الإيمان في عقيدتنا واجب على كل إنسان بالغ عاقل، ذكرًا كان أو أنثى، عربيًّا أو غير عربي، مادام قد عرف دعوة الإسلام معرفة صحيحة من أي طريق.
ولا يكون الإيمان إلا بأن نصدق بقلوبنا تصديقًا لا شك فيه، ونوقن يقينًا تامًّا، ونسلم بأن النبي محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله إلى العالمين كافة، ختم الله به النبوة، وبلَّغ الرسالة على أكمل وجه وأتمّه، وثبَت صدقه بالبراهين العقلية والنقلية، والمعجزات الحسية والمعنوية.
ونصدق كذلك بأن كل ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم حق من عند الله تعالى لا شك فيه.
وعماد ما جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم دينُ الإسلام، الذي هو آخر الرسالات السماوية من رب العالمين، نسخ الله تعالى به ما قبله من الشرائع، كاليهودية والمسيحية، وليس لأحد نجاة في الآخرة إلا بالدخول فيه، ومفتاحه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والتصديق والتسليم بما جاء به النبي الكريم من أن خالق السماوات والأرض هو الله رب العالمين، وأنه الإله الواحد المعبود بحق، لا شريك له ولا رب غيره، وأنه واجب الوجود، المتصف بكل الكمالات، المنزه عن كل النقائص، ليس كمثله شيء، وأن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم نبيه ورسوله إلى العالمين كافة.
وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك بالقرآن، فنصدق ونسلم بأنه كتاب الله تعالى الذي نزل به الملك جبريل عليه السلام على قلب رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بلسان عربي مبين، هداية للعالمين وإعجازًا للمنكرين المعادين، ولا يزال باقيًا محفوظًا في السطور وفي الصدور، يتعبد المسلمون بتلاوته وحفظه وخدمته، لم يصبه تغيير ولا تصحيف، ولا يعتريه تبديل ولا تحريف.
وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسُنة تتمثل في أقواله وأفعاله وإقراراته، يجب العمل بمقتضى ما صح وثبت منها باعتبارها وحيًا من عند الله تعالى.
وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأحكام معلومة مشهورة يعرفها العوام والخواص؛ كوجوب الصلاة وحرمة الخمر والزنا، وجاء بأخبار غيبية تتعلق بوجود الله وبالملائكة والنبيين واليوم الآخر والجنة والنار، وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فلا يتم الإيمان إلا بالتصديق بما جاء به النبي العدنان سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا ما هدى إليه الكتاب العزيز، كتاب الله عز وجل الذي هو معجزة الإسلام الخالدة، فلا يقبل الله تعالى إيمانًا إلا من خلال التصديق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ﴾ [الفتح: 29]، ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران: 144]، ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: 40]، ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].
ولا يقبل الله تعالى دينًا إلا الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85]، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].
ولا يقبل الله تعالى إلا التصديق بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 136].
المراجع:
• "شرح الخريدة" لسيدي أبي البركات أحمد الدردير.
• "حاشية الدسوقي على شرح أم البراهين للإمام السنوسي".
• "تحفة المريد للعلامة الباجوري على الجوهرة".
• "عقيدة أهل السنة والجماعة" لشيخنا أ.د/ علي جمعة.