ما حكمُ شراءِ الأصواتِ الانتخابيَّةِ بدفعِ المالِ للناخبينَ بقصدِ التأثيرِ في اختيارِهم؟ وهل يُعَدُّ ذلك من الرِّشوةِ المحرَّمةِ شرعًا؟
يَحرُم شرعًا شراءُ الأصواتِ الانتخابيَّةِ بدفعِ المالِ للناخبينَ، وهو من الرِّشوَة المُحرّمة شرعًا والمعدودة في الكبائر، كما يُعَدُّ تصويتُ الناخب لمرشَّحٍ معيَّنٍ في مقابلِ ما يُعطَى من مالٍ أو منفعةٍ من قبيلِ شهادةِ الزور، بالإضافة إلى أنَّ هذا الفعل يجرُّ ضررًا عامًّا بالناس، وإلحاق الضرر بالناس منهيٌّ عنه ومُحرَّمٌ شرعًا.
المحتويات
حثَّ الشرعُ الشريفُ على أن تُناطَ أمورُ الناسِ بالأصلحِ والأكفأ، وأن يُقدَّمَ في مواقعِ الولايةِ والمسؤوليةِ من توفَّرت فيه مقوِّماتُ الأمانةِ والكفاية؛ لما في ذلك من تحقيقِ الصلاحِ العام، وانتظامِ مصالحِ العبادِ والبلاد، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، ويدخل في الأمر بأداء الأمانة اختيارُ من يُناط به أمر الناس، لأنَّ ذلك من أعظم الأمانات وأخطرها أثرًا.
قال الإمام علاء الدين الخازن في "لباب التأويل" (1/ 391، ط. دار الكتب العلمية) في تفسير هذه الآية: [قيل: إنَّ الآية عامَّة في جميع الأمانات، ولا يمتنع من خصوص السبب عموم الحكم، فيدخل في ذلك جميع الأمانات التي حملها الإنسان] اهـ.
الانتخابات: هي العملية التي يُخوَّل بموجبها المواطنونَ المستوفون الشروط القانونية بالمشاركة في اختيار شاغلي المناصب العامة أو النيابية عن طريق الاقتراع، أو بالمشاركة في الاستفتاءات العامة، وذلك وفقًا للقوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية.
وأمَّا دفع المال للناخبين بقصد شراء أصواتهم والتأثير في اختيارهم فإنَّه يعدُّ من قبيل الرِّشوَة، والتي هي عبارة عن: "ما يعطى لإبطال حقٍّ، أو لإحقاق باطل"، كما في "التعريفات" للشريف الْجُرجاني (ص: 111، ط. دار الكتب العلمية).
والرِّشوَة محرَّمةٌ شرعًا بنصوص الوحيَين الشريفين، قال الله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: 42]، والسُّحتُ: هو الرِّشوَة، كما في "مفاتيح الغيب" للإمام فخر الدين الرازي (11/ 361، ط. دار إحياء التراث العربي).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرتَشِيَ» أخرجه الأئمة: أبو داود والترمذي ابن ماجه، وفي رواية زيادة: «وَالرَّائِشَ» أخرجه الإمام أحمد عن ثوبان.
والرَّائِش: هو الوسيط الذي يسعى بين الراشي والمرتشي لإتمام أمر الرِّشوَة وتسهيله، كما في "فيض القدير" لزين الدين المُناوي (5/ 268، ط. المكتبة التجارية).
وقد عدَّ الإمام شمس الدين الذَّهَبي الرِّشوَة من جملة الكبائر، كما في كتابه "الكبائر" (ص: 131، ط. دار الندوة)، وتابَعَه على ذلك شيخ الإسلام ابن حجر الهَيتَمِي، كما في كتابه "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 312، ط. دار الفكر).
يُعَدُّ تصويتُ الناخب لمرشَّحٍ معيَّنٍ في مقابلِ ما يُعطَى من مالٍ أو منفعةٍ من قبيلِ شهادةِ الزور، و"هي أن يشهد بما لم يعلم، وإن وافق الواقع"، كما في "الفواكه الدواني" للإمام شهاب الدين النَّفراوي (2/ 278، ط. دار الفكر).
وإنما عُدَّ من قبيل شهادة الزور؛ لأنَّ التصويتَ في حقيقته شهادةٌ على أمانةِ المرشَّح وصلاحِه لتولِّي الشأنِ العام، فإذا أُدِّيَ لمجرَّد الحصول على مالٍ أو منفعةٍ كان زُورًا؛ لما فيه من تزييفٍ للحقائقِ، وإفسادٍ لمقصودِ الشهادةِ، وغشٍّ للأمَّةِ في مصالحِها العامَّة.
وقد نهى الشرع الشريف نهيًا شديدًا عن قول الزُّورِ والعملِ به، ورتَّب عليه الإثم العظيم والنكال الشديد؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج:30].
كما عدَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أكبر الكبائر، فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَلَا أُنَبِّئُكُم بِأَكبَرِ الكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا»، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الإِشرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَينِ»، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: «أَلَا وَقَولُ الزُّورِ»، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا أُنَبِّئُكُم بِأَكبَرِ الكَبَائِرِ؟» قَالَ: «قَولُ الزُّورِ» أَو قَالَ: «شَهَادَةُ الزُّورِ» متفق عليه.
قال الإمام شهاب الدين النَّفراوي في "الفواكه الدواني" (2/ 278): [حُرمة الزُّور ثابتةٌ بالكتاب والسُّنة وإجماع الأمة] اهـ.
شراء الأصواتِ الانتخابيَّةِ يَجرُّ ضررًا بالغًا بعمومِ الناس؛ إذ يؤدِّي إلى توليةِ غيرِ الأكفاء، وتمكينِ من لا يَصلحُ لتدبيرِ الشأنِ العام، وإقصاءِ الأمناءِ الأكفاءِ، وهو ما يفضي إلى فسادِ الإدارةِ، وضياعِ الحقوقِ، وتعطيلِ مصالحِ العبادِ والبلاد، وإلحاق الضرر بالناس منهيٌّ عنه شرعًا، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ استَعمَلَ رَجُلًا مِن عِصَابَةٍ وَفِي تِلكَ العِصَابَةِ مَن هُوَ أَرضَى للهِ مِنهُ، فَقَد خَانَ اللهَ، وخانَ رَسُولَهُ، وخانَ المُؤمِنِينَ» أخرجه الإمام الحاكم.
فهذا الحديثُ يدلُّ على وجوب تولية الأصلح والأجدر في مواقع الولاية والمسؤولية، وعلى أنَّ تولية من لا يستحقُّ الولايةَ خيانةٌ للأمانةِ التي أمرَ اللهُ تعالى بأدائها، وإخلالٌ بمقصد الشريعة في تحقيق الصلاح العام.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَضَى أَن لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه الإمام ابن ماجه.
وعن أبي صِرمَةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن ضَارَّ ضَارَّ اللهُ بِهِ، وَمَن شَقَّ شَقَّ اللهُ عَلَيهِ» أخرجه الأئمة: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
قال المُلَّا علي القَارِي في "مرقاة المفاتيح" (8/ 3156، ط. دار الفكر): [الضرر يشمل البدني، والمالي، والدُّنيوي، والأُخرَوي] اهـ.
قد نصَّت المادة رقم (65) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم (45) لسنة 2014م، على أنَّه: [1- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بأيٍّ من الأفعال الآتية:... ثانيًا: أعطى آخر أو عرض أو التزم بأن يعطيه، أو يعطي غيره فائدة، لكي يحمله على الإدلاء بصوته، على وجه معيَّن أو الامتناع عنه، وكل من قَبِل أو طلب فائدة من ذلك القبيل لنفسه أو لغيره] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيَحرُم شرعًا شراءُ الأصواتِ الانتخابيَّةِ بدفعِ المالِ للناخبينَ، وهو من الرِّشوَة المعدودة في الكبائر، كما يُعَدُّ تصويتُ الناخب لمرشَّحٍ معيَّنٍ في مقابلِ ما يُعطَى من مالٍ أو منفعةٍ من قبيلِ شهادةِ الزور، بالإضافة إلى أنَّ هذا الفعل يجرُّ ضررًا عامًّا بالناس، وإلحاق الضرر بالناس منهيٌّ عنه ومُحرَّمٌ شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما كيفية تسمية المسجد المقام بالجهود الذاتية؟ قامت وزارة الأوقاف بإعادة بناء أحد المساجد؛ حيث كان مشيدًا بالطوب اللَّبِن، وساهم أهالي القرية جميعًا في توسعته، وقام أحد أبناء القرية بوضع لافتة رخامية على باب المسجد باسم والده المرحوم؛ بدعوى أنَّ والده كان قد جدَّد المسجد قبل وفاته، والحقيقة أنَّ هذا قد حدث فعلًا، ولكن بمساعدة أهالي القرية جميعًا؛ وقد أثار هذا الفعل استنكار واستياء أهل القرية جميعًا، فهل يجوز أن يُنْسَبَ هذا المسجد لأحد الأهالي، وتُوضَع عليه لافتة رخامية باسمه أم لا؟
سمعتُ حديثًا عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه عن المطر: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى»، فأرجو منكم بيان المعنى المراد منه.
ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ حيث توجد بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما هي حدود التعارف بين الرجل والمرأة قبل الخِطبة والضوابط الشرعية لذلك؛ حيث إنني شاب أدرس في إحدى الجامعات ولي زميلات تعرَّفت عليهنَّ أثناء الدراسة، وكثيرًا ما يحدث بيني وبين بعضهنَّ كلام، أكثره يتعلَّق بأمور الدراسة، وقد يتطرق أحيانًا للحديث عن بعض الأمور العامة، وأتحرى في حديثي معهنَّ دائمًا ألَّا يخرج الكلام عن حد الأدب والذوق العام، غير أنِّي ربَّما أحادث إحداهنَّ وأنا أنوي أن أتعرَّف على شيءٍ من طبائعها وطريقة تفكيرها وثقافتها بغرض أن أتقدَّم لخطبتها فيما بعد لو ظهر لي منها ما أرجو، وذلك من غير أن أصرِّح لها بذلك ومن غير أن أعِدَها بخطوبة ولا زواج؛ فما حكم الشرع في فعلي هذا؟
هل هناك مفهوم لحقوق الإنسان في الإسلام؟ وما سنده الفلسفي إن وجد؟ وما العلاقة بينه وبين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تبعه من إعلانات ومواثيق؟ وهل حال المسلمين اليوم حجة على الإسلام في هذا المجال؟
ما حكم عزل وصي بحكم محكمة؛ حيث سئل بإفادة من نظارة الحقانية مضمونها: أنه لصدور حكم من محكمة مديرية الغربية بعزل أحد الأوصياء من وصايته على أولاد وترِكة أحد الأشخاص، وحصول الطعن من المعزول المذكور في ذلك تحول النظر فيه على المجلس الشرعي بمحكمة مصر، وقرر: بأن الحكم بعزل الوصي المذكور على الوجه المسطور بالصورة المذكورة غير صحيح لعدم توفر ما يقتضيه شرعًا، ولما بلغ هذا القرار لمحكمة المديرية المذكورة، وطلب التأشير بمضمونه على الإعلام وسجله، فقاضي المديرية أرسل للحقانية مكاتبة بأن الحكم بعزل الوصي المذكور مبني على مذهب أبي يوسف -المفتى به- من أن القاضي إذا اتهم الوصي يعزله، وعلى ما صرح به في كثير من كتب المذهب من أن الوصي إن عزل نفسه لدى الحاكم ينعزل، وحينئذٍ يكون ما ذكر بالقرار المذكور من عدم توفر ما يقتضي العزل محل نظر. ورغب إحالة هذه المسألة على هذا الطرف للنظر فيها وفصلها شرعًا. ولذا ها هي الأوراق المختصة وبها الإفادة عما يقتضيه الوجه الشرعي، ومضمون صورة الإعلام المذكورة: أنه لدى قاضي المديرية المذكورة بالمجلس الحسبي المنعقد بديوان المديرية حضر بالمجلس الرجل الوصي المكلف، وأنهى لدى القاضي المذكور أنه تنازل عن وصايته على تركة المرحوم المذكور، وعلى القصَّر من أولاده المحرر بوصايته المذكورة إعلام شرعي من محكمة مركز بيلة الشرعية لعجزه عن القيام بها، وعدم قدرته عليها، وبعد أن تحقق لدى القاضي المذكور عجزه عن القيام على الوصاية المذكورة، وسوء تصرفه في تلك التركة، واتهامه بشهادة شاهدين، وتحقق معرفة الوصي المذكور عينًا، واسمًا، ونسبًا، وأنه هو الحاضر بالمجلس بشهادة الشاهدين المذكورين؛ عزَله من وصايته المذكورة، ومنعه من التصرف فيها منعًا كليًّا، وقبل منه ذلك لنفسه قبولًا شرعيًّا بحضورهما، وامتثل المنع المذكور بالمجلس المشار إليه بعد أن تقرر بالمجلس الحسبي المذكور عزل الوصي المذكور.