الدم الخارج ممن تم استئصال رحمها

ما حكم الدم الخارج ممن استؤصل رحمها؛ هل هو حيض أو دم فساد؟

تقوم بعض النساء باستئصال رحمها لسبب ما، ومعنى ذلك في العادة أنها لن يكون هناك حيض إذا كانت الإزالة كلية بما في ذلك المبيض، ولكن قد تجد تلك المرأة أحيانًا دمًا يسيل منها، فتتساءل: هل هذا يعد حيضًا أم لا؟

وهذه الصورة واضحة التعلق ببابها الأصلي، وهو باب الحيض؛ حيث يعرف الفقهاء على اختلاف مذاهبهم الحيض، ويمكن فهم المسألة من خلال ذلك التعريف، وإن لم يكن هناك نص في المسألة بعينها.

والحيض: دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة ثم يعتادها في أوقات معلومة. ينظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 322، ط. مكتبة القاهرة).

والحكم في هذه المسألة: أن هذا الدم النازل من فرج المرأة بعد استئصال رحمها، لا يعد حيضًا بحال من الأحوال؛ وعليه فإن المرأة تحيا حياتها طاهرة تصلي وتصوم ويأتيها زوجها، ولا تمتنع عن شيء كانت تمتنع عنه وقت حيضها، وعدتها تكون بالأشهر لا بالأقراء.

والدليل على ذلك: أن الحيض يكون نتيجة التبويض في الرحم، فإن لم يتم التبويض لصغر أو كبر فلا حيض، وعليه تكلم الفقهاء في أقل السن وأكبر السن التي تحيض فيه المرأة؛ قال الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: 4].

وما ذكرناه هو ما اعتمده الفقهاء في تعريفهم الحيض بأنه الدم النازل من الرحم، فإن لم يكن هناك رحم فلا حيض بالتعريف، ويعد هذا من قبيل ذهاب المحل، وله نظائره الكثيرة في الفقه.

ومن الأدلة من السنة الشريفة الحديث الطويل عن القيامة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ؛ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ؛ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ، أَوْ إِلَى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له.

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أشار للالتفات إلى واقع الأشياء وتغيرها وتأثرها بما يطرأ عليها، بل وأطلق عليها الصدق والكذب بحسب الواقع والأمارة، كما في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه فِي حديث الملاعنة، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أُرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ، ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا» فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى المَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. أخرجه البخاري.

ومما تقدم يتضح اعتماد الشارع لكلام أهل الخبرة؛ ولذا اعتمدنا نفي الحيض بذهاب الرحم.

وأما ما ذكر في بعض المختصرات: بأنه ما نزل من الفرج، فقد أوضحته الشروح والحواشي بأن المقصود هو ما نزل من الرحم، فليس هناك اختلاف في أقوال الفقهاء، وهذه هي التعريفات من المذاهب الأربعة:

قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 39، ط. دار الكتب العلمية): [(أَمَّا) الْحَيْضُ فَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِدَمٍ خَارِجٍ مِنْ الرَّحِمِ لَا يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ لَوْنِ الدَّمِ، وَحَالِهِ، وَمَعْرِفَةِ خُرُوجِهِ، وَمِقْدَارِهِ، وَوَقْتِهِ] اهـ.

وقال العلامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (1/ 539، ط. دار الكتب العلمية): [ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَيْضُ دَمٌ تَلْقِيهِ رَحِمٌ مُعْتَادٌ حَمْلُهَا دُونَ وِلَادَةٍ] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 99، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(كِتَابُ الْحَيْضِ) وَهُوَ لُغَةً السَّيَلَانُ يُقَالُ حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ، وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ] اهـ.

وقال العلامة أبو النجا الحجاوي في "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" (1/ 63، ط. دار المعرفة): [الحيض: دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة] اهـ.

وقد صرح الفقهاء بالأخذ بما قاله الأطباء عامة، وهناك نص في التفاتهم إلى علم التشريح خاصة، ففي مسألة الكلام على طهارة المني والإجابة عن مروره مع المذي في مجرى واحد؛ يقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" (1/ 45، ط. المطبعة الميمنية): [وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ وَلِخُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ أَجَابَ عَنْهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ أَصْلُ الْآدَمِيِّ، فَهُوَ بِالطِّينِ أَشْبَهُ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ، وَبِأَنَّ اتِّحَادَ مَخْرَجِهِمَا مَمْنُوعٌ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَقَدْ شُقَّ ذَكَرٌ بِالرُّومِ فَوُجِدَ مَخْرَجُهُمَا مُخْتَلِفًا، فَلَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَوْ سَلِمَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ سَلِمَ نَجَاسَتُهُ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ؛ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ] اهـ.

والخلاصة: أن استئصال الرحم ينفي وجود حيض؛ لذهاب المحل، وما تراه المرأة من دم بعد ذلك لا تعده حيضًا، وإنما يكون منه الوضوء فقط، كما أن عدة طلاقها تكون بالأشهر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

تقوم بعض النساء باستئصال رحمها لسبب ما، ومعنى ذلك في العادة أنها لن يكون هناك حيض إذا كانت الإزالة كلية بما في ذلك المبيض، ولكن قد تجد تلك المرأة أحيانًا دمًا يسيل منها، فتتساءل: هل هذا يعد حيضًا أم لا؟

وهذه الصورة واضحة التعلق ببابها الأصلي، وهو باب الحيض؛ حيث يعرف الفقهاء على اختلاف مذاهبهم الحيض، ويمكن فهم المسألة من خلال ذلك التعريف، وإن لم يكن هناك نص في المسألة بعينها.

والحيض: دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة ثم يعتادها في أوقات معلومة. ينظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 322، ط. مكتبة القاهرة).

والحكم في هذه المسألة: أن هذا الدم النازل من فرج المرأة بعد استئصال رحمها، لا يعد حيضًا بحال من الأحوال؛ وعليه فإن المرأة تحيا حياتها طاهرة تصلي وتصوم ويأتيها زوجها، ولا تمتنع عن شيء كانت تمتنع عنه وقت حيضها، وعدتها تكون بالأشهر لا بالأقراء.

والدليل على ذلك: أن الحيض يكون نتيجة التبويض في الرحم، فإن لم يتم التبويض لصغر أو كبر فلا حيض، وعليه تكلم الفقهاء في أقل السن وأكبر السن التي تحيض فيه المرأة؛ قال الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: 4].

وما ذكرناه هو ما اعتمده الفقهاء في تعريفهم الحيض بأنه الدم النازل من الرحم، فإن لم يكن هناك رحم فلا حيض بالتعريف، ويعد هذا من قبيل ذهاب المحل، وله نظائره الكثيرة في الفقه.

ومن الأدلة من السنة الشريفة الحديث الطويل عن القيامة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ؛ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ؛ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ، أَوْ إِلَى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له.

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أشار للالتفات إلى واقع الأشياء وتغيرها وتأثرها بما يطرأ عليها، بل وأطلق عليها الصدق والكذب بحسب الواقع والأمارة، كما في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه فِي حديث الملاعنة، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أُرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ، ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا» فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى المَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. أخرجه البخاري.

ومما تقدم يتضح اعتماد الشارع لكلام أهل الخبرة؛ ولذا اعتمدنا نفي الحيض بذهاب الرحم.

وأما ما ذكر في بعض المختصرات: بأنه ما نزل من الفرج، فقد أوضحته الشروح والحواشي بأن المقصود هو ما نزل من الرحم، فليس هناك اختلاف في أقوال الفقهاء، وهذه هي التعريفات من المذاهب الأربعة:

قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 39، ط. دار الكتب العلمية): [(أَمَّا) الْحَيْضُ فَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِدَمٍ خَارِجٍ مِنْ الرَّحِمِ لَا يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ لَوْنِ الدَّمِ، وَحَالِهِ، وَمَعْرِفَةِ خُرُوجِهِ، وَمِقْدَارِهِ، وَوَقْتِهِ] اهـ.

وقال العلامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (1/ 539، ط. دار الكتب العلمية): [ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَيْضُ دَمٌ تَلْقِيهِ رَحِمٌ مُعْتَادٌ حَمْلُهَا دُونَ وِلَادَةٍ] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 99، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(كِتَابُ الْحَيْضِ) وَهُوَ لُغَةً السَّيَلَانُ يُقَالُ حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ، وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ] اهـ.

وقال العلامة أبو النجا الحجاوي في "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" (1/ 63، ط. دار المعرفة): [الحيض: دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة] اهـ.

وقد صرح الفقهاء بالأخذ بما قاله الأطباء عامة، وهناك نص في التفاتهم إلى علم التشريح خاصة، ففي مسألة الكلام على طهارة المني والإجابة عن مروره مع المذي في مجرى واحد؛ يقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" (1/ 45، ط. المطبعة الميمنية): [وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ وَلِخُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ أَجَابَ عَنْهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ أَصْلُ الْآدَمِيِّ، فَهُوَ بِالطِّينِ أَشْبَهُ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ، وَبِأَنَّ اتِّحَادَ مَخْرَجِهِمَا مَمْنُوعٌ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَقَدْ شُقَّ ذَكَرٌ بِالرُّومِ فَوُجِدَ مَخْرَجُهُمَا مُخْتَلِفًا، فَلَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَوْ سَلِمَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ سَلِمَ نَجَاسَتُهُ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ؛ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ] اهـ.

والخلاصة: أن استئصال الرحم ينفي وجود حيض؛ لذهاب المحل، وما تراه المرأة من دم بعد ذلك لا تعده حيضًا، وإنما يكون منه الوضوء فقط، كما أن عدة طلاقها تكون بالأشهر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا

الدم الخارج ممن تم استئصال رحمها

ما حكم الدم الخارج ممن استؤصل رحمها؛ هل هو حيض أو دم فساد؟

تقوم بعض النساء باستئصال رحمها لسبب ما، ومعنى ذلك في العادة أنها لن يكون هناك حيض إذا كانت الإزالة كلية بما في ذلك المبيض، ولكن قد تجد تلك المرأة أحيانًا دمًا يسيل منها، فتتساءل: هل هذا يعد حيضًا أم لا؟

وهذه الصورة واضحة التعلق ببابها الأصلي، وهو باب الحيض؛ حيث يعرف الفقهاء على اختلاف مذاهبهم الحيض، ويمكن فهم المسألة من خلال ذلك التعريف، وإن لم يكن هناك نص في المسألة بعينها.

والحيض: دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة ثم يعتادها في أوقات معلومة. ينظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 322، ط. مكتبة القاهرة).

والحكم في هذه المسألة: أن هذا الدم النازل من فرج المرأة بعد استئصال رحمها، لا يعد حيضًا بحال من الأحوال؛ وعليه فإن المرأة تحيا حياتها طاهرة تصلي وتصوم ويأتيها زوجها، ولا تمتنع عن شيء كانت تمتنع عنه وقت حيضها، وعدتها تكون بالأشهر لا بالأقراء.

والدليل على ذلك: أن الحيض يكون نتيجة التبويض في الرحم، فإن لم يتم التبويض لصغر أو كبر فلا حيض، وعليه تكلم الفقهاء في أقل السن وأكبر السن التي تحيض فيه المرأة؛ قال الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: 4].

وما ذكرناه هو ما اعتمده الفقهاء في تعريفهم الحيض بأنه الدم النازل من الرحم، فإن لم يكن هناك رحم فلا حيض بالتعريف، ويعد هذا من قبيل ذهاب المحل، وله نظائره الكثيرة في الفقه.

ومن الأدلة من السنة الشريفة الحديث الطويل عن القيامة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ؛ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ؛ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ، أَوْ إِلَى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له.

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أشار للالتفات إلى واقع الأشياء وتغيرها وتأثرها بما يطرأ عليها، بل وأطلق عليها الصدق والكذب بحسب الواقع والأمارة، كما في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه فِي حديث الملاعنة، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أُرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ، ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا» فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى المَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. أخرجه البخاري.

ومما تقدم يتضح اعتماد الشارع لكلام أهل الخبرة؛ ولذا اعتمدنا نفي الحيض بذهاب الرحم.

وأما ما ذكر في بعض المختصرات: بأنه ما نزل من الفرج، فقد أوضحته الشروح والحواشي بأن المقصود هو ما نزل من الرحم، فليس هناك اختلاف في أقوال الفقهاء، وهذه هي التعريفات من المذاهب الأربعة:

قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 39، ط. دار الكتب العلمية): [(أَمَّا) الْحَيْضُ فَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِدَمٍ خَارِجٍ مِنْ الرَّحِمِ لَا يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ لَوْنِ الدَّمِ، وَحَالِهِ، وَمَعْرِفَةِ خُرُوجِهِ، وَمِقْدَارِهِ، وَوَقْتِهِ] اهـ.

وقال العلامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (1/ 539، ط. دار الكتب العلمية): [ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَيْضُ دَمٌ تَلْقِيهِ رَحِمٌ مُعْتَادٌ حَمْلُهَا دُونَ وِلَادَةٍ] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 99، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(كِتَابُ الْحَيْضِ) وَهُوَ لُغَةً السَّيَلَانُ يُقَالُ حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ، وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ] اهـ.

وقال العلامة أبو النجا الحجاوي في "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" (1/ 63، ط. دار المعرفة): [الحيض: دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة] اهـ.

وقد صرح الفقهاء بالأخذ بما قاله الأطباء عامة، وهناك نص في التفاتهم إلى علم التشريح خاصة، ففي مسألة الكلام على طهارة المني والإجابة عن مروره مع المذي في مجرى واحد؛ يقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" (1/ 45، ط. المطبعة الميمنية): [وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ وَلِخُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ أَجَابَ عَنْهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ أَصْلُ الْآدَمِيِّ، فَهُوَ بِالطِّينِ أَشْبَهُ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ، وَبِأَنَّ اتِّحَادَ مَخْرَجِهِمَا مَمْنُوعٌ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَقَدْ شُقَّ ذَكَرٌ بِالرُّومِ فَوُجِدَ مَخْرَجُهُمَا مُخْتَلِفًا، فَلَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَوْ سَلِمَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ سَلِمَ نَجَاسَتُهُ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ؛ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ] اهـ.

والخلاصة: أن استئصال الرحم ينفي وجود حيض؛ لذهاب المحل، وما تراه المرأة من دم بعد ذلك لا تعده حيضًا، وإنما يكون منه الوضوء فقط، كما أن عدة طلاقها تكون بالأشهر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

تقوم بعض النساء باستئصال رحمها لسبب ما، ومعنى ذلك في العادة أنها لن يكون هناك حيض إذا كانت الإزالة كلية بما في ذلك المبيض، ولكن قد تجد تلك المرأة أحيانًا دمًا يسيل منها، فتتساءل: هل هذا يعد حيضًا أم لا؟

وهذه الصورة واضحة التعلق ببابها الأصلي، وهو باب الحيض؛ حيث يعرف الفقهاء على اختلاف مذاهبهم الحيض، ويمكن فهم المسألة من خلال ذلك التعريف، وإن لم يكن هناك نص في المسألة بعينها.

والحيض: دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة ثم يعتادها في أوقات معلومة. ينظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 322، ط. مكتبة القاهرة).

والحكم في هذه المسألة: أن هذا الدم النازل من فرج المرأة بعد استئصال رحمها، لا يعد حيضًا بحال من الأحوال؛ وعليه فإن المرأة تحيا حياتها طاهرة تصلي وتصوم ويأتيها زوجها، ولا تمتنع عن شيء كانت تمتنع عنه وقت حيضها، وعدتها تكون بالأشهر لا بالأقراء.

والدليل على ذلك: أن الحيض يكون نتيجة التبويض في الرحم، فإن لم يتم التبويض لصغر أو كبر فلا حيض، وعليه تكلم الفقهاء في أقل السن وأكبر السن التي تحيض فيه المرأة؛ قال الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: 4].

وما ذكرناه هو ما اعتمده الفقهاء في تعريفهم الحيض بأنه الدم النازل من الرحم، فإن لم يكن هناك رحم فلا حيض بالتعريف، ويعد هذا من قبيل ذهاب المحل، وله نظائره الكثيرة في الفقه.

ومن الأدلة من السنة الشريفة الحديث الطويل عن القيامة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ؛ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ؛ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَرِ، أَوْ إِلَى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له.

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أشار للالتفات إلى واقع الأشياء وتغيرها وتأثرها بما يطرأ عليها، بل وأطلق عليها الصدق والكذب بحسب الواقع والأمارة، كما في حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه فِي حديث الملاعنة، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أُرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ، ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا» فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى المَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ. أخرجه البخاري.

ومما تقدم يتضح اعتماد الشارع لكلام أهل الخبرة؛ ولذا اعتمدنا نفي الحيض بذهاب الرحم.

وأما ما ذكر في بعض المختصرات: بأنه ما نزل من الفرج، فقد أوضحته الشروح والحواشي بأن المقصود هو ما نزل من الرحم، فليس هناك اختلاف في أقوال الفقهاء، وهذه هي التعريفات من المذاهب الأربعة:

قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 39، ط. دار الكتب العلمية): [(أَمَّا) الْحَيْضُ فَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِدَمٍ خَارِجٍ مِنْ الرَّحِمِ لَا يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ لَوْنِ الدَّمِ، وَحَالِهِ، وَمَعْرِفَةِ خُرُوجِهِ، وَمِقْدَارِهِ، وَوَقْتِهِ] اهـ.

وقال العلامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (1/ 539، ط. دار الكتب العلمية): [ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَيْضُ دَمٌ تَلْقِيهِ رَحِمٌ مُعْتَادٌ حَمْلُهَا دُونَ وِلَادَةٍ] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 99، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(كِتَابُ الْحَيْضِ) وَهُوَ لُغَةً السَّيَلَانُ يُقَالُ حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ، وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ] اهـ.

وقال العلامة أبو النجا الحجاوي في "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" (1/ 63، ط. دار المعرفة): [الحيض: دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة] اهـ.

وقد صرح الفقهاء بالأخذ بما قاله الأطباء عامة، وهناك نص في التفاتهم إلى علم التشريح خاصة، ففي مسألة الكلام على طهارة المني والإجابة عن مروره مع المذي في مجرى واحد؛ يقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" (1/ 45، ط. المطبعة الميمنية): [وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ وَلِخُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِهِ أَجَابَ عَنْهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ الْمَنِيَّ أَصْلُ الْآدَمِيِّ، فَهُوَ بِالطِّينِ أَشْبَهُ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ، وَبِأَنَّ اتِّحَادَ مَخْرَجِهِمَا مَمْنُوعٌ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَقَدْ شُقَّ ذَكَرٌ بِالرُّومِ فَوُجِدَ مَخْرَجُهُمَا مُخْتَلِفًا، فَلَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَوْ سَلِمَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ سَلِمَ نَجَاسَتُهُ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ؛ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ] اهـ.

والخلاصة: أن استئصال الرحم ينفي وجود حيض؛ لذهاب المحل، وما تراه المرأة من دم بعد ذلك لا تعده حيضًا، وإنما يكون منه الوضوء فقط، كما أن عدة طلاقها تكون بالأشهر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا
;