الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
30 أكتوبر 2025 م

مفتي الجمهورية خلال ندوة تجديد الخطاب الديني ووعي الشباب بجامعة طنطا يؤكد: التجديد في الخطاب الديني ليس هدمًا للثوابت ولا تنصلًا من الأصول بل هو بعث لما اندرس من معاني الدين وإحياء لقيمه في ضوء معطيات العصر ووسائله الحديثة

مفتي الجمهورية خلال ندوة تجديد الخطاب الديني ووعي الشباب بجامعة طنطا يؤكد: التجديد في الخطاب الديني ليس هدمًا للثوابت ولا تنصلًا من الأصول بل هو بعث لما اندرس من معاني الدين وإحياء لقيمه في ضوء معطيات العصر ووسائله الحديثة

أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الحديث عن تجديد الخطاب الديني وبناء الوعي ليس من نافلة القول، بل هو ضرورة حياتية في ظل ما يشهده العصر من أزمات فكرية وقيمية وتناقضات متعددة، موضحًا أن التجديد لا يعني التنصل من الدين أو الخروج على الثوابت، كما لا يعني الجمود والوقوف عند ظاهر النصوص، وإنما يقوم على الفهم الرشيد والقراءة الواعية التي تجمع بين الثابت والمتغير.

وأشار فضيلته إلى أن بعض المشكلات التي تواجه الخطاب الديني اليوم ترجع إلى تصدي غير المتخصصين لشؤون الدين دون دراية أو تأهيل علمي، مما يؤدي إلى تشويه المفاهيم وإثارة اللبس في أذهان الناس، مؤكدًا أن الخطاب الديني الرشيد هو الذي يصل إلى الناس جميعًا بأدوات العصر، ويعبر عن روح الدين ومقاصده دون أن يهدم أصلًا من أصوله أو ركنًا من أركانه، موضحًا أن العلاقة بين العلم والدين علاقة تكامل لا تعارض، فكل منهما له مجاله ووظيفته، وإذا طغى أحدهما على الآخر وقع الخلل، أما في حال التعاون والتكامل فإن كليهما يسهم في بناء الإنسان والحياة، مستشهدًا بقول الله تعالى «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» [فصلت: 53].

وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية أن التجديد في الخطاب الديني ليس هدمًا للثوابت ولا تنصلًا من الأصول، بل هو بعث لما اندرس من معاني الدين وإحياء لقيمه في ضوء معطيات العصر ووسائله الحديثة، مشيرًا إلى أن التجديد لا يُقصد به الخروج عن الثابت، وإنما حسن عرضه وتبليغه بما يلائم عقول الناس وأفهامهم، ويراعي اختلاف الأزمنة والأمكنة والقدرات، مؤكدًا أن الخطاب الديني الرشيد هو الذي يفرّق بين ما هو ثابت لا يتغير وبين ما هو متطور بحسب الزمان والمكان، ويقدّم تعاليم الإسلام في صورة منضبطة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، موضحًا أن التجديد الحقيقي هو حفاظ على جوهر الدين، بينما التبديد هو هدم له تحت دعاوى زائفة باسم الحرية أو التنوير أو عدم صلاحية الدين للعصر، مضيفًا أن التجديد إنما يأتي استجابة لطبيعة الدين نفسه الذي يدعو إلى الفهم والعقل والنظر، ويأمر بالتيسير لا التعسير، وبالإحياء لا الإلغاء.

وبيّن فضيلته أن مسؤولية التجديد لا يتحملها إلا أهل التخصص والرسوخ في العلم ممن يمتلكون أدوات الاجتهاد وضوابط الفهم، لأن التجديد دون علم أو منهج يؤدي إلى مشكلات فكرية واضطرابات في الوعي العام، محذرًا من تصدّي غير المؤهلين لقضايا الدين عبر المنصات المختلفة وما يترتب عليه من لبس وتشويه للمفاهيم، مشيرًا إلى أن من أبرز معوقات التجديد سوء استخدام الوسائل الحديثة في نشر المعرفة، ونقل المعلومات من غير مصادرها الموثوقة، والتعامل السطحي مع النصوص الشرعية والعلوم التي نشأت حولها، إلى جانب غياب الفهم الدقيق لطبيعة العلاقة بين النص المقدس والعقل الإنساني، وبين العلم والدين.، مؤكدًا أن التجديد الرشيد هو الذي ينطلق من الفهم المقاصدي للنصوص، ويستفيد من معارف العصر دون أن يتجاوز حدود الشرع، فيسهم في بناء وعي ديني متوازن يجمع بين الإيمان والعقل، وبين الأصالة والتطور.

وحذر فضيلة المفتي من بعض الممارسات غير الأخلاقية التي تُروّج تحت دعاوى الحرية وما يصاحبها من خطابات الإلحاد والشذوذ الفكري والسلوكي، مؤكدًا أن مثل هذه الممارسات تمثل خطرًا على الأمن القومي والفكري، داعيًا من أراد التعلم الصحيح إلى الرجوع لأهل الاختصاص الذين يمتلكون أدوات الفهم والتأصيل. وأوضح أن الدين في أول آياته دعا إلى العلم، كما قال تعالى «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» [العلق: 1]، وأن هذا العلم يشمل مختلف المجالات وليس علم الدين وحده، لقوله تعالى «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ» [الزمر: 9].

ونبه فضيلته إلى أن المعرفة في الإسلام تقوم على الجمع بين الوحي المسطور والوحي المنظور الذي هو الكون وما فيه، ومن ثم يمكن الاستفادة من معطيات العلم الحديث والفضاء الرقمي لخدمة الدين وفق آليات صحيحة تضمن الدقة والموضوعية وتمنع التحيز، موضحًا أن بعض القضايا المستجدة في العلوم الطبية والاجتماعية تتطلب من المفتي الاستعانة بآراء المتخصصين للوصول إلى الحكم الشرعي المنضبط، مذكرًا أن من أبرز التحديات التي تواجه عملية تجديد الخطاب الديني تحديد طبيعة العلاقة بين الدين والعلم، موضحًا أن الدين هو الإطار القيمي والأخلاقي الذي يوجّه مسار العلم ويضبط استخدامه، في حين يبقى العلم وسيلة لفهم سنن الله في الكون وتسخيرها لخدمة الإنسان وتنمية الحياة. وأكد أن هذا التوازن يقوم على ثلاث دوائر متكاملة تحكم العلاقة بين الدين والعلم: دائرة الاختصاص، ودائرة التعاون بين العقل والدين، ودائرة الحاكمية والمحكومية التي تجعل الدين المرجعية العليا التي تضبط مسار العلوم والمعارف بمنظومة من القيم والمبادئ والأخلاق، ليبقى التعاون بين الدين والعلم تعاونًا تكامليًا يحقق مصلحة الإنسان ويصون الحضارة من الانحراف أو الإفراط.

وأكد فضيلته أن بعض من يتحدّون وجود الخالق غاب عنهم إدراك حدود العقل البشري الذي يقف عاجزًا أمام الغيب، مستشهدًا بقوله تعالى «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» [الإسراء: 85]، داعيًا إلى قراءة علمية واعية للنصوص الدينية بعيدًا عن التطرف أو الجمود حتى يتحقق التجديد المنشود الذي يخدم الدين والإنسان معًا، مختتمًا كلمته بالتأكيد على أن الفهم الصحيح لطبيعة العلاقة بين العلم والدين يسهم في تجاوز مظاهر الانغلاق والتشدد والانفلات الفكري، مبينًا أن الدين يعنى بالعلاقة بين الخالق والمخلوق، بينما يهتم العلم بظواهر الكون والحياة من طب وهندسة وفلك وغيرها، وكلاهما يستأنس بالآخر لتحقيق التوازن والارتقاء الإنساني.

جاء ذلك خلال كلمة فضيلته في ندوة «تجديد الخطاب الديني وبناء الوعي لدى الشباب» التي نظمتها جامعة طنطا، بحضور الأستاذ الدكتور محمد حسين محمود رئيس الجامعة، والأستاذ الدكتور محمود سليم نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والأستاذ الدكتور حاتم أمين نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، والسادة عمداء ووكلاء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والعاملين، إلى جانب جمع كبير من طلاب الجامعة الذين شاركوا في اللقاء في أجواء من الحفاوة والتفاعل الإيجابي مع ما طرحه فضيلته من رؤى فكرية وعلمية مستنيرة حول قضايا التجديد وبناء الوعي الرشيد.

من جانبه أعرب الأستاذ الدكتور محمد حسين رئيس جامعة طنطا عن سعادته البالغة بحضور فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية ومشاركته في توضيح المفاهيم وتصحيح التصورات لدى الشباب، مؤكدًا أهمية تعاون المؤسسات العلمية والتربوية مع المؤسسات الدينية في بناء الوعي الوطني والفكري، ومواجهة مظاهر الانغلاق أو الانفلات الفكري، مشيرًا إلى أن حضور فضيلته يمثل إضافة علمية وثقافية تثري الفكر الجامعي وترسخ قيم الوسطية والاعتدال بين الطلاب.

وفي لفتة تقدير قام الأستاذ الدكتور محمد حسين رئيس جامعة طنطا بتقديم درع الجامعة لفضيلة المفتي، تقديرًا لجهوده البارزة في رفع مستوى الوعي لدى الشباب ونشر الفكر الوسطي المستنير، وإسهاماته العلمية والدعوية في ترسيخ قيم الانتماء والمسؤولية وتعزيز التواصل بين المؤسسات الدينية والعلمية بما يخدم الوطن ويصون هويته.

في إطار الاستكتاب لأبحاث الندوة الدولية الثانية التي تعقدها دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بمناسبة اليوم العالمي للفتوى، وطلبًا لتوحيد المعايير لما يصدُر عن الندوة من أوراقٍ بحثية؛ يُرجى مراعاة ما يلي في الأبحاث المقدمة:


استقبل فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الإثنين، بمقر دار الإفتاء المصرية، وفد اللجنة التوجيهية لشبكة مراكز العلاقات المسيحية الإسلامية؛ لبحث تعزيز التعاون المشترك بين اللجنة ودار الإفتاء المصرية.


تتواصل لليوم الثاني على التوالي فعاليات الندوة الدولية الثانية، التي تنظِّمها دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وسط حضور دولي واسع يضم نخبة من كبار علماء الشريعة والخبراء من مختلف دول العالم، وقد شهدت الفعاليات انطلاق الجلسة العلمية الثالثة لتعميق النقاش العلمي حول دَور الفتوى في مواجهة التحديات المعاصرة، والتي يترأسها سماحة الشيخ أرشد محمد، مفتي المجمع الوطني للإفتاء والشؤون الإسلامية بجنوب أفريقيا، وعقَّب عليها الأستاذ الدكتور يوسف عامر، عضو مجلس الشيوخ.


أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن المجتمع اليوم يواجه حُزمة من التحديات المعقدة، التي تمس جوانب الفكر والسلوك والقيم، فقد برزت في الآونة الأخيرة موجات فكرية تستهدف نشر مصطلحات مغلوطة تهدف إلى إرباك الوعي العام، وإبعاد الإنسان عن ثوابته الدينية وتشويه الحقائق.


طلاب العلوم الشرعية القادمون من الخارج يُنظر إليهم بوصفهم سفراء للإسلام في صورته السمحة التي تجسد جوهر الرحمة والاعتدال وهم مطالبون بتمثيله التمثيل الحق في مجتمعاتهم ليكونوا قدوة لغيرهم


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20