01 يناير 2017 م

نشر الأمل ونبذ اليأس

نشر الأمل ونبذ اليأس

لا ينجح في هذه الحياة من لا يعيش بالأمل، ولا يُقَدِّمُ شيئًا نافعًا لنفسه أو لمجتمعه -فضلًا عن العالم الذي يعيش فيه- من يتملَّكُه اليأس، ومن هنا كان حرص الإسلام على توجيه أتباعه إلى ضرورة التحلِّي بالأمل الإيجابي ونبذ اليأس السلبي، وفي الوقت ذاته كان حرص الإسلام بنفس الدرجة على رفض الأمل الزائف غير الواقعي الذي يجعل الإنسان هائمًا في خيالات لا تَمُتُّ للواقع بصلة؛ فالإسلام يحض المسلمين على إدراك واقعهم والتفاعل معه وإصلاحه ونفع العالمين.
لقد تحدث القرآن عن ضرورة تحلي المؤمن بالأمل في تحصيل الثواب الجزيل من الله تبارك وتعالى وذلك بالأعمال الصالحة النافعة التي وصفها القرآن بالباقيات الصالحات؛ قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: 46].
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].
وفي المقابل تحدث القرآن عن الأمل بالنسبة للكافرين؛ فبيَّن أن الأمل يلهيهم بالتمتع باللذائذ والشهوات عن النظر إلى عاقبة أمرهم في الآخرة، وذلك في قوله تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الحجر: 3].
إذن، ينبغي أن يكون الأمل أملًا في الله وتحصيل ثوابه والفوز بجنته، فذلك هو الأمل الذي استحسنه القرآن وحض المسلمين على التمسك به، وحذر القرآن في المقابل من الأمل غير الحقيقي، الأمل الزائف، الذي لا ينبني على أساس، ولا يشفع له شاهدٌ من واقع أو حقيقة، فهذا ما يرفضه الإسلام ويحذر من الوقوع فيه، سواء كان أملًا في تحصيل متع وشهوات الدنيا، أو أملًا في توبة دون عزم صادق وإقلاع حاسم ناجز عن المعصية؛ تعللا بطول العمر وانفتاح باب التوبة، وهو ما نبَّه إليه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وحذَّرَ منه حين قال: «لاَ يَزَالُ قَلْبُ الكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ» رواه البخاري، وقال: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَبْقَى مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ، وَالْأَمَلُ» رواه أحمد، وقال: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ» رواه مسلم.
إن الأمل مطلوب، ولكن طول الأمل دون استعداد لحقيقة الارتحال عن الدنيا والقدوم لعالم الآخرة لهو من الأمل الزائف المذموم؛ يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (11/ 237): [في الأمل سر لطيف؛ لأنه لولا الأمل ما تهنَّى أحد بعيش ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر الآخرة؛ فمن سَلِمَ من ذلك لم يُكَلَّفْ بإزالته] اهـ.
أما اليأس فقد ورد التحذير منه والتنبيه على أنه من صفات الكافرين؛ قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [العنكبوت: 23].
وقال على لسان سيدنا يعقوب عليه السلام لأبنائه: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87].
كما نفَّر سبحانه وتعالى من سلوكٍ يزِلُّ فيه كثير من البشر عندما يفرحون حين تأتيهم النعم، ثم إذا أصابهم شيء من الضر تملَّكهم اليأس والقنوط؛ فقال جل شأنه: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا﴾ [الإسراء: 83].
إن بثَّ الأمل في نفوس الخلق لَهُوَ مما يبعث على التفاؤل ويدفع للاجتهاد والعمل الصالح الذي تصلح به الدنيا وتمتد آثاره إلى عالم الآخرة، أما اليأس فيفسد الدنيا ويلقي بظلاله القاتمة في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى مما يضيع على العبد الفوز في الآخرة.
وقانا الله شر اليأس وأنعم علينا بنعمة الأمل والرجاء فيه، حتى يبدل خوفنا أمنا، وفزعنا طمأنية، وجبننا شجاعة، وتخلفنا إقدامًا، آمين يا رب العالمين.
وصلاةً وسلامًا على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصادر:
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر.
- "مفاتيح الغيب" للإمام للرازي.
- "الأمل واليأس" للدكتور إبراهيم محمد تركي ضمن "موسوعة الأخلاق" ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
 

لا يعيش المسلم في هذه الحياة من أجل أن يتمتع ويتلذذ في هذه الحياة وحسب، وإن كان من حقه أن يشعر بالمتع واللذات التي هي من متطلبات البشر وحاجاتهم في الدنيا، وأن يُري أثر نعم الله الدنيوية عليه، لكن ليس هذا هو الأساس الذي تقوم عليه حياته. يدرك المسلم أنه خلق في شدة وعناء يكابد أمر الدنيا ومسؤولياتها؛ ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ [البلد: 4]. حين يدرك المسلم هذا التصور لخلقه، ويؤمن بالجزاء والحساب، يترسخ لديه شعور بأنه في رحلة مؤقتة، وأنه لم يأتِ إلى هذه الدنيا من أجل الدَّعَةِ والراحة، وإنْ كان يمكن أن ينال قسطًا منها يُعينه على


أظهرت شمائل هذا الدين الحنيف عجبًا في موقفها من العالمين، فما إن امتد شعاع الدعوة في عتمة الجاهلية ومست أنوار النبوة تلك القلوب المظلمة إلا وتحولت هذه القلوب بقوالبها إلى طاقة إيجابية تتعامل بالحب والرفق مع جميع المخلوقات على السواء.


التواضع من الأخلاق الفاضلة التي تسمو بها النفس، وتصلح بها علاقات الناس، وتبعث على المحبة والتآلف بينهم. والتواضع هو: لين المعاملة، وعدم التكبر والتعالي على الناس. وقد حرص القرآن الكريم على بيان فضل التواضع، ومدح من يتحلى به؛ فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]،


الإخلاص من القيم والأخلاق المهمة التي يؤدي افتقادها إلى بطلان العمل أو قلة بركته وضياع ثوابه، وفي خِضَمِّ مشاغل الحياة والرغبة في تأمين المعايش وموارد الرزق ينسى كثيرٌ من الناس صدق التوجه إلى الله، الخالق الرزاق القادر على كل شيء، فيعمل بعض الناس العمل من أجل إرضاء شخص له جاهٌ ويُنتظر منه جزاءً على العمل له، أو يلتزمون بشيء خوفًا من عقوبة تطالهم من سلطة أعلى منهم، لا خوفًا من الله ولا إخلاصًا في التوجه له وقصده بالعمل، وهذا شعور دقيق يتعلَّق بالنية، ويخفى على كثير


الكذب من الأخلاق الذميمة التي يقع فيها كثير من الناس للأسف الشديد، وهو خُلُقٌ يجعل صاحبه يقول الشيء على غير حقيقته، ويخالف الواقع الذي هو من خلق الله سبحانه وتعالى. والكذب من صفات المنافقين، يقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1]، وفي الحديث الشريف: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» رواه البخاري، فالمؤمن ينقص إيمانه بالكذب


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57