01 يناير 2017 م

من آداب المسجد

من آداب المسجد


جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابيّ فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، مه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزرموه دعوه»، فتركوه حتّى بال، ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: «إنّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنّما هي لذكر الله- عز وجل- والصّلاة وقراءة القرآن» ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأمر رجلا من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه (أخرجه مسلم).

فنجد في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم ينهر الأعرابي، ولم يوجه له أدنى عتاب لعدم علم الأعرابي بآداب المساجد، وإنما نصحه صلى الله عليه وسلم بمنتهى الرفق واللين، قال صلى الله عليه وسلم: «إنّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنّما هي لذكر الله- عز وجل-» .

ومن حسن تعليمه الجميل، أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر الأعرابي أن ينظف مكان النجاسة في المسجد، مع أنه أولى الناس بهذا الأمر، لأن الأعرابي قد يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعاقبه على ذلك، قال أنس: (فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه) ، وهذا والله غاية الرفق واللين.

ولم يتعجل النبي صلى الله عليه وسلم توجيه النصح للأعرابي وهو يقضي حاجته، بل انتظر حتى ينتهي لأمرين ظاهرين:
الأمر الأول: ليكون الأعرابي أوعى لقول النبي صلى الله عليه وسلم، قال الراوي: (ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه).
الأمر الثاني: لأن قطع البول سيضرّ جسمانيّا بالأعرابي، وقد يزيد من رقعة المكان الذي أصابته النجاسة، خاصة إذا قطعها وهو مضطرب.

ولقد فصّل النبي صلى الله عليه وسلم في نصحه تفصيلا بليغا حيث ذكر أولا وجوب تنزيه المساجد عن النجاسات والقاذورات، ثم ذكر الحكمة من بناء المساجد وكيفية إعمارها، وقد ذكر تنزيه المساجد أولا من النجاسات لأسباب، منها: حاجة الأعرابي الماسة لمعرفة هذا الحكم، وذكره أولا يكون أدعى لحفظه، كما أن الحكمة العظمى من بناء المساجد، وهي إقامة الصلاة، من أهم شروط صحتها: طهارة المكان، فطهارة المكان عمل يأتي قبل إقامة الصلاة، ومن حسن التعليم أيضا أن تأتي النصيحة خالية من التطويل الممل والاختصار المخل، وقد كانت كذلك، ولله الحمد.

وتخيل أخي القارئ، لو أن هذه الواقعة حدثت في وقتنا الحاضر من رجل حديث عهد بالإسلام، ماذا سيفعل به أهل المسجد؟ قد يفتكون به ويتهمونه بالكفر والزندقة، مع أنهم ليسوا بأحرص من النبي صلى الله عليه وسلم على طهارة المسجد ونظافته.
فاللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
 

مبدأ إنزال الناس منازلهم يحتوي على أقصى درجات الحكمة في التعامل مع الناس، وهو طريق إلى كسبهم في صف الحقِّ والحقيقة، وكما يكون تحقيق هذا المبدأ بالكلام يكون تحقيقه بالفعل، وإليك هذا الشاهد النبوي العظيم في إنزال الناس منازلهم قولًا وفعلًا، والذي كان سببًا في إسلام عدي بن حاتم. قال ابن هشام رحمه الله: قال عدي بن حاتم: [فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه، فقال: «مَنِ الرجل؟» فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامدٌ بي إليه إذ لقيَته امرأة


جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ»، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ (متفق عليه). وفي رواية قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي». فَجِئْتُ


جاء عن ابن عباس أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ، فَأَتَوْهُ - فَذَكَرَ الحَدِيثَ - قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، السَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ» (متفق عليه). هنا أيضًا نموذج جديد من نماذج التعامل بالحكمة والموعظة الحسنة من هدي رسول الله صلى الله


عَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ؛ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (رواه أصحاب السنن الأربعة).


عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا» رواه البخاري.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :59
الشروق
6 :30
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 22
العشاء
8 :43