01 يناير 2017 م

علم الحساب في الحضارة العربية الإسلامية

علم الحساب في الحضارة العربية الإسلامية


 كان للحضارة العربية الإسلامية مكانة سامقة بين الأمم في خدمة علم الحساب وتطويره، وقد كان العرب يحسبون بواسطة الحروف، فكان لكل حرف قيمة عددية، ثم نقلوا النظام العشري عن الهنود، وهو نظام الأرقام من 1 إلى 9، وكان النمطان المشهوران لكتابة الأرقام موجودَين لدى العرب، وقد أخذ الغرب طريقة كتابة الأرقام المنتشرة هناك الآن عن بلاد المغرب، فيما بقيت البلاد المشرقية على استخدام النمط الآخر المنتشر في مصر ومعظم الدول العربية، وهما مأخوذان من الهند، ولكن قام العرب بتطوير أشكالها، كما أضافوا الصفر الذي أحدث نُقلة كبيرة في علم الحساب، فقد كان الهنود يستعملون الفراغ ليدل على الخانة التي ليس فيها رقم، فوضع المسلمون رسم الصفر في خانة الفراغ.

وتعود أوائل الأعمال التي كتبت بالعربية في علم الحساب إلى محمد بن موسى الخوارزمي، في القرن التاسع الميلادي، وقد كان له عدد من المؤلفات في هذا المجال، ومثَّلَ كتابه "الجبر والمقابلة" حدثًا عظيمًا في حينه، وكان مصدر إلهام للرياضيين العرب والغربيين أيضًا، لقد كان هدف الخوارزمي واضحًا، ولم يكن إطلاقًا من تصوُّر من سبقه من الرياضيين، ويتلخص هذا الهدف في إنشاء نظرية معادلات قابلة للحل بواسطة الجذور، يمكن أن يرجع إليها عِلْمَا الحساب والهندسة على السواء، ومن ثم يمكن استخدامها في مسائل التبادلات التجارية والإرث ومسح الأراضي... وغيرها، وقد تابع الخوارزمي في بحوثه في علم الجبر عدد كبير من العلماء المسلمين؛ كابن تُرك وسند بن علي وعبد الله بن الحسن الصيدلاني وثابت بن قرة وسنان بن الفتح والكاشي... وغيرهم الكثير، وقد طوروا العلاقة بين الهندسة والجبر.

وقد كان أول الإنجازات العربية في الحساب: استبدال اللوحات الحسابية الغبارية التي كانت تتم عليها العمليات الحسابية بالورق والحبر مما يحفظ العمليات الحسابية ويمكِّن من مراجعتها، وقد كان هذا التطور صعبًا في حينه نظرًا لصعوبة المواصلات والاتصالات وتمسُّك العديد من مستخدمي هذه اللوحات بما اعتادوه، وقد قام العرب أيضًا بتطوير نظام الكسور العادية والعشرية وطريقة كتابتها.

وفي الوقت ذاته أيضًا استفاد المسلمون من إنتاج الحضارات الهندية والإغريقية وتفاعلوا معها في حالة من الانفتاح العلمي والحضاري الإيجابي بين الأمم المختلفة.

ومن المعلوم أن الإسلام أَولى بالرياضيات عناية كبيرة في حساب مواقيت الأشهر والصلوات، وتحديد مواعيد أداء الزكاة ونسبتها من المال، وحساب اتجاه القبلة في الصلاة، وهناك مسائل الميراث أيضًا، أو علم الفرائض؛ وقد أثر هذا الاهتمام بمسائل الحساب على اهتمام العلماء المسلمين به وبراعتهم فيه، فكانوا من المبرزين فيه وقدَّموا لهذا العلم خدمات جليلة سُجِّلت بأسمائهم حتى يومنا هذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- د/ رشدي راشد: "الجبر"، مطبوع ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية.
- د/ أحمد سعيد سعيدان: "الأعداد وعلم الحساب"، مطبوع ضمن "موسوعة تاريخ العلوم العربية".
- عبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني: "الحضارة الإسلامية... أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم".

إحياء الأرض الميتة من التشريعات الدينية ذات البعد الحضاري الواضح، والمتمثل في تحقيق مراد الله سبحانه وتعالى من خلق العباد بعد تحقيق العبودية له وحده وفقًا لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61].


نحن أُمَّةٌ متدينة، امتزجت حضارتنا بعقيدتنا، فكان الدينُ أساسَها وروحَها وموَجِّهَها وسببَ ازدهارها وباعثَ حياتها عبر العصور.


يعد الكميائيون المسلمون من أول من استخدم المنهج العلمي في توصيف ما يحدث في تفاعلات المواد وتحولات الفلزات، وعرف العلماء المسلمون بواسطة الترجمة أعمال الكيميائيين الإغريق التي تُعنى بشكل خاص بالمعادن،


جاء ذكر المعادن وتصنيعها في القرآن الكريم بصورة إيجابية؛ فقد كان العمل بها صناعة بعض الأنبياء مثل سيدنا داود عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ [الأنبياء: 80]، واللبوس: هو السلاح كله؛ أي السيف والرمح والدرع وغيره، وقال تعالى عنه وعن سيدنا سليمان عليهما السلام، ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ۞ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ۞ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ۞ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 10-13]،


تعد مقاصد الشريعة من المظاهر الحضارية للشريعة الإسلامية؛ فهي التي تحدد أساس التصور الإسلامي للسعي في هذه الحياة، والإسلام يُعنَى بدرجات مختلفة من المقاصد، تُرَتَّبُ على حسب الأولوية، فهي على ثلاثة مستويات: ضرورية، وحاجيَّة، وتحسينية.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 مايو 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :11
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :58