25 يوليو 2017 م

إسهام الحضارة الإسلامية في التعدين

إسهام الحضارة الإسلامية في التعدين

جاء ذكر المعادن وتصنيعها في القرآن الكريم بصورة إيجابية؛ فقد كان العمل بها صناعة بعض الأنبياء مثل سيدنا داود عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ [الأنبياء: 80]، واللبوس: هو السلاح كله؛ أي السيف والرمح والدرع وغيره، وقال تعالى عنه وعن سيدنا سليمان عليهما السلام، ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ۞ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ۞ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ۞ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 10-13]، فَأَلانَ الحديد لداود، يعمل به الدروع الكاملة وهي السابغات، والسَّرد: هي المسامير أو الحِلَق، وأسال لسليمان عين القِطر وهو النحاس، وسخَّرَ له الجن يعملون له محاريب الصلاة والتماثيل والأحواض من النحاس.
وقال تعالى عن الحديد: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [الحديد: 25]، فهو مكون مهم في الصناعات المختلفة والأسلحة والبناء لقوته وصلابته.
والتعدين أو عملية استخراج المعادن من التربة أو الصخور وغيرها، اكتشفها الإنسان منذ زمن بعيد، وانتفع بهذه المعادن في الأغراض المختلفة؛ كالتصنيع وأدوات الحرب وسَكِّ العملة وغير ذلك، وجاء الإسلام بدعوته السامية للعمل والضرب في الأرض وتعميرها؛ ليعطي دفعة من التحفيز لأتباعه لاتخاذ كافة الوسائل، والخوض في كافة السبل المباحة؛ لتحقيق هذه الاحتياجات الحضارية.
والتعدين من هذه السبل والوسائل التي تُعين على امتلاك سبل القوة وتساعد في عمارة الأرض، وقد استمر المسلمون في استعمال الوسائل والتقنيات التي كانت تُستعمل قبل الإسلام في استخراج المعادن؛ كالذهب والفضة والنحاس والحديد.. وغيرها، واستفادوا منها في بناء قوة اقتصادية وعسكرية ضخمة، وأضافوا لذلك جهدًا عمليًّا وعلميًّا ساهم في تقدُّم هذا المجال وتعظيم أوجه الاستفادة منه، وقد كان هذا الجهد أحد مظاهر التعبير عن التقدُّم الحضاري عند المسلمين.
لقد اعتنى كثير من علماء المسلمين بدراسة طبيعة المواد الموجودة في الأرض وبيان خصائصها؛ كالبيروني وابن سينا، وبدرجة أقل القزويني والنَّظَّام والإدريسي والهمداني وغيرهم؛ فلقد تحدَّثوا عن الكثير من العناصر والفلزَّات مثل الفضة والذهب والزئبق والرَّصاص والنحاس، ومناطق وجودها، وكيفية استخراجها، وفوائدها، وطرق تعدينها، وما يوجد معها من أخلاط وشوائب.
ومن الكتب المؤلفة في المعادن وخصائصها: كتاب "الجوهرتين العتيقتين المائعتين من الصفراء والبيضاء (الذهب والفضة)" للحسن بن أحمد الهمداني، و"الجماهر في معرفة الجواهر" للبيروني، كما تضمنت كتب أخرى في مجالات مختلفة معلومات مهمة عن المعادن؛ كالكتب التي تحدثت عن الجغرافيا، والدول والممالك، وأخبارها، والفلسفة والفيزياء وغيرها.
ومن أمثلة ما ذكره العلماء المسلمون بخصوص المعادن: ما قال الهمداني في كتابه "الجوهرتين العتيقتين" عن الذهب: [من طباع التِّبْرِ إذا سُبِكَ من غير تعريق أن تيبس سبائكه تحت المطرقة؛ فتُفلق وتُفصد لبقايا يُبس المعدن وغِلَظِه؛ فيُعرَّق ليلين ويتلطَّف، والتعريق هو طبخ يسير] اهـ، وقال عن الفضة: [ودليلها الكحل الإثمد، فحيثما وجد علم أنه بخار الفضة وأن الجوهر تحته، فحُفِرَ عليه واستُخرج، ثم كُسِرَ على هيئة الزبيب الكبار، وما كان من دِقِّهِ ومن شَذْرِه لُتَّ بالماء مع شيء من الطين الأصفر] اهـ.
ومن المعادن التي اشتُهرت: الفولاذ الدمشقي الذي عُرِفَ عنه أنه أكثر أنواع الفولاذ صلابة، وعنى الأوروبيون بدراسته وأهميته في صناعات حديثة.
المصادر:
- "تفسير الطبري".
- "الجوهرتين العتيقتين" للهمداني.
- "التراث العلمي للحضارة الإسلامية" للدكتور أحمد فؤاد باشا.
- "التعدين" للدكتور أحمد فؤاد باشا، ضمن "موسوعة الحضارة الإسلامية" (ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
 

عرفت الحضارة الإسلامية القضاء منذ ظهور الإسلام؛ فلقد حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وخلفاؤه الراشدون بين الناس، وبعث النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم عليًّا رضي الله عنه إلى اليمن للقضاء بين الناس، وبعث كذلك معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، وبعث الخليفةُ الصدِّيقُ أبو بكر رضي الله عنه أنسَ بن مالك إلى البحرين ليقضي بين الناس، وبعث الفاروقُ عمر رضي الله عنه أبا موسى الأشعري إلى البصرة قاضيًا، وبعث عبدَ الله بن مسعود إلى الكوفة قاضيًا.


الإسلام دين الرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم هو نبي الرحمة، والرحمة في الإسلام سمة حضارية عامة تشمل الأكوان كلها من إنسان وحيوان وطير وشجر وحجر ومؤمن وغير مؤمن


مثَّلت المراعي الطبيعية موردًا مهمًّا لتغذية الحيوانات وتربيتها، ولا تزال تحظى بأهمية كبيرة للحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها، ولقد كان الإنسان منذ القدم يهاجر من أرضٍ إلى أرضٍ بحثًا عن أنسب الأماكن التي تصلح للرعي والزراعة والتجارة، واستيفاء ما ينقصه من وسائل العيش وتهيئة ظروف الأمن والاستقرار.


لا يقوم النظر الإسلامي على العزلة والانفراد، بل على التعاون والاجتماع، فالإسلام يقدِّر أن هناك أممًا أخرى وأفكارًا مختلفة تنتشر بين البشر، وهو إزاءها لا يقف موقف الخصومة والعداء بشكل مبدئي، ولكنه يسعى لقطع مادة النزاع والتمكين لترسيخ أرضية مشتركة بينه وبين غيره من الأفكار والديانات تسمح بالتعامل السلمي والإفادة المتبادلة، وهو في ظل هذه النظرة الرحيمة لا يغفل عن إمكانية رفض غيره لها وقيام صراع بينه وبينها، فشرع الجهاد صدًّا للعدوان وحماية للدين، كما شرع الدعوة لنشر الإسلام وإقناع العالمين به بالحكمة والموعظة الحسنة.


كان لعلماء الحضارة الإسلامية دور مهم في التعرُّف على طبيعة الصوت وإدراك حقائقه العلميَّة من حيث كيفيةُ انبعاثه وانتشاره، ولا نكاد نعرف أحدًا من الأمم السابقة توصَّل إلى هذا المستوى من المعرفة العلميًّة. لقد نشأت الصوتيَّات العربيَّة في أحضان لغة القرآن، وحفاظًا على هذا الكتاب الكريم، كما أدرك علماء العربية أهمية الدِّراسة الصوتية في العلوم اللغويَّة، وارتباطها بما عالجوا من قضايا نحويَّة وصرفيَّة ودلاليَّة وبلاغيَّة، ومن المهم الأخذ في الاعتبار أن علوم العرب اللغوية نشأت أول ما نشأت على السَّماع، ولم تنتشر الكتابة على نطاقٍ واسعٍ بين العرب إلا بعد ظهور الإسلام، وبالتالي فإنَّ الدراسة الصوتيَّة عند العرب هي دراسة أصيلة وليست متأثرةً بالأمم الأخرى؛ كالهند واليونان -كما يزعم بعض المستشرقين-.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :17
الظهر
1 : 1
العصر
4:37
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :9