إثبات الرخص بالقياس

هل يجوز إثبات الرخص بالقياس، أو القياس على الرخص؟

هناك تسهيلٌ من الشرع الشريف في بعض أحكامه، وهو ما يعرف في الفقه بالرخصة الشرعية، وهذا الاستثناء من الأدلة العامة لرفع الحرج عن المكلفين يُنظر إليه على أنه مخالفٌ للأصل، فهل يجوز -بعد الوقوف على علته- قياسُ الفقيه عليه أو لا؟

وَالرُّخْصَةُ لُغَةً: السُّهُولَةُ، قال الإمام الفيومي في "المصباح المنير" (ص: 223، مادة: ر خ ص، ط. المكتبة العلمية): [وَالرُّخْصَةُ التَّسْهِيلُ فِي الأَمْرِ وَالتَّيْسِيرُ، يُقَالُ: رَخَّصَ الشَّرْعُ لَنَا فِي كَذَا تَرْخِيصًا وَأَرْخَصَ إرْخَاصًا: إذَا يَسَّرَهُ وَسَهَّلَهُ، وَفُلانٌ يَتَرَخَّصُ فِي الأَمْرِ: أَيْ لَمْ يَسْتَقْصِ، وَقَضِيبٌ رَخْصٌ: أَيْ طَرِيٌّ لَيِّنٌ، وَرَخُصَ الْبَدَنُ بِالضَّمِّ رَخَاصَةً وَرُخُوصَةً: إذَا نَعُمَ وَلانَ مَلْمَسُهُ فَهُوَ رَخْصٌ] اهـ.

وأما الرخصة في الشرع فمعناها قريب من المعنى اللغوي؛ فهي تيسير ورد على خلاف الأصل لرفع المشقة، قال العلامة الإسنوي في "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" (ص: 71، مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما فِي الشَّرْع فالرخصة هِيَ الحكم الثَّابِت على خلاف الدَّلِيل لعذر هُوَ الْمَشَقَّة والحرج] اهـ.

وقال العلامة ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (1/ 478، ط. مكتبة العبيكان): [(وَ) الرُّخْصَةُ (شَرْعًا: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِح). فَقَوْلُهُ: (مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) احْتِرَازٌ عَمَّا ثَبَتَ عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ، فَإِنَّهُ لا يَكُونُ رُخْصَةً، بَلْ عَزِيمَةً كَالصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ. وَقَوْلُهُ: (لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا كَانَ لِمُعَارِضٍ غَيْرِ رَاجِحٍ، بَلْ إمَّا مُسَاوٍ، فَيَلْزَمُ الْوَقْفُ عَلَى حُصُولِ الْمُرَجِّحِ، أَوْ قَاصِرٍ عَنْ مُسَاوَاةِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، فَلا يُؤَثِّرُ، وَتَبْقَى الْعَزِيمَةُ بِحَالِهَا] اهـ.

وأما القياس فهو فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّسْوِيَةِ عَلَى الْعُمُومِ، قال العلامة الجوهري في "الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية" (3/ 967، مادة قوس، ط. دار العلم للملايين): [وقست الشيء بغيره وعلى غيره أقيسُهُ قَيْسًا وقِياسًا فانْقاسَ: إذا قدَّرته على مثاله. وفيه لغة أخرى قسته أقوسه قوسًا وقياسًا، ولا يقال أَقَسْتُهُ، والمقدارُ مِقْياسٌ، وقايَسْتُ بين الأمرين مُقايَسَةً وقِياسًا] اهـ.

وَالقياس فِي الشَّرْعِ تَسْوِيَةٌ خَاصَّةٌ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، قال الإمام ابن قدامة في "روضة الناظر وجنة المناظر" (2/ 141، ط. مؤسسة الريّان للطباعة والنشر والتوزيع): [وهو في الشرع حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما. وقيل: حكمك على الفرع بمثل ما حكمت به في الأصل، لاشتراكهما في العلة التي اقتضت ذلك في الأصل. وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما، بجامع بينهما من إثبات حكم أو صفة لهما، أو نفيهما عنهما. ومعاني هذه الحدود متقاربة] اهـ.

وقد تكلم الأصوليون وغيرُهم عن هذه المسألة في الكلام على القياس وهل يتناول الرخص والحدود والمقدرات ونحوها أم لا.

وأما الراجح في هذه المسألة فهو جواز القياس على الرخص في إثبات الحكم الشرعي، ولا مانع من ذلك إذا عرفنا العِلَّة وتحققنا منها.

وأما الدليل على صحة ذلك فهو عموم الأدلة المثبتة للقياس من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فكل حكم شرعي عرفت علته وتحققت في الفرع المطلوب الحكم فيه مع وجود باقي شروط القياس يلحق فيه حكم الأصل بالفرع؛ لأن الرخصة لا تخرج عن كونها حكمًا شرعيًّا، ولم يأتِ من الشرع ما يخرجه عن عموم الأدلة.

كما يستدل أيضا بالقياس على ثبوت الرخص بخبر الواحد المفيد للظن، بجامع أن كلا منهما يفيد الظن، ويجوز الخطأ والسهو في كل منهما.

وبنحو ما ذكرنا صرحت طوائفُ كثيرة من أهل العلم:
قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 326، ط. دار الكتب العلمية): [الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا اسْتُثْنِيَ عَنْ قَاعِدَةٍ سَابِقَةٍ وَيَتَطَرَّقُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ مَعْنًى، فَهَذَا يُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ دَارَتْ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَبْقَى وَشَارَكَ الْمُسْتَثْنَى فِي عِلَّةِ الاسْتِثْنَاءِ، مِثَالُهُ اسْتِثْنَاءُ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَاسِخًا لِقَاعِدَةِ الرِّبَا وَلَا هَادِمًا لَهَا، لَكِنِ اسْتُثْنِيَ لِلْحَاجَةِ، فَنَقِيسُ الْعِنَبَ عَلَى الرُّطَبِ؛ لِأَنَّا نَرَاهُ فِي مَعْنَاهُ] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (10/ 349، ط. المنيرية): [وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: الْأَغْنِيَاءُ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْحَاجَةِ، عَلَى امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعِلَّةِ، لَا لِأَجْلِ كَوْنِ ذَلِكَ وَارِدًا عَلَى سَبِيلِ الرُّخْصَةِ، فَإِنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ إذَا حَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِلَّةِ كَغَيْرِهَا] اهـ.

وقال العلامة ابن بدران في "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (ص: 315، ط مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما المعدول بِهِ عَن الْقيَاس فَلَا يَخْلُو من أَن تفهم علته أَو لا، فَإِن فهمت الْعلَّة فِيهِ ألحق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كقياس عرية الْعِنَب على عرية الرطب فِيمَا دون خَمْسَة أوسق؛ إِذِ الْعلَّة مفهومة وَهِي الرُّخْصَة للنَّاس والتوسعة عَلَيْهِم إِذا احتاجوا إِلَيْهِ وكقياس أكل بَقِيَّة الْمُحرمَات على أكل الْميتَة للضَّرُورَة بِجَامِع اسْتِبْقَاء النَّفس بذلك، وَيُقَاس عَلَيْهِ الْمُكْره على أكلهَا؛ لِأَنَّهُ فِي معنى الْمُضْطَر إِلَى التغذي بها بالجامع الْمَذْكُور، وَإِن لم تفهم عِلة المعدول عَن الْقيَاس لم يلْحق بِهِ غَيره؛ وَذَلِكَ كتخصيص أبي بردة بِأَنَّهُ ذبح جَذَعَة من الْمعز فِي الْأُضْحِية، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وسلم: «هِيَ خير نسيكتيك، وَلَا تجزي جَذَعَة لأحد بعْدك». والْحَدِيث فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، والترمذي وصححه] اهـ.

على أن الأحناف وبعض المعتزلة ينقل عنهم أنهم لا يدخلون القياس في الرخص وغيرها. ينظر: "الفصول من الأصول" للجصاص (4/ 105، ط. وزارة الأوقاف الكويتية)، و"تيسير التحرير" لأمير بادشاه (4/ 103، ط. دار الفكر).

قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 327): [كَذَلِكَ قَوْلُهُمْ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةً خَارِجَةً عَنِ الْقِيَاسِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَلْنَقِسِ الْخَمْرَ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَالْمُكْرَهَ عَلَى الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُنْقَاسٌ] اهـ.

على أن الأحناف أنفسَهم يقرون بالقياس إن اتضحت العلة، كما يفهم من بعض نصوصهم؛ قال العلامة ابن أمير الحاج في "التقرير والتحبير في شرح التحرير" (3/ 241، ط. دار الكتب العلمية): [وَفِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِلْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ: فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ إثْبَاتُ الْحُدُودِ بِالْقِيَاسَاتِ، فَإِنْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ قَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى إثْبَاتِ حَدِّ الْخَمْرِ قِيَاسًا، فَهَذَا إبْطَالٌ لِأَصْلِكُمْ فِي إثْبَاتِ الْحُدُودِ قِيَاسًا، قِيلَ الَّذِي نَمْنَعُهُ أَنْ يَبْتَدِئَ إيجَابُ حَدٍّ بِقِيَاسٍ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ، فَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الِاجْتِهَادِ فِي شَيْءٍ وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ فَيُتَحَرَّى فِيهِ مَعْنَى التَّوْقِيفِ، فَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَاسْتِعْمَالُ اجْتِهَادِ السَّلَفِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أَنَّهُ ضَرَبَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ"، وَرُوِيَ: "أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا كُلُّ رَجُلٍ بِنَعْلِهِ ضَرْبَتَيْنِ"، فَتَحَرَّوْا فِي اجْتِهَادِهِمْ مُوَافَقَةَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَجَعَلُوهُ ثَمَانِينَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَنَقَلُوا ضَرْبَهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ إلَى السَّوْطِ، كَمَا يَجْتَهِدُ الْجَلَّادُ فِي الضَّرْبِ وَكَمَا يَخْتَارُ السَّوْطَ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْجِلْدِ اجْتِهَادًا. [تَنْبِيهٌ] الْكَفَّارَاتُ فِي هَذَا كَالْحُدُودِ، بَلْ قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا، وَالْوَجْهُ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ] اهـ.

وبناءً على ما سبق: فالراجح من أقوال أهل العلم جوازُ إثباتِ الرخص بالقياس شريطة العلم بالعلة والتحقق منها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

هناك تسهيلٌ من الشرع الشريف في بعض أحكامه، وهو ما يعرف في الفقه بالرخصة الشرعية، وهذا الاستثناء من الأدلة العامة لرفع الحرج عن المكلفين يُنظر إليه على أنه مخالفٌ للأصل، فهل يجوز -بعد الوقوف على علته- قياسُ الفقيه عليه أو لا؟

وَالرُّخْصَةُ لُغَةً: السُّهُولَةُ، قال الإمام الفيومي في "المصباح المنير" (ص: 223، مادة: ر خ ص، ط. المكتبة العلمية): [وَالرُّخْصَةُ التَّسْهِيلُ فِي الأَمْرِ وَالتَّيْسِيرُ، يُقَالُ: رَخَّصَ الشَّرْعُ لَنَا فِي كَذَا تَرْخِيصًا وَأَرْخَصَ إرْخَاصًا: إذَا يَسَّرَهُ وَسَهَّلَهُ، وَفُلانٌ يَتَرَخَّصُ فِي الأَمْرِ: أَيْ لَمْ يَسْتَقْصِ، وَقَضِيبٌ رَخْصٌ: أَيْ طَرِيٌّ لَيِّنٌ، وَرَخُصَ الْبَدَنُ بِالضَّمِّ رَخَاصَةً وَرُخُوصَةً: إذَا نَعُمَ وَلانَ مَلْمَسُهُ فَهُوَ رَخْصٌ] اهـ.

وأما الرخصة في الشرع فمعناها قريب من المعنى اللغوي؛ فهي تيسير ورد على خلاف الأصل لرفع المشقة، قال العلامة الإسنوي في "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" (ص: 71، مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما فِي الشَّرْع فالرخصة هِيَ الحكم الثَّابِت على خلاف الدَّلِيل لعذر هُوَ الْمَشَقَّة والحرج] اهـ.

وقال العلامة ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (1/ 478، ط. مكتبة العبيكان): [(وَ) الرُّخْصَةُ (شَرْعًا: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِح). فَقَوْلُهُ: (مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) احْتِرَازٌ عَمَّا ثَبَتَ عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ، فَإِنَّهُ لا يَكُونُ رُخْصَةً، بَلْ عَزِيمَةً كَالصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ. وَقَوْلُهُ: (لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا كَانَ لِمُعَارِضٍ غَيْرِ رَاجِحٍ، بَلْ إمَّا مُسَاوٍ، فَيَلْزَمُ الْوَقْفُ عَلَى حُصُولِ الْمُرَجِّحِ، أَوْ قَاصِرٍ عَنْ مُسَاوَاةِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، فَلا يُؤَثِّرُ، وَتَبْقَى الْعَزِيمَةُ بِحَالِهَا] اهـ.

وأما القياس فهو فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّسْوِيَةِ عَلَى الْعُمُومِ، قال العلامة الجوهري في "الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية" (3/ 967، مادة قوس، ط. دار العلم للملايين): [وقست الشيء بغيره وعلى غيره أقيسُهُ قَيْسًا وقِياسًا فانْقاسَ: إذا قدَّرته على مثاله. وفيه لغة أخرى قسته أقوسه قوسًا وقياسًا، ولا يقال أَقَسْتُهُ، والمقدارُ مِقْياسٌ، وقايَسْتُ بين الأمرين مُقايَسَةً وقِياسًا] اهـ.

وَالقياس فِي الشَّرْعِ تَسْوِيَةٌ خَاصَّةٌ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، قال الإمام ابن قدامة في "روضة الناظر وجنة المناظر" (2/ 141، ط. مؤسسة الريّان للطباعة والنشر والتوزيع): [وهو في الشرع حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما. وقيل: حكمك على الفرع بمثل ما حكمت به في الأصل، لاشتراكهما في العلة التي اقتضت ذلك في الأصل. وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما، بجامع بينهما من إثبات حكم أو صفة لهما، أو نفيهما عنهما. ومعاني هذه الحدود متقاربة] اهـ.

وقد تكلم الأصوليون وغيرُهم عن هذه المسألة في الكلام على القياس وهل يتناول الرخص والحدود والمقدرات ونحوها أم لا.

وأما الراجح في هذه المسألة فهو جواز القياس على الرخص في إثبات الحكم الشرعي، ولا مانع من ذلك إذا عرفنا العِلَّة وتحققنا منها.

وأما الدليل على صحة ذلك فهو عموم الأدلة المثبتة للقياس من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فكل حكم شرعي عرفت علته وتحققت في الفرع المطلوب الحكم فيه مع وجود باقي شروط القياس يلحق فيه حكم الأصل بالفرع؛ لأن الرخصة لا تخرج عن كونها حكمًا شرعيًّا، ولم يأتِ من الشرع ما يخرجه عن عموم الأدلة.

كما يستدل أيضا بالقياس على ثبوت الرخص بخبر الواحد المفيد للظن، بجامع أن كلا منهما يفيد الظن، ويجوز الخطأ والسهو في كل منهما.

وبنحو ما ذكرنا صرحت طوائفُ كثيرة من أهل العلم:
قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 326، ط. دار الكتب العلمية): [الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا اسْتُثْنِيَ عَنْ قَاعِدَةٍ سَابِقَةٍ وَيَتَطَرَّقُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ مَعْنًى، فَهَذَا يُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ دَارَتْ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَبْقَى وَشَارَكَ الْمُسْتَثْنَى فِي عِلَّةِ الاسْتِثْنَاءِ، مِثَالُهُ اسْتِثْنَاءُ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَاسِخًا لِقَاعِدَةِ الرِّبَا وَلَا هَادِمًا لَهَا، لَكِنِ اسْتُثْنِيَ لِلْحَاجَةِ، فَنَقِيسُ الْعِنَبَ عَلَى الرُّطَبِ؛ لِأَنَّا نَرَاهُ فِي مَعْنَاهُ] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (10/ 349، ط. المنيرية): [وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: الْأَغْنِيَاءُ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْحَاجَةِ، عَلَى امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعِلَّةِ، لَا لِأَجْلِ كَوْنِ ذَلِكَ وَارِدًا عَلَى سَبِيلِ الرُّخْصَةِ، فَإِنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ إذَا حَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِلَّةِ كَغَيْرِهَا] اهـ.

وقال العلامة ابن بدران في "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (ص: 315، ط مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما المعدول بِهِ عَن الْقيَاس فَلَا يَخْلُو من أَن تفهم علته أَو لا، فَإِن فهمت الْعلَّة فِيهِ ألحق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كقياس عرية الْعِنَب على عرية الرطب فِيمَا دون خَمْسَة أوسق؛ إِذِ الْعلَّة مفهومة وَهِي الرُّخْصَة للنَّاس والتوسعة عَلَيْهِم إِذا احتاجوا إِلَيْهِ وكقياس أكل بَقِيَّة الْمُحرمَات على أكل الْميتَة للضَّرُورَة بِجَامِع اسْتِبْقَاء النَّفس بذلك، وَيُقَاس عَلَيْهِ الْمُكْره على أكلهَا؛ لِأَنَّهُ فِي معنى الْمُضْطَر إِلَى التغذي بها بالجامع الْمَذْكُور، وَإِن لم تفهم عِلة المعدول عَن الْقيَاس لم يلْحق بِهِ غَيره؛ وَذَلِكَ كتخصيص أبي بردة بِأَنَّهُ ذبح جَذَعَة من الْمعز فِي الْأُضْحِية، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وسلم: «هِيَ خير نسيكتيك، وَلَا تجزي جَذَعَة لأحد بعْدك». والْحَدِيث فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، والترمذي وصححه] اهـ.

على أن الأحناف وبعض المعتزلة ينقل عنهم أنهم لا يدخلون القياس في الرخص وغيرها. ينظر: "الفصول من الأصول" للجصاص (4/ 105، ط. وزارة الأوقاف الكويتية)، و"تيسير التحرير" لأمير بادشاه (4/ 103، ط. دار الفكر).

قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 327): [كَذَلِكَ قَوْلُهُمْ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةً خَارِجَةً عَنِ الْقِيَاسِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَلْنَقِسِ الْخَمْرَ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَالْمُكْرَهَ عَلَى الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُنْقَاسٌ] اهـ.

على أن الأحناف أنفسَهم يقرون بالقياس إن اتضحت العلة، كما يفهم من بعض نصوصهم؛ قال العلامة ابن أمير الحاج في "التقرير والتحبير في شرح التحرير" (3/ 241، ط. دار الكتب العلمية): [وَفِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِلْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ: فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ إثْبَاتُ الْحُدُودِ بِالْقِيَاسَاتِ، فَإِنْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ قَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى إثْبَاتِ حَدِّ الْخَمْرِ قِيَاسًا، فَهَذَا إبْطَالٌ لِأَصْلِكُمْ فِي إثْبَاتِ الْحُدُودِ قِيَاسًا، قِيلَ الَّذِي نَمْنَعُهُ أَنْ يَبْتَدِئَ إيجَابُ حَدٍّ بِقِيَاسٍ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ، فَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الِاجْتِهَادِ فِي شَيْءٍ وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ فَيُتَحَرَّى فِيهِ مَعْنَى التَّوْقِيفِ، فَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَاسْتِعْمَالُ اجْتِهَادِ السَّلَفِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أَنَّهُ ضَرَبَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ"، وَرُوِيَ: "أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا كُلُّ رَجُلٍ بِنَعْلِهِ ضَرْبَتَيْنِ"، فَتَحَرَّوْا فِي اجْتِهَادِهِمْ مُوَافَقَةَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَجَعَلُوهُ ثَمَانِينَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَنَقَلُوا ضَرْبَهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ إلَى السَّوْطِ، كَمَا يَجْتَهِدُ الْجَلَّادُ فِي الضَّرْبِ وَكَمَا يَخْتَارُ السَّوْطَ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْجِلْدِ اجْتِهَادًا. [تَنْبِيهٌ] الْكَفَّارَاتُ فِي هَذَا كَالْحُدُودِ، بَلْ قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا، وَالْوَجْهُ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ] اهـ.

وبناءً على ما سبق: فالراجح من أقوال أهل العلم جوازُ إثباتِ الرخص بالقياس شريطة العلم بالعلة والتحقق منها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا

إثبات الرخص بالقياس

هل يجوز إثبات الرخص بالقياس، أو القياس على الرخص؟

هناك تسهيلٌ من الشرع الشريف في بعض أحكامه، وهو ما يعرف في الفقه بالرخصة الشرعية، وهذا الاستثناء من الأدلة العامة لرفع الحرج عن المكلفين يُنظر إليه على أنه مخالفٌ للأصل، فهل يجوز -بعد الوقوف على علته- قياسُ الفقيه عليه أو لا؟

وَالرُّخْصَةُ لُغَةً: السُّهُولَةُ، قال الإمام الفيومي في "المصباح المنير" (ص: 223، مادة: ر خ ص، ط. المكتبة العلمية): [وَالرُّخْصَةُ التَّسْهِيلُ فِي الأَمْرِ وَالتَّيْسِيرُ، يُقَالُ: رَخَّصَ الشَّرْعُ لَنَا فِي كَذَا تَرْخِيصًا وَأَرْخَصَ إرْخَاصًا: إذَا يَسَّرَهُ وَسَهَّلَهُ، وَفُلانٌ يَتَرَخَّصُ فِي الأَمْرِ: أَيْ لَمْ يَسْتَقْصِ، وَقَضِيبٌ رَخْصٌ: أَيْ طَرِيٌّ لَيِّنٌ، وَرَخُصَ الْبَدَنُ بِالضَّمِّ رَخَاصَةً وَرُخُوصَةً: إذَا نَعُمَ وَلانَ مَلْمَسُهُ فَهُوَ رَخْصٌ] اهـ.

وأما الرخصة في الشرع فمعناها قريب من المعنى اللغوي؛ فهي تيسير ورد على خلاف الأصل لرفع المشقة، قال العلامة الإسنوي في "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" (ص: 71، مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما فِي الشَّرْع فالرخصة هِيَ الحكم الثَّابِت على خلاف الدَّلِيل لعذر هُوَ الْمَشَقَّة والحرج] اهـ.

وقال العلامة ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (1/ 478، ط. مكتبة العبيكان): [(وَ) الرُّخْصَةُ (شَرْعًا: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِح). فَقَوْلُهُ: (مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) احْتِرَازٌ عَمَّا ثَبَتَ عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ، فَإِنَّهُ لا يَكُونُ رُخْصَةً، بَلْ عَزِيمَةً كَالصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ. وَقَوْلُهُ: (لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا كَانَ لِمُعَارِضٍ غَيْرِ رَاجِحٍ، بَلْ إمَّا مُسَاوٍ، فَيَلْزَمُ الْوَقْفُ عَلَى حُصُولِ الْمُرَجِّحِ، أَوْ قَاصِرٍ عَنْ مُسَاوَاةِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، فَلا يُؤَثِّرُ، وَتَبْقَى الْعَزِيمَةُ بِحَالِهَا] اهـ.

وأما القياس فهو فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّسْوِيَةِ عَلَى الْعُمُومِ، قال العلامة الجوهري في "الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية" (3/ 967، مادة قوس، ط. دار العلم للملايين): [وقست الشيء بغيره وعلى غيره أقيسُهُ قَيْسًا وقِياسًا فانْقاسَ: إذا قدَّرته على مثاله. وفيه لغة أخرى قسته أقوسه قوسًا وقياسًا، ولا يقال أَقَسْتُهُ، والمقدارُ مِقْياسٌ، وقايَسْتُ بين الأمرين مُقايَسَةً وقِياسًا] اهـ.

وَالقياس فِي الشَّرْعِ تَسْوِيَةٌ خَاصَّةٌ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، قال الإمام ابن قدامة في "روضة الناظر وجنة المناظر" (2/ 141، ط. مؤسسة الريّان للطباعة والنشر والتوزيع): [وهو في الشرع حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما. وقيل: حكمك على الفرع بمثل ما حكمت به في الأصل، لاشتراكهما في العلة التي اقتضت ذلك في الأصل. وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما، بجامع بينهما من إثبات حكم أو صفة لهما، أو نفيهما عنهما. ومعاني هذه الحدود متقاربة] اهـ.

وقد تكلم الأصوليون وغيرُهم عن هذه المسألة في الكلام على القياس وهل يتناول الرخص والحدود والمقدرات ونحوها أم لا.

وأما الراجح في هذه المسألة فهو جواز القياس على الرخص في إثبات الحكم الشرعي، ولا مانع من ذلك إذا عرفنا العِلَّة وتحققنا منها.

وأما الدليل على صحة ذلك فهو عموم الأدلة المثبتة للقياس من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فكل حكم شرعي عرفت علته وتحققت في الفرع المطلوب الحكم فيه مع وجود باقي شروط القياس يلحق فيه حكم الأصل بالفرع؛ لأن الرخصة لا تخرج عن كونها حكمًا شرعيًّا، ولم يأتِ من الشرع ما يخرجه عن عموم الأدلة.

كما يستدل أيضا بالقياس على ثبوت الرخص بخبر الواحد المفيد للظن، بجامع أن كلا منهما يفيد الظن، ويجوز الخطأ والسهو في كل منهما.

وبنحو ما ذكرنا صرحت طوائفُ كثيرة من أهل العلم:
قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 326، ط. دار الكتب العلمية): [الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا اسْتُثْنِيَ عَنْ قَاعِدَةٍ سَابِقَةٍ وَيَتَطَرَّقُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ مَعْنًى، فَهَذَا يُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ دَارَتْ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَبْقَى وَشَارَكَ الْمُسْتَثْنَى فِي عِلَّةِ الاسْتِثْنَاءِ، مِثَالُهُ اسْتِثْنَاءُ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَاسِخًا لِقَاعِدَةِ الرِّبَا وَلَا هَادِمًا لَهَا، لَكِنِ اسْتُثْنِيَ لِلْحَاجَةِ، فَنَقِيسُ الْعِنَبَ عَلَى الرُّطَبِ؛ لِأَنَّا نَرَاهُ فِي مَعْنَاهُ] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (10/ 349، ط. المنيرية): [وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: الْأَغْنِيَاءُ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْحَاجَةِ، عَلَى امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعِلَّةِ، لَا لِأَجْلِ كَوْنِ ذَلِكَ وَارِدًا عَلَى سَبِيلِ الرُّخْصَةِ، فَإِنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ إذَا حَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِلَّةِ كَغَيْرِهَا] اهـ.

وقال العلامة ابن بدران في "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (ص: 315، ط مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما المعدول بِهِ عَن الْقيَاس فَلَا يَخْلُو من أَن تفهم علته أَو لا، فَإِن فهمت الْعلَّة فِيهِ ألحق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كقياس عرية الْعِنَب على عرية الرطب فِيمَا دون خَمْسَة أوسق؛ إِذِ الْعلَّة مفهومة وَهِي الرُّخْصَة للنَّاس والتوسعة عَلَيْهِم إِذا احتاجوا إِلَيْهِ وكقياس أكل بَقِيَّة الْمُحرمَات على أكل الْميتَة للضَّرُورَة بِجَامِع اسْتِبْقَاء النَّفس بذلك، وَيُقَاس عَلَيْهِ الْمُكْره على أكلهَا؛ لِأَنَّهُ فِي معنى الْمُضْطَر إِلَى التغذي بها بالجامع الْمَذْكُور، وَإِن لم تفهم عِلة المعدول عَن الْقيَاس لم يلْحق بِهِ غَيره؛ وَذَلِكَ كتخصيص أبي بردة بِأَنَّهُ ذبح جَذَعَة من الْمعز فِي الْأُضْحِية، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وسلم: «هِيَ خير نسيكتيك، وَلَا تجزي جَذَعَة لأحد بعْدك». والْحَدِيث فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، والترمذي وصححه] اهـ.

على أن الأحناف وبعض المعتزلة ينقل عنهم أنهم لا يدخلون القياس في الرخص وغيرها. ينظر: "الفصول من الأصول" للجصاص (4/ 105، ط. وزارة الأوقاف الكويتية)، و"تيسير التحرير" لأمير بادشاه (4/ 103، ط. دار الفكر).

قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 327): [كَذَلِكَ قَوْلُهُمْ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةً خَارِجَةً عَنِ الْقِيَاسِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَلْنَقِسِ الْخَمْرَ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَالْمُكْرَهَ عَلَى الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُنْقَاسٌ] اهـ.

على أن الأحناف أنفسَهم يقرون بالقياس إن اتضحت العلة، كما يفهم من بعض نصوصهم؛ قال العلامة ابن أمير الحاج في "التقرير والتحبير في شرح التحرير" (3/ 241، ط. دار الكتب العلمية): [وَفِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِلْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ: فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ إثْبَاتُ الْحُدُودِ بِالْقِيَاسَاتِ، فَإِنْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ قَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى إثْبَاتِ حَدِّ الْخَمْرِ قِيَاسًا، فَهَذَا إبْطَالٌ لِأَصْلِكُمْ فِي إثْبَاتِ الْحُدُودِ قِيَاسًا، قِيلَ الَّذِي نَمْنَعُهُ أَنْ يَبْتَدِئَ إيجَابُ حَدٍّ بِقِيَاسٍ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ، فَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الِاجْتِهَادِ فِي شَيْءٍ وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ فَيُتَحَرَّى فِيهِ مَعْنَى التَّوْقِيفِ، فَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَاسْتِعْمَالُ اجْتِهَادِ السَّلَفِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أَنَّهُ ضَرَبَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ"، وَرُوِيَ: "أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا كُلُّ رَجُلٍ بِنَعْلِهِ ضَرْبَتَيْنِ"، فَتَحَرَّوْا فِي اجْتِهَادِهِمْ مُوَافَقَةَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَجَعَلُوهُ ثَمَانِينَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَنَقَلُوا ضَرْبَهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ إلَى السَّوْطِ، كَمَا يَجْتَهِدُ الْجَلَّادُ فِي الضَّرْبِ وَكَمَا يَخْتَارُ السَّوْطَ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْجِلْدِ اجْتِهَادًا. [تَنْبِيهٌ] الْكَفَّارَاتُ فِي هَذَا كَالْحُدُودِ، بَلْ قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا، وَالْوَجْهُ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ] اهـ.

وبناءً على ما سبق: فالراجح من أقوال أهل العلم جوازُ إثباتِ الرخص بالقياس شريطة العلم بالعلة والتحقق منها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

هناك تسهيلٌ من الشرع الشريف في بعض أحكامه، وهو ما يعرف في الفقه بالرخصة الشرعية، وهذا الاستثناء من الأدلة العامة لرفع الحرج عن المكلفين يُنظر إليه على أنه مخالفٌ للأصل، فهل يجوز -بعد الوقوف على علته- قياسُ الفقيه عليه أو لا؟

وَالرُّخْصَةُ لُغَةً: السُّهُولَةُ، قال الإمام الفيومي في "المصباح المنير" (ص: 223، مادة: ر خ ص، ط. المكتبة العلمية): [وَالرُّخْصَةُ التَّسْهِيلُ فِي الأَمْرِ وَالتَّيْسِيرُ، يُقَالُ: رَخَّصَ الشَّرْعُ لَنَا فِي كَذَا تَرْخِيصًا وَأَرْخَصَ إرْخَاصًا: إذَا يَسَّرَهُ وَسَهَّلَهُ، وَفُلانٌ يَتَرَخَّصُ فِي الأَمْرِ: أَيْ لَمْ يَسْتَقْصِ، وَقَضِيبٌ رَخْصٌ: أَيْ طَرِيٌّ لَيِّنٌ، وَرَخُصَ الْبَدَنُ بِالضَّمِّ رَخَاصَةً وَرُخُوصَةً: إذَا نَعُمَ وَلانَ مَلْمَسُهُ فَهُوَ رَخْصٌ] اهـ.

وأما الرخصة في الشرع فمعناها قريب من المعنى اللغوي؛ فهي تيسير ورد على خلاف الأصل لرفع المشقة، قال العلامة الإسنوي في "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول" (ص: 71، مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما فِي الشَّرْع فالرخصة هِيَ الحكم الثَّابِت على خلاف الدَّلِيل لعذر هُوَ الْمَشَقَّة والحرج] اهـ.

وقال العلامة ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (1/ 478، ط. مكتبة العبيكان): [(وَ) الرُّخْصَةُ (شَرْعًا: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِح). فَقَوْلُهُ: (مَا ثَبَتَ عَلَى خِلافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) احْتِرَازٌ عَمَّا ثَبَتَ عَلَى وَفْقِ الدَّلِيلِ، فَإِنَّهُ لا يَكُونُ رُخْصَةً، بَلْ عَزِيمَةً كَالصَّوْمِ فِي الْحَضَرِ. وَقَوْلُهُ: (لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا كَانَ لِمُعَارِضٍ غَيْرِ رَاجِحٍ، بَلْ إمَّا مُسَاوٍ، فَيَلْزَمُ الْوَقْفُ عَلَى حُصُولِ الْمُرَجِّحِ، أَوْ قَاصِرٍ عَنْ مُسَاوَاةِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، فَلا يُؤَثِّرُ، وَتَبْقَى الْعَزِيمَةُ بِحَالِهَا] اهـ.

وأما القياس فهو فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّسْوِيَةِ عَلَى الْعُمُومِ، قال العلامة الجوهري في "الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية" (3/ 967، مادة قوس، ط. دار العلم للملايين): [وقست الشيء بغيره وعلى غيره أقيسُهُ قَيْسًا وقِياسًا فانْقاسَ: إذا قدَّرته على مثاله. وفيه لغة أخرى قسته أقوسه قوسًا وقياسًا، ولا يقال أَقَسْتُهُ، والمقدارُ مِقْياسٌ، وقايَسْتُ بين الأمرين مُقايَسَةً وقِياسًا] اهـ.

وَالقياس فِي الشَّرْعِ تَسْوِيَةٌ خَاصَّةٌ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، قال الإمام ابن قدامة في "روضة الناظر وجنة المناظر" (2/ 141، ط. مؤسسة الريّان للطباعة والنشر والتوزيع): [وهو في الشرع حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما. وقيل: حكمك على الفرع بمثل ما حكمت به في الأصل، لاشتراكهما في العلة التي اقتضت ذلك في الأصل. وقيل: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما، بجامع بينهما من إثبات حكم أو صفة لهما، أو نفيهما عنهما. ومعاني هذه الحدود متقاربة] اهـ.

وقد تكلم الأصوليون وغيرُهم عن هذه المسألة في الكلام على القياس وهل يتناول الرخص والحدود والمقدرات ونحوها أم لا.

وأما الراجح في هذه المسألة فهو جواز القياس على الرخص في إثبات الحكم الشرعي، ولا مانع من ذلك إذا عرفنا العِلَّة وتحققنا منها.

وأما الدليل على صحة ذلك فهو عموم الأدلة المثبتة للقياس من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فكل حكم شرعي عرفت علته وتحققت في الفرع المطلوب الحكم فيه مع وجود باقي شروط القياس يلحق فيه حكم الأصل بالفرع؛ لأن الرخصة لا تخرج عن كونها حكمًا شرعيًّا، ولم يأتِ من الشرع ما يخرجه عن عموم الأدلة.

كما يستدل أيضا بالقياس على ثبوت الرخص بخبر الواحد المفيد للظن، بجامع أن كلا منهما يفيد الظن، ويجوز الخطأ والسهو في كل منهما.

وبنحو ما ذكرنا صرحت طوائفُ كثيرة من أهل العلم:
قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 326، ط. دار الكتب العلمية): [الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا اسْتُثْنِيَ عَنْ قَاعِدَةٍ سَابِقَةٍ وَيَتَطَرَّقُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ مَعْنًى، فَهَذَا يُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ دَارَتْ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَبْقَى وَشَارَكَ الْمُسْتَثْنَى فِي عِلَّةِ الاسْتِثْنَاءِ، مِثَالُهُ اسْتِثْنَاءُ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَاسِخًا لِقَاعِدَةِ الرِّبَا وَلَا هَادِمًا لَهَا، لَكِنِ اسْتُثْنِيَ لِلْحَاجَةِ، فَنَقِيسُ الْعِنَبَ عَلَى الرُّطَبِ؛ لِأَنَّا نَرَاهُ فِي مَعْنَاهُ] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (10/ 349، ط. المنيرية): [وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: الْأَغْنِيَاءُ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْحَاجَةِ، عَلَى امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعِلَّةِ، لَا لِأَجْلِ كَوْنِ ذَلِكَ وَارِدًا عَلَى سَبِيلِ الرُّخْصَةِ، فَإِنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ إذَا حَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِلَّةِ كَغَيْرِهَا] اهـ.

وقال العلامة ابن بدران في "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (ص: 315، ط مؤسسة الرسالة، بيروت): [وَأما المعدول بِهِ عَن الْقيَاس فَلَا يَخْلُو من أَن تفهم علته أَو لا، فَإِن فهمت الْعلَّة فِيهِ ألحق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كقياس عرية الْعِنَب على عرية الرطب فِيمَا دون خَمْسَة أوسق؛ إِذِ الْعلَّة مفهومة وَهِي الرُّخْصَة للنَّاس والتوسعة عَلَيْهِم إِذا احتاجوا إِلَيْهِ وكقياس أكل بَقِيَّة الْمُحرمَات على أكل الْميتَة للضَّرُورَة بِجَامِع اسْتِبْقَاء النَّفس بذلك، وَيُقَاس عَلَيْهِ الْمُكْره على أكلهَا؛ لِأَنَّهُ فِي معنى الْمُضْطَر إِلَى التغذي بها بالجامع الْمَذْكُور، وَإِن لم تفهم عِلة المعدول عَن الْقيَاس لم يلْحق بِهِ غَيره؛ وَذَلِكَ كتخصيص أبي بردة بِأَنَّهُ ذبح جَذَعَة من الْمعز فِي الْأُضْحِية، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وسلم: «هِيَ خير نسيكتيك، وَلَا تجزي جَذَعَة لأحد بعْدك». والْحَدِيث فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، والترمذي وصححه] اهـ.

على أن الأحناف وبعض المعتزلة ينقل عنهم أنهم لا يدخلون القياس في الرخص وغيرها. ينظر: "الفصول من الأصول" للجصاص (4/ 105، ط. وزارة الأوقاف الكويتية)، و"تيسير التحرير" لأمير بادشاه (4/ 103، ط. دار الفكر).

قال شيخ الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 327): [كَذَلِكَ قَوْلُهُمْ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةً خَارِجَةً عَنِ الْقِيَاسِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَلْنَقِسِ الْخَمْرَ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَالْمُكْرَهَ عَلَى الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُنْقَاسٌ] اهـ.

على أن الأحناف أنفسَهم يقرون بالقياس إن اتضحت العلة، كما يفهم من بعض نصوصهم؛ قال العلامة ابن أمير الحاج في "التقرير والتحبير في شرح التحرير" (3/ 241، ط. دار الكتب العلمية): [وَفِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِلْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ: فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ إثْبَاتُ الْحُدُودِ بِالْقِيَاسَاتِ، فَإِنْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ قَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى إثْبَاتِ حَدِّ الْخَمْرِ قِيَاسًا، فَهَذَا إبْطَالٌ لِأَصْلِكُمْ فِي إثْبَاتِ الْحُدُودِ قِيَاسًا، قِيلَ الَّذِي نَمْنَعُهُ أَنْ يَبْتَدِئَ إيجَابُ حَدٍّ بِقِيَاسٍ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ، فَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الِاجْتِهَادِ فِي شَيْءٍ وَرَدَ فِيهِ التَّوْقِيفُ فَيُتَحَرَّى فِيهِ مَعْنَى التَّوْقِيفِ، فَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَاسْتِعْمَالُ اجْتِهَادِ السَّلَفِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أَنَّهُ ضَرَبَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ"، وَرُوِيَ: "أَنَّهُ ضَرَبَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا كُلُّ رَجُلٍ بِنَعْلِهِ ضَرْبَتَيْنِ"، فَتَحَرَّوْا فِي اجْتِهَادِهِمْ مُوَافَقَةَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَجَعَلُوهُ ثَمَانِينَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَنَقَلُوا ضَرْبَهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ إلَى السَّوْطِ، كَمَا يَجْتَهِدُ الْجَلَّادُ فِي الضَّرْبِ وَكَمَا يَخْتَارُ السَّوْطَ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْجِلْدِ اجْتِهَادًا. [تَنْبِيهٌ] الْكَفَّارَاتُ فِي هَذَا كَالْحُدُودِ، بَلْ قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا، وَالْوَجْهُ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ] اهـ.

وبناءً على ما سبق: فالراجح من أقوال أهل العلم جوازُ إثباتِ الرخص بالقياس شريطة العلم بالعلة والتحقق منها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا
;