19 يوليو 2017 م

من بركات النبي ﷺ في إجابة الله تعالى لدعائه

من بركات النبي ﷺ في إجابة الله تعالى لدعائه

من ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أكره، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبَى عليّ، فدعوتها اليوم، فأسمعتني فيك ما أكره، فادعُ الله أن يهدي أمَّ أبي هريرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ»، فخرجتُ مستبشرًا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فلمَّا جئتُ، فصِرتُ إلى الباب، فإذا هو مُجاف، فسمِعَتْ أمي خَشْفَ قَدَمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمِعت خَضْخَضَةَ الماء، قال: فاغتسَلَتْ ولبِستْ دِرعها وعَجِلَت عن خِمارِها، ففتحتِ البابَ، ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتيتُه، وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله، أبشِر، قد استجاب الله دعوتَك وهدى أمَّ أبي هريرة، فحمِد الله وأثنى عليه، وقال خَيْرًا، قال: قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يحبِّبَني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويُحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا -يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ- وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمْ الْمُؤْمِنِينَ»، فما خُلِق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبَّني. أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1938).

ومن ذلك ما جاء عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْتُ عَاشِرَ عَشْرَةٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نَطْلُبُهُمْ -وكان ذلك قبل أن يسلم-، فَسَمِعْنَاهُمْ يُؤَذِّنُونَ بِالصَّلَاةِ، فَقُمْنَا نُؤَذِّنُ نَسْتَهْزِئُ بِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «قَدْ سَمِعْتُ فِي هَؤُلَاءِ تَأْذِينَ إِنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ». فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا، فَأَذَّنَّا رَجُلٌ رَجُلٌ، وَكُنْتُ آخِرَهُمْ، فَقَالَ حِينَ أَذَّنْتُ: «تَعَالَ». فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي وَبَرَّكَ عَلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَذِّنْ عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ». قُلْتُ: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَعَلَّمَنِي كَمَا تُؤَذِّنُونَ الْآنَ بِهَا: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي الْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ» أخرجه النسائي وأبو داود في "سننهما".

ومن ذلك دعاؤه عليه الصلاة والسلام  لأنس بن مالك رضي الله عنه حينما طلبت منه أمه ذلك؛ بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ». قال أنس: "فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة اليوم" أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1929).

وفي هذا الشأن يقول الإمام القرطبي رحمه الله: [كان صلى الله عليه وآله وسلم كلما دعا الله في شيء أجابه فيه، وظهرت بركات دعوته على المدعو له، وعلى أهله وبنيه] اهـ. انظر: "الإعلام" للقرطبي (ص: 367).

ومن ذلك دعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم لبعير جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ فقد روى أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: فَتَلَاحَقَ بِي وَتَحْتِي نَاضِحٌ لِي قَدْ أَعْيَا، وَلَا يَكَادُ يَسِيرُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «مَا لِبَعِيرِكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: عَلِيلٌ، قَالَ: فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: بِخَيْرٍ قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ،.. الحديث. أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".

ومن أمثلة ذلك أيضاً إجابة الله تعالى له في استسقائه، ثم بكشف المطر حين شكوا إليه كثرته؛ فقد أخرج الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أصابت الناس سنة (السنة بالفتح : الجدب والقحط) على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيال، فادع الله أن يسقينا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديه وما في السماء قزعة (القزعة: القطعة من الغيم)، قال: فثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته. قال: فمطرنا يومنا ذلك ، وفي الغد ومن بعد الغد، والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو رجل غيره فقال : يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديه وقال: «اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا»، قال: فما جعل يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا تفرجت حتى سارت المدينة في مثل الجوبة (الجوبة بالفتح: هي الحفرة المستديرة الواسعة، أي: حتى صار الغيم والسحاب محيطًا بآفاق المدينة)، حتى سال الوادي -وادي قناة- شهرًا، قال: فلم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود (الجود: المطر الواسع الغزير). أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".

أَخَذَ عناد المشركين يقوى ولجاجتهم تشتد، وقد أرادوا إخراج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتحديَه بمطالبته بالإتيان بمعجزات تثبت نبوته؛ قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادعُ لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك. قال: «وَتَفْعَلُوُنَ»؟ قالوا: نعم. قال: فدعا، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت لهم باب التوبة والرحمة؟ قال: «بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك"، وقال الإمام الذهبي: "الحديث صحيح" .


لقد استقبلت السيدة خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير استقبال، وكانت نعم الزوجة، ونعم المعين، ونعم الناصح.


مضت الأيام وأقبل موسم الحجِّ عام 621م، وفيه وفد اثنا عشر رجلًا من أهل يثرب، فأزالت أخبارهم السَّارَّة كلَّ هموم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما لاقاهم في المكان المُتفق عليه. وحينما التقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوفد المدينة، حدَّثوه بأنَّ أهل بلده ينتظرونه ليلتفُّوا حوله ويعتنقوا رسالته حتى يمكنهم أن ينتصروا على اليهود ويتخلَّصُوا مما يحيط بهم من الخلاف والشِّقَاقِ.


استقبلت قريش الحبيب صلى الله عليه وسلم بالبِشر والسرور وكانت حاضنته أم أيمن وهي جاريةُ أبيه واسمها برَكة، وأول مرضعاته صلى الله عليه وسلم هي ثُويبة جاريةُ عمِّهِ أبي لهب وكانت قد أرضعت قبله عمه حمزة بن عبد المطلب وبعده أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد فهم إخوة في الرضاع. ولما كانت عادة العرب إرضاع أبنائهم في البادية لينشئوا في أجواء نقية ويتمتعوا برحابة الصحراء بعيدًا عن الحواضر وضجيجها وملوثاتها انتقل صلى الله عليه وسلم مع حليمة بنت أبي ذؤيب إلى بادية بني


بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستجيب لأمر الله بدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، ولكنه كان في بداية الأمر يستر أمر النبوة ويدعو إلى الإسلام في السر؛ حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبةً لشركها، ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشده إليه قرابةٌ أو معرفةٌ سابقة. ولقد استمر الأمر هكذا لمدة ثلاث سنين، وكان أبو بكر رضي الله عنه، أيضًا يدعو مَن يثق به من قومه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :32