06 سبتمبر 2018 م

من بركات الصلاة في الإسلام

من بركات الصلاة في الإسلام

 "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ".

هذه جملةٌ جامعةٌ صيغت برهافةِ الحسِّ ووجدانيَّةِ النَّفس ونُورَانيَّة الرُّوح تحاول تلخيص بركات الصَّلاة في عبارةٍ رائقةٍ وبلاغةٍ سابقةٍ، وإلا فإنَّ بركات الصلاة لا يعلم كُنْهَهَا وحقيقتَها وحصرهَا إلا رب البشرِ سبحانه وتعالى:

-قال الإمام ابن عجيبة في "البَحر المديد": [وفي الصَّلاة قضاءُ المآربِ وجبرُ المصائب؛ ولذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصَّلاة،﴿وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ﴾ [البقرة: 45]، أي: شاقَّةٌ على النَّفس؛ لتكريرِها في كلِّ يومٍ، ومجيئِها وقت حلاوةِ النَّومِ، ﴿إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ﴾ الذين سكنت حلاوتُها في قلوبِهم، وتناجَوا فيها مع ربِّهم، حتى صارت فيها قُرَّة عينهم] اهـ.
-قال الإمام المناوي [الصَّلاة مُعينةٌ على دفع جميع النَّوائبِ بإعانةِ الخالقِ، الذي قصد بها الإقبال عليه والتَّقرُّب إليه، فمن أقبل بها على مولاهُ حاطَه وكفاهُ؛ لإعراضه عن كلِّ ما سواه، وذلك شأنُ كلِّ كبيرٍ في حقِّ من أقبل بِكُلِّيَّتِه عليه] اهـ.
وقال أيضًا  [والصَّلاةُ مُجلبةٌ للرِّزقِ، حافظةٌ للصِّحَّةِ، دافعةٌ للأذى، مُطردَةٌ للدَّاء، مُقَوِّيَةٌ للقلبِ، مُفرحةٌ للنَّفس، مُذهبةٌ للكسل، مُنشِّطَةٌ للجوارح، مُمَدَّةٌ للقُوَى، شارحةٌ للصدر، مُغذِّيَةٌ للرُّوحِ، مُنوِّرَةٌ للقلبِ، مُبيِّضَةٌ للوجه، حافظةٌ للنعمة، دافعةٌ للنقمة، جالبةٌ للبركة، مبعدةٌ للشيطان، مقربةٌ من الرحمن.
وبالجملةِ فلها تأثيرٌ عجيبٌ في حفظ صحَّةِ القَلْبِ والبَدَنِ وقواهُما، ودفع المواد الرديئة عنهما، سيَّما إذا وُفِّيَتْ حقَّها من التَّكميلِ، فما اسْتَدْفَعْتَ أذى الدَّارين واستجلبْتَ مصالحهُما بمثلها.
وسرُّهَا أنَّها صلةٌ بين العبد وربِّه، وبقدر الوصلةِ يُفْتَحُ الخيرِ وتفاضُ النِّعَم وتُدْفَعُ النِّقَمِ] اهـ.
-وقال الإمام البيضاوي في "تفسيره": [والتَّوسُّلُ بالصَّلاةِ والالتجاءُ إليها؛ فإنَّها جامعةٌ لأنواع العبادات النَّفسانيَّة والبدنيَّة؛ مِن الطَّهارةِ وسترِ العورَةِ وصَرْفِ المالِ فيهما، والتوجُّه إلى الكعبةِ والعكوفِ للعبادةِ، وإظهارِ الخشوعِ بالجوارح، وإخلاصِ النِّيَّةِ بالقلبِ، ومجاهدةِ الشيطان، ومناجاةِ الحقِّ، وقراءةِ القرآنِ، والتَّكلُّمِ بالشهادتين وكفِّ النَّفسِ عن الأَطيَبَينِ حتَّى تُجابوا إلى تحصيل المآربِ وجبرِ المصائبِ؛ رُوِيَ أنَّه عليه الصلاة والسلام كان إذا حَزبَه أمرٌ فزع إلى الصَّلاة] اهـ.
-وقال الإمام الغزالي [فيها أسرارٌ لأجلِها كانت عمادًا؛ منها ما فيها من التَّواضع بالمثولِ قائمًا بالركوع والسجود، وهي خدمةُ الله في الأرض، والملوك لاتُخدم بالكسلِ والتَّهاوُنِ، بل بالجِدِّ والتَّذَلُّلِ؛ فلذلك كانت عمادَ الدين، وعلمُ الإيمان يكثُر بقوَّتِه ويقلُّ بضعفه؛ ولذا كان سعيد بن المسيب رضي الله عنه دائمَ الإقبالِ على الصلاة حتى قيل فيه: "لو قيل له: إنَّ جهنَّم لتسعَّرُ لك وحدك ما قدر على أن يزيد عمله شيئًا"] اهـ.
المصادر:
- "البحر المديد" للإمام ابن عجيبة.
- "فيض القدير" للإمام المناوي.
- "تفسير البيضاوي".
- "تفسير أبي السعود".
- "إحياء علوم الدين".

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقُولُ: «ابْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ» حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وفي رواية: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَوْ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما: «إِذَا بَعَثْتَ سَرِيَّةً فَلَا تَتَنَقَّاهُمْ وَاقْتَطِعْهُمْ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْصُرُ الْقَوْمَ بِأَضْعَفِهِمْ». ويؤيد هذا حديث: «لولا شيوخ ٌرُكَّع». ويؤيده حديث: «أنا عند المُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُم مِنْ أَجْلِي».


عَنْ أبي سعيد وأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ، وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» متفق عليه.


عَنِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ الله عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: «سَلِ اللهَ العَافِيَةَ»، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللهَ، فَقَالَ لِي: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ، سَلِ اللهَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه الترمذي، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".


فأما البر: فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله، وجاء تفسيره في الحديث بأنه حسن الخلق، وعُبَّر عنه في حديث آخر لوابصةَ بأنه ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، وهذا الاختلاف في تفسيره لبيان أنواعه. فالبرُّ مع الخَلْق إنما يكون بالإحسان في معاملتهم، وذلك قوله: «البرُّ حسن الخلق»، وحسن الخلق هو بذل الندى، وكفُّ الأذى، والعفو عن المسيء، والتواصل معهم بالمعروف، كما قال ابن عمر رضي الله عنه: "البرُّ شيء هيِّن: وجه طليق، وكلام ليِّن".


عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 56
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33