اشتراط تنازل الزوجة عن نفقتها

تقدَّم رجل لخطبة امرأة واشترط أن تتنازل المرأة عن نفقتها حال قيام الزوجية، فهل اشتراط مثل هذا الشرط جائز شرعًا أم أنه مخالف لأحكام الشرع؟

من الحقوق الواجبة على الزوج لزوجته بعقد النكاح بعد تسليم نفسها إليه النفقةُ بالمعروف، وبهذا قال أصحاب المذاهب الأربعة، ونقل الإجماع على ذلك العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 15، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (3/ 76، ط. دار الحديث)، وغيرهما.

والأصل في وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: 7].
والدليل على وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، والمقصود بالمولود له الزوج، فدلت الآية الكريمة على الأمر بالإنفاق على الزوجة وكسوتها.

وقال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6]، والأمر بالإسكان والإنفاق وإن كان راجعًا إلى المطلقات فإن الزوجات أولى بالوجوب، فالمطلقة وجب إسكانها؛ لأنها كانت زوجة ولا يزال باقيًا لها بعض أحكام الزواج ومنها السكنى، وكذا تجب لها النفقة إن كانت حاملًا، والزوجة من باب أولى.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر المعروف في خطبة الوداع: «... فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...» رواه مسلم.

فالمرأة بمجرد العقد وتسليم نفسها للزوج تستحق النفقة، وإذا اشترط الزوج عليها إسقاطه عند عقد النكاح فالمذاهب الأربعة على أنه يصح العقد ويبطل الشرط، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة، وخصَّ المالكية صحة العقد وبطلان الشرط بعد الدخول، أما قبله فكلاهما باطلان. يراجع: "رد المحتار" (3/ 586، ط. دار الفكر)، و"شرح الخرشي" (3/ 195، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي" (2/ 238، ط. دار الفكر)، و"الأم" (5/ 79، ط. دار المعرفة)، و"حاشية قليوبي على شرح المنهاج" (4/ 72، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"حاشية البجيرمي على الخطيب" (4/ 86، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" (8/ 165-166، ط. دار إحياء التراث العربي).

واستدلوا على صحة العقد بأن شرط عدم النفقة يعود إلى معنًى زائد في العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به، فلا يبطل أصل العقد كما لو شرط في العقد صداقًا محرَّمًا، كما أن النكاح يصح مع الجهل بالعوض، فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق، إضافة إلى ذلك فشرط إسقاط النفقة لا يخلُّ بمقصود عقد النكاح وهو الوطء، فيصح العقد.

أما بطلان الشرط: فاستدلوا عليه بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3]؛ يقول الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 79): [فَدَلَّ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعُولَ امْرَأَتَهُ، دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أُبْطِلَ مَا جَعَلَ لَهَا، وَأُمِرَ بِعِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ] اهـ.

كما أن شرط عدم النفقة شرط ينافي مقتضى عقد النكاح فيبطل، كما أنه شرط يتضمن إسقاط حق بعقد النكاح قبل انعقاده فلا يصح، كما لو أسقط الشَّفَيعُ شُفْعَتَهُ قبل البيع، أو أبرأ المشتري البائع من العيب. راجع "المغني" (7/ 94، ط. مكتبة القاهرة) و"كشاف القناع" (5/ 98، ط. دار الكتب العلمية).

وهناك أقوال أخرى في المسألة، كالقول بصحة الشرط والعقد، أو القول ببطلان الجميع وكلاهما مروي عن الإمام أحمد. "الإنصاف" (8/ 165-166).

وقانون الأحوال الشخصية لم ينص في مواده على هذه المسألة، لكنه ذكر ما هو قريب منها، ففي المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1985م: "وتعتبر نفقة الزوجة دَينًا على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء".

فنَصَّ القانون على أن نفقة الزوجة تعتبر دَينًا في ذمة الزوج حال امتناعه عن الأداء وتحتسب من وقت الامتناع، ومن مسقطات هذا الدين بعد ثبوته الإبراء، فأجاز القانون الإبراء عن النفقة الماضية، أما النفقة المستقبلة -وهي واقعة السؤال- فلم يتعرض لها، إلا أن الفقه القانوني سار فيها على مذهب الجمهور "موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية" للمستشار محمد عزمي البكري (2/ 339-340، ط. دار محمود).
وقد جاء في "المذكرة الإيضاحية لتعديلات قانون الأحوال الشخصية" رقم 100 لسنة 1985م أن الأحكام القانونية الخاصة بالأحوال الشخصية إن لم يُنَص عليها، فإنه يُحكَم فيها بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ما عدا ما استثني مِن ذلك.

ومذهب الحنفية أنه لا يصح الإبراء عن النفقة المستقبلية إلا التي ثبتت في ذمة الزوج، سواء بالتراضي أو بحكم القاضي، وذلك عن مدة واحدة من المدة التي قررت فيها النفقة شريطة كون المدة بدأت فعلًا، فمثلًا لو فرض لها نفقة كل شهر كذا، وبدأ شهر معين يجوز لها أن تبرئه عن نفقة هذا الشهر فقط دون باقي الشهور المستقبلة. "البحر الرائق" (4/ 192، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"رد المحتار" (3/ 586).

فالراجح في هذه المسألة أن تنازل المرأة عن بعض حقوقها -والتي منها النفقة- جائز في الجملة، والأصل فيه ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" في سبب نزول آية سورة النساء: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: 128]، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ". وكذلك تنازل إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن ليلتها لعائشة في مقابل أن لا يطلقها؛ كما ورد في "الصحيحين".

وعلى ذلك: فاشتراط التنازل عن النفقة يصح معه العقد، ويبطل الشرط، وهذا من الناحية الشرعية، أما إجرائيًّا فإذا توافقا على هذا فليس ثمة ما يمنع، ويكون لها الحق في المطالبة بالنفقة متى شاءت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

من الحقوق الواجبة على الزوج لزوجته بعقد النكاح بعد تسليم نفسها إليه النفقةُ بالمعروف، وبهذا قال أصحاب المذاهب الأربعة، ونقل الإجماع على ذلك العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 15، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (3/ 76، ط. دار الحديث)، وغيرهما.

والأصل في وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: 7].
والدليل على وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، والمقصود بالمولود له الزوج، فدلت الآية الكريمة على الأمر بالإنفاق على الزوجة وكسوتها.

وقال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6]، والأمر بالإسكان والإنفاق وإن كان راجعًا إلى المطلقات فإن الزوجات أولى بالوجوب، فالمطلقة وجب إسكانها؛ لأنها كانت زوجة ولا يزال باقيًا لها بعض أحكام الزواج ومنها السكنى، وكذا تجب لها النفقة إن كانت حاملًا، والزوجة من باب أولى.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر المعروف في خطبة الوداع: «... فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...» رواه مسلم.

فالمرأة بمجرد العقد وتسليم نفسها للزوج تستحق النفقة، وإذا اشترط الزوج عليها إسقاطه عند عقد النكاح فالمذاهب الأربعة على أنه يصح العقد ويبطل الشرط، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة، وخصَّ المالكية صحة العقد وبطلان الشرط بعد الدخول، أما قبله فكلاهما باطلان. يراجع: "رد المحتار" (3/ 586، ط. دار الفكر)، و"شرح الخرشي" (3/ 195، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي" (2/ 238، ط. دار الفكر)، و"الأم" (5/ 79، ط. دار المعرفة)، و"حاشية قليوبي على شرح المنهاج" (4/ 72، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"حاشية البجيرمي على الخطيب" (4/ 86، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" (8/ 165-166، ط. دار إحياء التراث العربي).

واستدلوا على صحة العقد بأن شرط عدم النفقة يعود إلى معنًى زائد في العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به، فلا يبطل أصل العقد كما لو شرط في العقد صداقًا محرَّمًا، كما أن النكاح يصح مع الجهل بالعوض، فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق، إضافة إلى ذلك فشرط إسقاط النفقة لا يخلُّ بمقصود عقد النكاح وهو الوطء، فيصح العقد.

أما بطلان الشرط: فاستدلوا عليه بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3]؛ يقول الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 79): [فَدَلَّ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعُولَ امْرَأَتَهُ، دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أُبْطِلَ مَا جَعَلَ لَهَا، وَأُمِرَ بِعِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ] اهـ.

كما أن شرط عدم النفقة شرط ينافي مقتضى عقد النكاح فيبطل، كما أنه شرط يتضمن إسقاط حق بعقد النكاح قبل انعقاده فلا يصح، كما لو أسقط الشَّفَيعُ شُفْعَتَهُ قبل البيع، أو أبرأ المشتري البائع من العيب. راجع "المغني" (7/ 94، ط. مكتبة القاهرة) و"كشاف القناع" (5/ 98، ط. دار الكتب العلمية).

وهناك أقوال أخرى في المسألة، كالقول بصحة الشرط والعقد، أو القول ببطلان الجميع وكلاهما مروي عن الإمام أحمد. "الإنصاف" (8/ 165-166).

وقانون الأحوال الشخصية لم ينص في مواده على هذه المسألة، لكنه ذكر ما هو قريب منها، ففي المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1985م: "وتعتبر نفقة الزوجة دَينًا على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء".

فنَصَّ القانون على أن نفقة الزوجة تعتبر دَينًا في ذمة الزوج حال امتناعه عن الأداء وتحتسب من وقت الامتناع، ومن مسقطات هذا الدين بعد ثبوته الإبراء، فأجاز القانون الإبراء عن النفقة الماضية، أما النفقة المستقبلة -وهي واقعة السؤال- فلم يتعرض لها، إلا أن الفقه القانوني سار فيها على مذهب الجمهور "موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية" للمستشار محمد عزمي البكري (2/ 339-340، ط. دار محمود).
وقد جاء في "المذكرة الإيضاحية لتعديلات قانون الأحوال الشخصية" رقم 100 لسنة 1985م أن الأحكام القانونية الخاصة بالأحوال الشخصية إن لم يُنَص عليها، فإنه يُحكَم فيها بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ما عدا ما استثني مِن ذلك.

ومذهب الحنفية أنه لا يصح الإبراء عن النفقة المستقبلية إلا التي ثبتت في ذمة الزوج، سواء بالتراضي أو بحكم القاضي، وذلك عن مدة واحدة من المدة التي قررت فيها النفقة شريطة كون المدة بدأت فعلًا، فمثلًا لو فرض لها نفقة كل شهر كذا، وبدأ شهر معين يجوز لها أن تبرئه عن نفقة هذا الشهر فقط دون باقي الشهور المستقبلة. "البحر الرائق" (4/ 192، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"رد المحتار" (3/ 586).

فالراجح في هذه المسألة أن تنازل المرأة عن بعض حقوقها -والتي منها النفقة- جائز في الجملة، والأصل فيه ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" في سبب نزول آية سورة النساء: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: 128]، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ". وكذلك تنازل إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن ليلتها لعائشة في مقابل أن لا يطلقها؛ كما ورد في "الصحيحين".

وعلى ذلك: فاشتراط التنازل عن النفقة يصح معه العقد، ويبطل الشرط، وهذا من الناحية الشرعية، أما إجرائيًّا فإذا توافقا على هذا فليس ثمة ما يمنع، ويكون لها الحق في المطالبة بالنفقة متى شاءت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا

اشتراط تنازل الزوجة عن نفقتها

تقدَّم رجل لخطبة امرأة واشترط أن تتنازل المرأة عن نفقتها حال قيام الزوجية، فهل اشتراط مثل هذا الشرط جائز شرعًا أم أنه مخالف لأحكام الشرع؟

من الحقوق الواجبة على الزوج لزوجته بعقد النكاح بعد تسليم نفسها إليه النفقةُ بالمعروف، وبهذا قال أصحاب المذاهب الأربعة، ونقل الإجماع على ذلك العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 15، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (3/ 76، ط. دار الحديث)، وغيرهما.

والأصل في وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: 7].
والدليل على وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، والمقصود بالمولود له الزوج، فدلت الآية الكريمة على الأمر بالإنفاق على الزوجة وكسوتها.

وقال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6]، والأمر بالإسكان والإنفاق وإن كان راجعًا إلى المطلقات فإن الزوجات أولى بالوجوب، فالمطلقة وجب إسكانها؛ لأنها كانت زوجة ولا يزال باقيًا لها بعض أحكام الزواج ومنها السكنى، وكذا تجب لها النفقة إن كانت حاملًا، والزوجة من باب أولى.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر المعروف في خطبة الوداع: «... فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...» رواه مسلم.

فالمرأة بمجرد العقد وتسليم نفسها للزوج تستحق النفقة، وإذا اشترط الزوج عليها إسقاطه عند عقد النكاح فالمذاهب الأربعة على أنه يصح العقد ويبطل الشرط، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة، وخصَّ المالكية صحة العقد وبطلان الشرط بعد الدخول، أما قبله فكلاهما باطلان. يراجع: "رد المحتار" (3/ 586، ط. دار الفكر)، و"شرح الخرشي" (3/ 195، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي" (2/ 238، ط. دار الفكر)، و"الأم" (5/ 79، ط. دار المعرفة)، و"حاشية قليوبي على شرح المنهاج" (4/ 72، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"حاشية البجيرمي على الخطيب" (4/ 86، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" (8/ 165-166، ط. دار إحياء التراث العربي).

واستدلوا على صحة العقد بأن شرط عدم النفقة يعود إلى معنًى زائد في العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به، فلا يبطل أصل العقد كما لو شرط في العقد صداقًا محرَّمًا، كما أن النكاح يصح مع الجهل بالعوض، فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق، إضافة إلى ذلك فشرط إسقاط النفقة لا يخلُّ بمقصود عقد النكاح وهو الوطء، فيصح العقد.

أما بطلان الشرط: فاستدلوا عليه بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3]؛ يقول الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 79): [فَدَلَّ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعُولَ امْرَأَتَهُ، دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أُبْطِلَ مَا جَعَلَ لَهَا، وَأُمِرَ بِعِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ] اهـ.

كما أن شرط عدم النفقة شرط ينافي مقتضى عقد النكاح فيبطل، كما أنه شرط يتضمن إسقاط حق بعقد النكاح قبل انعقاده فلا يصح، كما لو أسقط الشَّفَيعُ شُفْعَتَهُ قبل البيع، أو أبرأ المشتري البائع من العيب. راجع "المغني" (7/ 94، ط. مكتبة القاهرة) و"كشاف القناع" (5/ 98، ط. دار الكتب العلمية).

وهناك أقوال أخرى في المسألة، كالقول بصحة الشرط والعقد، أو القول ببطلان الجميع وكلاهما مروي عن الإمام أحمد. "الإنصاف" (8/ 165-166).

وقانون الأحوال الشخصية لم ينص في مواده على هذه المسألة، لكنه ذكر ما هو قريب منها، ففي المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1985م: "وتعتبر نفقة الزوجة دَينًا على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء".

فنَصَّ القانون على أن نفقة الزوجة تعتبر دَينًا في ذمة الزوج حال امتناعه عن الأداء وتحتسب من وقت الامتناع، ومن مسقطات هذا الدين بعد ثبوته الإبراء، فأجاز القانون الإبراء عن النفقة الماضية، أما النفقة المستقبلة -وهي واقعة السؤال- فلم يتعرض لها، إلا أن الفقه القانوني سار فيها على مذهب الجمهور "موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية" للمستشار محمد عزمي البكري (2/ 339-340، ط. دار محمود).
وقد جاء في "المذكرة الإيضاحية لتعديلات قانون الأحوال الشخصية" رقم 100 لسنة 1985م أن الأحكام القانونية الخاصة بالأحوال الشخصية إن لم يُنَص عليها، فإنه يُحكَم فيها بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ما عدا ما استثني مِن ذلك.

ومذهب الحنفية أنه لا يصح الإبراء عن النفقة المستقبلية إلا التي ثبتت في ذمة الزوج، سواء بالتراضي أو بحكم القاضي، وذلك عن مدة واحدة من المدة التي قررت فيها النفقة شريطة كون المدة بدأت فعلًا، فمثلًا لو فرض لها نفقة كل شهر كذا، وبدأ شهر معين يجوز لها أن تبرئه عن نفقة هذا الشهر فقط دون باقي الشهور المستقبلة. "البحر الرائق" (4/ 192، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"رد المحتار" (3/ 586).

فالراجح في هذه المسألة أن تنازل المرأة عن بعض حقوقها -والتي منها النفقة- جائز في الجملة، والأصل فيه ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" في سبب نزول آية سورة النساء: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: 128]، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ". وكذلك تنازل إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن ليلتها لعائشة في مقابل أن لا يطلقها؛ كما ورد في "الصحيحين".

وعلى ذلك: فاشتراط التنازل عن النفقة يصح معه العقد، ويبطل الشرط، وهذا من الناحية الشرعية، أما إجرائيًّا فإذا توافقا على هذا فليس ثمة ما يمنع، ويكون لها الحق في المطالبة بالنفقة متى شاءت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....

من الحقوق الواجبة على الزوج لزوجته بعقد النكاح بعد تسليم نفسها إليه النفقةُ بالمعروف، وبهذا قال أصحاب المذاهب الأربعة، ونقل الإجماع على ذلك العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 15، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (3/ 76، ط. دار الحديث)، وغيرهما.

والأصل في وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: 7].
والدليل على وجوب النفقة قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، والمقصود بالمولود له الزوج، فدلت الآية الكريمة على الأمر بالإنفاق على الزوجة وكسوتها.

وقال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6]، والأمر بالإسكان والإنفاق وإن كان راجعًا إلى المطلقات فإن الزوجات أولى بالوجوب، فالمطلقة وجب إسكانها؛ لأنها كانت زوجة ولا يزال باقيًا لها بعض أحكام الزواج ومنها السكنى، وكذا تجب لها النفقة إن كانت حاملًا، والزوجة من باب أولى.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر المعروف في خطبة الوداع: «... فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...» رواه مسلم.

فالمرأة بمجرد العقد وتسليم نفسها للزوج تستحق النفقة، وإذا اشترط الزوج عليها إسقاطه عند عقد النكاح فالمذاهب الأربعة على أنه يصح العقد ويبطل الشرط، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة، وخصَّ المالكية صحة العقد وبطلان الشرط بعد الدخول، أما قبله فكلاهما باطلان. يراجع: "رد المحتار" (3/ 586، ط. دار الفكر)، و"شرح الخرشي" (3/ 195، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي" (2/ 238، ط. دار الفكر)، و"الأم" (5/ 79، ط. دار المعرفة)، و"حاشية قليوبي على شرح المنهاج" (4/ 72، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"حاشية البجيرمي على الخطيب" (4/ 86، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" (8/ 165-166، ط. دار إحياء التراث العربي).

واستدلوا على صحة العقد بأن شرط عدم النفقة يعود إلى معنًى زائد في العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به، فلا يبطل أصل العقد كما لو شرط في العقد صداقًا محرَّمًا، كما أن النكاح يصح مع الجهل بالعوض، فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق، إضافة إلى ذلك فشرط إسقاط النفقة لا يخلُّ بمقصود عقد النكاح وهو الوطء، فيصح العقد.

أما بطلان الشرط: فاستدلوا عليه بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3]؛ يقول الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 79): [فَدَلَّ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعُولَ امْرَأَتَهُ، دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أُبْطِلَ مَا جَعَلَ لَهَا، وَأُمِرَ بِعِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ] اهـ.

كما أن شرط عدم النفقة شرط ينافي مقتضى عقد النكاح فيبطل، كما أنه شرط يتضمن إسقاط حق بعقد النكاح قبل انعقاده فلا يصح، كما لو أسقط الشَّفَيعُ شُفْعَتَهُ قبل البيع، أو أبرأ المشتري البائع من العيب. راجع "المغني" (7/ 94، ط. مكتبة القاهرة) و"كشاف القناع" (5/ 98، ط. دار الكتب العلمية).

وهناك أقوال أخرى في المسألة، كالقول بصحة الشرط والعقد، أو القول ببطلان الجميع وكلاهما مروي عن الإمام أحمد. "الإنصاف" (8/ 165-166).

وقانون الأحوال الشخصية لم ينص في مواده على هذه المسألة، لكنه ذكر ما هو قريب منها، ففي المادة الثانية من القانون رقم 100 لسنة 1985م: "وتعتبر نفقة الزوجة دَينًا على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه، ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء".

فنَصَّ القانون على أن نفقة الزوجة تعتبر دَينًا في ذمة الزوج حال امتناعه عن الأداء وتحتسب من وقت الامتناع، ومن مسقطات هذا الدين بعد ثبوته الإبراء، فأجاز القانون الإبراء عن النفقة الماضية، أما النفقة المستقبلة -وهي واقعة السؤال- فلم يتعرض لها، إلا أن الفقه القانوني سار فيها على مذهب الجمهور "موسوعة الفقه والقضاء في الأحوال الشخصية" للمستشار محمد عزمي البكري (2/ 339-340، ط. دار محمود).
وقد جاء في "المذكرة الإيضاحية لتعديلات قانون الأحوال الشخصية" رقم 100 لسنة 1985م أن الأحكام القانونية الخاصة بالأحوال الشخصية إن لم يُنَص عليها، فإنه يُحكَم فيها بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ما عدا ما استثني مِن ذلك.

ومذهب الحنفية أنه لا يصح الإبراء عن النفقة المستقبلية إلا التي ثبتت في ذمة الزوج، سواء بالتراضي أو بحكم القاضي، وذلك عن مدة واحدة من المدة التي قررت فيها النفقة شريطة كون المدة بدأت فعلًا، فمثلًا لو فرض لها نفقة كل شهر كذا، وبدأ شهر معين يجوز لها أن تبرئه عن نفقة هذا الشهر فقط دون باقي الشهور المستقبلة. "البحر الرائق" (4/ 192، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"رد المحتار" (3/ 586).

فالراجح في هذه المسألة أن تنازل المرأة عن بعض حقوقها -والتي منها النفقة- جائز في الجملة، والأصل فيه ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" في سبب نزول آية سورة النساء: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: 128]، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ". وكذلك تنازل إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن ليلتها لعائشة في مقابل أن لا يطلقها؛ كما ورد في "الصحيحين".

وعلى ذلك: فاشتراط التنازل عن النفقة يصح معه العقد، ويبطل الشرط، وهذا من الناحية الشرعية، أما إجرائيًّا فإذا توافقا على هذا فليس ثمة ما يمنع، ويكون لها الحق في المطالبة بالنفقة متى شاءت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا
;