تغيير الاسم بعد الإسلام

ما حكم تغيير الاسم بعد الإسلام؟

لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، فطُلِب من الإنسان أن يتسمى بأسماء صالحة، ذات معنى حسن، حتى يكون له نصيب من اسمه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة، فروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه: أن ابنة لعمر كانت يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميلة رضي الله عنها، ولما أخرج أبو داود في "سننه" عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ».

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 337، ط. مؤسسة الرسالة): [لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها؛ فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة] اهـ.

والفأل بالكلمة الحسنة من السنة، فلقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الاسم الحسن يتفاءل به الخير، ويكره الاسم القبيح ليس عن التشاؤم والطيرة المنهي عنها، وإنما استبشاع للفظة وذكر معناها الذي يحذر منه، وقد روى البخاري ومسلم وأبو داود -واللفظ له- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ»، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ»، ومن تلك الأسماء التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معناها وتفاءل بالخير في معانيها، وحذر من الشر الذي في معانيها، ووافق تفاؤله صلى الله عليه وآله وسلم وتحذيره الواقع؛ قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم وأحمد -واللفظ له- عن ابْنَ عُمَرَ رضي لله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ».

وقد أخبرت السيرة بأن أسلم وغفار قبيلتان أسلمتا لله رب العالمين، وجاء أفرادهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مطيعين مخبتين، وأما عصية فإنها حاربت الله ورسوله، واشتركت مع رِعْل وذَكْوان في قتل أصحابه عليه الصلاة والسلام.

وأخرج الإمام الهيثمي في "مجمع الزوائد" عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما نزل الحسين وأصحابه في كربلاء، سئل عن اسمها، فقيل له: كربلاء، فقال: سبحان الله: كرب وبلاء، وكان ذلك فعلًا".

وذكر الإمام علي بن برهان الحلبي في "السيرة الحلبية": لما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب، تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو صغير قال لها: من أنت؟ قالت: امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟ قالت: حليمة، قال: بخٍ بخٍ سَعْدٌ وحِلمٌ هاتان خلتان فيهما غناء الدهر.

وأخرج البيهقي والحاكم -واللفظ له- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ»، وهو صحيح على شرط الشيخين وليس له علة.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295، ط. دار الكتاب الإسلامي): [والفرق بين هذا وبين الطيرة الممنوعة أن الطيرة ليس في لفظها ولا في منظرها شيء مكروه ولا مستبشع، وإنما يعتقد أن عند لقائها على وجه مخصوص يكون الشؤم ويمتنع المراد، وليس كذلك هذه الأسماء؛ فإنها أسماء مكروهة قبيحة يستبشع ذكرها وسماعها، ويذكر بما يحذر من معانيها، فاسم حرب يذكر بما يحذر من الحرب، وكذلك مُرَّة فتكرهه النفوس لذلك، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الفأل الحسن، وقد روي عنه أنه قال: «أُحِبُّ الْفَأْلَ». قيل له: وما الفأل؟ قال: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ» وهي التي تذكر بما يرجوه من الخير فتسر به النفس، وربما كان بمعنى البشارة بما قدره الله عز وجل من الخير، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية، وقد طلع سهيل بن عمر: «قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ» فكان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وأخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ سيدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: جَمْرَةُ. قَالَ: ابْنُ مَنْ؟ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنَ الْحُرَقَةِ. قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قَالَ: بِحَرَّةِ النَّارِ. قَالَ: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظَى. قَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدِ احْتَرَقُوا. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295-299): [وهذا على معنى التفاؤل لسماعه، وقد كانت هذه حال هذا الرجل قبل ذلك مما احترق أهله، ولكنه شيء يلقيه الله عز وجل في قلب المتفائل، عند سماع الفأل من السرور بالشيء، وقوة رجائه فيه، أو التوجع من الشيء، وشدة حذره منه يظن ذلك ويلقيه الله سبحانه على لسانه، وقد وافق ذلك ما قدر الله تعالى، ويكون بعض الناس في ذلك أكثر موافقة من بعض، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يَكُونُ مُحَدِّثُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوحَى إلَيْهِمْ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ فَعُمَرُ»] اهـ.

وقد يتسمى غير المسلم بأسماء قبيحة محرمة أو مكروهة، أو يتسمى بأسماء حسنة، فيجب على غير المسلم إذا أسلم أن يغير اسمه القبيح إن كان هذا الاسم محرمًا، ويسن له أن يغيره إن كان مكروهًا، ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، إذا كان الاسم خاصًّا بالله سبحانه وتعالى كالخالق، والقدوس، والأحد، والصمد، والرازق، والجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى كملك الملوك، وسلطان السلاطين، وحاكم الحكام، وغير هذا، ويدل عليه حديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ»، قال سفيان: "يقول غيره: تفسيره شاهان شاه"، ومعنى «أَخْنَى»: أكره وأوضع.

وفي لفظ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ، رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللهُ».

قال العلامة العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 215، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويمتنع أن يقال: أقضى القضاة، لأن معناه: أحكم الحاكمين، والله سبحانه هو أحكم الحاكمين] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26، ط. دار الكتب العلمية): [ويحرم التسمية بملك الأملاك ونحوه، مما يوازي أسماء الله كسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ لما روى أحمد: «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إلَّا الله». ويحرم أيضًا التسمية بما لا يليق إلا بالله كقدوس، والبَر وخالق ورحمن؛ لأن معنى ذلك لا يليق بغيره تعالى] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الأملاك لحديث هو أقبح الأسماء عند الله. قال عياض: غيَّر صلى الله عليه وآله وسلم اسم حكيم وعزيز؛ لتشبيهه بأسماء صفات الله تعالى] اهـ.

ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد المسيح وعبد العزى وعبد الكعبة وما أشبه ذلك؛ لما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبخاري في "الأدب المفرد" عن هانئ بن يزيد رضي الله عنه: أنه لما وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع قومه، سمعهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمون رجلًا منهم عبد الحجر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: عَبْدُ الْحَجَرِ، قَالَ: «لَا، أَنْتَ عَبْدُ اللهِ».

وفي "مستدرك الحاكم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر، فسماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الرحمن".

وقال شهاب الدين الرملي في "نهاية المحتاج شرح المنهاج" (8/ 148، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الملوك؛ إذ لا يصلح لغيره تعالى، وكذا عبد الكعبة أو الدار أو علي أو الحسن؛ لإيهام التشريك، ومثله عبد النبي على ما قاله الأكثرون، والأوجه جوازه مع الكراهة، لا سيما عند إرادة النسبة له صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤخذ من العلة حرمة التسمية بجار الله ورفيق الله ونحوهما؛ لإيهامه المحذور أيضًا] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك اهـ، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، كعبد المسيح، قال ابن القيم: وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا ابن عبد المطلب»، فليس من باب إنشاء التسمية، بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، قال: وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق قاضي القضاة وحاكم الحكام، قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس] اهـ.

ويقاس عليها الأسماء التي تعني إثبات عقيدة باطلة كشنودة، فمعناها بالعربية: ابن الله، وغيرها، فهذه الأسماء مما يجب تغييرها، أو الأسماء الخاصة برجالهم وعلمائهم وشيوخهم كبولس، وبطرس، ويوحنا، ومتَّى، فإنها محرمة من جهة حرمة التشبه باليهود والنصارى.

وهناك من الأسماء ما يسن تغييرها لكراهتها، فمن هذه الأسماء التي تكره التسمية بها ويستحب تغييرها، الأسماء التي تكرهها النفوس وتشمئز منها كحَرْب ومُرَّة وكلب وحية، وقد أخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لِلِقْحَةٍ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مُرَّة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: حَرْبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: يَعِيشُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «احْلُبْ».

وأخرج البخاري عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه: أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: «مَا اسْمُكَ؟» قال: حزن، قال له: «أَنْتَ سَهْلٌ»، قال: لا أغير اسمًا سمّانيه أبي. قال سعيد بن المسيب: "فما زالت الحزونة فينا بعد".

قال صاحب "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (3/ 256، ط. دار الفكر): [يمنع بما قبح؛ كحرب، وحزن، وضرار] اهـ.

وقال صاحب "مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين" (4/ 294، ط. دار الفكر): [تكره الأسماء القبيحة؛ كشيطان، وظالم، وشهاب، وحمار، وكلب، ونحوه] اهـ.

وذكر الحنابلة أنه تكره تسميته بأسماء الجبابرة؛ كفرعون، وأسماء الشياطين؛ قال الإمام الرحيباني في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (2/ 495، ط. بيروت): [وكذا تكره التسمية بأسماء الشيطان؛ كمُرَّة، ووَلْهَان، والأعور، والأجْدَح، وكذا تكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة؛ كفرعون، وهامان، وقارون، والوليد] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [ويكره من الأسماء: حرب، ومرة، وحزن، ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ورافع، ورباح، والعاصي، وشهاب والمضطجع، ونبي ونحوها؛ كرسول] اهـ.

وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره الاسم القبيح للأشخاص والأماكن والقبائل والجبال؛ قال أبو داود في "سننه": وغَيَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ؛ سَمَّاهَا خَضِرَةَ، وَشِعْبَ الضَّلَالَةِ؛ سَمَّاهُ شِعْبَ الْهُدَى، وَبَنُو الزِّنْيَةِ؛ سَمَّاهُمْ بَنِى الرِّشْدَةِ، وَسَمَّى بَنِى مُغْوِيَةَ بَنِى رِشْدَةَ.

كما روي في السيرة النبوية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرّ في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما، فقالوا: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يجز بينهما، ولما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة واسمها يثرب لا تعرف بغير هذا الاسم، غيَّره بطيبة.

ومن هذه الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها: كل اسم يستقبح نفيه؛ كرباح، ويسار، فلو سُئل شخص سمى ابنه رباحًا: أعندك رباح؟ فيقول: ليس في البيت رباح، فإن ذلك يقع في نفس السامع موقعًا مقبوحًا، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا».

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ رضي الله عنه: «لَا تُسَمِّ غُلَامَك يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّك تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَتَقُولُ: لَا»: فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ، فَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَا يُطْرِقُ إلَى الطِّيَرَةِ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه: "أَنَّ الْآذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ: رَبَاحٌ"] اهـ.

ومن الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها أيضًا: كل اسم فيه تزكية للنفس وتعظيم لها، والأصل في ذلك ما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ».

قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418، ط. دار الكتب العلمية): [ويمنع التسمية بما فيه تزكية عن نحو: محيي الدين، وشمس الدين، مع ما فيه من الكذب، وألف بعض المالكية في المنع منه مؤلفًا، وصرح به القرطبي في شرح الأسماء الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ونقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين، ويقول: لا أجعل من دعاني به في حل، ومال إلى ذلك العارف بالله تعالى الشيخ سنان في كتابه "تبيين المحارم"، وأقام الطامة الكبرى على المتسمين بمثل ذلك، وأنه من التزكية المنهي عنها في القرآن، ومن الكذب] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال ابن الحاج في المدخل: قال القرطبي في شرح أسماء الله الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ثم قال: قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما قد كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العجم والعراق من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين ومحيي الدين وعلم الدين وشبه ذلك، ثم قال: ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [وكذا ما فيه تزكية؛ كالتقي، والزكي، والأشرف، والأفضل، وبرة. قال القاضي: وكل ما فيه تفخيم أو تعظيم] اهـ.

وبالجملة يستحب تغيير اسمه إلى اسم فيه عبودية لله سبحانه وتعالى ليشهر إسلامه به، ولكي يكون دلالة على انخلاعه عن الكفر، ودلالة على إسلامه، قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418): [أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، هذا لفظ حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعًا. قال المناوي: وعبد الله أفضل مطلقًا حتى من عبد الرحمن، وأفضلها بعدهما محمد، ثم أحمد ثم إبراهيم اهـ. وقال أيضًا في موضع آخر: ويلحق بهذين الاسمين -أي عبد الله وعبد الرحمن- ما كان مثلهما كعبد الرحيم وعبد الملك، وتفضيل التسمية بهما محمول على من أراد التسمي بالعبودية، لأنهم كانوا يسمون عبد شمس وعبد الدار، فلا ينافي أن اسم محمد وأحمد أحب إلى الله تعالى من جميع الأسماء، فإنه لم يختر لنبيه إلا ما هو أحب إليه، هذا هو الصواب، ولا يجوز حمله على الإطلاق اهـ. وورد: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا كَانَ هُوَ وَمَوْلُودُهُ فِي الْجَنَّةِ»، رواه ابن عساكر عن أمامة رفعه، قال السيوطي: هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن اهـ. وقال السخاوي: وأما قولهم خير الأسماء ما عبد وما حمد فما علمته]. اهـ.

وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال الباجي: من أفضلها ذو العبودية؛ لحديث: «إنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلَى الله عَبْدُ الله وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»، وقد سمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسن وحسين، وروى العتبي أن أهل مكة يتحدثون ما من بيت فيه اسم محمد إلا رأوا خيرًا ورزقوا] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 26): [ويسن أن يحسن اسمه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» رواه أبو داود، وحديث: «وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» رواه مسلم مرفوعًا. وكل ما أضيف إلى اسم من أسماء الله تعالى فحسن؛ كعبد الرحيم، وعبد الرزاق، وعبد الخالق، ونحوه، وكذا أسماء الأنبياء؛ كإبراهيم، ونوح، ومحمد، وصالح، وشبهها؛ لحديث: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» رواه أبو نعيم، قَالَ اللهُ تَعَالَى: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا عَذَّبْت أَحَدًا تَسَمَّى بِاسْمِك فِي النَّارِ»] اهـ.

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 305): [ولما كان الاسم مقتضيا لمسماه ومؤثرًا فيه كان أحب الأسماء إلى الله ما اقتضى أحب الأوصاف إليه؛ كعبد الله، وعبد الرحمن، وكان إضافة العبودية إلى اسم الله واسم الرحمن أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما؛ كالقاهر، والقادر، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر، وعبد الله أحب إليه من عبد ربه؛ وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة، والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبةً وخوفًا، ورجاءً وإجلالًا وتعظيمًا، فيكون عبدا لله، وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره، ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب، كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر]. اهـ.

وبناءً على ما سبق: فإنه يجوز شرعًا تغيير اسم الإنسان بعد دخوله الإسلام إذا كان ثَمَّ ما يدعو لذلك، وقد يكون هذا التغيير واجبًا، وقد يكون مندوبًا، ومستحبًا، على ما تم تفصيله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، فطُلِب من الإنسان أن يتسمى بأسماء صالحة، ذات معنى حسن، حتى يكون له نصيب من اسمه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة، فروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه: أن ابنة لعمر كانت يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميلة رضي الله عنها، ولما أخرج أبو داود في "سننه" عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ».

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 337، ط. مؤسسة الرسالة): [لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها؛ فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة] اهـ.

والفأل بالكلمة الحسنة من السنة، فلقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الاسم الحسن يتفاءل به الخير، ويكره الاسم القبيح ليس عن التشاؤم والطيرة المنهي عنها، وإنما استبشاع للفظة وذكر معناها الذي يحذر منه، وقد روى البخاري ومسلم وأبو داود -واللفظ له- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ»، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ»، ومن تلك الأسماء التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معناها وتفاءل بالخير في معانيها، وحذر من الشر الذي في معانيها، ووافق تفاؤله صلى الله عليه وآله وسلم وتحذيره الواقع؛ قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم وأحمد -واللفظ له- عن ابْنَ عُمَرَ رضي لله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ».

وقد أخبرت السيرة بأن أسلم وغفار قبيلتان أسلمتا لله رب العالمين، وجاء أفرادهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مطيعين مخبتين، وأما عصية فإنها حاربت الله ورسوله، واشتركت مع رِعْل وذَكْوان في قتل أصحابه عليه الصلاة والسلام.

وأخرج الإمام الهيثمي في "مجمع الزوائد" عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما نزل الحسين وأصحابه في كربلاء، سئل عن اسمها، فقيل له: كربلاء، فقال: سبحان الله: كرب وبلاء، وكان ذلك فعلًا".

وذكر الإمام علي بن برهان الحلبي في "السيرة الحلبية": لما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب، تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو صغير قال لها: من أنت؟ قالت: امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟ قالت: حليمة، قال: بخٍ بخٍ سَعْدٌ وحِلمٌ هاتان خلتان فيهما غناء الدهر.

وأخرج البيهقي والحاكم -واللفظ له- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ»، وهو صحيح على شرط الشيخين وليس له علة.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295، ط. دار الكتاب الإسلامي): [والفرق بين هذا وبين الطيرة الممنوعة أن الطيرة ليس في لفظها ولا في منظرها شيء مكروه ولا مستبشع، وإنما يعتقد أن عند لقائها على وجه مخصوص يكون الشؤم ويمتنع المراد، وليس كذلك هذه الأسماء؛ فإنها أسماء مكروهة قبيحة يستبشع ذكرها وسماعها، ويذكر بما يحذر من معانيها، فاسم حرب يذكر بما يحذر من الحرب، وكذلك مُرَّة فتكرهه النفوس لذلك، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الفأل الحسن، وقد روي عنه أنه قال: «أُحِبُّ الْفَأْلَ». قيل له: وما الفأل؟ قال: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ» وهي التي تذكر بما يرجوه من الخير فتسر به النفس، وربما كان بمعنى البشارة بما قدره الله عز وجل من الخير، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية، وقد طلع سهيل بن عمر: «قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ» فكان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وأخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ سيدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: جَمْرَةُ. قَالَ: ابْنُ مَنْ؟ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنَ الْحُرَقَةِ. قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قَالَ: بِحَرَّةِ النَّارِ. قَالَ: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظَى. قَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدِ احْتَرَقُوا. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295-299): [وهذا على معنى التفاؤل لسماعه، وقد كانت هذه حال هذا الرجل قبل ذلك مما احترق أهله، ولكنه شيء يلقيه الله عز وجل في قلب المتفائل، عند سماع الفأل من السرور بالشيء، وقوة رجائه فيه، أو التوجع من الشيء، وشدة حذره منه يظن ذلك ويلقيه الله سبحانه على لسانه، وقد وافق ذلك ما قدر الله تعالى، ويكون بعض الناس في ذلك أكثر موافقة من بعض، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يَكُونُ مُحَدِّثُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوحَى إلَيْهِمْ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ فَعُمَرُ»] اهـ.

وقد يتسمى غير المسلم بأسماء قبيحة محرمة أو مكروهة، أو يتسمى بأسماء حسنة، فيجب على غير المسلم إذا أسلم أن يغير اسمه القبيح إن كان هذا الاسم محرمًا، ويسن له أن يغيره إن كان مكروهًا، ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، إذا كان الاسم خاصًّا بالله سبحانه وتعالى كالخالق، والقدوس، والأحد، والصمد، والرازق، والجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى كملك الملوك، وسلطان السلاطين، وحاكم الحكام، وغير هذا، ويدل عليه حديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ»، قال سفيان: "يقول غيره: تفسيره شاهان شاه"، ومعنى «أَخْنَى»: أكره وأوضع.

وفي لفظ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ، رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللهُ».

قال العلامة العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 215، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويمتنع أن يقال: أقضى القضاة، لأن معناه: أحكم الحاكمين، والله سبحانه هو أحكم الحاكمين] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26، ط. دار الكتب العلمية): [ويحرم التسمية بملك الأملاك ونحوه، مما يوازي أسماء الله كسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ لما روى أحمد: «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إلَّا الله». ويحرم أيضًا التسمية بما لا يليق إلا بالله كقدوس، والبَر وخالق ورحمن؛ لأن معنى ذلك لا يليق بغيره تعالى] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الأملاك لحديث هو أقبح الأسماء عند الله. قال عياض: غيَّر صلى الله عليه وآله وسلم اسم حكيم وعزيز؛ لتشبيهه بأسماء صفات الله تعالى] اهـ.

ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد المسيح وعبد العزى وعبد الكعبة وما أشبه ذلك؛ لما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبخاري في "الأدب المفرد" عن هانئ بن يزيد رضي الله عنه: أنه لما وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع قومه، سمعهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمون رجلًا منهم عبد الحجر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: عَبْدُ الْحَجَرِ، قَالَ: «لَا، أَنْتَ عَبْدُ اللهِ».

وفي "مستدرك الحاكم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر، فسماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الرحمن".

وقال شهاب الدين الرملي في "نهاية المحتاج شرح المنهاج" (8/ 148، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الملوك؛ إذ لا يصلح لغيره تعالى، وكذا عبد الكعبة أو الدار أو علي أو الحسن؛ لإيهام التشريك، ومثله عبد النبي على ما قاله الأكثرون، والأوجه جوازه مع الكراهة، لا سيما عند إرادة النسبة له صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤخذ من العلة حرمة التسمية بجار الله ورفيق الله ونحوهما؛ لإيهامه المحذور أيضًا] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك اهـ، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، كعبد المسيح، قال ابن القيم: وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا ابن عبد المطلب»، فليس من باب إنشاء التسمية، بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، قال: وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق قاضي القضاة وحاكم الحكام، قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس] اهـ.

ويقاس عليها الأسماء التي تعني إثبات عقيدة باطلة كشنودة، فمعناها بالعربية: ابن الله، وغيرها، فهذه الأسماء مما يجب تغييرها، أو الأسماء الخاصة برجالهم وعلمائهم وشيوخهم كبولس، وبطرس، ويوحنا، ومتَّى، فإنها محرمة من جهة حرمة التشبه باليهود والنصارى.

وهناك من الأسماء ما يسن تغييرها لكراهتها، فمن هذه الأسماء التي تكره التسمية بها ويستحب تغييرها، الأسماء التي تكرهها النفوس وتشمئز منها كحَرْب ومُرَّة وكلب وحية، وقد أخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لِلِقْحَةٍ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مُرَّة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: حَرْبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: يَعِيشُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «احْلُبْ».

وأخرج البخاري عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه: أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: «مَا اسْمُكَ؟» قال: حزن، قال له: «أَنْتَ سَهْلٌ»، قال: لا أغير اسمًا سمّانيه أبي. قال سعيد بن المسيب: "فما زالت الحزونة فينا بعد".

قال صاحب "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (3/ 256، ط. دار الفكر): [يمنع بما قبح؛ كحرب، وحزن، وضرار] اهـ.

وقال صاحب "مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين" (4/ 294، ط. دار الفكر): [تكره الأسماء القبيحة؛ كشيطان، وظالم، وشهاب، وحمار، وكلب، ونحوه] اهـ.

وذكر الحنابلة أنه تكره تسميته بأسماء الجبابرة؛ كفرعون، وأسماء الشياطين؛ قال الإمام الرحيباني في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (2/ 495، ط. بيروت): [وكذا تكره التسمية بأسماء الشيطان؛ كمُرَّة، ووَلْهَان، والأعور، والأجْدَح، وكذا تكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة؛ كفرعون، وهامان، وقارون، والوليد] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [ويكره من الأسماء: حرب، ومرة، وحزن، ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ورافع، ورباح، والعاصي، وشهاب والمضطجع، ونبي ونحوها؛ كرسول] اهـ.

وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره الاسم القبيح للأشخاص والأماكن والقبائل والجبال؛ قال أبو داود في "سننه": وغَيَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ؛ سَمَّاهَا خَضِرَةَ، وَشِعْبَ الضَّلَالَةِ؛ سَمَّاهُ شِعْبَ الْهُدَى، وَبَنُو الزِّنْيَةِ؛ سَمَّاهُمْ بَنِى الرِّشْدَةِ، وَسَمَّى بَنِى مُغْوِيَةَ بَنِى رِشْدَةَ.

كما روي في السيرة النبوية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرّ في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما، فقالوا: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يجز بينهما، ولما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة واسمها يثرب لا تعرف بغير هذا الاسم، غيَّره بطيبة.

ومن هذه الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها: كل اسم يستقبح نفيه؛ كرباح، ويسار، فلو سُئل شخص سمى ابنه رباحًا: أعندك رباح؟ فيقول: ليس في البيت رباح، فإن ذلك يقع في نفس السامع موقعًا مقبوحًا، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا».

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ رضي الله عنه: «لَا تُسَمِّ غُلَامَك يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّك تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَتَقُولُ: لَا»: فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ، فَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَا يُطْرِقُ إلَى الطِّيَرَةِ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه: "أَنَّ الْآذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ: رَبَاحٌ"] اهـ.

ومن الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها أيضًا: كل اسم فيه تزكية للنفس وتعظيم لها، والأصل في ذلك ما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ».

قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418، ط. دار الكتب العلمية): [ويمنع التسمية بما فيه تزكية عن نحو: محيي الدين، وشمس الدين، مع ما فيه من الكذب، وألف بعض المالكية في المنع منه مؤلفًا، وصرح به القرطبي في شرح الأسماء الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ونقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين، ويقول: لا أجعل من دعاني به في حل، ومال إلى ذلك العارف بالله تعالى الشيخ سنان في كتابه "تبيين المحارم"، وأقام الطامة الكبرى على المتسمين بمثل ذلك، وأنه من التزكية المنهي عنها في القرآن، ومن الكذب] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال ابن الحاج في المدخل: قال القرطبي في شرح أسماء الله الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ثم قال: قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما قد كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العجم والعراق من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين ومحيي الدين وعلم الدين وشبه ذلك، ثم قال: ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [وكذا ما فيه تزكية؛ كالتقي، والزكي، والأشرف، والأفضل، وبرة. قال القاضي: وكل ما فيه تفخيم أو تعظيم] اهـ.

وبالجملة يستحب تغيير اسمه إلى اسم فيه عبودية لله سبحانه وتعالى ليشهر إسلامه به، ولكي يكون دلالة على انخلاعه عن الكفر، ودلالة على إسلامه، قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418): [أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، هذا لفظ حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعًا. قال المناوي: وعبد الله أفضل مطلقًا حتى من عبد الرحمن، وأفضلها بعدهما محمد، ثم أحمد ثم إبراهيم اهـ. وقال أيضًا في موضع آخر: ويلحق بهذين الاسمين -أي عبد الله وعبد الرحمن- ما كان مثلهما كعبد الرحيم وعبد الملك، وتفضيل التسمية بهما محمول على من أراد التسمي بالعبودية، لأنهم كانوا يسمون عبد شمس وعبد الدار، فلا ينافي أن اسم محمد وأحمد أحب إلى الله تعالى من جميع الأسماء، فإنه لم يختر لنبيه إلا ما هو أحب إليه، هذا هو الصواب، ولا يجوز حمله على الإطلاق اهـ. وورد: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا كَانَ هُوَ وَمَوْلُودُهُ فِي الْجَنَّةِ»، رواه ابن عساكر عن أمامة رفعه، قال السيوطي: هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن اهـ. وقال السخاوي: وأما قولهم خير الأسماء ما عبد وما حمد فما علمته]. اهـ.

وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال الباجي: من أفضلها ذو العبودية؛ لحديث: «إنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلَى الله عَبْدُ الله وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»، وقد سمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسن وحسين، وروى العتبي أن أهل مكة يتحدثون ما من بيت فيه اسم محمد إلا رأوا خيرًا ورزقوا] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 26): [ويسن أن يحسن اسمه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» رواه أبو داود، وحديث: «وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» رواه مسلم مرفوعًا. وكل ما أضيف إلى اسم من أسماء الله تعالى فحسن؛ كعبد الرحيم، وعبد الرزاق، وعبد الخالق، ونحوه، وكذا أسماء الأنبياء؛ كإبراهيم، ونوح، ومحمد، وصالح، وشبهها؛ لحديث: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» رواه أبو نعيم، قَالَ اللهُ تَعَالَى: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا عَذَّبْت أَحَدًا تَسَمَّى بِاسْمِك فِي النَّارِ»] اهـ.

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 305): [ولما كان الاسم مقتضيا لمسماه ومؤثرًا فيه كان أحب الأسماء إلى الله ما اقتضى أحب الأوصاف إليه؛ كعبد الله، وعبد الرحمن، وكان إضافة العبودية إلى اسم الله واسم الرحمن أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما؛ كالقاهر، والقادر، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر، وعبد الله أحب إليه من عبد ربه؛ وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة، والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبةً وخوفًا، ورجاءً وإجلالًا وتعظيمًا، فيكون عبدا لله، وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره، ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب، كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر]. اهـ.

وبناءً على ما سبق: فإنه يجوز شرعًا تغيير اسم الإنسان بعد دخوله الإسلام إذا كان ثَمَّ ما يدعو لذلك، وقد يكون هذا التغيير واجبًا، وقد يكون مندوبًا، ومستحبًا، على ما تم تفصيله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا

تغيير الاسم بعد الإسلام

ما حكم تغيير الاسم بعد الإسلام؟

لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، فطُلِب من الإنسان أن يتسمى بأسماء صالحة، ذات معنى حسن، حتى يكون له نصيب من اسمه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة، فروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه: أن ابنة لعمر كانت يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميلة رضي الله عنها، ولما أخرج أبو داود في "سننه" عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ».

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 337، ط. مؤسسة الرسالة): [لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها؛ فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة] اهـ.

والفأل بالكلمة الحسنة من السنة، فلقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الاسم الحسن يتفاءل به الخير، ويكره الاسم القبيح ليس عن التشاؤم والطيرة المنهي عنها، وإنما استبشاع للفظة وذكر معناها الذي يحذر منه، وقد روى البخاري ومسلم وأبو داود -واللفظ له- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ»، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ»، ومن تلك الأسماء التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معناها وتفاءل بالخير في معانيها، وحذر من الشر الذي في معانيها، ووافق تفاؤله صلى الله عليه وآله وسلم وتحذيره الواقع؛ قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم وأحمد -واللفظ له- عن ابْنَ عُمَرَ رضي لله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ».

وقد أخبرت السيرة بأن أسلم وغفار قبيلتان أسلمتا لله رب العالمين، وجاء أفرادهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مطيعين مخبتين، وأما عصية فإنها حاربت الله ورسوله، واشتركت مع رِعْل وذَكْوان في قتل أصحابه عليه الصلاة والسلام.

وأخرج الإمام الهيثمي في "مجمع الزوائد" عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما نزل الحسين وأصحابه في كربلاء، سئل عن اسمها، فقيل له: كربلاء، فقال: سبحان الله: كرب وبلاء، وكان ذلك فعلًا".

وذكر الإمام علي بن برهان الحلبي في "السيرة الحلبية": لما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب، تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو صغير قال لها: من أنت؟ قالت: امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟ قالت: حليمة، قال: بخٍ بخٍ سَعْدٌ وحِلمٌ هاتان خلتان فيهما غناء الدهر.

وأخرج البيهقي والحاكم -واللفظ له- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ»، وهو صحيح على شرط الشيخين وليس له علة.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295، ط. دار الكتاب الإسلامي): [والفرق بين هذا وبين الطيرة الممنوعة أن الطيرة ليس في لفظها ولا في منظرها شيء مكروه ولا مستبشع، وإنما يعتقد أن عند لقائها على وجه مخصوص يكون الشؤم ويمتنع المراد، وليس كذلك هذه الأسماء؛ فإنها أسماء مكروهة قبيحة يستبشع ذكرها وسماعها، ويذكر بما يحذر من معانيها، فاسم حرب يذكر بما يحذر من الحرب، وكذلك مُرَّة فتكرهه النفوس لذلك، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الفأل الحسن، وقد روي عنه أنه قال: «أُحِبُّ الْفَأْلَ». قيل له: وما الفأل؟ قال: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ» وهي التي تذكر بما يرجوه من الخير فتسر به النفس، وربما كان بمعنى البشارة بما قدره الله عز وجل من الخير، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية، وقد طلع سهيل بن عمر: «قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ» فكان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وأخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ سيدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: جَمْرَةُ. قَالَ: ابْنُ مَنْ؟ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنَ الْحُرَقَةِ. قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قَالَ: بِحَرَّةِ النَّارِ. قَالَ: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظَى. قَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدِ احْتَرَقُوا. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295-299): [وهذا على معنى التفاؤل لسماعه، وقد كانت هذه حال هذا الرجل قبل ذلك مما احترق أهله، ولكنه شيء يلقيه الله عز وجل في قلب المتفائل، عند سماع الفأل من السرور بالشيء، وقوة رجائه فيه، أو التوجع من الشيء، وشدة حذره منه يظن ذلك ويلقيه الله سبحانه على لسانه، وقد وافق ذلك ما قدر الله تعالى، ويكون بعض الناس في ذلك أكثر موافقة من بعض، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يَكُونُ مُحَدِّثُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوحَى إلَيْهِمْ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ فَعُمَرُ»] اهـ.

وقد يتسمى غير المسلم بأسماء قبيحة محرمة أو مكروهة، أو يتسمى بأسماء حسنة، فيجب على غير المسلم إذا أسلم أن يغير اسمه القبيح إن كان هذا الاسم محرمًا، ويسن له أن يغيره إن كان مكروهًا، ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، إذا كان الاسم خاصًّا بالله سبحانه وتعالى كالخالق، والقدوس، والأحد، والصمد، والرازق، والجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى كملك الملوك، وسلطان السلاطين، وحاكم الحكام، وغير هذا، ويدل عليه حديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ»، قال سفيان: "يقول غيره: تفسيره شاهان شاه"، ومعنى «أَخْنَى»: أكره وأوضع.

وفي لفظ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ، رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللهُ».

قال العلامة العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 215، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويمتنع أن يقال: أقضى القضاة، لأن معناه: أحكم الحاكمين، والله سبحانه هو أحكم الحاكمين] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26، ط. دار الكتب العلمية): [ويحرم التسمية بملك الأملاك ونحوه، مما يوازي أسماء الله كسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ لما روى أحمد: «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إلَّا الله». ويحرم أيضًا التسمية بما لا يليق إلا بالله كقدوس، والبَر وخالق ورحمن؛ لأن معنى ذلك لا يليق بغيره تعالى] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الأملاك لحديث هو أقبح الأسماء عند الله. قال عياض: غيَّر صلى الله عليه وآله وسلم اسم حكيم وعزيز؛ لتشبيهه بأسماء صفات الله تعالى] اهـ.

ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد المسيح وعبد العزى وعبد الكعبة وما أشبه ذلك؛ لما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبخاري في "الأدب المفرد" عن هانئ بن يزيد رضي الله عنه: أنه لما وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع قومه، سمعهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمون رجلًا منهم عبد الحجر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: عَبْدُ الْحَجَرِ، قَالَ: «لَا، أَنْتَ عَبْدُ اللهِ».

وفي "مستدرك الحاكم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر، فسماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الرحمن".

وقال شهاب الدين الرملي في "نهاية المحتاج شرح المنهاج" (8/ 148، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الملوك؛ إذ لا يصلح لغيره تعالى، وكذا عبد الكعبة أو الدار أو علي أو الحسن؛ لإيهام التشريك، ومثله عبد النبي على ما قاله الأكثرون، والأوجه جوازه مع الكراهة، لا سيما عند إرادة النسبة له صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤخذ من العلة حرمة التسمية بجار الله ورفيق الله ونحوهما؛ لإيهامه المحذور أيضًا] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك اهـ، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، كعبد المسيح، قال ابن القيم: وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا ابن عبد المطلب»، فليس من باب إنشاء التسمية، بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، قال: وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق قاضي القضاة وحاكم الحكام، قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس] اهـ.

ويقاس عليها الأسماء التي تعني إثبات عقيدة باطلة كشنودة، فمعناها بالعربية: ابن الله، وغيرها، فهذه الأسماء مما يجب تغييرها، أو الأسماء الخاصة برجالهم وعلمائهم وشيوخهم كبولس، وبطرس، ويوحنا، ومتَّى، فإنها محرمة من جهة حرمة التشبه باليهود والنصارى.

وهناك من الأسماء ما يسن تغييرها لكراهتها، فمن هذه الأسماء التي تكره التسمية بها ويستحب تغييرها، الأسماء التي تكرهها النفوس وتشمئز منها كحَرْب ومُرَّة وكلب وحية، وقد أخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لِلِقْحَةٍ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مُرَّة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: حَرْبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: يَعِيشُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «احْلُبْ».

وأخرج البخاري عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه: أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: «مَا اسْمُكَ؟» قال: حزن، قال له: «أَنْتَ سَهْلٌ»، قال: لا أغير اسمًا سمّانيه أبي. قال سعيد بن المسيب: "فما زالت الحزونة فينا بعد".

قال صاحب "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (3/ 256، ط. دار الفكر): [يمنع بما قبح؛ كحرب، وحزن، وضرار] اهـ.

وقال صاحب "مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين" (4/ 294، ط. دار الفكر): [تكره الأسماء القبيحة؛ كشيطان، وظالم، وشهاب، وحمار، وكلب، ونحوه] اهـ.

وذكر الحنابلة أنه تكره تسميته بأسماء الجبابرة؛ كفرعون، وأسماء الشياطين؛ قال الإمام الرحيباني في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (2/ 495، ط. بيروت): [وكذا تكره التسمية بأسماء الشيطان؛ كمُرَّة، ووَلْهَان، والأعور، والأجْدَح، وكذا تكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة؛ كفرعون، وهامان، وقارون، والوليد] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [ويكره من الأسماء: حرب، ومرة، وحزن، ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ورافع، ورباح، والعاصي، وشهاب والمضطجع، ونبي ونحوها؛ كرسول] اهـ.

وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره الاسم القبيح للأشخاص والأماكن والقبائل والجبال؛ قال أبو داود في "سننه": وغَيَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ؛ سَمَّاهَا خَضِرَةَ، وَشِعْبَ الضَّلَالَةِ؛ سَمَّاهُ شِعْبَ الْهُدَى، وَبَنُو الزِّنْيَةِ؛ سَمَّاهُمْ بَنِى الرِّشْدَةِ، وَسَمَّى بَنِى مُغْوِيَةَ بَنِى رِشْدَةَ.

كما روي في السيرة النبوية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرّ في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما، فقالوا: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يجز بينهما، ولما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة واسمها يثرب لا تعرف بغير هذا الاسم، غيَّره بطيبة.

ومن هذه الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها: كل اسم يستقبح نفيه؛ كرباح، ويسار، فلو سُئل شخص سمى ابنه رباحًا: أعندك رباح؟ فيقول: ليس في البيت رباح، فإن ذلك يقع في نفس السامع موقعًا مقبوحًا، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا».

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ رضي الله عنه: «لَا تُسَمِّ غُلَامَك يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّك تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَتَقُولُ: لَا»: فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ، فَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَا يُطْرِقُ إلَى الطِّيَرَةِ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه: "أَنَّ الْآذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ: رَبَاحٌ"] اهـ.

ومن الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها أيضًا: كل اسم فيه تزكية للنفس وتعظيم لها، والأصل في ذلك ما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ».

قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418، ط. دار الكتب العلمية): [ويمنع التسمية بما فيه تزكية عن نحو: محيي الدين، وشمس الدين، مع ما فيه من الكذب، وألف بعض المالكية في المنع منه مؤلفًا، وصرح به القرطبي في شرح الأسماء الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ونقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين، ويقول: لا أجعل من دعاني به في حل، ومال إلى ذلك العارف بالله تعالى الشيخ سنان في كتابه "تبيين المحارم"، وأقام الطامة الكبرى على المتسمين بمثل ذلك، وأنه من التزكية المنهي عنها في القرآن، ومن الكذب] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال ابن الحاج في المدخل: قال القرطبي في شرح أسماء الله الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ثم قال: قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما قد كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العجم والعراق من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين ومحيي الدين وعلم الدين وشبه ذلك، ثم قال: ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [وكذا ما فيه تزكية؛ كالتقي، والزكي، والأشرف، والأفضل، وبرة. قال القاضي: وكل ما فيه تفخيم أو تعظيم] اهـ.

وبالجملة يستحب تغيير اسمه إلى اسم فيه عبودية لله سبحانه وتعالى ليشهر إسلامه به، ولكي يكون دلالة على انخلاعه عن الكفر، ودلالة على إسلامه، قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418): [أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، هذا لفظ حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعًا. قال المناوي: وعبد الله أفضل مطلقًا حتى من عبد الرحمن، وأفضلها بعدهما محمد، ثم أحمد ثم إبراهيم اهـ. وقال أيضًا في موضع آخر: ويلحق بهذين الاسمين -أي عبد الله وعبد الرحمن- ما كان مثلهما كعبد الرحيم وعبد الملك، وتفضيل التسمية بهما محمول على من أراد التسمي بالعبودية، لأنهم كانوا يسمون عبد شمس وعبد الدار، فلا ينافي أن اسم محمد وأحمد أحب إلى الله تعالى من جميع الأسماء، فإنه لم يختر لنبيه إلا ما هو أحب إليه، هذا هو الصواب، ولا يجوز حمله على الإطلاق اهـ. وورد: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا كَانَ هُوَ وَمَوْلُودُهُ فِي الْجَنَّةِ»، رواه ابن عساكر عن أمامة رفعه، قال السيوطي: هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن اهـ. وقال السخاوي: وأما قولهم خير الأسماء ما عبد وما حمد فما علمته]. اهـ.

وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال الباجي: من أفضلها ذو العبودية؛ لحديث: «إنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلَى الله عَبْدُ الله وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»، وقد سمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسن وحسين، وروى العتبي أن أهل مكة يتحدثون ما من بيت فيه اسم محمد إلا رأوا خيرًا ورزقوا] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 26): [ويسن أن يحسن اسمه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» رواه أبو داود، وحديث: «وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» رواه مسلم مرفوعًا. وكل ما أضيف إلى اسم من أسماء الله تعالى فحسن؛ كعبد الرحيم، وعبد الرزاق، وعبد الخالق، ونحوه، وكذا أسماء الأنبياء؛ كإبراهيم، ونوح، ومحمد، وصالح، وشبهها؛ لحديث: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» رواه أبو نعيم، قَالَ اللهُ تَعَالَى: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا عَذَّبْت أَحَدًا تَسَمَّى بِاسْمِك فِي النَّارِ»] اهـ.

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 305): [ولما كان الاسم مقتضيا لمسماه ومؤثرًا فيه كان أحب الأسماء إلى الله ما اقتضى أحب الأوصاف إليه؛ كعبد الله، وعبد الرحمن، وكان إضافة العبودية إلى اسم الله واسم الرحمن أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما؛ كالقاهر، والقادر، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر، وعبد الله أحب إليه من عبد ربه؛ وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة، والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبةً وخوفًا، ورجاءً وإجلالًا وتعظيمًا، فيكون عبدا لله، وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره، ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب، كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر]. اهـ.

وبناءً على ما سبق: فإنه يجوز شرعًا تغيير اسم الإنسان بعد دخوله الإسلام إذا كان ثَمَّ ما يدعو لذلك، وقد يكون هذا التغيير واجبًا، وقد يكون مندوبًا، ومستحبًا، على ما تم تفصيله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، فطُلِب من الإنسان أن يتسمى بأسماء صالحة، ذات معنى حسن، حتى يكون له نصيب من اسمه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة، فروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه: أن ابنة لعمر كانت يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميلة رضي الله عنها، ولما أخرج أبو داود في "سننه" عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ».

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 337، ط. مؤسسة الرسالة): [لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها؛ فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة] اهـ.

والفأل بالكلمة الحسنة من السنة، فلقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الاسم الحسن يتفاءل به الخير، ويكره الاسم القبيح ليس عن التشاؤم والطيرة المنهي عنها، وإنما استبشاع للفظة وذكر معناها الذي يحذر منه، وقد روى البخاري ومسلم وأبو داود -واللفظ له- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ»، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ»، ومن تلك الأسماء التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معناها وتفاءل بالخير في معانيها، وحذر من الشر الذي في معانيها، ووافق تفاؤله صلى الله عليه وآله وسلم وتحذيره الواقع؛ قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم وأحمد -واللفظ له- عن ابْنَ عُمَرَ رضي لله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ».

وقد أخبرت السيرة بأن أسلم وغفار قبيلتان أسلمتا لله رب العالمين، وجاء أفرادهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مطيعين مخبتين، وأما عصية فإنها حاربت الله ورسوله، واشتركت مع رِعْل وذَكْوان في قتل أصحابه عليه الصلاة والسلام.

وأخرج الإمام الهيثمي في "مجمع الزوائد" عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما نزل الحسين وأصحابه في كربلاء، سئل عن اسمها، فقيل له: كربلاء، فقال: سبحان الله: كرب وبلاء، وكان ذلك فعلًا".

وذكر الإمام علي بن برهان الحلبي في "السيرة الحلبية": لما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب، تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو صغير قال لها: من أنت؟ قالت: امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟ قالت: حليمة، قال: بخٍ بخٍ سَعْدٌ وحِلمٌ هاتان خلتان فيهما غناء الدهر.

وأخرج البيهقي والحاكم -واللفظ له- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ»، وهو صحيح على شرط الشيخين وليس له علة.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295، ط. دار الكتاب الإسلامي): [والفرق بين هذا وبين الطيرة الممنوعة أن الطيرة ليس في لفظها ولا في منظرها شيء مكروه ولا مستبشع، وإنما يعتقد أن عند لقائها على وجه مخصوص يكون الشؤم ويمتنع المراد، وليس كذلك هذه الأسماء؛ فإنها أسماء مكروهة قبيحة يستبشع ذكرها وسماعها، ويذكر بما يحذر من معانيها، فاسم حرب يذكر بما يحذر من الحرب، وكذلك مُرَّة فتكرهه النفوس لذلك، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب الفأل الحسن، وقد روي عنه أنه قال: «أُحِبُّ الْفَأْلَ». قيل له: وما الفأل؟ قال: «الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ» وهي التي تذكر بما يرجوه من الخير فتسر به النفس، وربما كان بمعنى البشارة بما قدره الله عز وجل من الخير، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية، وقد طلع سهيل بن عمر: «قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ» فكان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وأخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ سيدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: جَمْرَةُ. قَالَ: ابْنُ مَنْ؟ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنَ الْحُرَقَةِ. قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قَالَ: بِحَرَّةِ النَّارِ. قَالَ: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظَى. قَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدِ احْتَرَقُوا. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

قال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 295-299): [وهذا على معنى التفاؤل لسماعه، وقد كانت هذه حال هذا الرجل قبل ذلك مما احترق أهله، ولكنه شيء يلقيه الله عز وجل في قلب المتفائل، عند سماع الفأل من السرور بالشيء، وقوة رجائه فيه، أو التوجع من الشيء، وشدة حذره منه يظن ذلك ويلقيه الله سبحانه على لسانه، وقد وافق ذلك ما قدر الله تعالى، ويكون بعض الناس في ذلك أكثر موافقة من بعض، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يَكُونُ مُحَدِّثُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوحَى إلَيْهِمْ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ فَعُمَرُ»] اهـ.

وقد يتسمى غير المسلم بأسماء قبيحة محرمة أو مكروهة، أو يتسمى بأسماء حسنة، فيجب على غير المسلم إذا أسلم أن يغير اسمه القبيح إن كان هذا الاسم محرمًا، ويسن له أن يغيره إن كان مكروهًا، ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، إذا كان الاسم خاصًّا بالله سبحانه وتعالى كالخالق، والقدوس، والأحد، والصمد، والرازق، والجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى كملك الملوك، وسلطان السلاطين، وحاكم الحكام، وغير هذا، ويدل عليه حديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ»، قال سفيان: "يقول غيره: تفسيره شاهان شاه"، ومعنى «أَخْنَى»: أكره وأوضع.

وفي لفظ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ، رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللهُ».

قال العلامة العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 215، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويمتنع أن يقال: أقضى القضاة، لأن معناه: أحكم الحاكمين، والله سبحانه هو أحكم الحاكمين] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26، ط. دار الكتب العلمية): [ويحرم التسمية بملك الأملاك ونحوه، مما يوازي أسماء الله كسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ لما روى أحمد: «اشْتَدَّ غَضَبُ الله عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إلَّا الله». ويحرم أيضًا التسمية بما لا يليق إلا بالله كقدوس، والبَر وخالق ورحمن؛ لأن معنى ذلك لا يليق بغيره تعالى] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الأملاك لحديث هو أقبح الأسماء عند الله. قال عياض: غيَّر صلى الله عليه وآله وسلم اسم حكيم وعزيز؛ لتشبيهه بأسماء صفات الله تعالى] اهـ.

ومن هذه الأسماء المحرمة التي يجب تغييرها بعد الإسلام، كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد المسيح وعبد العزى وعبد الكعبة وما أشبه ذلك؛ لما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبخاري في "الأدب المفرد" عن هانئ بن يزيد رضي الله عنه: أنه لما وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع قومه، سمعهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمون رجلًا منهم عبد الحجر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: عَبْدُ الْحَجَرِ، قَالَ: «لَا، أَنْتَ عَبْدُ اللهِ».

وفي "مستدرك الحاكم" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان اسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر، فسماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الرحمن".

وقال شهاب الدين الرملي في "نهاية المحتاج شرح المنهاج" (8/ 148، ط. دار الفكر): [ويحرم بملك الملوك؛ إذ لا يصلح لغيره تعالى، وكذا عبد الكعبة أو الدار أو علي أو الحسن؛ لإيهام التشريك، ومثله عبد النبي على ما قاله الأكثرون، والأوجه جوازه مع الكراهة، لا سيما عند إرادة النسبة له صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤخذ من العلة حرمة التسمية بجار الله ورفيق الله ونحوهما؛ لإيهامه المحذور أيضًا] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله تعالى كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك اهـ، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، كعبد المسيح، قال ابن القيم: وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا ابن عبد المطلب»، فليس من باب إنشاء التسمية، بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، قال: وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق قاضي القضاة وحاكم الحكام، قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس] اهـ.

ويقاس عليها الأسماء التي تعني إثبات عقيدة باطلة كشنودة، فمعناها بالعربية: ابن الله، وغيرها، فهذه الأسماء مما يجب تغييرها، أو الأسماء الخاصة برجالهم وعلمائهم وشيوخهم كبولس، وبطرس، ويوحنا، ومتَّى، فإنها محرمة من جهة حرمة التشبه باليهود والنصارى.

وهناك من الأسماء ما يسن تغييرها لكراهتها، فمن هذه الأسماء التي تكره التسمية بها ويستحب تغييرها، الأسماء التي تكرهها النفوس وتشمئز منها كحَرْب ومُرَّة وكلب وحية، وقد أخرج الإمام مالك في "الموطأ" عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لِلِقْحَةٍ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مُرَّة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: حَرْبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَحْلُبُ هذِهِ؟» فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: يَعِيشُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «احْلُبْ».

وأخرج البخاري عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه: أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: «مَا اسْمُكَ؟» قال: حزن، قال له: «أَنْتَ سَهْلٌ»، قال: لا أغير اسمًا سمّانيه أبي. قال سعيد بن المسيب: "فما زالت الحزونة فينا بعد".

قال صاحب "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (3/ 256، ط. دار الفكر): [يمنع بما قبح؛ كحرب، وحزن، وضرار] اهـ.

وقال صاحب "مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين" (4/ 294، ط. دار الفكر): [تكره الأسماء القبيحة؛ كشيطان، وظالم، وشهاب، وحمار، وكلب، ونحوه] اهـ.

وذكر الحنابلة أنه تكره تسميته بأسماء الجبابرة؛ كفرعون، وأسماء الشياطين؛ قال الإمام الرحيباني في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (2/ 495، ط. بيروت): [وكذا تكره التسمية بأسماء الشيطان؛ كمُرَّة، ووَلْهَان، والأعور، والأجْدَح، وكذا تكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة؛ كفرعون، وهامان، وقارون، والوليد] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [ويكره من الأسماء: حرب، ومرة، وحزن، ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ورافع، ورباح، والعاصي، وشهاب والمضطجع، ونبي ونحوها؛ كرسول] اهـ.

وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يكره الاسم القبيح للأشخاص والأماكن والقبائل والجبال؛ قال أبو داود في "سننه": وغَيَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ؛ سَمَّاهَا خَضِرَةَ، وَشِعْبَ الضَّلَالَةِ؛ سَمَّاهُ شِعْبَ الْهُدَى، وَبَنُو الزِّنْيَةِ؛ سَمَّاهُمْ بَنِى الرِّشْدَةِ، وَسَمَّى بَنِى مُغْوِيَةَ بَنِى رِشْدَةَ.

كما روي في السيرة النبوية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرّ في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما، فقالوا: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يجز بينهما، ولما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة واسمها يثرب لا تعرف بغير هذا الاسم، غيَّره بطيبة.

ومن هذه الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها: كل اسم يستقبح نفيه؛ كرباح، ويسار، فلو سُئل شخص سمى ابنه رباحًا: أعندك رباح؟ فيقول: ليس في البيت رباح، فإن ذلك يقع في نفس السامع موقعًا مقبوحًا، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا».

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ رضي الله عنه: «لَا تُسَمِّ غُلَامَك يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ؛ فَإِنَّك تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَتَقُولُ: لَا»: فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ، فَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَا يُطْرِقُ إلَى الطِّيَرَةِ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه: "أَنَّ الْآذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ: رَبَاحٌ"] اهـ.

ومن الأسماء التي يستحب تغييرها لكراهتها أيضًا: كل اسم فيه تزكية للنفس وتعظيم لها، والأصل في ذلك ما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ».

قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418، ط. دار الكتب العلمية): [ويمنع التسمية بما فيه تزكية عن نحو: محيي الدين، وشمس الدين، مع ما فيه من الكذب، وألف بعض المالكية في المنع منه مؤلفًا، وصرح به القرطبي في شرح الأسماء الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ونقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين، ويقول: لا أجعل من دعاني به في حل، ومال إلى ذلك العارف بالله تعالى الشيخ سنان في كتابه "تبيين المحارم"، وأقام الطامة الكبرى على المتسمين بمثل ذلك، وأنه من التزكية المنهي عنها في القرآن، ومن الكذب] اهـ.

وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال ابن الحاج في المدخل: قال القرطبي في شرح أسماء الله الحسنى: قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، ثم قال: قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما قد كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العجم والعراق من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين ومحيي الدين وعلم الدين وشبه ذلك، ثم قال: ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (3/ 26): [وكذا ما فيه تزكية؛ كالتقي، والزكي، والأشرف، والأفضل، وبرة. قال القاضي: وكل ما فيه تفخيم أو تعظيم] اهـ.

وبالجملة يستحب تغيير اسمه إلى اسم فيه عبودية لله سبحانه وتعالى ليشهر إسلامه به، ولكي يكون دلالة على انخلاعه عن الكفر، ودلالة على إسلامه، قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 418): [أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، هذا لفظ حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعًا. قال المناوي: وعبد الله أفضل مطلقًا حتى من عبد الرحمن، وأفضلها بعدهما محمد، ثم أحمد ثم إبراهيم اهـ. وقال أيضًا في موضع آخر: ويلحق بهذين الاسمين -أي عبد الله وعبد الرحمن- ما كان مثلهما كعبد الرحيم وعبد الملك، وتفضيل التسمية بهما محمول على من أراد التسمي بالعبودية، لأنهم كانوا يسمون عبد شمس وعبد الدار، فلا ينافي أن اسم محمد وأحمد أحب إلى الله تعالى من جميع الأسماء، فإنه لم يختر لنبيه إلا ما هو أحب إليه، هذا هو الصواب، ولا يجوز حمله على الإطلاق اهـ. وورد: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا كَانَ هُوَ وَمَوْلُودُهُ فِي الْجَنَّةِ»، رواه ابن عساكر عن أمامة رفعه، قال السيوطي: هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن اهـ. وقال السخاوي: وأما قولهم خير الأسماء ما عبد وما حمد فما علمته]. اهـ.

وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (3/ 257، ط. دار الفكر): [قال الباجي: من أفضلها ذو العبودية؛ لحديث: «إنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلَى الله عَبْدُ الله وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»، وقد سمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسن وحسين، وروى العتبي أن أهل مكة يتحدثون ما من بيت فيه اسم محمد إلا رأوا خيرًا ورزقوا] اهـ.

قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 26): [ويسن أن يحسن اسمه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» رواه أبو داود، وحديث: «وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» رواه مسلم مرفوعًا. وكل ما أضيف إلى اسم من أسماء الله تعالى فحسن؛ كعبد الرحيم، وعبد الرزاق، وعبد الخالق، ونحوه، وكذا أسماء الأنبياء؛ كإبراهيم، ونوح، ومحمد، وصالح، وشبهها؛ لحديث: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» رواه أبو نعيم، قَالَ اللهُ تَعَالَى: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا عَذَّبْت أَحَدًا تَسَمَّى بِاسْمِك فِي النَّارِ»] اهـ.

قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (2/ 305): [ولما كان الاسم مقتضيا لمسماه ومؤثرًا فيه كان أحب الأسماء إلى الله ما اقتضى أحب الأوصاف إليه؛ كعبد الله، وعبد الرحمن، وكان إضافة العبودية إلى اسم الله واسم الرحمن أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما؛ كالقاهر، والقادر، فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر، وعبد الله أحب إليه من عبد ربه؛ وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة، والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبةً وخوفًا، ورجاءً وإجلالًا وتعظيمًا، فيكون عبدا لله، وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره، ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب، كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر]. اهـ.

وبناءً على ما سبق: فإنه يجوز شرعًا تغيير اسم الإنسان بعد دخوله الإسلام إذا كان ثَمَّ ما يدعو لذلك، وقد يكون هذا التغيير واجبًا، وقد يكون مندوبًا، ومستحبًا، على ما تم تفصيله.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا
;