلا يفهم الخطاب، ولا بد منهما جميعًا؛ إذ لا يلزم من العقل فهم الخطاب، لجواز أن يكون عاقلًا لا يفهم الخطاب، كالصبي، والناسي، والسكران، والمغمى عليه، فإنهم في حكم العقلاء مطلقًا، أو من بعض الوجوه، وهما لا يفهمان] اهـ.
والخِصال الواردة في الأحاديث وإن تعددت صُوَرُها إلَّا أنها ترجع إلى ثلاثة أوصاف لا يتعلق بأصحابها الخطاب التكليفي، قال الإمام السبكي في "إبراز الحكم" (ص: 97-98): [والمعنى واحد، وهم ثلاثة في كل رواية... ولا يفوت الحصر بذلك إذا نظرنا إلى المعنى، فهم في الصورة خمسة: الصبي، والنائم، والمغمى عليه، والمجنون، والخَرِف، وفي المعنى ثلاثة] اهـ.
ويدخل في معنى هذه الخصال غيرها، كدخول المُغمى عليه في معنى النائم، والخرف والعته في الجنون، بل قِيس على المجنون كلُّ من زال عقله بسبب يُعذَرُ فيه، سواء قلّ زمنه أو طال:
قال العلامة ابن الرفعة في "كفاية النبيه في شرح التنبيه" (2/ 299، ط. دار الكتب العلمية): [من زال عقله بجنونٍ أو مرضٍ لا تجب عليه (أي: الصلاة) أيضًا، أما الجنون: فللخبر، وأما من زال عقله بمرضٍ، كالمغمى عليه، والمبرسم، ونحوهما: فلأنه في معناه؛ فألحق به] اهـ.
وقال الإمام السبكي في "إبراز الحكم" (ص: 98): [وأما سقوط التكليف عن الخَرِف الذي زال عقله: فلا شك فيه، وإن كان الحديث الوارد فيه منقطعًا؛ لأنَّ القاسم لم يدرك عليًّا، لكنه في معنى المجنون، كما أن المغمى عليه في معنى النائم] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 314، ط. دار الكتب العلمية): [فورد النص في المجنون، وقيس عليه كل من زال عقله بسبب يعذر فيه، وسواء قلَّ زمن ذلك أو طال] اهـ.
و"المغلوب على عقله عامٌّ بين السَّكران، والمجنون، والنائم، والمريض الذي زال عقلُهُ بالمرض، والمُغْمَى عليه، كما قال الإمام مظهر الدين المظهري في "المفاتيح في شرح المصابيح" (4/ 103، ط. دار النوادر).
مرض ألزهايمر -كما أفاد المختصون- وصف يجمع تحته مراتب متفاوتة، فهو في الأصل عبارة عن ضمور في خلايا المخ يؤدي إلى انخفاضٍ في الذاكرة والقدرات العقلية، ينتج عنه انخفاضٌ مستمرٌّ في التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية، وهذا المرض هو أشْيَعُ أسباب الخَرَف؛ حيث يساهم في حدوث 60% إلى 70% من حالات الخَرف؛ إذ الخرفُ يحدث بسبب مجموعة مختلفة من الأمراض والإصابات التي تلحق بالدماغ، كألزهايمر، والسكتة الدماغية، والخَرَف الوعائي، والخَرَف الجبهي أو الصدغي، والخَرَف المصحوب بأجسام ليوي، ويتم التمييز بينها عن طريق فحص وظائف الدماغ، كاختبارات الوظائف الإدراكية، والأشعة، ونحو ذلك، ومن الممكن أن يُصاب الإنسان بمزيج منها في آنٍ واحد.
ومرض ألزهايمر يمر بثلاث مراحل تظهر فيها الأعراض بشكل تدريجي:
المرحلة الأولى: تقل فيها حيوية المريض، وتضعف ذاكرته، فتظهر فيها بعض أعراض النسيان، ويقلُّ عنده إدراك الوقت، وتحدثُ له حالة من التوهان واللامُبالاة لما يحدث حوله.
والمرحلة الوسطى: يكثر فيها نسيان الأحداث والأسماء الحديثة، والتِّيه في الأماكن المألوفة حتى في البيت، وتغيُّر السلوك، وتراجع القدرة على الفهم مما يؤدي إلى صعوبة التواصل مع الغير، وطرح الأسئلة المتكرِّرة، والتوقف في أواسط الكلام، وعدم إتمام العبارات، وفي هذه المرحلة يحتاج المريض إلى درجة كبيرة من المساعدة والاعتناء به.
والمرحلة المتقدمة: ويتم فيها اعتماد المُصاب بشكل كلي على الغير، ويصاحبه انعدامٌ في النشاط، واضطرابٌ شديد في إدراك الزمان والمكان، وصعوبة بالغة في التعرُّف على الأقرباء والأصدقاء، والحاجة المُلحَّة إلى المساعدة في الاعتناء بالذات، مع صعوبة المشي، وتغيُّر السلوك الذي قد يتفاقم ليصبح عدوانيًّا.
وهذا المرض وإن كان يُصيب المُسنِّينَ بالدرجة الأولى، ويُفقدهم استقلاليتهم، إلَّا أنه لا يُعَدُّ جزءًا طبَعيًّا من الشيخوخة وطول العمر.
وبالرغم من أنَّ المراحلَ الثلاثة تشترك في معنى النسيان والتِّيه ونقص الإدراك، إلَّا أنَّ هذه المراحل تتفاوت فيما بينها من حيثُ درجة المرض ومراتب الإدراك والقدرة على التحكم في الذات.
فالمرحلةُ الأولى: قد يستطيع معها المريض إنجاز كثير من مهامه وواجباته ومتطلباته، ومنها العبادات البدنية، كالصلاة والصيام والحج ونحوها، فإذا استطاع المريض القيام بأداء العبادة: وجب عليه أداؤها؛ بناءً على القاعدة الشرعية: "الميسور لا يسقط بالمعسور"، وهي "من أشهر القواعد المستنبطة من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»"، كما يقول التاج السبكي في "الأشباه والنظائر" (1/ 155، ط. دار الكتب العلمية)، وقد يستخدم المصاب بجانب العلاج والأدوية بعض الوسائل المُعينة له على التذكر وإتمام العبادات.
أما المرحلتان الثانية والثالثة: فيغلب فيها المرض على عقلِ المُصاب؛ فيضطرب إدراكُهُ ويختلُّ فِعْلُهُ، وهي بذلك تُعَدُّ درجة من درجات زوال العقل، فيُلحق فيهما المريض بالمغلوب على عقله، فيرفع عنه التكليف، أي: أنَّه لا يُطالب بشيء من العبادات؛ لحديث سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه السابق، على أنَّ أقل ما يزول به العقل ويحصل له خلط أن يكون بحالة تنافي العلم بتوجيه الأمر إليه، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه فيما نقله عنه صاحب "البيان" (2/ 12، ط. دار المنهاج): [أقل زوال العقل: أن يكون مختلطًا، فيعزب عنه الشيء وإن قلَّ، ثم يثوب إليه عقله] اهـ.
فكلُّ حالة تنافي العلم بتوجيه الخِطاب تنافي تحقيق التكليف؛ لأن من شرط تعلق الخطاب إمكانَ فهمه، قال إمام الحرمين الجويني في "التلخيص في أصول الفقه" (1/ 135، ط. دار البشائر): [ما صار إليه المحققون: خروج النائم، والمجنون، والمغلوب على عقله، والسكران الخارج عن حد التمييز عن قضية التكليف، والجملة في ذلك: أن كل حالة تنافي العلم بتوجيه الأمر تنافي تحقيق التكليف] اهـ.
يدخل ضمن رفع التكليف عن مريض ألزهايمر في الحالتين الثانية والثالثة: الحج؛ فقد نصَّ جماهير العلماء على أن مريض العقل لا تلزمه العبادات إلَّا إذا أفاق، وحكمه في ذلك حكم الصبي الذي لم يبلغ، تقع منه العبادة تطوعًا، بل هو أشدُّ حالًا من الصبي ومنها فريضة الحج.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 120، ط. دار الكتب العلمية): [وأما شرائط فرضيته فنوعان: نوعٌ يعم الرجال والنساء، ونوع يخص النساء، أما الذي يعمُّ الرجال والنساء فمنها: البلوغ، ومنها العقل، فلا حج على الصبي والمجنون؛ لأنه لا خطاب عليهما، فلا يلزمهما الحجُّ حتى لو حجَّا، ثم بلغ الصبي وأفاق المجنون: فعليهما حجة الإسلام] اهـ.
وقال في (2/ 125): [المجنون ليس من أهل العبادة أصلًا] اهـ.
وقال العلامة برهان الدين بن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 481، ط. دار الكتب العلمية): [إن كان يعقل الأداء بنفسه أي الصبي- يقضي المناسك كلها، يفعل مثل ما يفعله البالغ... ولو تركه لا يعاقب عليه... فهو الجواب في المجنون؛ لأن المجنون أشد حالًا من الصبي] اهـ.
وقال الشيخ أبو الحسن علي بن خلف المنوفي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 517- مع "حاشية العدوي"-، ط. دار الفكر) عند ذكره شروط وجوب الحج: [والخامس... هو العقل، وهو وما قبله شرطا وجوب، فلو حج غير المكلف أو العبد صح حجه ولا يسقط عنه حجة الإسلام] اهـ.
قال الشيخ العدوي محشيًا عليه: [(قوله: وهو العقل)، فلا يجب الحج على غير العاقل... (قوله: غير المكلف)، أي: من صبي ومجنون أي لا مغمى عليه] اهـ.
وقال الشيخ الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 251، ط. دار الفكر): [(وشرائط وجوب الحج)، أي: والعمرة: (سبعة)، بل ثمانية كما ستعرفه... الثاني والثالث: (البلوغ والعقل)، فلا يجبان على صبي ولا مجنون؛ لعدم تكليفهما كسائر العبادات] اهـ.
وقال العلامة برهان الدين ابن مفلح الحنبلي في "المبدع في شرح المقنع" (3/ 81، ط. دار الكتب العلمية) عند ذكره لشروط وجوب الحج: [(الإسلام، والعقل) هما شرطان للصحة والوجوب، (فلا يجب على كافر) أصلي... (ولا مجنون)؛ للخبر، ولعدم صحته، وقصد الفعل شرط، (ولا يصح منهما)؛ لأن كلًّا من الحج والعمرة عبادة من شرطها النية، وهي لا تصح منهما] اهـ.
بل نقل بعض العلماء الإجماع على أنه لا يجب الحج على المريض الذي فقد عقله؛ لسقوط التكليف عنه. يُنظَر: "المجموع" للإمام النووي (7/ 20، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للإمام المرداوي (8/ 12، ط. هجر)؛ وذلك لأنه فاقدٌ للعقل الذي هو تمام الأهلية، وهو آلة الفهم ووسيلة الإدراك.
بناء على ما سبق وفي السؤال: فإنَّ مريض ألزهايمر يمر بمراحل ثلاث، تظهر فيها الأعراض بشكل تدريجي، وهي وإن اشتركت في معنى النسيان والتِّيه ونقص الإدراك، إلَّا أنها تتفاوت في درجة المرض ومراتب الإدراك والقدرة على التحكم في الذات.
فإن كان والدك المريض من أصحاب المرحلة الأولى من المرض، فإنه يجب عليه أداء الحج، بشرط القدرة والاستطاعة، ويجوز له أن يستخدم بجانب العلاج بعض الوسائل المُعينة له على التذكر وإتمام العبادات، وإن كان من أصحاب المرحلة الثانية والثالثة والتي يضطرب فيها إدراكُهُ ويختلُّ فِعْلُهُ، فلا يجب عليه أداء الحج، فإذا برئ وجبت عليه حينئذ الفريضة متى توفرت الاستطاعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
كيف يكون الإحرام وأداء العمرة مع وجود جرح في باطن القدم يدمي عند المشي ولا يجف بسبب الإصابة بالسكري والسيولة في الدم؟
نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في المبيت بالمزدلفة، وهل يجب بتركه شيء؟ وما مقدار الوقت الذي يتحقق به المبيت؟ وهل يجوز للحاج أن يدفع منها إلى منى قبل منتصف الليل؟
تقول السائلة: هل يجوز لي السفر للحج أو العمرة بصحبة ابن زوجي، وهل يُعَدّ مَحرَمًا لي؟
هل يجوز الإحرام بالعمرة على العمرة؟ فقد أحرمتُ بعمرة وقبل أن أُتِمَّ مناسكها أحرمتُ بعمرةٍ أخرى عليها، فهل أكون مُحْرِمًا بعمرتين، أم إحداهما تكون لغوًا؟
هل يجب على الرجل تحمُّل تكاليف حج زوجته؟
ما حكم السفر للحج بدون محرم حيث إن عمري الآن تجاوز 52 سنة. فهل يحق لي الذهاب إلى الحج من دون محرم؟