ما حكم الالتفات في الأذان -يمينًا وشمالًا- أثناء الأذان في مكبر الصوت في الحيعلتين؟
حكم الالتفات أثناء الأذان في مكبر الصوت
الأذان في اللغة: الإعلام، وشرعًا: قول مخصوص يُعلم به وقت الصلاة المفروضة. انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 317، ط. دار الكتب العلمية).
والحيعلتان: مثنى حيعلة من حيعل، والمقصود بهما قول المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ قال الخليل: حيعل الرجل إذا قال: حي على الصلاة. قال: والعرب تفعل هذا إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى، منه قولهم: لا تبرقل علينا؛ والبرقلة: كلام لا يتبعه فعل، مأخوذ من البرق الذي لا مطر معه. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (11/ 705، ط. دار صادر).
والالتفات في حيعلتي الأذان يمينًا وشمالًا مستحب ثبتت مشروعيته بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: وأذَّن بلال رضي الله عنه، قال: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يقول: يمينًا وشمالًا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح".
وفي رواية أبي داود: "رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إِلَى الْأَبْطَحِ فَأَذَّنَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ".
ولا عبرة بمكبر الصوت فإنه يسمع الناس الأذان، ولا يعطل سنة الالتفات؛ كما قال ابن عابدين: والالتفات من سنن الأذان، فلا يخل المؤذن بشيء منها، ولو منفردًا، ولو في أذان المولود ينبغي أن يحول وجهه. انظر: "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 387، ط. دار الكتب العلمية).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (2/ 115، ط. دار المعرفة): [وهذا فيه تقييد للالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، وبوب عليها ابن خزيمة انحراف المؤذن عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، بفمه لا ببدنه كله، قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه]. اهـ.
وقال الإمام العيني في "عمدة القاري" (5/ 147، ط. دار إحياء التراث العربي): [قول البخاري: (وهل يلتفت؟) أي: هل يلتفت المؤذن في الأذان؟ نعم يلتفت: يدل عليه رواية الإسماعيلي المذكورة، ورواية أبي داود أيضًا تدل عليه، والمراد من الالتفات أن يلوي عنقه ولا يحوّل صدره عن القبلة، ولا يزيل قدميه عن مكانهما، وسواء المنارة وغيرها، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأبو ثور، وأحمد في رواية]. اهـ.
قال الإمام الحصكفي: ويلتفت في الأذان -يمينًا ويسارًا فقط؛ لئلا يستدبر القبلة- بصلاة وفلاح، ولو وحده أو لمولود؛ لأنه سنة الأذان مطلقًا. انظر: "الدر المختار" (1/ 259 ط. إحياء التراث).
وقال العلامة البابرتي الحنفي في "العناية شرح الهداية" (1/ 244، ط. دار الفكر): [ويحول وجهه عند قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، يمنة ويسرة؛ لأنه خطاب للقوم فيواجههم به. قيل: لو كان كذلك لحول وراءه أيضًا؛ لأن القوم كما يكونون فيها كذلك يكونون في الخلف، وأجيب بأنه إنما لم يحول وراءه أيضًا؛ لأن فيه استدبار القبلة فيما هو دعاء إلى التوجه إليها فاكتفى فيه بما يحصل لهم من بلوغ الصوت عند تحويل الوجه يمنة ويسرة]. اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 115، ط. المطبعة المنيرية بتصرف): [والسنة أن يلتفت في الحيعلتين يمينًا وشمالًا ولا يستدير، سواء كان على الأرض أو على منارةٍ، وأصح الأوجه في كيفية الالتفات المستحب، أنه يلتفت عن يمينه فيقول: (حي على الصلاة) مرتين، ثم يلتفت عن يساره فيقول: (حي على الفلاح) مرتين، وبه قال النخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور وهو رواية عن أحمد]. اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 322): [ويسن الالتفات بعنقه في حيعلات الأذان والإقامة، لا بصدره، من غير انتقال عن محله ولو بمنارة؛ محافظة على الاستقبال يمينًا مرة في قوله: حي على الصلاة مرتين، وشمالًا مرة في قوله: حي على الفلاح. مرتين، حتى يتمهما في الالتفاتين، واختصت الحيعلتان بالالتفات؛ لأنه دعاء إلى الصلاة باق، بخلاف الكلمات]. اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 309، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يدير وجهه على يمينه، إذا قال: (حي على الصلاة)، وعلى يساره، إذا قال: (حي على الفلاح)، ولا يزيل قدميه عن القبلة في التفاته؛ لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "رأيت بلالًا يؤذن، وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه". متفق عليه. وفي لفظ قال: "فلما بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح، التفت يمينًا وشمالًا، ولم يستدر". رواه أبو داود]. اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإن التفات المؤذن عند قوله: (حي على الصلاة)، و(حي على الفلاح) أمرٌ مندوبٌ ومستحبٌّ، ولا علاقة لهذه السنة بما إن كان المؤذن يؤدي الأذان عن طريق مكبر الصوت أوْ لا، فهي سنة تتعلق بكيفية الأذان وهيئته في جميع الأحوال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
الأذان في اللغة: الإعلام، وشرعًا: قول مخصوص يُعلم به وقت الصلاة المفروضة. انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 317، ط. دار الكتب العلمية).
والحيعلتان: مثنى حيعلة من حيعل، والمقصود بهما قول المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ قال الخليل: حيعل الرجل إذا قال: حي على الصلاة. قال: والعرب تفعل هذا إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى، منه قولهم: لا تبرقل علينا؛ والبرقلة: كلام لا يتبعه فعل، مأخوذ من البرق الذي لا مطر معه. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (11/ 705، ط. دار صادر).
والالتفات في حيعلتي الأذان يمينًا وشمالًا مستحب ثبتت مشروعيته بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: وأذَّن بلال رضي الله عنه، قال: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يقول: يمينًا وشمالًا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح".
وفي رواية أبي داود: "رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إِلَى الْأَبْطَحِ فَأَذَّنَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ".
ولا عبرة بمكبر الصوت فإنه يسمع الناس الأذان، ولا يعطل سنة الالتفات؛ كما قال ابن عابدين: والالتفات من سنن الأذان، فلا يخل المؤذن بشيء منها، ولو منفردًا، ولو في أذان المولود ينبغي أن يحول وجهه. انظر: "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 387، ط. دار الكتب العلمية).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (2/ 115، ط. دار المعرفة): [وهذا فيه تقييد للالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، وبوب عليها ابن خزيمة انحراف المؤذن عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، بفمه لا ببدنه كله، قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه]. اهـ.
وقال الإمام العيني في "عمدة القاري" (5/ 147، ط. دار إحياء التراث العربي): [قول البخاري: (وهل يلتفت؟) أي: هل يلتفت المؤذن في الأذان؟ نعم يلتفت: يدل عليه رواية الإسماعيلي المذكورة، ورواية أبي داود أيضًا تدل عليه، والمراد من الالتفات أن يلوي عنقه ولا يحوّل صدره عن القبلة، ولا يزيل قدميه عن مكانهما، وسواء المنارة وغيرها، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأبو ثور، وأحمد في رواية]. اهـ.
قال الإمام الحصكفي: ويلتفت في الأذان -يمينًا ويسارًا فقط؛ لئلا يستدبر القبلة- بصلاة وفلاح، ولو وحده أو لمولود؛ لأنه سنة الأذان مطلقًا. انظر: "الدر المختار" (1/ 259 ط. إحياء التراث).
وقال العلامة البابرتي الحنفي في "العناية شرح الهداية" (1/ 244، ط. دار الفكر): [ويحول وجهه عند قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، يمنة ويسرة؛ لأنه خطاب للقوم فيواجههم به. قيل: لو كان كذلك لحول وراءه أيضًا؛ لأن القوم كما يكونون فيها كذلك يكونون في الخلف، وأجيب بأنه إنما لم يحول وراءه أيضًا؛ لأن فيه استدبار القبلة فيما هو دعاء إلى التوجه إليها فاكتفى فيه بما يحصل لهم من بلوغ الصوت عند تحويل الوجه يمنة ويسرة]. اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 115، ط. المطبعة المنيرية بتصرف): [والسنة أن يلتفت في الحيعلتين يمينًا وشمالًا ولا يستدير، سواء كان على الأرض أو على منارةٍ، وأصح الأوجه في كيفية الالتفات المستحب، أنه يلتفت عن يمينه فيقول: (حي على الصلاة) مرتين، ثم يلتفت عن يساره فيقول: (حي على الفلاح) مرتين، وبه قال النخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور وهو رواية عن أحمد]. اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 322): [ويسن الالتفات بعنقه في حيعلات الأذان والإقامة، لا بصدره، من غير انتقال عن محله ولو بمنارة؛ محافظة على الاستقبال يمينًا مرة في قوله: حي على الصلاة مرتين، وشمالًا مرة في قوله: حي على الفلاح. مرتين، حتى يتمهما في الالتفاتين، واختصت الحيعلتان بالالتفات؛ لأنه دعاء إلى الصلاة باق، بخلاف الكلمات]. اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 309، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يدير وجهه على يمينه، إذا قال: (حي على الصلاة)، وعلى يساره، إذا قال: (حي على الفلاح)، ولا يزيل قدميه عن القبلة في التفاته؛ لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "رأيت بلالًا يؤذن، وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه". متفق عليه. وفي لفظ قال: "فلما بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح، التفت يمينًا وشمالًا، ولم يستدر". رواه أبو داود]. اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإن التفات المؤذن عند قوله: (حي على الصلاة)، و(حي على الفلاح) أمرٌ مندوبٌ ومستحبٌّ، ولا علاقة لهذه السنة بما إن كان المؤذن يؤدي الأذان عن طريق مكبر الصوت أوْ لا، فهي سنة تتعلق بكيفية الأذان وهيئته في جميع الأحوال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
حكم الالتفات أثناء الأذان في مكبر الصوت
ما حكم الالتفات في الأذان -يمينًا وشمالًا- أثناء الأذان في مكبر الصوت في الحيعلتين؟
الأذان في اللغة: الإعلام، وشرعًا: قول مخصوص يُعلم به وقت الصلاة المفروضة. انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 317، ط. دار الكتب العلمية).
والحيعلتان: مثنى حيعلة من حيعل، والمقصود بهما قول المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ قال الخليل: حيعل الرجل إذا قال: حي على الصلاة. قال: والعرب تفعل هذا إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى، منه قولهم: لا تبرقل علينا؛ والبرقلة: كلام لا يتبعه فعل، مأخوذ من البرق الذي لا مطر معه. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (11/ 705، ط. دار صادر).
والالتفات في حيعلتي الأذان يمينًا وشمالًا مستحب ثبتت مشروعيته بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: وأذَّن بلال رضي الله عنه، قال: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يقول: يمينًا وشمالًا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح".
وفي رواية أبي داود: "رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إِلَى الْأَبْطَحِ فَأَذَّنَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ".
ولا عبرة بمكبر الصوت فإنه يسمع الناس الأذان، ولا يعطل سنة الالتفات؛ كما قال ابن عابدين: والالتفات من سنن الأذان، فلا يخل المؤذن بشيء منها، ولو منفردًا، ولو في أذان المولود ينبغي أن يحول وجهه. انظر: "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 387، ط. دار الكتب العلمية).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (2/ 115، ط. دار المعرفة): [وهذا فيه تقييد للالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، وبوب عليها ابن خزيمة انحراف المؤذن عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، بفمه لا ببدنه كله، قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه]. اهـ.
وقال الإمام العيني في "عمدة القاري" (5/ 147، ط. دار إحياء التراث العربي): [قول البخاري: (وهل يلتفت؟) أي: هل يلتفت المؤذن في الأذان؟ نعم يلتفت: يدل عليه رواية الإسماعيلي المذكورة، ورواية أبي داود أيضًا تدل عليه، والمراد من الالتفات أن يلوي عنقه ولا يحوّل صدره عن القبلة، ولا يزيل قدميه عن مكانهما، وسواء المنارة وغيرها، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأبو ثور، وأحمد في رواية]. اهـ.
قال الإمام الحصكفي: ويلتفت في الأذان -يمينًا ويسارًا فقط؛ لئلا يستدبر القبلة- بصلاة وفلاح، ولو وحده أو لمولود؛ لأنه سنة الأذان مطلقًا. انظر: "الدر المختار" (1/ 259 ط. إحياء التراث).
وقال العلامة البابرتي الحنفي في "العناية شرح الهداية" (1/ 244، ط. دار الفكر): [ويحول وجهه عند قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، يمنة ويسرة؛ لأنه خطاب للقوم فيواجههم به. قيل: لو كان كذلك لحول وراءه أيضًا؛ لأن القوم كما يكونون فيها كذلك يكونون في الخلف، وأجيب بأنه إنما لم يحول وراءه أيضًا؛ لأن فيه استدبار القبلة فيما هو دعاء إلى التوجه إليها فاكتفى فيه بما يحصل لهم من بلوغ الصوت عند تحويل الوجه يمنة ويسرة]. اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 115، ط. المطبعة المنيرية بتصرف): [والسنة أن يلتفت في الحيعلتين يمينًا وشمالًا ولا يستدير، سواء كان على الأرض أو على منارةٍ، وأصح الأوجه في كيفية الالتفات المستحب، أنه يلتفت عن يمينه فيقول: (حي على الصلاة) مرتين، ثم يلتفت عن يساره فيقول: (حي على الفلاح) مرتين، وبه قال النخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور وهو رواية عن أحمد]. اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 322): [ويسن الالتفات بعنقه في حيعلات الأذان والإقامة، لا بصدره، من غير انتقال عن محله ولو بمنارة؛ محافظة على الاستقبال يمينًا مرة في قوله: حي على الصلاة مرتين، وشمالًا مرة في قوله: حي على الفلاح. مرتين، حتى يتمهما في الالتفاتين، واختصت الحيعلتان بالالتفات؛ لأنه دعاء إلى الصلاة باق، بخلاف الكلمات]. اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 309، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يدير وجهه على يمينه، إذا قال: (حي على الصلاة)، وعلى يساره، إذا قال: (حي على الفلاح)، ولا يزيل قدميه عن القبلة في التفاته؛ لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "رأيت بلالًا يؤذن، وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه". متفق عليه. وفي لفظ قال: "فلما بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح، التفت يمينًا وشمالًا، ولم يستدر". رواه أبو داود]. اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإن التفات المؤذن عند قوله: (حي على الصلاة)، و(حي على الفلاح) أمرٌ مندوبٌ ومستحبٌّ، ولا علاقة لهذه السنة بما إن كان المؤذن يؤدي الأذان عن طريق مكبر الصوت أوْ لا، فهي سنة تتعلق بكيفية الأذان وهيئته في جميع الأحوال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
الأذان في اللغة: الإعلام، وشرعًا: قول مخصوص يُعلم به وقت الصلاة المفروضة. انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 317، ط. دار الكتب العلمية).
والحيعلتان: مثنى حيعلة من حيعل، والمقصود بهما قول المؤذن: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ قال الخليل: حيعل الرجل إذا قال: حي على الصلاة. قال: والعرب تفعل هذا إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى، منه قولهم: لا تبرقل علينا؛ والبرقلة: كلام لا يتبعه فعل، مأخوذ من البرق الذي لا مطر معه. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (11/ 705، ط. دار صادر).
والالتفات في حيعلتي الأذان يمينًا وشمالًا مستحب ثبتت مشروعيته بإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: وأذَّن بلال رضي الله عنه، قال: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يقول: يمينًا وشمالًا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح".
وفي رواية أبي داود: "رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إِلَى الْأَبْطَحِ فَأَذَّنَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ".
ولا عبرة بمكبر الصوت فإنه يسمع الناس الأذان، ولا يعطل سنة الالتفات؛ كما قال ابن عابدين: والالتفات من سنن الأذان، فلا يخل المؤذن بشيء منها، ولو منفردًا، ولو في أذان المولود ينبغي أن يحول وجهه. انظر: "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 387، ط. دار الكتب العلمية).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (2/ 115، ط. دار المعرفة): [وهذا فيه تقييد للالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، وبوب عليها ابن خزيمة انحراف المؤذن عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح، بفمه لا ببدنه كله، قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه]. اهـ.
وقال الإمام العيني في "عمدة القاري" (5/ 147، ط. دار إحياء التراث العربي): [قول البخاري: (وهل يلتفت؟) أي: هل يلتفت المؤذن في الأذان؟ نعم يلتفت: يدل عليه رواية الإسماعيلي المذكورة، ورواية أبي داود أيضًا تدل عليه، والمراد من الالتفات أن يلوي عنقه ولا يحوّل صدره عن القبلة، ولا يزيل قدميه عن مكانهما، وسواء المنارة وغيرها، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأبو ثور، وأحمد في رواية]. اهـ.
قال الإمام الحصكفي: ويلتفت في الأذان -يمينًا ويسارًا فقط؛ لئلا يستدبر القبلة- بصلاة وفلاح، ولو وحده أو لمولود؛ لأنه سنة الأذان مطلقًا. انظر: "الدر المختار" (1/ 259 ط. إحياء التراث).
وقال العلامة البابرتي الحنفي في "العناية شرح الهداية" (1/ 244، ط. دار الفكر): [ويحول وجهه عند قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، يمنة ويسرة؛ لأنه خطاب للقوم فيواجههم به. قيل: لو كان كذلك لحول وراءه أيضًا؛ لأن القوم كما يكونون فيها كذلك يكونون في الخلف، وأجيب بأنه إنما لم يحول وراءه أيضًا؛ لأن فيه استدبار القبلة فيما هو دعاء إلى التوجه إليها فاكتفى فيه بما يحصل لهم من بلوغ الصوت عند تحويل الوجه يمنة ويسرة]. اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 115، ط. المطبعة المنيرية بتصرف): [والسنة أن يلتفت في الحيعلتين يمينًا وشمالًا ولا يستدير، سواء كان على الأرض أو على منارةٍ، وأصح الأوجه في كيفية الالتفات المستحب، أنه يلتفت عن يمينه فيقول: (حي على الصلاة) مرتين، ثم يلتفت عن يساره فيقول: (حي على الفلاح) مرتين، وبه قال النخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور وهو رواية عن أحمد]. اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 322): [ويسن الالتفات بعنقه في حيعلات الأذان والإقامة، لا بصدره، من غير انتقال عن محله ولو بمنارة؛ محافظة على الاستقبال يمينًا مرة في قوله: حي على الصلاة مرتين، وشمالًا مرة في قوله: حي على الفلاح. مرتين، حتى يتمهما في الالتفاتين، واختصت الحيعلتان بالالتفات؛ لأنه دعاء إلى الصلاة باق، بخلاف الكلمات]. اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 309، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يدير وجهه على يمينه، إذا قال: (حي على الصلاة)، وعلى يساره، إذا قال: (حي على الفلاح)، ولا يزيل قدميه عن القبلة في التفاته؛ لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "رأيت بلالًا يؤذن، وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه". متفق عليه. وفي لفظ قال: "فلما بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح، التفت يمينًا وشمالًا، ولم يستدر". رواه أبو داود]. اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإن التفات المؤذن عند قوله: (حي على الصلاة)، و(حي على الفلاح) أمرٌ مندوبٌ ومستحبٌّ، ولا علاقة لهذه السنة بما إن كان المؤذن يؤدي الأذان عن طريق مكبر الصوت أوْ لا، فهي سنة تتعلق بكيفية الأذان وهيئته في جميع الأحوال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.