استنساخ البشر والأنسجة والأعضاء

ما الحكم الشرعي في الاستنساخ في حالة البشر، أو لأغراض علاجية كاستنساخ الأنسجة أو الأعضاء؟

فيما يخص الحكم الشرعي في الاستنساخ في حالة البشر، أو لأغراض علاجية كاستنساخ الأنسجة أو الأعضاء، نفيد بأن الاستنساخ يُتَصوَّر في ثلاثة أجناس من الكائنات: الإنسان، والحيوان، والنبات.

أما النبات فاستنساخه قائم ومعمول به منذ القدم، فيما يسمي بـ"التكاثر الخضري"؛ وله صور متعددة، منها: أن يؤخذ أي جزء من النبتة ويزرع، فيخرج نباتًا تامًّا كاملًا مطابقًا للنبتة الأم دون استخدام حبوب اللقاح، أو أن ينقل جزء نبات من الصنف المرغوب إكثاره بحيث يحتوي على برعم واحد ويوضع على جزء من نبات آخر بحيث يتم الالتحام بين هذين الجزأين لتكوين نبات جديد مستقل بطريقة معروفة عند المشتغلين بهذه الأمور.

والاستنساخ في هذا النوع مشروع، وقد يكون مطلوبًا؛ لما فيه من المصالح والفوائد كتحسين السلالات النباتية، وإنقاذ الأنواع الضعيفة الخصوبة المهددة بالانقراض.

وأما في مجال الحيوان: فقد نجحت التجارب في ذلك، حيث أخذت بويضة غير ملقحة من إحدى إناث الخراف وأفرغت من نواتها، وأُدخل مكان النواة المنزوعة نواة خلية جسدية مأخوذة من ضرع نعجة أخرى حامل، وتم دمج هذا النواة داخل البويضة بواسطة تيار كهربي محفِّز، ثم أعيدت في رحم نعجة ثالثة، فبدأت الخلية في الانقسام إلى خلايا، إلى أن تكوَّن منها جنين كامل، وخرج إلى النور بعد ذلك حيًّا يرزق.

وهذا النوع من الاستنساخ أيضًا جائز، بشرط أن يكون خاليًا عن العبث محققًا لمصلحة حقيقية راجحة، كتحسين السلالات، أو البحث العلمي المشروع، وألا يترتب عليه إيذاء أو إيلام للحيوان ذاته بلا مسوغ شرعي.

ويؤيد هذا المعنى الذي قررناه قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]، وقوله: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: 5].

وأما الاستنساخ البشري: فإن كان الغرض منه استنساخ إنسان كامل، فقد منعه جماهير العلماء المعاصرين، وأصدر مجمع البحوث الإسلامية وغيره من المجامع الفقهية -كمجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجمع الفقهي بمكة المكرمة- قرارات بتحريمه، ووجوب التصدي له، ومنعه بكل الوسائل؛ لما فيه من تعريض الإنسان الذي كرَّمه الله لأن يكون مجالًا للعبث والتجربة، بما قد يخرج أشكالًا مشوهة أو ممسوخة من البشر، مع ما يتبعه من اضطراب في قضايا المحارم والميراث والنسب وغيرها من الحقوق والواجبات.

وأما إن كان الاستنساخ جزئيًّا لأنسجة الأعضاء الحيوية؛ كأنسجة القلب في حالة الذبحة الصدرية مثلًا، فتحقن الخلايا النسيجية المستنسخة في العضلة القلبية المصابة لتنمو وتحل محل التالف منها وتقوم بوظائفها وتعيد الحياة للقلب المريض، أو كان الاستنساخ لأعضاء كاملة كالقلب أو الكبد أو الكلية، أو غيرها من الأعضاء الحيوية بقصد الاستفادة منها في العلاج، فهذا كله جائز ما لم يترتب عليه إضرار بأحد، أو اعتداء على حرمته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

فيما يخص الحكم الشرعي في الاستنساخ في حالة البشر، أو لأغراض علاجية كاستنساخ الأنسجة أو الأعضاء، نفيد بأن الاستنساخ يُتَصوَّر في ثلاثة أجناس من الكائنات: الإنسان، والحيوان، والنبات.

أما النبات فاستنساخه قائم ومعمول به منذ القدم، فيما يسمي بـ"التكاثر الخضري"؛ وله صور متعددة، منها: أن يؤخذ أي جزء من النبتة ويزرع، فيخرج نباتًا تامًّا كاملًا مطابقًا للنبتة الأم دون استخدام حبوب اللقاح، أو أن ينقل جزء نبات من الصنف المرغوب إكثاره بحيث يحتوي على برعم واحد ويوضع على جزء من نبات آخر بحيث يتم الالتحام بين هذين الجزأين لتكوين نبات جديد مستقل بطريقة معروفة عند المشتغلين بهذه الأمور.

والاستنساخ في هذا النوع مشروع، وقد يكون مطلوبًا؛ لما فيه من المصالح والفوائد كتحسين السلالات النباتية، وإنقاذ الأنواع الضعيفة الخصوبة المهددة بالانقراض.

وأما في مجال الحيوان: فقد نجحت التجارب في ذلك، حيث أخذت بويضة غير ملقحة من إحدى إناث الخراف وأفرغت من نواتها، وأُدخل مكان النواة المنزوعة نواة خلية جسدية مأخوذة من ضرع نعجة أخرى حامل، وتم دمج هذا النواة داخل البويضة بواسطة تيار كهربي محفِّز، ثم أعيدت في رحم نعجة ثالثة، فبدأت الخلية في الانقسام إلى خلايا، إلى أن تكوَّن منها جنين كامل، وخرج إلى النور بعد ذلك حيًّا يرزق.

وهذا النوع من الاستنساخ أيضًا جائز، بشرط أن يكون خاليًا عن العبث محققًا لمصلحة حقيقية راجحة، كتحسين السلالات، أو البحث العلمي المشروع، وألا يترتب عليه إيذاء أو إيلام للحيوان ذاته بلا مسوغ شرعي.

ويؤيد هذا المعنى الذي قررناه قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]، وقوله: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: 5].

وأما الاستنساخ البشري: فإن كان الغرض منه استنساخ إنسان كامل، فقد منعه جماهير العلماء المعاصرين، وأصدر مجمع البحوث الإسلامية وغيره من المجامع الفقهية -كمجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجمع الفقهي بمكة المكرمة- قرارات بتحريمه، ووجوب التصدي له، ومنعه بكل الوسائل؛ لما فيه من تعريض الإنسان الذي كرَّمه الله لأن يكون مجالًا للعبث والتجربة، بما قد يخرج أشكالًا مشوهة أو ممسوخة من البشر، مع ما يتبعه من اضطراب في قضايا المحارم والميراث والنسب وغيرها من الحقوق والواجبات.

وأما إن كان الاستنساخ جزئيًّا لأنسجة الأعضاء الحيوية؛ كأنسجة القلب في حالة الذبحة الصدرية مثلًا، فتحقن الخلايا النسيجية المستنسخة في العضلة القلبية المصابة لتنمو وتحل محل التالف منها وتقوم بوظائفها وتعيد الحياة للقلب المريض، أو كان الاستنساخ لأعضاء كاملة كالقلب أو الكبد أو الكلية، أو غيرها من الأعضاء الحيوية بقصد الاستفادة منها في العلاج، فهذا كله جائز ما لم يترتب عليه إضرار بأحد، أو اعتداء على حرمته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا

استنساخ البشر والأنسجة والأعضاء

ما الحكم الشرعي في الاستنساخ في حالة البشر، أو لأغراض علاجية كاستنساخ الأنسجة أو الأعضاء؟

فيما يخص الحكم الشرعي في الاستنساخ في حالة البشر، أو لأغراض علاجية كاستنساخ الأنسجة أو الأعضاء، نفيد بأن الاستنساخ يُتَصوَّر في ثلاثة أجناس من الكائنات: الإنسان، والحيوان، والنبات.

أما النبات فاستنساخه قائم ومعمول به منذ القدم، فيما يسمي بـ"التكاثر الخضري"؛ وله صور متعددة، منها: أن يؤخذ أي جزء من النبتة ويزرع، فيخرج نباتًا تامًّا كاملًا مطابقًا للنبتة الأم دون استخدام حبوب اللقاح، أو أن ينقل جزء نبات من الصنف المرغوب إكثاره بحيث يحتوي على برعم واحد ويوضع على جزء من نبات آخر بحيث يتم الالتحام بين هذين الجزأين لتكوين نبات جديد مستقل بطريقة معروفة عند المشتغلين بهذه الأمور.

والاستنساخ في هذا النوع مشروع، وقد يكون مطلوبًا؛ لما فيه من المصالح والفوائد كتحسين السلالات النباتية، وإنقاذ الأنواع الضعيفة الخصوبة المهددة بالانقراض.

وأما في مجال الحيوان: فقد نجحت التجارب في ذلك، حيث أخذت بويضة غير ملقحة من إحدى إناث الخراف وأفرغت من نواتها، وأُدخل مكان النواة المنزوعة نواة خلية جسدية مأخوذة من ضرع نعجة أخرى حامل، وتم دمج هذا النواة داخل البويضة بواسطة تيار كهربي محفِّز، ثم أعيدت في رحم نعجة ثالثة، فبدأت الخلية في الانقسام إلى خلايا، إلى أن تكوَّن منها جنين كامل، وخرج إلى النور بعد ذلك حيًّا يرزق.

وهذا النوع من الاستنساخ أيضًا جائز، بشرط أن يكون خاليًا عن العبث محققًا لمصلحة حقيقية راجحة، كتحسين السلالات، أو البحث العلمي المشروع، وألا يترتب عليه إيذاء أو إيلام للحيوان ذاته بلا مسوغ شرعي.

ويؤيد هذا المعنى الذي قررناه قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]، وقوله: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: 5].

وأما الاستنساخ البشري: فإن كان الغرض منه استنساخ إنسان كامل، فقد منعه جماهير العلماء المعاصرين، وأصدر مجمع البحوث الإسلامية وغيره من المجامع الفقهية -كمجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجمع الفقهي بمكة المكرمة- قرارات بتحريمه، ووجوب التصدي له، ومنعه بكل الوسائل؛ لما فيه من تعريض الإنسان الذي كرَّمه الله لأن يكون مجالًا للعبث والتجربة، بما قد يخرج أشكالًا مشوهة أو ممسوخة من البشر، مع ما يتبعه من اضطراب في قضايا المحارم والميراث والنسب وغيرها من الحقوق والواجبات.

وأما إن كان الاستنساخ جزئيًّا لأنسجة الأعضاء الحيوية؛ كأنسجة القلب في حالة الذبحة الصدرية مثلًا، فتحقن الخلايا النسيجية المستنسخة في العضلة القلبية المصابة لتنمو وتحل محل التالف منها وتقوم بوظائفها وتعيد الحياة للقلب المريض، أو كان الاستنساخ لأعضاء كاملة كالقلب أو الكبد أو الكلية، أو غيرها من الأعضاء الحيوية بقصد الاستفادة منها في العلاج، فهذا كله جائز ما لم يترتب عليه إضرار بأحد، أو اعتداء على حرمته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

فيما يخص الحكم الشرعي في الاستنساخ في حالة البشر، أو لأغراض علاجية كاستنساخ الأنسجة أو الأعضاء، نفيد بأن الاستنساخ يُتَصوَّر في ثلاثة أجناس من الكائنات: الإنسان، والحيوان، والنبات.

أما النبات فاستنساخه قائم ومعمول به منذ القدم، فيما يسمي بـ"التكاثر الخضري"؛ وله صور متعددة، منها: أن يؤخذ أي جزء من النبتة ويزرع، فيخرج نباتًا تامًّا كاملًا مطابقًا للنبتة الأم دون استخدام حبوب اللقاح، أو أن ينقل جزء نبات من الصنف المرغوب إكثاره بحيث يحتوي على برعم واحد ويوضع على جزء من نبات آخر بحيث يتم الالتحام بين هذين الجزأين لتكوين نبات جديد مستقل بطريقة معروفة عند المشتغلين بهذه الأمور.

والاستنساخ في هذا النوع مشروع، وقد يكون مطلوبًا؛ لما فيه من المصالح والفوائد كتحسين السلالات النباتية، وإنقاذ الأنواع الضعيفة الخصوبة المهددة بالانقراض.

وأما في مجال الحيوان: فقد نجحت التجارب في ذلك، حيث أخذت بويضة غير ملقحة من إحدى إناث الخراف وأفرغت من نواتها، وأُدخل مكان النواة المنزوعة نواة خلية جسدية مأخوذة من ضرع نعجة أخرى حامل، وتم دمج هذا النواة داخل البويضة بواسطة تيار كهربي محفِّز، ثم أعيدت في رحم نعجة ثالثة، فبدأت الخلية في الانقسام إلى خلايا، إلى أن تكوَّن منها جنين كامل، وخرج إلى النور بعد ذلك حيًّا يرزق.

وهذا النوع من الاستنساخ أيضًا جائز، بشرط أن يكون خاليًا عن العبث محققًا لمصلحة حقيقية راجحة، كتحسين السلالات، أو البحث العلمي المشروع، وألا يترتب عليه إيذاء أو إيلام للحيوان ذاته بلا مسوغ شرعي.

ويؤيد هذا المعنى الذي قررناه قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]، وقوله: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: 5].

وأما الاستنساخ البشري: فإن كان الغرض منه استنساخ إنسان كامل، فقد منعه جماهير العلماء المعاصرين، وأصدر مجمع البحوث الإسلامية وغيره من المجامع الفقهية -كمجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجمع الفقهي بمكة المكرمة- قرارات بتحريمه، ووجوب التصدي له، ومنعه بكل الوسائل؛ لما فيه من تعريض الإنسان الذي كرَّمه الله لأن يكون مجالًا للعبث والتجربة، بما قد يخرج أشكالًا مشوهة أو ممسوخة من البشر، مع ما يتبعه من اضطراب في قضايا المحارم والميراث والنسب وغيرها من الحقوق والواجبات.

وأما إن كان الاستنساخ جزئيًّا لأنسجة الأعضاء الحيوية؛ كأنسجة القلب في حالة الذبحة الصدرية مثلًا، فتحقن الخلايا النسيجية المستنسخة في العضلة القلبية المصابة لتنمو وتحل محل التالف منها وتقوم بوظائفها وتعيد الحياة للقلب المريض، أو كان الاستنساخ لأعضاء كاملة كالقلب أو الكبد أو الكلية، أو غيرها من الأعضاء الحيوية بقصد الاستفادة منها في العلاج، فهذا كله جائز ما لم يترتب عليه إضرار بأحد، أو اعتداء على حرمته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا
;