02 أبريل 2019 م

الحدود الكاشفة لداء الكبر في الإسلام

الحدود الكاشفة لداء الكبر في الإسلام

 عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» رواه مسلم.
في هذا الحديث الشريف نتعرف على أخطر داء قلبي ونفسي يمكن أن يتعرض له المسلم إن لم يلجم لجام نفسه بلجام التواضع أولًا لله سبحانه وتعالى، ومن ثم ثانيًا التواضع لخلق الله أجمعين، ألا وهو داء الكبر.
ويبين الحديث حقيقة هذا الداء الأعظم والخطر الأكبر من طريق بيان آثاره السيئة عند مباشرة التعامل مع الخلق، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» رواه مسلم.
والبطر: الطغيان عند النعمة، بمعنى عدم التوجه إلى المنعم بالشكر، والاعتداد بالنفس والترفع عن الناس كما قال قوم عاد: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: 15]، والاعتقاد بأنها من صنعه كما قال قارون: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: 78]، والاغترار بأنها ستدوم.
ولا يستطيع أحد من الخلق إعمال الكبر في حق الله عز وجل؛ لأنه لا يتأتى ولا يتصور التكبر مع الله عز وجل، يقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ» رواه أبو داود وابن ماجه، فلا منازعة أصلا.
ولكي يتخلص الإنسان من الكبر لابد من معرفة أسبابه التي يتولد بسببها الكبر، ولكي نصل إلى مولدات الكبر في نفس الإنسان فلابد أن نتعرف على طبيعة خلقة الإنسان والصفات التي أعطاها الله له، والتي هي في أصلها وإطلاقها ومغايرتها لصفات المخلوقين هي صفات لله سبحانه وتعالى.
فلقد أعطي الإنسان ظلًّا خفيفًا من هذه الصفات التي هي بالنسبة لله تعالى تكون بالمعنى المطلق الذي لا حدود له، ففي حقيقة الأمر هذه الصفات بالنسبة لله تعالى صفات حقيقة تصل حدودها إلى الكمال المطلق، وهي صفات قديمة بقِدَم الذات وليست محدثة، أما بالنسبة للمخلوق فهي صفات ظلِّيَّة بمعنى أنها محدثة ومحدودة ونابعة من وجود الله وإضفائه هذه الصفات على المخلوق، فإن ترك المخلوق لعنانه الحبل على الغارب لهذه الصفات من غير انضباطٍ وخضوعٍ لعبادة الواحد الأحد؛ فإن الإنسان يتوهم في حَمْأَةٍ عدم إخضاع نفسه لعبودية الله تعالى أنها صفاتٌ ذاتيةٌ نابعة منه، فيقع في درجة من الاعتداد بالنفس يقع فيها في الكبر والتعالي والترفع عن الخلق، وفي الإنسان قابلية لهذا إن هو لم يضبط نفسه ويخضع قلبه ومشاعره وجسده لعبودية الله سبحانه وتعالى. ودوننا فرعون موسى عليه السلام الذي وصل به هذا التفلت والاغترار بنفسه وعدم الالتفات إلى المعطي المنعم الواهب إلى أن تساءل في كِبْرٍ وصَلَفٍ: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: 23] ؛ فكانت إجابة سيدنا موسى عليه السلام: ﴿قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء: 24].
وبناءً على هذا البيان لأصول الكبر في النفس الإنسانية: فهناك أمور يظنها الناس من الكبر، ولكن بالعودة إلى بيان ماهية الكبر يتبين أنها لا تعد من الكبر المنهي عنه؛ من هذه الأمور: "أن الرجل يحب أن يكون ثوبُهُ حسنًا ونَعْلُهُ حسنةً". فهل يعد هذا من الكبر المنهي عنه؟
ويجيب الحديث عن هذا السؤال هذه المرة أيضًا، ويكشف عن أنه ليس من قبيل الكبر لبس الجميل من الثياب، وتحسين الهيئة والصورة، ما لم يصحبه عجبٌ في النفس، وخيلاء في الإحساس والشعور، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: 32]، ويقول تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: 31]، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ».
المصادر:
• "فتح الباري شرح صحيح البخاري".
• "بحر الفوائد" للكلاباذي.
• "فتح المنعم شرح صحيح مسلم".

عَنِ النُّعْمَانَ بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا» متفق عليه.


عن حُذَيْفَةُ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا: «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ،


فأما البر: فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله، وجاء تفسيره في الحديث بأنه حسن الخلق، وعُبَّر عنه في حديث آخر لوابصةَ بأنه ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، وهذا الاختلاف في تفسيره لبيان أنواعه. فالبرُّ مع الخَلْق إنما يكون بالإحسان في معاملتهم، وذلك قوله: «البرُّ حسن الخلق»، وحسن الخلق هو بذل الندى، وكفُّ الأذى، والعفو عن المسيء، والتواصل معهم بالمعروف، كما قال ابن عمر رضي الله عنه: "البرُّ شيء هيِّن: وجه طليق، وكلام ليِّن".


عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال عَقِبَهُ: [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ] اهـ.


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» متفق عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 مايو 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :11
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :58