13 سبتمبر 2017 م

"فضلُ الاستعفافِ والغِنَى باللهِ"

"فضلُ الاستعفافِ والغِنَى باللهِ"

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَالَ: «مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ» متفق عليه.
وسبب الرواية ما رواه أبو داود الطَّيالسي في "مسنده" (1/ 293) قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَمْزَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه فِي دَارِهِ، فَضَمَّنِي وَإِيَّاهُ الْمَجْلِسُ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ، قَالَ: أَصَابَنِي جُوعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ حَتَّى شَدَدْتُ عَلَى بَطْنِي حَجَرًا، فَقَالَتْ لِي امْرَأَتِي: لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَسَأَلْتَهُ، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، فَقُلْتُ: لَا أَسْأَلُهُ حَتَّى لَا أَجِدَ شَيْئًا، فَالْتَمَسْتُ فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَوَافَقْتُهُ يَخْطُبُ، فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: «مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ سَأَلَنَا فَإِمَّا أَنَّ نَبْذُلَ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ نُوَاسِيَهُ، وَمَنِ اسْتَغْنَى عَنَّا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّنْ سَأَلَنَا» فَرَجَعْتُ فَمَا سَأَلْتُ أَحَدًا بَعْدَهُ شَيْئًا، فَجَاءَتِ الدُّنْيَا، فَمَا أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَكْثَرَ أَمْوَالًا مِنَّا.
يتعرض الحديث لفضل كلٍّ من الاستعفاف والغِنَى بالله، وقبل التَّعرض للفضل لابد من تحديدِ معنى كلٍّ منهما، فما هو الاستعفافُ؟ وما هو الاستغناءُ بالله؟
ويكاد يُجمع المفسِّرون والشَّارحون على أنَّ الاستعفافَ هو الامتناع عن سؤال النَّاس، ومن ثم كان الجزاءُ من جنسِ العمل فيُجازَى على استعفافه بصيانة وجهه ودفع فاقته، يقول ابن الجوزي: [لما كان التعفف يقتضي ستر الحال عن الخلق وإظهار الغنى عنهم فيكون صاحبه معاملًا لله في الباطِنِ فيقع له الرِّبح على قدر الصدق في ذلك] اهـ.
أما الاستغناء بالله فهو درجة أعلى؛ حيث إنه يظهر منه الغنى بالله فيصبر على المنع، وإذا أعطي لم يقبل.
وفي هذه الحالة أيضًا يكون الجزاء من جنس العمل، فإما أن يغنيه الله من عنده فيعطيه ما يستغني به عن السؤال.
وإما أن يخلق في قلبه الغنى؛ فإنَّ الغنى غنى النفس.
وأما من لم يستطع كل ذلك فعليه بالصبر، فإن لم يستطع فليتصبر؛ فيعالج نفسه على ترك السؤال، ويصبر إلى أن يحصل له الرزق.
وعندئذ يكون أيضًا الجزاء من جنس العمل؛ فيقويه الله سبحانه وتعالى، ويمكِّنه من نفسه حتى تنقاد له، ويذعن لتحمل الشِّدة، وعند ذلك يكون الله معه فيظفره بمطلوبه، بفضل منه سبحانه وتعالى.
والصبر هو الأساس في الاستعفاف والغِنى بالله، فمن أعطي الصبر تمكن من تحقيق العفاف والغنى، فما أعطي إنسان عطاءً خيرًا من الصبر، فالصبر هو الأصل لمكارم الأخلاق، وهو الجامع لمكارم الأخلاق.
بل إنَّ الصبر من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلم أن يتحلَّى بها، وأن يُدَرِّبَ نفسه عليها، مع ما في ذلك من جهد ومجاهدة؛ فلقد عرَّف بعض العلماء الصبر في أحد تعريفاته بـ: "تجرع المرارة مع السكون".
وحياة المؤمن كلها محورها الصبر، فهو يصبر على طاعة الله تعالى، ويصبر أيضًا عن معصيته، كما يصبر على ما يصيبه من ضرَّاء في الحياة الدنيا تبعًا لأقدار الله بحلوها ومرها، لا يجزع ولا ييأس من رحمة الله، ولا يغترَّ بما فيه من نِعم؛ فيزلَّ خائبًا يخسر دنياه وآخرته.
المصادر:
- "المُفهِم في شرح صحيح مسلم" للإمام القرطبي.
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر.
- "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي.
 

جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابيّ فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، مه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزرموه دعوه»، فتركوه حتّى بال، ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: «إنّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنّما هي لذكر الله- عز وجل- والصّلاة وقراءة القرآن» ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فأمر رجلا من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه (أخرجه مسلم).


قال تعالى: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي ۝ اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ۝ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ۝ قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى ۝ قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى﴾ [طه: 42-46].


مبدأ إنزال الناس منازلهم يحتوي على أقصى درجات الحكمة في التعامل مع الناس، وهو طريق إلى كسبهم في صف الحقِّ والحقيقة، وكما يكون تحقيق هذا المبدأ بالكلام يكون تحقيقه بالفعل، وإليك هذا الشاهد النبوي العظيم في إنزال الناس منازلهم قولًا وفعلًا، والذي كان سببًا في إسلام عدي بن حاتم. قال ابن هشام رحمه الله: قال عدي بن حاتم: [فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه، فقال: «مَنِ الرجل؟» فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامدٌ بي إليه إذ لقيَته امرأة


عَنْ عَطَاءٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: "أَشْهَدُ أَنِّي شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ قَائِلٌ بِثَوْبِهِ هَكَذَا أَيْ فَاتِحُهُ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْخَرْصَ، وَالْخَاتَمَ، وَالشَّيْءَ" متفق عليه.


حُكي أن الحسن والحسين رضي الله عنهما وعن والديهما وعلى جدهما أفضل الصلاة وأتم التسليم مرَّا بشخص يفسد وضوءه، فقال أحدهما لأخيه: تعال نرشد هذا الشيخ، فقالا: يا شيخ إنا نريد أن نتوضأ بين يديك حتى تنظر إلينا، وتعلم من يحسن منا الوضوء ومن لا يحسنه، ففعلا ذلك، فلما فرغا من وضوئهما


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 13 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :9
الشروق
6 :42
الظهر
11 : 49
العصر
2:38
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :19