زكاة حلي الجواهر النفيسة

أمتلك جواهر نفيسة كالماس والياقوت والزبرجد. فهل عليّ زكاة أم لا؟ 

الجواهر جمع جوهر، والجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ، والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، وجَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه. ينظر: كتاب "لسان العرب" لابن منظور (4/ 152، ط. دار صادر).
والنفيس من نفُس الشيء، بالضم، نَفاسةً، فهو نفيس ونافس: رفع وصار مرغوبًا فيه، وشيء نَفِيس أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب، وقال اللِّحْيَانِي: النفيس والمنفس المال الذي له قدر وخطر، ثم عم فقال: كل شيء له خطر وقدر فهو نفيس ومنفس. المرجع السابق (6/ 238).
والجواهر النفيسة: هي المعادن والأحجار التي لها قدر عند الناس جميعًا. 
والجواهر أو الحليُّ تنقسم إلى قسمين: قسم محرم الاستعمال كالذهب –على تفصيل فيه- للرجال، وقسم مباح الاستعمال؛ كالذهب والفضة للنساء، وكالياقوت والماس وبقية الأحجار الكريمة للرجال والنساء، يقول الشيخ الدردير في "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (1/ 62، ط. دار المعارف): [وحرم على الذكر المكلف استعمال المحلى بالذهب والفضة نسجًا أو طرازًا أو زرًا، وأولى في الحرمة استعمال الحلي نفسه، ولا يحرم على المكلف ذكرًا أو أنثى، استعمال أو اتخاذ جوهر نفيس؛ كالياقوت والزبرجد واللؤلؤ، ولا يلزم من نفاسته حرمة استعماله] اهـ بتصرف.
ولا زكاة على الجواهر مباحة الاستعمال كالياقوت وغيرها؛ لما ورد من آثار، منها ما روى مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، فلاَ يُخْرِجُ مِنْه الزَّكَاةَ" رواه مالك في "الموطأ".
وروى ابن الجوزي رحمه الله في "التحقيق في مسائل الخلاف" عن جابر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ».
وروى عبد الرزاق في "مصنفه" أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ".
وروى مالك: "أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة".
وأخرج الدارقطني عن علي بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: "ليس فيه زكاة".
وروى الشافعي، ثم البيهقي من جهة أبي سفيان، عن عمرو بن دينار قال: "سمعت ابن خالد يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي، أفيه زكاة؟ قال جابر: لا، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير".
وأخرج الدارقطني عن أسماء بنت أبي بكر: "أنها كانت تحلي بناتها الذهب، ولا تزكيه نحوا من خمسين ألف"، قال ابن عبد الهادي في "التنقيح": قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس بن مالك، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء اهـ. ولأن الحلي أشبهت العروض في الانتفاع بها لا المعاملة بها بين الناس، فلا تجب فيها الزكاة. ينظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 12، ط. دار الحديث).
قال الإمام الدردير في "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 460، ط. دار الفكر): [وليس في حلي جائز اتخاذه زكاة] اهـ.
وقال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 107، ط. دار الكتاب الإسلامي) -في شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها-: [وقوله: (فلا تخرج من حليهن الزكاة) ظاهر هذا اللفظ: أنها كانت لا تخرج زكاة الحلي، ولا تترك مثلُ عائشة رضي الله عنها إخراجَها إلا أنها كانت ترى أنها غير واجبة فيه، ودليلنا أن الحلي مبتذل في استعمال مباح فلم تجب فيه زكاة كالثياب، وقال في شرحه لأثر ابن عمر رضي الله عنهما: وقوله: (ثم لا يخرج زكاته) في حسب ما ذكرناه، من أن الحلي المتخذ للبس المباح لا زكاة فيه، وهذا مذهب ظاهر بين الصحابة وأعلم الناس به عائشة رضي الله عنها فإنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن لا يخفى عليها أمره في ذلك، وعبد الله بن عمر فإن أخته حفصة رضي الله عنها كانت زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكم حُلِيِّها لا يخفى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يخفى عنها حكمه فيه] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 235، ط. دار الفكر): [ولا زكاة في حلي مباح لرجل وامرأة من ذهب وفضة معدّ لاستعمال مباح أو إعارة، ولو لم يعر أو يلبس حيث أعد لذلك؛ لما روى جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» رواه الطبراني، وهو قول ابن عمر وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر رضي الله عنهم، ولأنه مرصد للاستعمال المباح فلم يجب فيه الزكاة؛ كالعوامل وثياب القنية] اهـ.
وعليه: فليس على حُلِيِّ الياقوت والزبرجد وأمثالهما من الأحجار الكريمة والجواهر النفيسة زكاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم. 

التفاصيل ....

الجواهر جمع جوهر، والجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ، والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، وجَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه. ينظر: كتاب "لسان العرب" لابن منظور (4/ 152، ط. دار صادر).
والنفيس من نفُس الشيء، بالضم، نَفاسةً، فهو نفيس ونافس: رفع وصار مرغوبًا فيه، وشيء نَفِيس أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب، وقال اللِّحْيَانِي: النفيس والمنفس المال الذي له قدر وخطر، ثم عم فقال: كل شيء له خطر وقدر فهو نفيس ومنفس. المرجع السابق (6/ 238).
والجواهر النفيسة: هي المعادن والأحجار التي لها قدر عند الناس جميعًا. 
والجواهر أو الحليُّ تنقسم إلى قسمين: قسم محرم الاستعمال كالذهب –على تفصيل فيه- للرجال، وقسم مباح الاستعمال؛ كالذهب والفضة للنساء، وكالياقوت والماس وبقية الأحجار الكريمة للرجال والنساء، يقول الشيخ الدردير في "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (1/ 62، ط. دار المعارف): [وحرم على الذكر المكلف استعمال المحلى بالذهب والفضة نسجًا أو طرازًا أو زرًا، وأولى في الحرمة استعمال الحلي نفسه، ولا يحرم على المكلف ذكرًا أو أنثى، استعمال أو اتخاذ جوهر نفيس؛ كالياقوت والزبرجد واللؤلؤ، ولا يلزم من نفاسته حرمة استعماله] اهـ بتصرف.
ولا زكاة على الجواهر مباحة الاستعمال كالياقوت وغيرها؛ لما ورد من آثار، منها ما روى مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، فلاَ يُخْرِجُ مِنْه الزَّكَاةَ" رواه مالك في "الموطأ".
وروى ابن الجوزي رحمه الله في "التحقيق في مسائل الخلاف" عن جابر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ».
وروى عبد الرزاق في "مصنفه" أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ".
وروى مالك: "أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة".
وأخرج الدارقطني عن علي بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: "ليس فيه زكاة".
وروى الشافعي، ثم البيهقي من جهة أبي سفيان، عن عمرو بن دينار قال: "سمعت ابن خالد يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي، أفيه زكاة؟ قال جابر: لا، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير".
وأخرج الدارقطني عن أسماء بنت أبي بكر: "أنها كانت تحلي بناتها الذهب، ولا تزكيه نحوا من خمسين ألف"، قال ابن عبد الهادي في "التنقيح": قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس بن مالك، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء اهـ. ولأن الحلي أشبهت العروض في الانتفاع بها لا المعاملة بها بين الناس، فلا تجب فيها الزكاة. ينظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 12، ط. دار الحديث).
قال الإمام الدردير في "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 460، ط. دار الفكر): [وليس في حلي جائز اتخاذه زكاة] اهـ.
وقال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 107، ط. دار الكتاب الإسلامي) -في شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها-: [وقوله: (فلا تخرج من حليهن الزكاة) ظاهر هذا اللفظ: أنها كانت لا تخرج زكاة الحلي، ولا تترك مثلُ عائشة رضي الله عنها إخراجَها إلا أنها كانت ترى أنها غير واجبة فيه، ودليلنا أن الحلي مبتذل في استعمال مباح فلم تجب فيه زكاة كالثياب، وقال في شرحه لأثر ابن عمر رضي الله عنهما: وقوله: (ثم لا يخرج زكاته) في حسب ما ذكرناه، من أن الحلي المتخذ للبس المباح لا زكاة فيه، وهذا مذهب ظاهر بين الصحابة وأعلم الناس به عائشة رضي الله عنها فإنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن لا يخفى عليها أمره في ذلك، وعبد الله بن عمر فإن أخته حفصة رضي الله عنها كانت زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكم حُلِيِّها لا يخفى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يخفى عنها حكمه فيه] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 235، ط. دار الفكر): [ولا زكاة في حلي مباح لرجل وامرأة من ذهب وفضة معدّ لاستعمال مباح أو إعارة، ولو لم يعر أو يلبس حيث أعد لذلك؛ لما روى جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» رواه الطبراني، وهو قول ابن عمر وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر رضي الله عنهم، ولأنه مرصد للاستعمال المباح فلم يجب فيه الزكاة؛ كالعوامل وثياب القنية] اهـ.
وعليه: فليس على حُلِيِّ الياقوت والزبرجد وأمثالهما من الأحجار الكريمة والجواهر النفيسة زكاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم. 

اقرأ أيضا

زكاة حلي الجواهر النفيسة

أمتلك جواهر نفيسة كالماس والياقوت والزبرجد. فهل عليّ زكاة أم لا؟ 

الجواهر جمع جوهر، والجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ، والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، وجَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه. ينظر: كتاب "لسان العرب" لابن منظور (4/ 152، ط. دار صادر).
والنفيس من نفُس الشيء، بالضم، نَفاسةً، فهو نفيس ونافس: رفع وصار مرغوبًا فيه، وشيء نَفِيس أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب، وقال اللِّحْيَانِي: النفيس والمنفس المال الذي له قدر وخطر، ثم عم فقال: كل شيء له خطر وقدر فهو نفيس ومنفس. المرجع السابق (6/ 238).
والجواهر النفيسة: هي المعادن والأحجار التي لها قدر عند الناس جميعًا. 
والجواهر أو الحليُّ تنقسم إلى قسمين: قسم محرم الاستعمال كالذهب –على تفصيل فيه- للرجال، وقسم مباح الاستعمال؛ كالذهب والفضة للنساء، وكالياقوت والماس وبقية الأحجار الكريمة للرجال والنساء، يقول الشيخ الدردير في "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (1/ 62، ط. دار المعارف): [وحرم على الذكر المكلف استعمال المحلى بالذهب والفضة نسجًا أو طرازًا أو زرًا، وأولى في الحرمة استعمال الحلي نفسه، ولا يحرم على المكلف ذكرًا أو أنثى، استعمال أو اتخاذ جوهر نفيس؛ كالياقوت والزبرجد واللؤلؤ، ولا يلزم من نفاسته حرمة استعماله] اهـ بتصرف.
ولا زكاة على الجواهر مباحة الاستعمال كالياقوت وغيرها؛ لما ورد من آثار، منها ما روى مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، فلاَ يُخْرِجُ مِنْه الزَّكَاةَ" رواه مالك في "الموطأ".
وروى ابن الجوزي رحمه الله في "التحقيق في مسائل الخلاف" عن جابر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ».
وروى عبد الرزاق في "مصنفه" أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ".
وروى مالك: "أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة".
وأخرج الدارقطني عن علي بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: "ليس فيه زكاة".
وروى الشافعي، ثم البيهقي من جهة أبي سفيان، عن عمرو بن دينار قال: "سمعت ابن خالد يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي، أفيه زكاة؟ قال جابر: لا، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير".
وأخرج الدارقطني عن أسماء بنت أبي بكر: "أنها كانت تحلي بناتها الذهب، ولا تزكيه نحوا من خمسين ألف"، قال ابن عبد الهادي في "التنقيح": قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس بن مالك، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء اهـ. ولأن الحلي أشبهت العروض في الانتفاع بها لا المعاملة بها بين الناس، فلا تجب فيها الزكاة. ينظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 12، ط. دار الحديث).
قال الإمام الدردير في "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 460، ط. دار الفكر): [وليس في حلي جائز اتخاذه زكاة] اهـ.
وقال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 107، ط. دار الكتاب الإسلامي) -في شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها-: [وقوله: (فلا تخرج من حليهن الزكاة) ظاهر هذا اللفظ: أنها كانت لا تخرج زكاة الحلي، ولا تترك مثلُ عائشة رضي الله عنها إخراجَها إلا أنها كانت ترى أنها غير واجبة فيه، ودليلنا أن الحلي مبتذل في استعمال مباح فلم تجب فيه زكاة كالثياب، وقال في شرحه لأثر ابن عمر رضي الله عنهما: وقوله: (ثم لا يخرج زكاته) في حسب ما ذكرناه، من أن الحلي المتخذ للبس المباح لا زكاة فيه، وهذا مذهب ظاهر بين الصحابة وأعلم الناس به عائشة رضي الله عنها فإنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن لا يخفى عليها أمره في ذلك، وعبد الله بن عمر فإن أخته حفصة رضي الله عنها كانت زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكم حُلِيِّها لا يخفى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يخفى عنها حكمه فيه] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 235، ط. دار الفكر): [ولا زكاة في حلي مباح لرجل وامرأة من ذهب وفضة معدّ لاستعمال مباح أو إعارة، ولو لم يعر أو يلبس حيث أعد لذلك؛ لما روى جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» رواه الطبراني، وهو قول ابن عمر وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر رضي الله عنهم، ولأنه مرصد للاستعمال المباح فلم يجب فيه الزكاة؛ كالعوامل وثياب القنية] اهـ.
وعليه: فليس على حُلِيِّ الياقوت والزبرجد وأمثالهما من الأحجار الكريمة والجواهر النفيسة زكاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم. 

التفاصيل ....

الجواهر جمع جوهر، والجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ، والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، وجَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه. ينظر: كتاب "لسان العرب" لابن منظور (4/ 152، ط. دار صادر).
والنفيس من نفُس الشيء، بالضم، نَفاسةً، فهو نفيس ونافس: رفع وصار مرغوبًا فيه، وشيء نَفِيس أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب، وقال اللِّحْيَانِي: النفيس والمنفس المال الذي له قدر وخطر، ثم عم فقال: كل شيء له خطر وقدر فهو نفيس ومنفس. المرجع السابق (6/ 238).
والجواهر النفيسة: هي المعادن والأحجار التي لها قدر عند الناس جميعًا. 
والجواهر أو الحليُّ تنقسم إلى قسمين: قسم محرم الاستعمال كالذهب –على تفصيل فيه- للرجال، وقسم مباح الاستعمال؛ كالذهب والفضة للنساء، وكالياقوت والماس وبقية الأحجار الكريمة للرجال والنساء، يقول الشيخ الدردير في "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (1/ 62، ط. دار المعارف): [وحرم على الذكر المكلف استعمال المحلى بالذهب والفضة نسجًا أو طرازًا أو زرًا، وأولى في الحرمة استعمال الحلي نفسه، ولا يحرم على المكلف ذكرًا أو أنثى، استعمال أو اتخاذ جوهر نفيس؛ كالياقوت والزبرجد واللؤلؤ، ولا يلزم من نفاسته حرمة استعماله] اهـ بتصرف.
ولا زكاة على الجواهر مباحة الاستعمال كالياقوت وغيرها؛ لما ورد من آثار، منها ما روى مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، فلاَ يُخْرِجُ مِنْه الزَّكَاةَ" رواه مالك في "الموطأ".
وروى ابن الجوزي رحمه الله في "التحقيق في مسائل الخلاف" عن جابر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ».
وروى عبد الرزاق في "مصنفه" أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ".
وروى مالك: "أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة".
وأخرج الدارقطني عن علي بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: "ليس فيه زكاة".
وروى الشافعي، ثم البيهقي من جهة أبي سفيان، عن عمرو بن دينار قال: "سمعت ابن خالد يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي، أفيه زكاة؟ قال جابر: لا، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير".
وأخرج الدارقطني عن أسماء بنت أبي بكر: "أنها كانت تحلي بناتها الذهب، ولا تزكيه نحوا من خمسين ألف"، قال ابن عبد الهادي في "التنقيح": قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس بن مالك، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء اهـ. ولأن الحلي أشبهت العروض في الانتفاع بها لا المعاملة بها بين الناس، فلا تجب فيها الزكاة. ينظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 12، ط. دار الحديث).
قال الإمام الدردير في "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 460، ط. دار الفكر): [وليس في حلي جائز اتخاذه زكاة] اهـ.
وقال العلامة الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (2/ 107، ط. دار الكتاب الإسلامي) -في شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها-: [وقوله: (فلا تخرج من حليهن الزكاة) ظاهر هذا اللفظ: أنها كانت لا تخرج زكاة الحلي، ولا تترك مثلُ عائشة رضي الله عنها إخراجَها إلا أنها كانت ترى أنها غير واجبة فيه، ودليلنا أن الحلي مبتذل في استعمال مباح فلم تجب فيه زكاة كالثياب، وقال في شرحه لأثر ابن عمر رضي الله عنهما: وقوله: (ثم لا يخرج زكاته) في حسب ما ذكرناه، من أن الحلي المتخذ للبس المباح لا زكاة فيه، وهذا مذهب ظاهر بين الصحابة وأعلم الناس به عائشة رضي الله عنها فإنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن لا يخفى عليها أمره في ذلك، وعبد الله بن عمر فإن أخته حفصة رضي الله عنها كانت زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكم حُلِيِّها لا يخفى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يخفى عنها حكمه فيه] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 235، ط. دار الفكر): [ولا زكاة في حلي مباح لرجل وامرأة من ذهب وفضة معدّ لاستعمال مباح أو إعارة، ولو لم يعر أو يلبس حيث أعد لذلك؛ لما روى جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» رواه الطبراني، وهو قول ابن عمر وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر رضي الله عنهم، ولأنه مرصد للاستعمال المباح فلم يجب فيه الزكاة؛ كالعوامل وثياب القنية] اهـ.
وعليه: فليس على حُلِيِّ الياقوت والزبرجد وأمثالهما من الأحجار الكريمة والجواهر النفيسة زكاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم. 

اقرأ أيضا
;