ربط القرض بالقيمة من الذهب

ما حكم الشريعة الإسلامية فيما إذا اشترط مُقرِض الجنيهات أن يسترد قرضه بها أيضًا، لكن مع مراعاة قيمتها وقوتها الشرائية، بحيث تُقدَّر عند الإقراض بكمية الذهب الممكن شراؤها بجنيهات القرض، ومن ثمَّ يُلزَم المقترض عند الأداء بدفع جنيهات مساوية لسعر نفس كمية الذهب، وذلك بدلًا من الارتباط بعدد محدَّد للجنيهات خوفًا من هبوط قوتها الشرائية مع الوقت؟


حقيقة القرض بالصورة المذكورة في السؤال تئول إلى أنه عقد مركب من عقدين جاءا في صيغة شرطين؛ وذلك لأن أصل العقد قرضُ مالٍ مثليٍّ اشتُرط فيه أمران:

الأول: إلزام المقترض بأن يؤدي القرض المثلي بقيمته ذهبًا بسعر السوق يوم القرض.

والثاني: إلزام المقترض بأن يكون وكيلًا عن المقرِض في قبض الذهب المطلوب -عند أداء القرض-، ثم في بيعه بسعر السوق يوم الأداء بمال مماثل للقرض في جنسه: أي بِغَضِّ النظر عن مماثلته له في قدره العددي إن كان معدودًا، أو الكيلي إن كان مكيلًا، أو الوزني إن كان موزونًا، وغالبًا ستحصل زيادة صورية وعدم مماثلة من هذه الناحية، وقد يبدو لبعض الناس أن تلك الزيادة عادلة لا ظلم فيها على المقترض، وإنما هي لدفع الظلم عن المقرض بتدارك هبوط القوة الشرائية للأثمان والعملات، وهو ما يعرف اقتصاديًّا بمشكلة (التضخم)، فإن ما يمكن شراؤه منذ عامين بمائة جنيه مثلًا لا يمكن الآن شراؤه بأقل من مائتين، ويؤكد هذا أن العكس أيضًا فيه عدالة؛ لأنه إذا ارتفعت القوة الشرائية كان على المقترض دفع مبلغ أقل مما اقترض من حيث الصورة العددية أو الكيلية، بينما يكون مماثلًا للقرض من حيث المعنى والقيمة وقوة الشراء، والتي هي المنفعة المقصودة بالأصالة من حيازة الأثمان والعملات.

لكن هذا الاتجاه وإن بدا معقولًا وهادفًا لتحقيق العدالة والمماثلة بين القرض وبدله قدر الإمكان، إلا أنه يتصادم مع ما دلت عليه النصوص الشرعية والقواعد الفقهية المؤصلة، فإن العقد بصورته المركبة من اجتماع القرض مع البيع بالوكالة حرام شرعًا؛ لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعٍ وسلفٍ، وعن بيعتين في بيعة؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أصحاب "السنن" الأربعة.

والقرض يدخل في البيوع بمعناها العام؛ لما فيه من معاوضة القرض بمثله أو قيمته، ولهذا قال العلماء بأن عقد القرض تبرع ابتداءً معاوضة انتهاءً، ولهذا فهو داخل في المعنى العام للبيوع، فاجتماعه مع التوكيل بالبيع -ولو كان صوريًّا- يجعله داخلًا في النهي عن بيعتين في بيعة، وقد ذكر ذلك بعضُ الحنفية في التعليق على تعريف صاحب "كنز الدقائق" للبيع بأنه: مبادلة المال بالمال بالتراضي، فقالوا: "وهذا التعريف يتناول القرض أيضًا". انظر: "حاشية الشلبي على تبيين الحقائق" (4/ 2، ط. دار الكتاب الإسلامي).

وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (5/ 161، ط. دار الكتب العلمية): [القرض إعارة ابتداء، حتى صح بلفظها معاوضة انتهاء؛ لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه، فيستلزم إيجاب المثلي في الذمة، وهذا لا يتأتى في غير المثلي] اهـ.

فعندما يسترد المقرض مِثلَ ما أقرض؛ ينتهي العقد حينئذٍ إلى معاوضة. انظر: "القواعد لابن رجب" (ص: 74، ط. دار الفكر)، و"فتح القدير" لابن الهمام (6/ 523، ط. دار الفكر).

وكذا يدخل في النهي عن قرضٍ جرَّ منفعة؛ لأن الوكالة المشروطة مع القرض منفعة زائدة عن ما وجب رده؛ قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/ 728، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [ولا يجوز أن يسلف أحدًا شيئًا على أن يزيده فيما يقضيه أو على أن ينفعه المتسلف من أجل سلفه؛ قلَّت أو كثرت بوجه من الوجوه، وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلِف فهي ربا ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان شُرِطَ] اهـ.

وفي هذا العقد المركب أيضًا شبهة التحايل على أكل الربا بطلب الوكالة في بيع صوري للذهب المقدر به القرض؛ فإنه لو تمَّ فعلًا بيع ذهب كما اشترط كان بيعتين في بيعة أو بيعًا وسلفًا، وإذا لم يكن هناك ذهب حقيقي تم بيعه كان ذِكرُه صوريًّا في عقد القرض حيلةً لأكل الربا.

ثم إن في تقدير القرض بالذهب أو أي معدن آخر مفاسد أخرى، وهي أن المعادن الآن كالذهب والفضة صارت بمنزلة السلع التجارية التي تتقلب أسعارها صعودًا وهبوطًا كل لحظة تبعًا للعرض والطلب في البورصات العالمية والمحلية، فلم يعد الذهب أو الفضة معيارًا ثابتًا يمكن الرجوع إليه في تحديد قيم الأشياء، مما يعني أن ربط القرض به يجعل المقرِض والمقتَرِض عرضة لخسائر فادحة غير متوقعة لا سيما إذا كان مبلغ القرض كبيرًا، مما يدل على أن هذه المعاملة تشتمل على الغرر والجهالة، وتؤدي للمخاصمة والمنازعة، مما يتنافى بالكلية مع مقاصد الشرع الشريف في استقرار المعاملات ووضوح الحقوق والواجبات؛ درءًا لمفاسد الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين، فإنَّ قطع المنازعات ضرورة؛ إذ هي مادة الفساد، ولهذا كان نصب القاضي فريضة على المسلمين لأجل تلك الضرورة. انظر: "بدائع الصنائع" (5/ 143، 7/ 2، ط. دار الكتب العلمية).

يقول العلامة القرافي في "الفروق" (3/ 290، ط. عالم الكتب): [وها هنا قاعدة وهي أن مطلوب صاحب الشرع صلاحُ ذات البين وحسم مادة الفساد والفتن حتى بالغ في ذلك بقوله عليه السلام: «لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا»] اهـ.

وفقهاء الإسلام يقسمون الأموال إلى: مثليات وقيميات. المال المثلي: هو ما يوجد مثله في السوق بدون تفاوت يُعْتَدُّ به، وهو في العادة: إما (مَكِيل) أي مقدر بالكيل كالقمح والشعير ونحوهما، أو (موزون)؛ كالمعادن من ذهب وفضة وحديد ونحوها، أو (مذروع) أي مقدر بالذراع ونحوه؛ كأنواع من المنسوجات التي لا تفاوت بينها، أو (معدود)؛ كالنقود المتماثلة والأشياء التي تقدر بالعدد.

والمال القيمي: هو ما لا يوجد له مثل في السوق، أو يوجد لكنْ مع التفاوت المعتد به في القيمة، وقد سمي هذا النوع من الأموال (قِيميًّا) نسبة للقِيمَة التي يتفاوت بها كلُّ فرد منه عن سواه. ومن أمثلة القيمي: كل الأشياء القائمة على التغاير في النوع أو في القيمة أو فيهما معًا، كالحيوانات المتفاوتة الآحاد من الخيل والإبل والبقر والغنم، وكالمصنوعات اليدوية من حلي وأدوات وأثاث منزلي ونحوها مما يتميز كل فرد منها بمزايا لا توجد في غيره، حتى أصبح له قيمة خاصة به.

وقد يتحول المال المثلي إلى قيمي، كما لو أصبحت أفراده نادرة أو فُقدت تمامًا من الأسواق كبعض المصنوعات القديمة والعملات الأثرية التي انقطع التعامل بها ولها قيمة حضارية وتاريخية، فمثل هذه الاعتبارات تنقل الأموال من دائرة المثليات إلى دائرة القيميات، وكذلك يتحول المال المثلي إلى قيمي إذا تغيرت أوصافه بنحو عيب أصابه أو استعمال وغير ذلك، فإنه بهذا التغير يفقد تماثله مع نظائره الموجودة في الأسواق؛ لنقص قيمته عنها كما هو متعارف عليه الآن في الأدوات والآلات والسيارات بعد استعمالها.

وقد ذكر الفقهاء أن القرض يوجب رد المِثْلَ في المثليات، والقيمة في القيميات على رأي من قال بصحة إقراضها.

وعرَّف الحنفية القرض بأنه: عقد مخصوص يرد على دفع مال مثلي لآخر ليرد مثله.

قال الإمام الحصكفي في "الدر المختار" (5/ 161، بــ"حاشية ابن عابدين"، ط. دار الكتب العلمية): [(وصح) القرض (في مثلي)، هو كل ما يُضمن بالمثل عند الاستهلاك، (لا في غيره) من القيميات؛ كحيوان وحطب وعقارٍ، وكل متفاوت؛ لتعذر رد المثل] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها -أي من شرائط الشيء المقرض- أن يكون مما له مثل كالمكيلات، والموزونات، والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض مَا لَا مِثْلَ له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة؛ لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين، فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.

وذكروا أن اشتراط رد المثلي بما يقابل قيمته يعتبر لغوًا لا يعتد به ولا يؤثر في صحة عقد القرض ولا في موجبه؛ قال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (14/ 30، ط. دار المعرفة): [لو قال: أقرِضْنِي عشرة دراهم بدينار، فأعطاه عشرة دراهم فعليه مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم، ولا إلى رخصها، وكذلك كل ما يُكال، أو يُوزن فالحاصل وهو أن المقبوض على وجه القرض مضمون بالمثل، وكل ما كان من ذوات الأمثال يجوز فيه الاستقراض، والقرض لا يتعلق بالجائز من الشروط، فالفاسد من الشروط لا يبطله، ولكن يلغو شرط رد شيء آخر فعليه أن يرد مثل المقبوض] اهـ.

فحاصل هذا أن اللازم في قرض المثليات هو رد المثل، فَمَنْ طالَب بالقيمة لم يلتفت إليه ما لم ينقطع المثل، ولا ينظر عند رد المثل إلى غلاء الأسعار ولا إلى رخصها، فيجب ردُّ المثل عددًا في العدديات، وكَيْلًا في المكيلات، ووزنًا في الموزونات. وهكذا بلا مراعاة للقيمة، أما إذا اشترط المقرض أي زيادة عن ذلك فحرامٌ بالإجماع.

قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (4/ 68، ط. وزارة عموم الأوقاف والشئون الإسلامية - المغرب): [وقد أجمع المسلمون نقلًا عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف أو حبة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه أو حبة واحدة] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الذي يرجع إلى نفس القرض: فهو أن لا يكون فيه جر منفعة، فإن كان؛ لم يجز، نحو ما إذا أقرضه دراهم غلة، على أن يردَّ عليه صحاحًا، أو أقرضه وشرط شرطًا له فيه منفعة؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن قرض جر نفعًا؛ ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا؛ لأنها فضل لا يقابله عوض، والتحرز عن حقيقة الربا، وعن شبهة الربا واجب. هذا إذا كانت الزيادة مشروطة في القرض] اهـ.

فعلى هذا لا يصحُّ اشتراط مراعاة قيمة قرض الجنيهات عند الأداء، بل المُرَاعَى هو عددها ما لم ينقطع التعامل بها.

ومما سبق يتبين أنه لا يجوز أن يشترط المقرِض على المقترِض ربطَ القرض المثلي بالقيمة أو القوة الشرائية بالنسبة لسلعة أخرى أو عملة أخرى بحيث تراعى بدلًا من العدد في المعدودات أو الوزن في الموزونات أو الكيل في المكيلات؛ وذلك لما يترتب عليه من الوقوع في النهي عن بيع وسلف وعن بيعتين في بيعة، وكذا ما أجمع المسلمون على حرمته من قرض يجر نفعًا للمقرِض.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....


حقيقة القرض بالصورة المذكورة في السؤال تئول إلى أنه عقد مركب من عقدين جاءا في صيغة شرطين؛ وذلك لأن أصل العقد قرضُ مالٍ مثليٍّ اشتُرط فيه أمران:

الأول: إلزام المقترض بأن يؤدي القرض المثلي بقيمته ذهبًا بسعر السوق يوم القرض.

والثاني: إلزام المقترض بأن يكون وكيلًا عن المقرِض في قبض الذهب المطلوب -عند أداء القرض-، ثم في بيعه بسعر السوق يوم الأداء بمال مماثل للقرض في جنسه: أي بِغَضِّ النظر عن مماثلته له في قدره العددي إن كان معدودًا، أو الكيلي إن كان مكيلًا، أو الوزني إن كان موزونًا، وغالبًا ستحصل زيادة صورية وعدم مماثلة من هذه الناحية، وقد يبدو لبعض الناس أن تلك الزيادة عادلة لا ظلم فيها على المقترض، وإنما هي لدفع الظلم عن المقرض بتدارك هبوط القوة الشرائية للأثمان والعملات، وهو ما يعرف اقتصاديًّا بمشكلة (التضخم)، فإن ما يمكن شراؤه منذ عامين بمائة جنيه مثلًا لا يمكن الآن شراؤه بأقل من مائتين، ويؤكد هذا أن العكس أيضًا فيه عدالة؛ لأنه إذا ارتفعت القوة الشرائية كان على المقترض دفع مبلغ أقل مما اقترض من حيث الصورة العددية أو الكيلية، بينما يكون مماثلًا للقرض من حيث المعنى والقيمة وقوة الشراء، والتي هي المنفعة المقصودة بالأصالة من حيازة الأثمان والعملات.

لكن هذا الاتجاه وإن بدا معقولًا وهادفًا لتحقيق العدالة والمماثلة بين القرض وبدله قدر الإمكان، إلا أنه يتصادم مع ما دلت عليه النصوص الشرعية والقواعد الفقهية المؤصلة، فإن العقد بصورته المركبة من اجتماع القرض مع البيع بالوكالة حرام شرعًا؛ لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعٍ وسلفٍ، وعن بيعتين في بيعة؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أصحاب "السنن" الأربعة.

والقرض يدخل في البيوع بمعناها العام؛ لما فيه من معاوضة القرض بمثله أو قيمته، ولهذا قال العلماء بأن عقد القرض تبرع ابتداءً معاوضة انتهاءً، ولهذا فهو داخل في المعنى العام للبيوع، فاجتماعه مع التوكيل بالبيع -ولو كان صوريًّا- يجعله داخلًا في النهي عن بيعتين في بيعة، وقد ذكر ذلك بعضُ الحنفية في التعليق على تعريف صاحب "كنز الدقائق" للبيع بأنه: مبادلة المال بالمال بالتراضي، فقالوا: "وهذا التعريف يتناول القرض أيضًا". انظر: "حاشية الشلبي على تبيين الحقائق" (4/ 2، ط. دار الكتاب الإسلامي).

وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (5/ 161، ط. دار الكتب العلمية): [القرض إعارة ابتداء، حتى صح بلفظها معاوضة انتهاء؛ لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه، فيستلزم إيجاب المثلي في الذمة، وهذا لا يتأتى في غير المثلي] اهـ.

فعندما يسترد المقرض مِثلَ ما أقرض؛ ينتهي العقد حينئذٍ إلى معاوضة. انظر: "القواعد لابن رجب" (ص: 74، ط. دار الفكر)، و"فتح القدير" لابن الهمام (6/ 523، ط. دار الفكر).

وكذا يدخل في النهي عن قرضٍ جرَّ منفعة؛ لأن الوكالة المشروطة مع القرض منفعة زائدة عن ما وجب رده؛ قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/ 728، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [ولا يجوز أن يسلف أحدًا شيئًا على أن يزيده فيما يقضيه أو على أن ينفعه المتسلف من أجل سلفه؛ قلَّت أو كثرت بوجه من الوجوه، وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلِف فهي ربا ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان شُرِطَ] اهـ.

وفي هذا العقد المركب أيضًا شبهة التحايل على أكل الربا بطلب الوكالة في بيع صوري للذهب المقدر به القرض؛ فإنه لو تمَّ فعلًا بيع ذهب كما اشترط كان بيعتين في بيعة أو بيعًا وسلفًا، وإذا لم يكن هناك ذهب حقيقي تم بيعه كان ذِكرُه صوريًّا في عقد القرض حيلةً لأكل الربا.

ثم إن في تقدير القرض بالذهب أو أي معدن آخر مفاسد أخرى، وهي أن المعادن الآن كالذهب والفضة صارت بمنزلة السلع التجارية التي تتقلب أسعارها صعودًا وهبوطًا كل لحظة تبعًا للعرض والطلب في البورصات العالمية والمحلية، فلم يعد الذهب أو الفضة معيارًا ثابتًا يمكن الرجوع إليه في تحديد قيم الأشياء، مما يعني أن ربط القرض به يجعل المقرِض والمقتَرِض عرضة لخسائر فادحة غير متوقعة لا سيما إذا كان مبلغ القرض كبيرًا، مما يدل على أن هذه المعاملة تشتمل على الغرر والجهالة، وتؤدي للمخاصمة والمنازعة، مما يتنافى بالكلية مع مقاصد الشرع الشريف في استقرار المعاملات ووضوح الحقوق والواجبات؛ درءًا لمفاسد الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين، فإنَّ قطع المنازعات ضرورة؛ إذ هي مادة الفساد، ولهذا كان نصب القاضي فريضة على المسلمين لأجل تلك الضرورة. انظر: "بدائع الصنائع" (5/ 143، 7/ 2، ط. دار الكتب العلمية).

يقول العلامة القرافي في "الفروق" (3/ 290، ط. عالم الكتب): [وها هنا قاعدة وهي أن مطلوب صاحب الشرع صلاحُ ذات البين وحسم مادة الفساد والفتن حتى بالغ في ذلك بقوله عليه السلام: «لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا»] اهـ.

وفقهاء الإسلام يقسمون الأموال إلى: مثليات وقيميات. المال المثلي: هو ما يوجد مثله في السوق بدون تفاوت يُعْتَدُّ به، وهو في العادة: إما (مَكِيل) أي مقدر بالكيل كالقمح والشعير ونحوهما، أو (موزون)؛ كالمعادن من ذهب وفضة وحديد ونحوها، أو (مذروع) أي مقدر بالذراع ونحوه؛ كأنواع من المنسوجات التي لا تفاوت بينها، أو (معدود)؛ كالنقود المتماثلة والأشياء التي تقدر بالعدد.

والمال القيمي: هو ما لا يوجد له مثل في السوق، أو يوجد لكنْ مع التفاوت المعتد به في القيمة، وقد سمي هذا النوع من الأموال (قِيميًّا) نسبة للقِيمَة التي يتفاوت بها كلُّ فرد منه عن سواه. ومن أمثلة القيمي: كل الأشياء القائمة على التغاير في النوع أو في القيمة أو فيهما معًا، كالحيوانات المتفاوتة الآحاد من الخيل والإبل والبقر والغنم، وكالمصنوعات اليدوية من حلي وأدوات وأثاث منزلي ونحوها مما يتميز كل فرد منها بمزايا لا توجد في غيره، حتى أصبح له قيمة خاصة به.

وقد يتحول المال المثلي إلى قيمي، كما لو أصبحت أفراده نادرة أو فُقدت تمامًا من الأسواق كبعض المصنوعات القديمة والعملات الأثرية التي انقطع التعامل بها ولها قيمة حضارية وتاريخية، فمثل هذه الاعتبارات تنقل الأموال من دائرة المثليات إلى دائرة القيميات، وكذلك يتحول المال المثلي إلى قيمي إذا تغيرت أوصافه بنحو عيب أصابه أو استعمال وغير ذلك، فإنه بهذا التغير يفقد تماثله مع نظائره الموجودة في الأسواق؛ لنقص قيمته عنها كما هو متعارف عليه الآن في الأدوات والآلات والسيارات بعد استعمالها.

وقد ذكر الفقهاء أن القرض يوجب رد المِثْلَ في المثليات، والقيمة في القيميات على رأي من قال بصحة إقراضها.

وعرَّف الحنفية القرض بأنه: عقد مخصوص يرد على دفع مال مثلي لآخر ليرد مثله.

قال الإمام الحصكفي في "الدر المختار" (5/ 161، بــ"حاشية ابن عابدين"، ط. دار الكتب العلمية): [(وصح) القرض (في مثلي)، هو كل ما يُضمن بالمثل عند الاستهلاك، (لا في غيره) من القيميات؛ كحيوان وحطب وعقارٍ، وكل متفاوت؛ لتعذر رد المثل] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها -أي من شرائط الشيء المقرض- أن يكون مما له مثل كالمكيلات، والموزونات، والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض مَا لَا مِثْلَ له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة؛ لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين، فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.

وذكروا أن اشتراط رد المثلي بما يقابل قيمته يعتبر لغوًا لا يعتد به ولا يؤثر في صحة عقد القرض ولا في موجبه؛ قال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (14/ 30، ط. دار المعرفة): [لو قال: أقرِضْنِي عشرة دراهم بدينار، فأعطاه عشرة دراهم فعليه مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم، ولا إلى رخصها، وكذلك كل ما يُكال، أو يُوزن فالحاصل وهو أن المقبوض على وجه القرض مضمون بالمثل، وكل ما كان من ذوات الأمثال يجوز فيه الاستقراض، والقرض لا يتعلق بالجائز من الشروط، فالفاسد من الشروط لا يبطله، ولكن يلغو شرط رد شيء آخر فعليه أن يرد مثل المقبوض] اهـ.

فحاصل هذا أن اللازم في قرض المثليات هو رد المثل، فَمَنْ طالَب بالقيمة لم يلتفت إليه ما لم ينقطع المثل، ولا ينظر عند رد المثل إلى غلاء الأسعار ولا إلى رخصها، فيجب ردُّ المثل عددًا في العدديات، وكَيْلًا في المكيلات، ووزنًا في الموزونات. وهكذا بلا مراعاة للقيمة، أما إذا اشترط المقرض أي زيادة عن ذلك فحرامٌ بالإجماع.

قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (4/ 68، ط. وزارة عموم الأوقاف والشئون الإسلامية - المغرب): [وقد أجمع المسلمون نقلًا عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف أو حبة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه أو حبة واحدة] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الذي يرجع إلى نفس القرض: فهو أن لا يكون فيه جر منفعة، فإن كان؛ لم يجز، نحو ما إذا أقرضه دراهم غلة، على أن يردَّ عليه صحاحًا، أو أقرضه وشرط شرطًا له فيه منفعة؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن قرض جر نفعًا؛ ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا؛ لأنها فضل لا يقابله عوض، والتحرز عن حقيقة الربا، وعن شبهة الربا واجب. هذا إذا كانت الزيادة مشروطة في القرض] اهـ.

فعلى هذا لا يصحُّ اشتراط مراعاة قيمة قرض الجنيهات عند الأداء، بل المُرَاعَى هو عددها ما لم ينقطع التعامل بها.

ومما سبق يتبين أنه لا يجوز أن يشترط المقرِض على المقترِض ربطَ القرض المثلي بالقيمة أو القوة الشرائية بالنسبة لسلعة أخرى أو عملة أخرى بحيث تراعى بدلًا من العدد في المعدودات أو الوزن في الموزونات أو الكيل في المكيلات؛ وذلك لما يترتب عليه من الوقوع في النهي عن بيع وسلف وعن بيعتين في بيعة، وكذا ما أجمع المسلمون على حرمته من قرض يجر نفعًا للمقرِض.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا

ربط القرض بالقيمة من الذهب

ما حكم الشريعة الإسلامية فيما إذا اشترط مُقرِض الجنيهات أن يسترد قرضه بها أيضًا، لكن مع مراعاة قيمتها وقوتها الشرائية، بحيث تُقدَّر عند الإقراض بكمية الذهب الممكن شراؤها بجنيهات القرض، ومن ثمَّ يُلزَم المقترض عند الأداء بدفع جنيهات مساوية لسعر نفس كمية الذهب، وذلك بدلًا من الارتباط بعدد محدَّد للجنيهات خوفًا من هبوط قوتها الشرائية مع الوقت؟


حقيقة القرض بالصورة المذكورة في السؤال تئول إلى أنه عقد مركب من عقدين جاءا في صيغة شرطين؛ وذلك لأن أصل العقد قرضُ مالٍ مثليٍّ اشتُرط فيه أمران:

الأول: إلزام المقترض بأن يؤدي القرض المثلي بقيمته ذهبًا بسعر السوق يوم القرض.

والثاني: إلزام المقترض بأن يكون وكيلًا عن المقرِض في قبض الذهب المطلوب -عند أداء القرض-، ثم في بيعه بسعر السوق يوم الأداء بمال مماثل للقرض في جنسه: أي بِغَضِّ النظر عن مماثلته له في قدره العددي إن كان معدودًا، أو الكيلي إن كان مكيلًا، أو الوزني إن كان موزونًا، وغالبًا ستحصل زيادة صورية وعدم مماثلة من هذه الناحية، وقد يبدو لبعض الناس أن تلك الزيادة عادلة لا ظلم فيها على المقترض، وإنما هي لدفع الظلم عن المقرض بتدارك هبوط القوة الشرائية للأثمان والعملات، وهو ما يعرف اقتصاديًّا بمشكلة (التضخم)، فإن ما يمكن شراؤه منذ عامين بمائة جنيه مثلًا لا يمكن الآن شراؤه بأقل من مائتين، ويؤكد هذا أن العكس أيضًا فيه عدالة؛ لأنه إذا ارتفعت القوة الشرائية كان على المقترض دفع مبلغ أقل مما اقترض من حيث الصورة العددية أو الكيلية، بينما يكون مماثلًا للقرض من حيث المعنى والقيمة وقوة الشراء، والتي هي المنفعة المقصودة بالأصالة من حيازة الأثمان والعملات.

لكن هذا الاتجاه وإن بدا معقولًا وهادفًا لتحقيق العدالة والمماثلة بين القرض وبدله قدر الإمكان، إلا أنه يتصادم مع ما دلت عليه النصوص الشرعية والقواعد الفقهية المؤصلة، فإن العقد بصورته المركبة من اجتماع القرض مع البيع بالوكالة حرام شرعًا؛ لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعٍ وسلفٍ، وعن بيعتين في بيعة؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أصحاب "السنن" الأربعة.

والقرض يدخل في البيوع بمعناها العام؛ لما فيه من معاوضة القرض بمثله أو قيمته، ولهذا قال العلماء بأن عقد القرض تبرع ابتداءً معاوضة انتهاءً، ولهذا فهو داخل في المعنى العام للبيوع، فاجتماعه مع التوكيل بالبيع -ولو كان صوريًّا- يجعله داخلًا في النهي عن بيعتين في بيعة، وقد ذكر ذلك بعضُ الحنفية في التعليق على تعريف صاحب "كنز الدقائق" للبيع بأنه: مبادلة المال بالمال بالتراضي، فقالوا: "وهذا التعريف يتناول القرض أيضًا". انظر: "حاشية الشلبي على تبيين الحقائق" (4/ 2، ط. دار الكتاب الإسلامي).

وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (5/ 161، ط. دار الكتب العلمية): [القرض إعارة ابتداء، حتى صح بلفظها معاوضة انتهاء؛ لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه، فيستلزم إيجاب المثلي في الذمة، وهذا لا يتأتى في غير المثلي] اهـ.

فعندما يسترد المقرض مِثلَ ما أقرض؛ ينتهي العقد حينئذٍ إلى معاوضة. انظر: "القواعد لابن رجب" (ص: 74، ط. دار الفكر)، و"فتح القدير" لابن الهمام (6/ 523، ط. دار الفكر).

وكذا يدخل في النهي عن قرضٍ جرَّ منفعة؛ لأن الوكالة المشروطة مع القرض منفعة زائدة عن ما وجب رده؛ قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/ 728، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [ولا يجوز أن يسلف أحدًا شيئًا على أن يزيده فيما يقضيه أو على أن ينفعه المتسلف من أجل سلفه؛ قلَّت أو كثرت بوجه من الوجوه، وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلِف فهي ربا ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان شُرِطَ] اهـ.

وفي هذا العقد المركب أيضًا شبهة التحايل على أكل الربا بطلب الوكالة في بيع صوري للذهب المقدر به القرض؛ فإنه لو تمَّ فعلًا بيع ذهب كما اشترط كان بيعتين في بيعة أو بيعًا وسلفًا، وإذا لم يكن هناك ذهب حقيقي تم بيعه كان ذِكرُه صوريًّا في عقد القرض حيلةً لأكل الربا.

ثم إن في تقدير القرض بالذهب أو أي معدن آخر مفاسد أخرى، وهي أن المعادن الآن كالذهب والفضة صارت بمنزلة السلع التجارية التي تتقلب أسعارها صعودًا وهبوطًا كل لحظة تبعًا للعرض والطلب في البورصات العالمية والمحلية، فلم يعد الذهب أو الفضة معيارًا ثابتًا يمكن الرجوع إليه في تحديد قيم الأشياء، مما يعني أن ربط القرض به يجعل المقرِض والمقتَرِض عرضة لخسائر فادحة غير متوقعة لا سيما إذا كان مبلغ القرض كبيرًا، مما يدل على أن هذه المعاملة تشتمل على الغرر والجهالة، وتؤدي للمخاصمة والمنازعة، مما يتنافى بالكلية مع مقاصد الشرع الشريف في استقرار المعاملات ووضوح الحقوق والواجبات؛ درءًا لمفاسد الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين، فإنَّ قطع المنازعات ضرورة؛ إذ هي مادة الفساد، ولهذا كان نصب القاضي فريضة على المسلمين لأجل تلك الضرورة. انظر: "بدائع الصنائع" (5/ 143، 7/ 2، ط. دار الكتب العلمية).

يقول العلامة القرافي في "الفروق" (3/ 290، ط. عالم الكتب): [وها هنا قاعدة وهي أن مطلوب صاحب الشرع صلاحُ ذات البين وحسم مادة الفساد والفتن حتى بالغ في ذلك بقوله عليه السلام: «لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا»] اهـ.

وفقهاء الإسلام يقسمون الأموال إلى: مثليات وقيميات. المال المثلي: هو ما يوجد مثله في السوق بدون تفاوت يُعْتَدُّ به، وهو في العادة: إما (مَكِيل) أي مقدر بالكيل كالقمح والشعير ونحوهما، أو (موزون)؛ كالمعادن من ذهب وفضة وحديد ونحوها، أو (مذروع) أي مقدر بالذراع ونحوه؛ كأنواع من المنسوجات التي لا تفاوت بينها، أو (معدود)؛ كالنقود المتماثلة والأشياء التي تقدر بالعدد.

والمال القيمي: هو ما لا يوجد له مثل في السوق، أو يوجد لكنْ مع التفاوت المعتد به في القيمة، وقد سمي هذا النوع من الأموال (قِيميًّا) نسبة للقِيمَة التي يتفاوت بها كلُّ فرد منه عن سواه. ومن أمثلة القيمي: كل الأشياء القائمة على التغاير في النوع أو في القيمة أو فيهما معًا، كالحيوانات المتفاوتة الآحاد من الخيل والإبل والبقر والغنم، وكالمصنوعات اليدوية من حلي وأدوات وأثاث منزلي ونحوها مما يتميز كل فرد منها بمزايا لا توجد في غيره، حتى أصبح له قيمة خاصة به.

وقد يتحول المال المثلي إلى قيمي، كما لو أصبحت أفراده نادرة أو فُقدت تمامًا من الأسواق كبعض المصنوعات القديمة والعملات الأثرية التي انقطع التعامل بها ولها قيمة حضارية وتاريخية، فمثل هذه الاعتبارات تنقل الأموال من دائرة المثليات إلى دائرة القيميات، وكذلك يتحول المال المثلي إلى قيمي إذا تغيرت أوصافه بنحو عيب أصابه أو استعمال وغير ذلك، فإنه بهذا التغير يفقد تماثله مع نظائره الموجودة في الأسواق؛ لنقص قيمته عنها كما هو متعارف عليه الآن في الأدوات والآلات والسيارات بعد استعمالها.

وقد ذكر الفقهاء أن القرض يوجب رد المِثْلَ في المثليات، والقيمة في القيميات على رأي من قال بصحة إقراضها.

وعرَّف الحنفية القرض بأنه: عقد مخصوص يرد على دفع مال مثلي لآخر ليرد مثله.

قال الإمام الحصكفي في "الدر المختار" (5/ 161، بــ"حاشية ابن عابدين"، ط. دار الكتب العلمية): [(وصح) القرض (في مثلي)، هو كل ما يُضمن بالمثل عند الاستهلاك، (لا في غيره) من القيميات؛ كحيوان وحطب وعقارٍ، وكل متفاوت؛ لتعذر رد المثل] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها -أي من شرائط الشيء المقرض- أن يكون مما له مثل كالمكيلات، والموزونات، والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض مَا لَا مِثْلَ له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة؛ لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين، فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.

وذكروا أن اشتراط رد المثلي بما يقابل قيمته يعتبر لغوًا لا يعتد به ولا يؤثر في صحة عقد القرض ولا في موجبه؛ قال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (14/ 30، ط. دار المعرفة): [لو قال: أقرِضْنِي عشرة دراهم بدينار، فأعطاه عشرة دراهم فعليه مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم، ولا إلى رخصها، وكذلك كل ما يُكال، أو يُوزن فالحاصل وهو أن المقبوض على وجه القرض مضمون بالمثل، وكل ما كان من ذوات الأمثال يجوز فيه الاستقراض، والقرض لا يتعلق بالجائز من الشروط، فالفاسد من الشروط لا يبطله، ولكن يلغو شرط رد شيء آخر فعليه أن يرد مثل المقبوض] اهـ.

فحاصل هذا أن اللازم في قرض المثليات هو رد المثل، فَمَنْ طالَب بالقيمة لم يلتفت إليه ما لم ينقطع المثل، ولا ينظر عند رد المثل إلى غلاء الأسعار ولا إلى رخصها، فيجب ردُّ المثل عددًا في العدديات، وكَيْلًا في المكيلات، ووزنًا في الموزونات. وهكذا بلا مراعاة للقيمة، أما إذا اشترط المقرض أي زيادة عن ذلك فحرامٌ بالإجماع.

قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (4/ 68، ط. وزارة عموم الأوقاف والشئون الإسلامية - المغرب): [وقد أجمع المسلمون نقلًا عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف أو حبة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه أو حبة واحدة] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الذي يرجع إلى نفس القرض: فهو أن لا يكون فيه جر منفعة، فإن كان؛ لم يجز، نحو ما إذا أقرضه دراهم غلة، على أن يردَّ عليه صحاحًا، أو أقرضه وشرط شرطًا له فيه منفعة؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن قرض جر نفعًا؛ ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا؛ لأنها فضل لا يقابله عوض، والتحرز عن حقيقة الربا، وعن شبهة الربا واجب. هذا إذا كانت الزيادة مشروطة في القرض] اهـ.

فعلى هذا لا يصحُّ اشتراط مراعاة قيمة قرض الجنيهات عند الأداء، بل المُرَاعَى هو عددها ما لم ينقطع التعامل بها.

ومما سبق يتبين أنه لا يجوز أن يشترط المقرِض على المقترِض ربطَ القرض المثلي بالقيمة أو القوة الشرائية بالنسبة لسلعة أخرى أو عملة أخرى بحيث تراعى بدلًا من العدد في المعدودات أو الوزن في الموزونات أو الكيل في المكيلات؛ وذلك لما يترتب عليه من الوقوع في النهي عن بيع وسلف وعن بيعتين في بيعة، وكذا ما أجمع المسلمون على حرمته من قرض يجر نفعًا للمقرِض.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفاصيل ....


حقيقة القرض بالصورة المذكورة في السؤال تئول إلى أنه عقد مركب من عقدين جاءا في صيغة شرطين؛ وذلك لأن أصل العقد قرضُ مالٍ مثليٍّ اشتُرط فيه أمران:

الأول: إلزام المقترض بأن يؤدي القرض المثلي بقيمته ذهبًا بسعر السوق يوم القرض.

والثاني: إلزام المقترض بأن يكون وكيلًا عن المقرِض في قبض الذهب المطلوب -عند أداء القرض-، ثم في بيعه بسعر السوق يوم الأداء بمال مماثل للقرض في جنسه: أي بِغَضِّ النظر عن مماثلته له في قدره العددي إن كان معدودًا، أو الكيلي إن كان مكيلًا، أو الوزني إن كان موزونًا، وغالبًا ستحصل زيادة صورية وعدم مماثلة من هذه الناحية، وقد يبدو لبعض الناس أن تلك الزيادة عادلة لا ظلم فيها على المقترض، وإنما هي لدفع الظلم عن المقرض بتدارك هبوط القوة الشرائية للأثمان والعملات، وهو ما يعرف اقتصاديًّا بمشكلة (التضخم)، فإن ما يمكن شراؤه منذ عامين بمائة جنيه مثلًا لا يمكن الآن شراؤه بأقل من مائتين، ويؤكد هذا أن العكس أيضًا فيه عدالة؛ لأنه إذا ارتفعت القوة الشرائية كان على المقترض دفع مبلغ أقل مما اقترض من حيث الصورة العددية أو الكيلية، بينما يكون مماثلًا للقرض من حيث المعنى والقيمة وقوة الشراء، والتي هي المنفعة المقصودة بالأصالة من حيازة الأثمان والعملات.

لكن هذا الاتجاه وإن بدا معقولًا وهادفًا لتحقيق العدالة والمماثلة بين القرض وبدله قدر الإمكان، إلا أنه يتصادم مع ما دلت عليه النصوص الشرعية والقواعد الفقهية المؤصلة، فإن العقد بصورته المركبة من اجتماع القرض مع البيع بالوكالة حرام شرعًا؛ لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعٍ وسلفٍ، وعن بيعتين في بيعة؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أصحاب "السنن" الأربعة.

والقرض يدخل في البيوع بمعناها العام؛ لما فيه من معاوضة القرض بمثله أو قيمته، ولهذا قال العلماء بأن عقد القرض تبرع ابتداءً معاوضة انتهاءً، ولهذا فهو داخل في المعنى العام للبيوع، فاجتماعه مع التوكيل بالبيع -ولو كان صوريًّا- يجعله داخلًا في النهي عن بيعتين في بيعة، وقد ذكر ذلك بعضُ الحنفية في التعليق على تعريف صاحب "كنز الدقائق" للبيع بأنه: مبادلة المال بالمال بالتراضي، فقالوا: "وهذا التعريف يتناول القرض أيضًا". انظر: "حاشية الشلبي على تبيين الحقائق" (4/ 2، ط. دار الكتاب الإسلامي).

وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (5/ 161، ط. دار الكتب العلمية): [القرض إعارة ابتداء، حتى صح بلفظها معاوضة انتهاء؛ لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه، فيستلزم إيجاب المثلي في الذمة، وهذا لا يتأتى في غير المثلي] اهـ.

فعندما يسترد المقرض مِثلَ ما أقرض؛ ينتهي العقد حينئذٍ إلى معاوضة. انظر: "القواعد لابن رجب" (ص: 74، ط. دار الفكر)، و"فتح القدير" لابن الهمام (6/ 523، ط. دار الفكر).

وكذا يدخل في النهي عن قرضٍ جرَّ منفعة؛ لأن الوكالة المشروطة مع القرض منفعة زائدة عن ما وجب رده؛ قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/ 728، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [ولا يجوز أن يسلف أحدًا شيئًا على أن يزيده فيما يقضيه أو على أن ينفعه المتسلف من أجل سلفه؛ قلَّت أو كثرت بوجه من الوجوه، وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلِف فهي ربا ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان شُرِطَ] اهـ.

وفي هذا العقد المركب أيضًا شبهة التحايل على أكل الربا بطلب الوكالة في بيع صوري للذهب المقدر به القرض؛ فإنه لو تمَّ فعلًا بيع ذهب كما اشترط كان بيعتين في بيعة أو بيعًا وسلفًا، وإذا لم يكن هناك ذهب حقيقي تم بيعه كان ذِكرُه صوريًّا في عقد القرض حيلةً لأكل الربا.

ثم إن في تقدير القرض بالذهب أو أي معدن آخر مفاسد أخرى، وهي أن المعادن الآن كالذهب والفضة صارت بمنزلة السلع التجارية التي تتقلب أسعارها صعودًا وهبوطًا كل لحظة تبعًا للعرض والطلب في البورصات العالمية والمحلية، فلم يعد الذهب أو الفضة معيارًا ثابتًا يمكن الرجوع إليه في تحديد قيم الأشياء، مما يعني أن ربط القرض به يجعل المقرِض والمقتَرِض عرضة لخسائر فادحة غير متوقعة لا سيما إذا كان مبلغ القرض كبيرًا، مما يدل على أن هذه المعاملة تشتمل على الغرر والجهالة، وتؤدي للمخاصمة والمنازعة، مما يتنافى بالكلية مع مقاصد الشرع الشريف في استقرار المعاملات ووضوح الحقوق والواجبات؛ درءًا لمفاسد الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين، فإنَّ قطع المنازعات ضرورة؛ إذ هي مادة الفساد، ولهذا كان نصب القاضي فريضة على المسلمين لأجل تلك الضرورة. انظر: "بدائع الصنائع" (5/ 143، 7/ 2، ط. دار الكتب العلمية).

يقول العلامة القرافي في "الفروق" (3/ 290، ط. عالم الكتب): [وها هنا قاعدة وهي أن مطلوب صاحب الشرع صلاحُ ذات البين وحسم مادة الفساد والفتن حتى بالغ في ذلك بقوله عليه السلام: «لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا»] اهـ.

وفقهاء الإسلام يقسمون الأموال إلى: مثليات وقيميات. المال المثلي: هو ما يوجد مثله في السوق بدون تفاوت يُعْتَدُّ به، وهو في العادة: إما (مَكِيل) أي مقدر بالكيل كالقمح والشعير ونحوهما، أو (موزون)؛ كالمعادن من ذهب وفضة وحديد ونحوها، أو (مذروع) أي مقدر بالذراع ونحوه؛ كأنواع من المنسوجات التي لا تفاوت بينها، أو (معدود)؛ كالنقود المتماثلة والأشياء التي تقدر بالعدد.

والمال القيمي: هو ما لا يوجد له مثل في السوق، أو يوجد لكنْ مع التفاوت المعتد به في القيمة، وقد سمي هذا النوع من الأموال (قِيميًّا) نسبة للقِيمَة التي يتفاوت بها كلُّ فرد منه عن سواه. ومن أمثلة القيمي: كل الأشياء القائمة على التغاير في النوع أو في القيمة أو فيهما معًا، كالحيوانات المتفاوتة الآحاد من الخيل والإبل والبقر والغنم، وكالمصنوعات اليدوية من حلي وأدوات وأثاث منزلي ونحوها مما يتميز كل فرد منها بمزايا لا توجد في غيره، حتى أصبح له قيمة خاصة به.

وقد يتحول المال المثلي إلى قيمي، كما لو أصبحت أفراده نادرة أو فُقدت تمامًا من الأسواق كبعض المصنوعات القديمة والعملات الأثرية التي انقطع التعامل بها ولها قيمة حضارية وتاريخية، فمثل هذه الاعتبارات تنقل الأموال من دائرة المثليات إلى دائرة القيميات، وكذلك يتحول المال المثلي إلى قيمي إذا تغيرت أوصافه بنحو عيب أصابه أو استعمال وغير ذلك، فإنه بهذا التغير يفقد تماثله مع نظائره الموجودة في الأسواق؛ لنقص قيمته عنها كما هو متعارف عليه الآن في الأدوات والآلات والسيارات بعد استعمالها.

وقد ذكر الفقهاء أن القرض يوجب رد المِثْلَ في المثليات، والقيمة في القيميات على رأي من قال بصحة إقراضها.

وعرَّف الحنفية القرض بأنه: عقد مخصوص يرد على دفع مال مثلي لآخر ليرد مثله.

قال الإمام الحصكفي في "الدر المختار" (5/ 161، بــ"حاشية ابن عابدين"، ط. دار الكتب العلمية): [(وصح) القرض (في مثلي)، هو كل ما يُضمن بالمثل عند الاستهلاك، (لا في غيره) من القيميات؛ كحيوان وحطب وعقارٍ، وكل متفاوت؛ لتعذر رد المثل] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها -أي من شرائط الشيء المقرض- أن يكون مما له مثل كالمكيلات، والموزونات، والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض مَا لَا مِثْلَ له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة؛ لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين، فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.

وذكروا أن اشتراط رد المثلي بما يقابل قيمته يعتبر لغوًا لا يعتد به ولا يؤثر في صحة عقد القرض ولا في موجبه؛ قال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (14/ 30، ط. دار المعرفة): [لو قال: أقرِضْنِي عشرة دراهم بدينار، فأعطاه عشرة دراهم فعليه مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم، ولا إلى رخصها، وكذلك كل ما يُكال، أو يُوزن فالحاصل وهو أن المقبوض على وجه القرض مضمون بالمثل، وكل ما كان من ذوات الأمثال يجوز فيه الاستقراض، والقرض لا يتعلق بالجائز من الشروط، فالفاسد من الشروط لا يبطله، ولكن يلغو شرط رد شيء آخر فعليه أن يرد مثل المقبوض] اهـ.

فحاصل هذا أن اللازم في قرض المثليات هو رد المثل، فَمَنْ طالَب بالقيمة لم يلتفت إليه ما لم ينقطع المثل، ولا ينظر عند رد المثل إلى غلاء الأسعار ولا إلى رخصها، فيجب ردُّ المثل عددًا في العدديات، وكَيْلًا في المكيلات، ووزنًا في الموزونات. وهكذا بلا مراعاة للقيمة، أما إذا اشترط المقرض أي زيادة عن ذلك فحرامٌ بالإجماع.

قال الحافظ ابن عبد البر في كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (4/ 68، ط. وزارة عموم الأوقاف والشئون الإسلامية - المغرب): [وقد أجمع المسلمون نقلًا عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف أو حبة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه أو حبة واحدة] اهـ.

ويقول الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية): [وأما الذي يرجع إلى نفس القرض: فهو أن لا يكون فيه جر منفعة، فإن كان؛ لم يجز، نحو ما إذا أقرضه دراهم غلة، على أن يردَّ عليه صحاحًا، أو أقرضه وشرط شرطًا له فيه منفعة؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن قرض جر نفعًا؛ ولأن الزيادة المشروطة تشبه الربا؛ لأنها فضل لا يقابله عوض، والتحرز عن حقيقة الربا، وعن شبهة الربا واجب. هذا إذا كانت الزيادة مشروطة في القرض] اهـ.

فعلى هذا لا يصحُّ اشتراط مراعاة قيمة قرض الجنيهات عند الأداء، بل المُرَاعَى هو عددها ما لم ينقطع التعامل بها.

ومما سبق يتبين أنه لا يجوز أن يشترط المقرِض على المقترِض ربطَ القرض المثلي بالقيمة أو القوة الشرائية بالنسبة لسلعة أخرى أو عملة أخرى بحيث تراعى بدلًا من العدد في المعدودات أو الوزن في الموزونات أو الكيل في المكيلات؛ وذلك لما يترتب عليه من الوقوع في النهي عن بيع وسلف وعن بيعتين في بيعة، وكذا ما أجمع المسلمون على حرمته من قرض يجر نفعًا للمقرِض.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا
;