12 أغسطس 2025 م

خلال الجلسة العلمية الأولى بمؤتمر الإفتاء العالمي العاشر.. علماء ومتخصصون يدعون إلى إنشاء نموذج عالمي للمفتي الرشيد

خلال الجلسة العلمية الأولى بمؤتمر الإفتاء العالمي العاشر.. علماء ومتخصصون يدعون إلى إنشاء نموذج عالمي للمفتي الرشيد

في إطار أعمال المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، واصلت الجلسة العلمية الأولى أعمالها بمناقشات ثرية وأبحاث متخصصة تناولت قضية "تكوين المفتي الرشيد العصري في عصر الذكاء الاصطناعي"؛ حيث استعرض عدد من الباحثين والخبراء رؤًى علمية معمقة حول سبل تطوير أداء المفتين بما يتناسب مع متغيرات العصر، مؤكدين ضرورة الجمع بين التأصيل الشرعي والتأهيل التقني، وتعزيز التواصل الإفتائي مع الشعوب المختلفة بلغاتها وثقافاتها، بما يُسهم في ترسيخ المنهج الوسطي وتحقيق فاعلية أكبر للفتوى في العالم الرقمي المعاصر.

حيث أكدت عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، الدكتورة: سهير حمدي، في بحثها "دور المفتي الأزهري في توجيه الفتوى للشعوب الناطقة بالفارسية": أن هناك فجوة واضحة في التواصل الإفتائي مع هذه الشعوب؛ بسبب ضعف الترجمة الفقهية وغياب وحدة متخصصة في اللغة الفارسية داخل مؤسسات الإفتاء المصرية.

 وأضافت عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر: أن هذا الواقع يحدُّ من تأثير الفتوى الأزهرية ويضعف الرسالة الحضارية للأزهر الشريف؛ داعية إلى إنشاء وحدة فتوى خاصة باللغة الفارسية ضمن دار الإفتاء أو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، مع توسيع المحتوى الرقمي المترجم، وبناء شراكات مع الجامعات الناطقة بالفارسية لتعزيز المنهج الوسطي.

 كما دعت إلى إدراج مقرر جامعي بعنوان: "الفتوى بلغة ثانية"، ودعم الترجمة الفقهية بأسلوب مبسط يناسب البيئة الثقافية الفارسية. وشددت على أن إيصال الفتوى بلغة ملائمة هو عمل حضاري ضروري؛ لترسيخ قيم الاعتدال وتعزيز الوحدة الإسلامية. مؤكدةً أن هذا الجهد يسهم في نشر المنهج الوسطي الذي يمثل هوية الأزهر، وينقل رسالة السلام والوسطية إلى الشعوب الناطقة بالفارسية.

ومن زاوية بحثية أخرى، سلَّط عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الدكتور: أحمد محمد بكر إسماعيل، الضوءَ في بحثه "المسار التكويني للمفتي الرشيد.. بين الموروث الشرعي وآلة الذكاء الاصطناعي"، على إعداد المفتين، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي أداة داعمة للاجتهاد البشري لا تحلُّ محلَّه؛ مشددًا على ضرورة مواكبة التطورات المعرفية والمجتمعية ضمن منهجية شرعية رصينة.

ودعا إلى تأسيس برامج تدريبية متخصصة مثل: "المفتي الرقمي الرشيد"، تحت إشراف الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، وإنشاء وحدات بحثية لتطوير الذكاء الاصطناعي في المجال الشرعي، إضافة إلى إعداد معاجم فقهية ثنائية اللغة مدعومة بالتقنية، كما أوصى بسنِّ تشريعات دولية لحماية البيانات الدينية وضبط الفتوى الرقمية للحفاظ على مرجعية إفتائية موثوقة في ظل التحولات الرقمية.

 وفي طرح علمي متكامل، قدّم الأستاذ بجامعة الأزهر الدكتور: شاكر حامد علي حسن، بحثًا بعنوان: "المفتي بين فقه النص وفقه الواقع في عصر الذكاء الاصطناعي". تناول فيه أهمية تحقيق التوازن بين فقه النص وفقه الواقع؛ لصياغة فتوى رشيدة تُراعي الزمان والمكان وتحولات السياق المعاصر. وأشار إلى أن الاقتصار على ظاهر النصوص دون وعي بالمستجدات المجتمعية يُفضي -بلا شك- إلى الجمود.

وشدَّد الدكتور شاكر على ضرورة تمكن المفتي من أدوات العصر، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي لضبط تنزيل الأحكام على النوازل الجديدة. كما قدم البحث نماذج فقهية تطبيقية تُوضح أثر القياس والمصالح في الفتوى؛ داعيًا إلى تدريب المفتين على فقه الواقع وإجراء دراسات مقارنة بين العلوم الاجتماعية والشريعة لتطوير الأداء الإفتائي.

وأكد أن إدماج الذكاء الاصطناعي في العملية الإفتائية لا يعني إلغاء دور الإنسان؛ بل يفتح آفاقًا جديدة لتحسين كفاءة الفتوى؛ من خلال أدوات التحليل والتصنيف والربط بين المعطيات، مشيرًا إلى أن المفتي المعاصر بحاجة إلى تكوين معرفي متداخل يجمع بين الشرع والواقع والتقنية، ويؤسس لنموذج إفتائي مستقبلي يقوم على الحكمة والتوازن.

كما عرض الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بحثًا علميًّا بعنوان: "نحو بناء المفتي الرشيد: جدلية الصنعة والخوارزمية في صناعة الوعي الشرعي والبناء الحضاري". تناول فيه العلاقة المعقدة بين المرجعيات الإفتائية والتقنيات الحديثة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، واقترح تصورًا فلسفيًّا وعمليًّا لبناء نموذج المفتي الرشيد، الذي يُحسن توجيه التقنية دون الذوبان فيها، ويستثمر أدواتها لخدمة الوعي الشرعي.

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الفتوى ليست مجرد إجابة آلية؛ بل هي فعل رشيد يقوم على البصيرة وفهم الواقع؛ مشيرًا إلى أن "الصنعة" الإفتائية تمرُّ بأربع مراحل، وتتضمن أكثر من 120 مهارة يمكن تفعيلها داخل الأنظمة الذكية.

 وفي نهاية بحثه أوصى الدكتور عمرو الورداني بإعادة هيكلة مؤسسات الإفتاء، وإنشاء وحدة الإفتاء المؤطر تقنيًّا، مؤكدًا أن مصر مؤهَّلة لقيادة مشروع عالمي يجمع بين أصالة الشريعة والتقنية. كما أشار إلى أن صناعة المفتي الرشيد تتطلب إعادة التفكير في العلاقة بين الإنسان والآلة، وتجاوز النظرة التقليدية للفتوى بوصفها عملية معرفية مغلقة؛ مؤكدًا أن المفتي يجب أن يمتلك كفاءة عقلية ووجدانية تجعله قادرًا على التعامل مع معطيات التقنية الحديثة بمنظور شرعي مقاصدي يوازن بين الثوابت والمتغيرات

قال فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه بالعقل، ومن هذه القدرة الفذة نشأت العلوم، وتفرعت الصناعات والفنون، وسارت البشرية في دروب التقدم، حتى بلغنا عصرًا تحاكي فيه التقنية الإدراك البشري، وتحلل وتتَّخذ قراراتٍ معقدةً. مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا منفصلًا، بل هو امتداد للعقل الإنساني، ومن الطبيعي أن يسخر هذا الإنجاز العلمي لخدمة البشرية، داخل إطار من القيم والضوابط.


قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف: إن الفتوى صناعة، وهي عِلم له مقومات وأركان ومبادئ، يصنع المفتي صُنعًا، فليس كلُّ مَن تصدَّرَ عبرَ شاشةٍ أو وسيلةٍ إعلاميَّةٍ يعد مفتيًا، وإن توارى خلف مصطلحاتِ العلمِ، أو شقشقَ بألفاظٍ تحسبها من الفقه، وما هي من الفقهِ بسبيلٍ.


قال الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: إن عصر الذكاء الاصطناعي جعل المعرفة أقرب إلى الأنفاس، حيث أصبح الوصول إليها أسهل من لمس الشاشة، فبات لكل فردٍ مكتبة في جيبه ومستشار يجيب عن تساؤلاته في أي وقتٍ ومكان.


يدين فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بأشد العبارات، العدوانَ الإسرائيليَّ الذي استهدف الأراضي السورية، في تصعيدٍ جديدٍ يعكس الوجه الحقيقي للاحتلال ، ونيته المبيتة لزعزعة أمن المنطقة واستقرارها، عبر ممارسات استفزازية متكررة، تتجاهل القوانين والمواثيق الدولية، وتدفع بالأوضاع نحو مزيد من التوتر والدمار.


أكَّد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن دار الإفتاء المصرية تُعد واحدة من منارات الهداية ومنابر البيان عن الله، إذ تقوم على بيان أحكام الشرع الحنيف، وتؤدي رسالتها في سياق عالمي تتسارع فيه الأحداث، وتتشابك فيه القضايا، وتشتد فيه التحديات الفكرية والاجتماعية والدينية؛ وهو ما يُلقي على عاتقها مسؤولية مضاعفة في تحقيق مقاصد الشريعة، وصون ثوابت الدين، وخدمة قضايا الوطن، والمساهمة الفاعلة في ترسيخ السلم المجتمعي، ومواجهة دعاوى التطرف والانغلاق، بما يعكس الوجه الحضاري للإسلام في الداخل والخارج.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 13 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :46
الشروق
6 :21
الظهر
1 : 0
العصر
4:36
المغرب
7 : 38
العشاء
9 :2