22 مايو 2017 م

من المقصود بالطائفة الظاهرة على الحق؟

من المقصود بالطائفة الظاهرة على الحق؟

عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» متفق عليه، واللفظ لمسلم.
قال القاضي عياض: "وفى رواية: «ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ»، وفى رواية: «لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ قَائِمِينَ بِأَمْرِ اللهِ، لَا يَضُرُّهُمْ خِلَافُ مَنْ خَالَفَهُمْ، كُلَّمَا ذَهَبَ حِزْبٌ نَشَأَ آخَرُونَ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»، وفى رواية: «يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ»، وفى رواية: «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ».
والحديث يدور على الاحتمالات التي تحدد وتبين هذه الطائفة التي خصها الله بتلك النعمة الكبرى والفضيلة العظمى من التمسك بالحق وعدم التفريط فيه مهما تخلى عنهم وخذلهم من كان يجب عليهم الوقوف بجانبهم ودعمهم وتأييدهم في الحق الذي ظاهروا عليه، والإمام النووي بصدد شرحه لأحاديث مسلم يحدد هذه الطائفة بقوله: [وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ مُفَرَّقَةٌ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ؛ مِنْهُمْ شُجْعَانٌ مُقَاتِلُونَ، وَمِنْهُمْ فُقَهَاءُ، وَمِنْهُمْ مُحَدِّثُونَ، وَمِنْهُمْ زُهَّادٌ وَآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفَ وَنَاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمِنْهُمْ أَهْلُ أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنَ الْخَيْرِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ] اهـ.
لكن تحديد الإمام النووي لا يمنع من سلوك مسلك آخر في تحديد هذه الطائفة، وذلك من خلال الروايات وتفسير بعضها لبعض، فحديث الباب أطلق فقال: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ»، وهناك رواية فيها نوع تقييد، وهي: «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ»، والقاعدة الأصولية تقول: "يحمل المطلق على المقيد"، وبالتالي يكون المقصود بتلك الطائفة: "أهل الغرب".
والسؤال التالي هو مَنْ أهلُ الغرب؟ ونجد إجابات مختلفة، منها جواب الإمام النووي؛ حيث جاء في الجواب قوله:[قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ: الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْغَرْبِ الْعَرَبُ، وَالْمُرَادُ بِالْغَرْبِ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِهَا غَالِبًا، وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ بِهِ: الْغَرْبُ مِنَ الأرض، وقال معاذ: هم بِالشَّامِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخِرُ: هُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَقِيلَ: هُمْ أَهْلُ الشَّامِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْغَرْبِ أَهْلُ الشِّدَّةِ وَالْجَلَدِ، وَغَرْبُ كُلِّ شَيْءٍ حَدُّهُ] اهـ.
ويرى الإمام السيوطي أن الأقرب إلى الصواب من الأجوبة التي ذكرها الإمام النووي هو أن المراد بالغرب هنا: الغرب من الأرض، لأنه أقرب جواب لحقيقة لفظ "الغرب"، ثم يحدد الإمام السيوطي البقعة المرادة بناء على حقيقة اللفظ؛ فيقول في "شرحه لأحاديث مسلم": [لَا يبعد أَن يُرَاد بالمغرب: مصر؛ فَإِنَّهَا مَعْدُودَة فِي الْخط الغربي بالِاتِّفَاقِ، وَقد روى الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن الْحمق رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وسلم: «تكون فتْنَةٌ؛ أسلمُ النَّاس فِيهَا الْجندُ الغربي» قَالَ ابن الْحمق رضي الله عنه: فَلذَلِك قدمتُ عَلَيْكُم مصر، وَأخرجه مُحَمَّد بن الرّبيع الجيزي فِي مُسْند الصَّحَابَة الَّذين دخلُوا مصر، وَزَاد فِيهِ: «وَأَنْتُم الْجند الغربي» فَهَذِهِ منقبة لمصر فِي صدر الْملَّة، واستمرت قَليلَةَ الْفِتَن، معافاةً طول الْملَّة، لم يَعتَرِها مَا اعترى غَيرهَا من الأقطار، وَمَا زَالَت مَعْدن الْعلم وَالدّين، ثمَّ صَارَت فِي آخر الْأَمر دَار الْخلَافَة ومحط الرّحال، وَلَا بلد الآن فِي سَائِر الأقطار بعد مَكَّة وَالْمَدينَة يظْهر فِيهَا من شَعَائِر الدّين مَا هُوَ ظَاهر فِي مصر] اهـ.
فاللهم يا ربنا احفظ مصر وأهلها وبارك فيها وفي أهلها وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون.
المصادر
- "شرح النووي على مسلم" (13/ 67-68).
- "الديباج على صحيح مسلم" لابن الحجاج للسيوطي (4/ 514).
 

عَنِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ الله عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: «سَلِ اللهَ العَافِيَةَ»، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللهَ، فَقَالَ لِي: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ، سَلِ اللهَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه الترمذي، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".


قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ذلك: «مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ؛ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ» رواه أحمد في "مسنده". لا يوجد حديث يحكم أمر الطعام ومقدار الأخذ منه كما يرشد إليه هذا الحديث الشريف؛ فيُطلِقُ الحديث شرَّ الامتلاء في وعاء من الأوعية على البطن، فالبطن شرُّ وعاءٍ يُمْلَأ.


روى البخاري في "صحيحه" عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذُهَيْبَة فقسمها بين الأربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب، فغضبت قريشٌ والأنصار، قالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ»، فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كثّ اللَّحية محلوق، فقال: اتق الله يا محمد، فقال: «مَنْ يُطِعْ اللهَ إِذَا عَصَيْتُ، أَيَأْمَنُنِي اللهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي»، فسأله رجلٌ قتْلَه -أحسَبُه خالد بن الوليد رضي الله عنه-، فَمَنَعَهُ، فلما ولّى قال: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا -أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا- قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ قَتَلْتُهُمْ قَتْلَ عَادٍ» متَّفق عليه.


جاء عن جابرٍ -واللفظ له- ومثله عن عثمان وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَحِمَ اللهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى»، وفي روايةٍ «وَإِذَا قَضَى» رواه البخاري. والسَّماحة: هي السُّهولة واليُسر، وبحسب موقع الشَّخص تكون تفاصيلُ صفةِ التَّسامح فيه، ويشير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث إلى أربع حالاتٍ من حالات المطالبة بالمسامحة؛ نظرًا لعِظم المسامحة وأجرِها فيها،


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ" رواه ابن ماجه في "سننه". يتعرض هذا الحديث لمفهومين متباينين كل منهما في مقابل الآخر، ألا وهما: مفهوم الفأل الحسن المطلوب والمرغب فيه، وذلك قبالة مفهوم الطِّيَرَة والتطير المنهي والمرغب عنه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 56
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33