الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ
22 فبراير 2018 م

الإعلامُ بالحب وأثره في النفس والمجتمع

الإعلامُ بالحب وأثره في النفس والمجتمع

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَعْلِمْهُ» قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أبو داود.
وفي رواية عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِب رضي الله عنه، وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ» رواه أبو داود.
وفي روايةٍ أَنَّ أَبَا سَالِمٍ الْجَيْشَانِيَّ، أَتَى أَبَا أُمَيَّةَ فِي مَنْزِلِهِ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه، يَقُولُ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ فَلْيَأْتِهِ فِي مَنْزِلِهِ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ لله عَزَّ وَجَلَّ» وَقَدْ أَحْبَبْتُكَ فَجِئْتُكَ فِي مَنْزِلِكَ. "مسند أحمد".
يرشدنا هذا الحديث الشريف إلى استحباب الإعلام بالحبِّ من قِبَلِ المحبِّ لمن يحبه.
والسؤال الآن: ما هو الدَّافع لهذا الحبِّ في الأعمِّ الأغلب؟
يجيب على ذلك الإمام المناوي بقوله: [أي لصفاته الجميلة؛ لأن شأن ذوي الهمم العلية والأخلاق السنية إنما هو المحبة لأجل الصفات الْمَرْضِيَّة؛ لأنهم لأجل ما وجدوا في ذاتهم من الكمال أحبُّوا من يشاركهم في الخِلال؛ فهم بالحقيقة ما أحبوا غير ذواتهم وصفاتهم، وقد يدعي شموله للمحبة الذاتية أيضًا إذا عرت عن المقاصد الفاسدة، ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ [البقرة: 220]] اهـ.
وكيف يكون هذا الإعلام؟
يجيب على ذلك الإمام المناوي أيضًا بقوله: [بأن يقول: إنِّي أحبك لله، أي: لا لغيره من إحسان أو غيره] اهـ.
والسؤال الآن ما هو السر في مشروعية واستحباب هذا الإعلام؟
من المؤكد أن الحب في حدِّ ذاته شيء كريم وعظيم، فبعضهم يقول: إن الحب هو سر الحياة، وهو الغرض من خلق الخلق؛ يقول الحكيم الترمذي: [الحُبُّ سِرٌّ الله تَعَالَى في العباد، يفتح لهم من ذلك على أقدارهم بمشيئته بما سبق لهم من الأقدار مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله تبَارك وَتَعَالَى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ۞ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ [الأنبياء: 101-102]، ﴿مُبْعَدُونَ﴾ أَي عن النَّار ثمَّ ﴿لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾،كَأَنَّهُ أجازهم الصِّرَاط وهم لَا يَشْعُرُونَ بهَا؛ فالحُبُّ سِرٌّ فِي الْإِيمَان، وَالْإِيمَان بارزٌ ظَاهرٌ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ [الحجرات: 7]، فَالله تَعَالَى عرف نَفسه أهل منته بالمنة وخوفهم من عَظمته ورجاهم من كرمه وأخشاهم من ربوبيته؛ فنالوا هذه الْأَشْيَاء من المعرفَة المشحونة بِهَذِهِ الْأَشْيَاء، وَأما الْحبّ فَإِنَّهُم نالوا حبهم لَهُ من حبه لَهُم] اهـ.
ولكن الحب قد يعتريه الفتور وانطفاء جذوته.
من أجل ذلك شرع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإعلام بالحب؛ فإنه تأكيد لهذا الحب، وأبقى للألفة، وأثبت للمودة، وهو يرمي أيضًا إلى بعث واستجلاب الوداد من الْجَانِب الآخر.
وَإِذَا اعْتَرَاك الْوَهْمُ مِنْ حَالِ امْرِئٍ ... وَأَرَدْت تَنْظُرَ خَيْرَهُ مِنْ شَرِّهِ
فَاسْأَلْ ضَمِيرَك عَنْ ضَمِيرِ فُؤَادِهِ ... يُنْبِيك سِرُّك بِاَلَّذِي فِي سِرِّهِ
ثم إنه يعني من بعد ذلك الحث على استمرار الود والتآلف، بل إن به يتزايد الحب ويتضاعف.
ولا يخلو هذا الحب من انعكاس آثاره على الحياة الاجتماعية، فيؤدي إلى حدوث آثار اجتماعية حميدة من اجتماع الكلمة، وانتظام الشمل بين المسلمين، وبه يكون التراحم والتعاطف، وزوال المفاسد والضغائن، ولا شك أن هذا من محاسن الشريعة ومن مقاصدها.
المصادر:
- "معالم السنن شرح سنن أبي داود" للخطابي.
- "فيض القدير" للمناوي.
- "تحفة الذاكرين" للشوكاني.
- "بريقة محمودية" لأبي سعيد الخادمي.
 

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ» (رواه البخاري). يعود اهتمام الإسلام بالمرأة أنها الزوجة، والأم الحانية، والأخت، والابنة، وأن بصلاحها يصلح النشء المسلم وكذلك المجتمع، وبفسادها يفسد النشء المسلم وأيضًا المجتمع بأكمله، وهو ما أدركه الإسلام؛


قال تعالى: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي ۝ اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ۝ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ۝ قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى ۝ قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى﴾ [طه: 42-46].


عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ»، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاري.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاةٍ وَلا صَوْمٍ وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». قال أنس: فما فَرِحْنا بشيءٍ فَرَحَنا بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببت»، قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم. يتحدث هذا الحديث الشريف عن رجل اتجه بالسؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم طالبًا تحديد موعد الساعة، ليس هذا هو الأمر الأهم، فالساعة آتية لا محالة، وإنما المهم هو استعداد الإنسان لاستقبالها، لذلك يجيبه سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والتسليم بقوله: «وماذا أعددت لها؟» أي: ما العمل الصالح الذي


قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى • سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى • وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى • الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى • ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى﴾ [الأعلى: 9-13]. في هذه الآيات الكريمات يوجه رب العزة سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بضرورة


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20