01 يناير 2017 م

الكرم

الكرم


يعد الكرم من الأخلاق الحميدة التي تؤلف بين القلوب، وتوثق عُرَى المجتمع، وتخلصه من الضغائن والأحقاد، ولقد حث الإسلام على هذا الخلق العظيم، وضرب المسلمون عبر العصور أمثلة رائعة في تطبيق هذا الخلق السامي.

لقد وصف الله المؤمنين المتقين بأنهم أهل للكرم، يعطون السائل والمحتاج، ويعتبرون هذا العطاء حقًّا لهؤلاء المحتاجين، فقال تعالى: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: 19]، ووصف رسوله صلى الله عليه وسلم بالكريم، فقال: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير: 19].

وقد "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" رواه البخاري، وعن سهل بن سعد الساعدي أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا» رواه الحاكم، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه حين جاء مال البحرين لرسول الله قال: «انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ»، قال أنس: "وكان أكثر مال أُتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه" رواه البخاري.

وكرم الصحابة رضوان الله عليهم معروف مشهور، يفيض بمعاني الحب والتسليم لله سبحانه وتعالى، والتفاني في خدمة الدين والأمة، فعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه يقول: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدَّق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله". قال: "وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا" رواه أبو داود.

وقصة تجهيز سيدنا عثمان لجيش العسرة أو جيش غزوة تبوك تؤكد على هذه المعاني السامية للكرم، فعن عبد الرحمن بن خباب السلمي، قال: "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثَّ على جيش العسرة، فقال عثمان بن عفان: عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها". قال: "ثم حثَّ، فقال عثمان: علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها". قال: "ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث، فقال عثمان بن عفان: عليَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها". قال: "فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا يحركها: «ما على عثمان ما عمل بعد هذا»" رواه أحمد.

فينبغي على المسلم الحريص على نيْل رضا ربه، وزيادة حسناته، ومضاعفة أجره؛ أن يكون كريمًا جوادًا يقتدي ويتأسَّى بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام وتابعيهم وأهل الخير في كل مكان وزمان؛ عسى أن يبارك الله لنا في أرزاقنا ويوسِّعَ علينا بفضله وجوده وكرمه.

تفرض الأخوَّة في الدين أن يبذل المرء ما يحب من أجل إسعاد غيره، فيزداد الحب بين أفراد المجتمع، ويترابط أفراده بعُرىً وثقى، فيصير المجتمع قويًّا عفيًّا متوادًّا متعاونًا، وذلك هو خلق الإيثار الذي هو أحد أخلاق المسلمين وصفة من صفاتهم السلوكية؛ يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9]


الإخلاص من القيم والأخلاق المهمة التي يؤدي افتقادها إلى بطلان العمل أو قلة بركته وضياع ثوابه، وفي خِضَمِّ مشاغل الحياة والرغبة في تأمين المعايش وموارد الرزق ينسى كثيرٌ من الناس صدق التوجه إلى الله، الخالق الرزاق القادر على كل شيء، فيعمل بعض الناس العمل من أجل إرضاء شخص له جاهٌ ويُنتظر منه جزاءً على العمل له، أو يلتزمون بشيء خوفًا من عقوبة تطالهم من سلطة أعلى منهم، لا خوفًا من الله ولا إخلاصًا في التوجه له وقصده بالعمل، وهذا شعور دقيق يتعلَّق بالنية، ويخفى على كثير


الإتقان من الأخلاق والصفات التي وصف الله تعالى بها صُنعَه؛ فقال جل شأنه: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [النمل: 88]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» رواه الطبراني في "الأوسط"، قال عقبة: [لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا مُصْعَبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: بِشْرٌ] اهـ. والإتقان يعني: إجادة الشيء، والمهارة فيه، وإصلاح الخَلل، والمسلم يجب أن يكون مُتقِنًا، فيُتقن في عمله وسعيه وسائر شؤون حياته، والله سبحانه وتعالى بيَّن لنا وجوه الإتقان في خَلْقِهِ، حتى يكون ذلك مرشدًا


من الأخلاق الفاضلة التي جاء بها الإسلام، خفض الصوت؛ ومعناه ألَّا يرفع الإنسان صوته عن القدر المعتاد خاصَّة في حضور من هو أعلى منه مكانة. وقد ورد في وصايا لقمان الحكيم ما سجَّله القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: 19]. ومن صفاته صلى الله عليه وآله وسلم أنه ليس بالذي يرفع صوته في الأسواق من أجل بيع أو شراء؛


التواضع من الأخلاق الفاضلة التي تسمو بها النفس، وتصلح بها علاقات الناس، وتبعث على المحبة والتآلف بينهم. والتواضع هو: لين المعاملة، وعدم التكبر والتعالي على الناس. وقد حرص القرآن الكريم على بيان فضل التواضع، ومدح من يتحلى به؛ فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]،


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20