12 نوفمبر 2025 م

خلال كلمة فضيلته بالبرنامج التدريبي لطلاب إندونيسيا مفتي الجمهورية: أنتم سفراء الإسلام في صورته السمحة ومفاتيح للخير في مجتمعاتكم

خلال كلمة فضيلته بالبرنامج التدريبي لطلاب إندونيسيا  مفتي الجمهورية: أنتم سفراء الإسلام في صورته السمحة ومفاتيح للخير في مجتمعاتكم

خلال كلمة فضيلته في البرنامج التدريبي لطلاب إندونيسيا حول "منهجية الفتوى بدار الإفتاء المصرية" أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن طلاب العلوم الشرعية القادمون من الخارج يُنظر إليهم بوصفهم سفراء للإسلام في صورته السمحة التي تكشف عن مراد الشارع الحكيم ومقاصده العليا في الخير والرحمة، محذرًا من أن يُؤتى الإسلام من قبلهم، داعيًا إياهم إلى تمثيله التمثيل الحق الذي يجسد جوهره الأصيل

وأوضح فضيلته أن من أبرز التحديات التي تواجه المسلمين اليوم عدم إدراك النص الشرعي والخطأ في تنزيل الحكم على الواقع، مما يؤدي إلى انحراف الفهم وضياع الغاية التي أرادها الشرع، مبينًا أن طالب العلم لا بد أن يجمع بين العلم والخبرة والتجربة حتى يتمكن من إنزال الأحكام بما لا يتعارض مع مقاصد الشريعة، فبعض الناس قد يُحسن الوعظ والإرشاد لكنه لا يدرك فقه الواقع ولا المآلات

وتناول فضيلة المفتي بالشرح منهجية الفتوى، موضحًا أن أول أركانها هو التحصيل والتأهيل العلمي الرصين، مشيرًا إلى أن العلماء قسموا العلوم الرئيسة في الإسلام إلى ثلاثة: علم الكلام، وعلم الفقه، وعلم المنطق، وما عداها فهو خادم لها، لأن علم الكلام يعالج أعمال القلوب وأركان الإيمان، وعلم الفقه يتعلق بأفعال الجوارح، أما علم المنطق فهو أداة تعصم العقل من الخطأ في التفكير، ويعد قسيمًا لهما لأنه يعتمد على الاستنباط والدليل العقلي

وأضاف فضيلته أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى عبادة الإله الواحد، لكن بعضهم أخطأ في التفكير فزعم أن الإله منقطع عن العالم، وهؤلاء هم المعطلة الذين نفوا سلطان الله عن الكون، فيما ذهب آخرون إلى التشبيه والتجسيم، فنسبوا إلى الله صفات البشر لظاهر بعض الآيات مثل قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} [الفتح: 10]، فجاء التصحيح القرآني الحاسم في قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11]، موضحًا أن علم المنطق يساعد في فهم الفروق بين صفات الخالق والمخلوق

وبيّن فضيلته أن مصادر التشريع المتفق عليها هي القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقياس، وأن الفقيه يجب أن يعي أركان القياس وضوابطه، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي سأل عن ابنه لاختلاف لونه، فشبَّه النبي ذلك بما يحدث في الإبل حين "تكون هناك نزعة عرق"، وهو تطبيق بديع لمبدأ القياس في الاستدلال، مؤكدًا أن علم الإسناد وأصول الفقه من منجزات الحضارة الإسلامية التي لا تنازعها فيه أمة من الأمم ، وأن علم أصول الفقه هو الأداة التي يعتمد عليها الفقيه لفهم النصوص المتعددة الأوجه، مشيرًا إلى أهمية علم مقاصد الشريعة الذي برز كمصطلح على يد الإمام الشاطبي، رغم وجود مضمونه منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، موضحًا أن المقاصد تدور حول الضروريات والحاجيات والتحسينيات التي تكشف مرونة الشريعة وجمالها
وشدد فضيلته على أن المفتي لا بد أن يتحلى بـالورع والحكمة، وأن الفقيه الذي لا يتجاوز القول بالحلال والحرام دون مراعاة المقاصد والظروف يعد قاصر العلم، لأن الإفتاء الرشيد يحتاج إلى معرفة بالعلوم الإنسانية وبالبيئة والواقع، كما يجب على المفتي إتقان اللغة العربية ومعرفة خطوات إصدار الفتوى بدءًا من تصور المسألة وتكييفها ثم بيان الرأي فيها، مع مراعاة المقاصد الشرعية والقول اللين والرفق في البيان

وأشار فضيلته إلى ضرورة التفرقة بين الفتوى والحكم الشرعي، موضحًا أن المعتمد من الآراء هو ما تفتي به المؤسسة، غير أنه يجوز الخروج عنه إذا اقتضت المصلحة ذلك، بما يعكس مرونة الفتوى وقدرتها على مواكبة المتغيرات، مؤكدًا أن من الورع أن يقول المفتي "لا أعلم" إن لم يكن عنده علم بالمسألة، وأن الحذر واجب في القضايا العامة حتى لا يقع في الزلل، مع وجوب مراعاة فقه الواقع والعوامل النفسية والاجتماعية للمستفتين

واختتم فضيلته كلمته بدعوة الطلاب إلى أن يكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأن ينظر الناس إلى الإسلام من خلال سلوكهم وأخلاقهم، سائلًا الله تعالى أن يوفقهم لما كُلِّفوا به وأن يكونوا سفراء هداية ورشد يحملون رسالة الإسلام إلى العالم في أبهى صورها

أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الفتوى لا تقتصر على شؤون العبادات، بل تمتد لتشمل مختلف مجالات الحياة، إذ يلجأ الناس إليها في مسائل العقيدة والشريعة والسلوك، مبينًا أن الوقائع والأحداث قد تبدو في ظاهرها بعيدة عن الدين، غير أن الفتوى جاءت في أصلها لإصلاح الدين والدنيا معًا من خلال الفهم الرشيد للوحي، مؤكدًا أن للفتوى أهمية كبرى تتصل بالمعاش والمعاد، وتقوم على ركنين: مُفْتٍ ومستفتٍ، بقصد بيان ما ينبغي الإقدام عليه أو الإحجام عنه، والحكم بالحِل والحرمة.


قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إنَّ الفتوى تمثل حلقة الوصل بين النص الشرعي والواقع الإنساني المتغير، وتُعد من أهم الآليات الشرعية في خدمة الإنسان وترسيخ قيم السلم المجتمعي، لما لها من قدرة على توجيه السلوك، وبناء الوعي على أساس من الرحمةِ والعدلِ والمسؤوليةِ، وعلى نحو يحقق مقاصد الشريعة ويُراعي أحوالَ الناسِ.


واصلت الجلسةُ العلمية الثالثة المقامة ضمن فعاليات الندوة الدولية الثانية، التي تنظمها دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم -تقديمَ نقاشات موسعة حول أثر الفتوى في ترسيخ القيم الأخلاقية وتحصين الهُوية في زمن العولمة.


حصاد مركز التدريب بدار الإفتاء المصرية لعام 2025م-تأهيل علمي متكامل وبناء قدرات إفتائية لمواجهة قضايا العصر بخطاب رشيد-تنفيذ برامج تدريبية متخصصة بإجمالي2603 ساعة تدريبية-تدريب 1311 متدربًا من الباحثين والجمهور والوافدين بواقع 1509 محاضرة علمية-برامج تدريبية طويلة وقصيرة المدى تجمع بين التأهيل النظري والتطبيق العملي داخل إدارات الفتوى-ورش عمل وزيارات ميدانية لتعزيز الخبرة المؤسسية والوعي الحضاري-نشاط علمي وتدريبي مكثف لعلماء دار الإفتاء وأمنائها بالتعاون مع المراكز والمعاهد العلمية المتخصصة


أكدت الدكتورة عائشة المناعي، مدير مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة، أن الفتوى في المرحلة الراهنة لم تعد مجرد بيان للحكم الشرعي، بل أصبحت مسؤولية حضارية وأمانة أخلاقية تفرض على المؤسسات الإفتائية ملامسة واقع الناس، فهي قادرة على أن تكون سندًا للفقراء، ودليلًا يهدي في مساحات الجهل، وجسرًا يعبر بالإنسان من الأمية الدينية والرقمية إلى فضاء الوعي والمعرفة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 27 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :17
الشروق
6 :49
الظهر
11 : 56
العصر
2:44
المغرب
5 : 3
العشاء
6 :26