01 أبريل 2019 م

التفاؤل بالخير من حسن الظن بالله تعالى

التفاؤل بالخير من حسن الظن بالله تعالى

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ" رواه ابن ماجه في "سننه".
يتعرض هذا الحديث لمفهومين متباينين كل منهما في مقابل الآخر، ألا وهما: مفهوم الفأل الحسن المطلوب والمرغب فيه، وذلك قبالة مفهوم الطِّيَرَة والتطير المنهي والمرغب عنه.
والتفاؤل هو انشراح في القلب مع حسن الظن بالله سبحانه وتعالى أو طلب حسن ما عند الله، وسُئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الفأل؟ فقال: «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ» متفق عليه.
فإذا سمع أحد المرضى مثلًا شخصًا ينادى بالشارع كلمة "يا سالم" فإن هذا المريض يأخذ الكلمة مع حسن الظن بالله سبحانه وتعالى بالتفاؤل بأنه سالم من المرض أو الداء.
ولا ننسى هنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه عنه سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الْبَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ» أخرجه الشهاب القضاعي في "مسنده".
من أجل ذلك حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كل ما من شأنه أن يجعل قلب الإنسان في سعادة وسرور؛ من كلمات طيبة أو أعمال إيجابية نافعة يبعث في نفس صاحبها ومن حوله التفاؤل والإقدام ومن ثم الإنجاز.
ولقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يومًا ما في غزوة فسمع كلمة طيبة أعجب بها فتبسم لها وتفاءل بها؛ فعَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنهم، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: هَاكَهَا خَضِرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَا لَبَّيْكَ، نَحْنُ أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ، اخْرُجُوا بِنَا إِلَى خَضِرَةٍ، فَخَرَجُوا إِلَيْهَا، فَمَا سُلَّ فِيهَا سَيْفٌ» رواه الطبراني في "معجمه".
والتفاؤل يحبه الله سبحانه وتعالى الذي قال في آياته الكريمة: ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ﴾ [الصافات: 87]، وفى الحديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي» أخرجه تمام في "فوائده".
والفأل في حقيقته: هو ما يظن عنده الخير عكس الطيرة والتطير؛ غير أنه تارةً يتعين للخير، وتارةً للشر، وتارةً مترددًا بينهما: فالمتعين للخير مثل الكلمة الحسنة يسمعها الرجل من غير قصد نحو يا فلاح يا مسعود، ومنه تسمية الولد والغلام بالاسم الحسن حتى متى سمع استبشر القلب؛ فهذا فألٌ حسنٌ مباحٌ مقصودٌ. وأما الفأل الذي ينافي الفأل الحسن فمثل ما يفعله بعض الناس الآن من ضرب الودع وقراءة الفنجان.
والفرق بينه وبين القسم الذي تقدم -الذي هو مباحٌ- أن هذا مترددٌ بين الخير والشر، والأول متعينٌ للخير؛ فهو يبعث على حسن الظن بالله تعالى فهو حسنٌ؛ لأنه وسيلةٌ للخير، والثاني بصدد أن يبين سوء الظن بالله تعالى فحرم لذلك، وهو يحرم لسوء الظن بغير سبب تقتضيه العادات البشرية فيلحق بالطيرة.
والتطير هو الظن السيئ الكائن في القلب، وما يترتب على هذا الظن السيء من أفعال هو ما يسمى بـ"الطيرة"، وكلاهما لا يليق بالمؤمن، لما جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام كان يحب الفأل الحسن، ويكره الطيرة ولأنها من باب سوء الظن بالله تعالى، ولا يكاد المتطير يسلم مما تطير منه إذا فعله، وغيره لا يصيبه منه بأسٌ.
فالفرق بين الطيرة والتيمن بالفأل أن الطيرة هي سوء ظن بالله من غير سبب ظاهر يرجع إليه الظن، والتيمن بالفأل حسن ظن بالله، وتعليق تجديد الأمل به، وذلك محمود في كل أحواله.
المصادر:
• "الفروق" للقرافي.
• "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير.
• "المنهاج في شعب الإيمان" للحليمي.
• "فيض القدير" للمناوي.
• "الشمائل الشريفة" للسيوطي.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مِنْ أَقَالَ مُسْلِمًا، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ». لمّا كانت المواساة لا تقتصر على مشاركة المسلم لأخيه في المال والجاه أو الخدمة والنّصيحة.. أو غير ذلك، فإنَّ من المواساة مشاركةُ المسلم في مشاعره خاصَّةً في أوقات حزنه، وعند تعرُّضه لما يعكِّر صفوَه، وهنا فإنَّ إدخال السّرور عليه، وتطييبَ خاطره بالكلمة الطَّيِّبَةِ، أو المساعدةِ الممكنةِ بالمال أو الجاهِ، أو المشاركة الوجدانيَّة هو من أعظم المواساة وأجلِّ أنواعها، وقد كان صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يواسي بالقليل والكثير، وقد علَّمنا أنَّ من أقال مسلمًا من عثرته أقال الله عثرتَه، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يزال في حاجة العبد مادام العبد في حاجة أخيه.


عن أبي هريرة أنه قال: "قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ»، رواه البخاري.


عن كعب بن مالك رضي الله عنه: أنه كان يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه مالك في "الموطأ"، والنسائي وابن ماجه في "سننيهما". الذي دلَّت عليه الأخبار أنَّ مستقرَّ الأرواحِ بعد المفارقة مختلفٌ؛ فمستقرُّ أرواحِ الأنبياء عليهم السلام في أعلى عِليِّين، وصحَّ أنَّ آخر كلمةٍ تَكلَّمَ بها صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم الرفيق الأعلى، وهو يؤيِّدُ ما ذكر.


عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، قَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي. في هذا الحديث يبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقياسًا من مقاييس الْـخَيْرِيَّة، وهو أن من علامات التقدم وإحراز قَصَبَ السَّبْق في الْـخَيْرِيَّة أن يكون الرجل خيِّرًا مع أهله.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» متفق عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 21 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 57
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33