01 يناير 2017 م

من آداب التعامل مع المال

من آداب التعامل مع المال


عن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَأَعْطَانِى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى، ثُمَّ قَالَ لِى: (يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى). قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا، حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ، يَدْعُو حَكِيمًا، لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِى قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ. فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ شَيْئًا بَعْدَ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) حَتَّى تُوُفِّىَ (رواه البخاري).

وأيضا في هذا الحديث الشريف نرى نموذجا جديدا رائعا من نماذج التعامل بالحكمة والموعظة الحسنة من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث طلب متوالي من حكيم بن حزام رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيه من عطاء الصدقة، وكلما طلب أعطاه رسول الله، ثم لما وصل الطلب إلى درجة الإلحاح والإلحاف التي يخشى منها الوقوع في مغبة أن يكون الإنسان أسيرا لحب المال كما جاء في قوله تعالى: (وتحبون المال حبا جما)، هنا لم يكن هناك بد من إسداء النصيحة الناجعة لمعالجة هذا الخلل الطارئ، فبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم الكيفية التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم في التعامل مع المال وطلبه، وهذه الكيفية في أصلها هي التي تميز وتضع الفارق بين الكافر والمؤمن، فالكافر يُقبل على الدنيا إقبال العاشق الولهان إذ هي كل رأس ماله، والمؤمن يقبل على الدنيا ولكنه إقبال الذي يأخذ منها في حدود حاجته، وإقبال المتيقن من أنه يوما ما سوف يفارقها، ونتيجة لذلك لا يكون أسيرا لها عاشقا لها فتهلكه كما أهلكت أقواما وقعوا في هذا الشرر المستطير.

وهذه الكيفية في التعامل مع المال تضع الفارق أيضا بين المؤمن القوي والمؤمن الضعيف، فالمؤمن القوي يأبى أن تغره الدنيا، ويأخذ من لذائذها ونعيمها ملاحظا نعمة الله وفضله، فلا ينتابه الطمع، ولا ينسى شكر النعمة، فيؤدي حق الله فيما أعطاه الله، بل ويزيد على ذلك في إنفاق المال في الصدقات والمستحبات من أوجه الإنفاق، فيكون حاله كما جاء في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله؛ فكان منهم: " وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ "، وكما جاء في حديث " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ "، فكان منهما: " رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ "، فهو يأبى إلا أن يكون صاحب اليد العليا، ومن نتيجة ذلك حصول البركة في ماله ونمائه وزيادته، قال تعالى : (لئن شكرتم لأزيدنكم)، أما المؤمن الضعيف فيأخذ المال عن طمع وتلهف وتشوق زائد عن الحد، والنتيجة المؤكدة هنا ذهاب البركة وعدم تغطية الحاجات رغم كثرة الأموال.

وتعمل نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم عملها في نفس حكيم، فلا يسأل أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فها هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يعطيه من العطاء الذي يستحقه فيأبى ذلك، ومن بعد ذلك يحاول معه خليفة المسلمين سيدنا عمر بن الخطاب فيأبى ذلك رغم استحقاقه له، ويحافظ حكيم بن حزام رضى الله عنه على العهد والوعد والعمل بنصيحة سيد الخلق إلى أن يموت رضي الله عنه وعن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجمعين.
وصلاة وسلاما عليك يا سيدي يا رسول الله، فاللهم صل عليه وسلم.
 

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ» رواه البخاريُّ.


مبدأ إنزال الناس منازلهم يحتوي على أقصى درجات الحكمة في التعامل مع الناس، وهو طريق إلى كسبهم في صف الحقِّ والحقيقة، وكما يكون تحقيق هذا المبدأ بالكلام يكون تحقيقه بالفعل، وإليك هذا الشاهد النبوي العظيم في إنزال الناس منازلهم قولًا وفعلًا، والذي كان سببًا في إسلام عدي بن حاتم. قال ابن هشام رحمه الله: قال عدي بن حاتم: [فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه، فقال: «مَنِ الرجل؟» فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامدٌ بي إليه إذ لقيَته امرأة


عن شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِيمَا أَخْبَرَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: جَعَلَتْ جَارِيَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه تَسْكَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَسَقَطَ الْإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ (أي: جرحه)، فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَأْسَهُ إِلَيْهَا


عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ -أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ- فَقَالَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا» (متفق عليه). لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان، فخلقه بيده في أحسن تقويم، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وجعله خليفة عنه وزوده بالقوة والمواهب ليسود ويسيطر على


جاء عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ». وجاء عن عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً». هنا جاء على لسان سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما مبدأ أساسي من مبادئ الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وقاعدة تربوية تعليمية مقررة، وهي أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يُلقى إليه ما لا يبلغه عقله فيُنفِّره أو يَخبِط عليه عقله؛ اقتداء في ذلك بسيد البشر صلى الله


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 يوليو 2025 م
الفجر
4 :35
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 49
العشاء
9 :16