حكم تقبيل يد الوالدين والعلماء والصالحين

تاريخ الفتوى: 18 أغسطس 2025 م
رقم الفتوى: 8734
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: آداب وأخلاق
حكم تقبيل يد الوالدين والعلماء والصالحين

ما حكم تقبيل يد العلماء، والصالحين، والوالدين، وكبار السن، والمشايخ، والأجداد؟

يُسنُّ تقبيل يد العلماء والصالحين والوالدين وكبار السن والمشايخ والأجداد، جاءت بذلك السنة التقريرية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبفعل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع بعضهم البعض.

المحتويات

 

حكم توقير العلماء والصالحين وكبار السن

جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الخصال، وقال: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والبخاري في "الأدب المفرد"، والحاكم في "المستدرك"، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي رواية البَزَّار في "المسند": «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ»، وفي حديث آخر: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي بِتَمَامِ مكارمِ الْأَخْلَاقِ، وكَمَالِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ» أخرجه الطَّبَرَانِي في "الأوسط" و"مكارم الأخلاق"، والبَيْهَقِي في "شُعَب الإيمان" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعًا.

ومن جملة هذه المكارم أن يُوقر الإنسان مَن يَكْبُرُه سنًّا أو علمًا أو منزلةً توقيرًا يناسب قدره ومنزلته؛ فعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ» أخرجه الشاشي في "المسند" والطَّبَرَانِي في "مكارم الأخلاق"، وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» رواه الترمذي، والبخاري في "الأدب المفرد" من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

قال العلامة زين الدين المَنَاوي في "فيض القدير" (5/ 388، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [الواو بمعنى أو؛ فالتحذير من كل منهما وحده؛ فيتعين أن يعامل كلًّا منهما بما يليق به؛ فيعطي الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه، ويعطي الكبير حقه من الشرف والتوقير] اهـ.

من مظاهر توقير العلماء والصالحين وكبار السن

من أجلِّ مظاهر التوقير تقبيل يد العلماء، والصالحين، والوالدين، وكبار السن، والمشايخ، والأجداد، ونحوهم من ذوي المنزلة الدينية أو النَّسَبية، وهو من الآداب المندوبة التي جاءت بسُنِّيَّتها نصوص السنة النبوية المطهرة، فقد كان الصحابة يُقبِّلون يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورجله ولم ينهَ أحدًا منهم عن ذلك، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت وهي تتحدث عن السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها: «وَكَانَتْ هِيَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَتْ إِلَيْهِ مُسْتَقْبِلَةً وَقَبَّلَتْ يَدَهُ» رواه الطَّبَرَانِي في "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

وعن زَارِعٍ العبدي رضي الله عنه وكان في وفد عبد القيس أنه قال: «لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا، فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ» رواه أبو داود والبَيْهَقِي.

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: «قَبَّلْنَا يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه ابن ماجه، وابن أبي شَيْبَة في "مصنفه".

ولم يكن هذا مخصوصًا به عليه الصلاة والسلام، فالصحابة كانوا يفعلونه مع بعضهم؛ لأنهم يرون أن تقبيل يد صاحب المنزلة وما شابه سُنة حسنة، فعن تميم بن سَلَمَةَ: "أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَبَّلَ يَدَ عُمَرَ" رواه البيهقي وابن أبي شيبة في "مصنفه" وغيرهم، وزاد البَيْهَقِي: فَكَانَ تميم يَقُولُ: "تَقْبِيلُ الْيَدِ سُنَّةٌ".

أقوال الفقهاء في استحباب تقبيل يد العلماء والصالحين

قد تواردت نصوص الفقهاء على جواز ذلك واستحبابه.

قال العلامة ابن مَوْدُود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (4/ 157، ط. مطبعة الحلبي): [قال: (ولا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان العادل)؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقبلون أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن سفيان بن عُيَيْنَة أنه قال: تقبيل يد العالم والسلطان العادل سُنة، فقام عبد الله بن المبارك وقبَّل رأسه] اهـ.

وذكر الإمام أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" -بحاشية العدوي- (2/ 476، ط. دار الفكر) قولَ ابن بطَّال: [إنما يُكره تقبيل يد الظَّلَمة والجبابرة، وأما يد الأب والرجل الصالح ومن تُرجى بركته فجائز] اهـ.

وقال العلامة العدوي محشِّيًا عليه: [(قوله: ومن ترجى بركته) عطف تفسير، وقوله: فجائز أراد أنه مأذون فيه، فلا ينافي ندبه لما فيه من زيادة البر للوالد ورجاء البركة من الصالح، وقد قال سيدي زَرُّوق: وعمل الناس على الجواز لمن يجوز التواضع منه ويطلب إبراره. اهـ] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 636، ط. دار الفكر): [يُستحب تقبيل يد الرجل الصالح والزاهد والعالم ونحوهم من أهل الآخرة] اهـ.

وقال العلامة البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 157، ط. عالم الكتب) بعد إيراد بعض أحاديث الباب: [فيباح تقبيل اليد والرأس تدينًا وإكرامًا واحترامًا] اهـ.

وقد أفرد بعض العلماء هذه المسألة بالتصنيف، فألَّف العلامة عبد الله بن الصديق الغُمَاري كتاب: "إعلام النبيل بجواز التقبيل"، وساق الأدلة على جواز تقبيل اليد وغيرها كالرأس.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي السؤال: فيُسنُّ تقبيل يد العلماء والصالحين والوالدين وكبار السن والمشايخ والأجداد، جاءت بذلك السنة التقريرية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبفعل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع بعضهم البعض.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما أهم الآداب والضوابط التي جاءت بها شريعة الإسلام لتنظيم المعاملات بين الناس؟


إذا كان الشياطين تصفد في رمضان؛ فلماذا يأتي المسلمون ببعض الأمور الخارجة عن الإسلام؟


ماذا تقولون للمسلمين في فلسطين المسلمة وهم يدافعون عن وطنهم ودينهم؟


تواجه الإنسان في هذه الحياة بعض الصعوبات والمشكلات؛ فكيف يكون التوجيه الشرعي في ذلك؟


 من الذي يملك صلاحية تغيير المنكر باليد كما ورد في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده»؟


سائل يقول: أرجو من فضيلتكم التفضل بذكر نبذة مختصرة عن كيفية معاملة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :4
الشروق
6 :33
الظهر
12 : 54
العصر
4:27
المغرب
7 : 14
العشاء
8 :33