14 مايو 2019 م

الأقربون أولى بالمعروف

الأقربون أولى بالمعروف

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ» رواه مسلم.
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك -أَيْ: فِي فَمِهَا-» متفق عليه.
تبلغ العلاقة بين الإنسان وأهله من قرابته وزوجه وولده في الإسلام مبلغًا ساميًا لا يضاهيه دين ولا مذهب ولا عقد اجتماعي في أي حضارة من الحضارات المعاصرة بما فيها الحضارة الغربية، وما تحمل في طياتها من تنظيم للعلاقات الاجتماعية التي تشمل العلاقات القرابية وغير القرابية.
فلا يوجد في دين من الأديان ولا ملة من الملل ولا مذهب من المذاهب أن يصبح ما ينفقه الإنسان على أهله وزوجه هو الكمال الأتم والمقصد الأهم فيما يتعلق بالنفقات؛ فلقد تَفَوَّق هذا الإنفاق على عموم الإنفاق في سبيل الله، إما باعتباره أعلى درجات الإنفاق في سبيل الله أو باعتباره إنفاقًا مقطوعًا في كونه في سبيل الله؛ فقد يرد الخلاف في إنفاق مال هل هو في سبيل الله أم لا؟ ولكن لا يختلف أحد في أن الإنفاق على الأهل والزوجة والأولاد هو إنفاق في سبيل الله.
وحضًّا على هذا النوع من الإنفاق وحثًّا عليه اعتبر ما كان منه أقرب إلى باعث الهوى والنفس أيضًا من الإنفاق الكريم المأجور عليه، وضرب الحديث مثالًا على ذلك بما يجعل الرجل في فم امرأته من الطعام، فهذه الحالة أبعد الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة، ومع ذلك فقد أخبر الشارع بأن ذلك يؤجر عليه بالقصد الجميل، فغير هذه الحالة من وجوه الإنفاق على الأهل أولى بحصول الأجر إذا قصد به وجه الله.
ولقد عمم الإسلام هذا المنحى فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية عندما وضع تلك القاعدة الكلية "الأقربون أولى بالمعروف"، والتي هي مُؤَيَّدَة بالقرآن والسنة والإجماع.

أما في القرآن: فقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: 215]، وقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 180].

وأما في السنة: فالأحاديث التي بين أيدينا، وأحاديث أخرى مثل ما جاء من قوله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم لأبي طَلْحَة حِين تصدق ببئره -بِيْرُ حَاءَ- الْقَرِيب من مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم، واستشاره فِيمَن يَجْعَلهَا فَقَالَ: « وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» رَوَاهُ البُخَارِيّ، ومثل ما رواه أصحاب السنن عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»، وما رواه مسلم عَنْ جَابِرٍ، في وصية رجل مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أعتق عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ.
ولقد أجمع الفقهاء على أن النفقة والصدقة تكون على الأقرب فالأقرب، ولهم في ذلك ترتيبات بحسب درجة القرابة، مذكورة بتفاصيلها في كتب الفقه.
المراجع
- "فتح الباري" لابن حجر.
- "شرح النووي على مسلم" للنووي.
- "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" للعز بن عبد السلام.

 

عن كعب بن مالك رضي الله عنه: أنه كان يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه مالك في "الموطأ"، والنسائي وابن ماجه في "سننيهما". الذي دلَّت عليه الأخبار أنَّ مستقرَّ الأرواحِ بعد المفارقة مختلفٌ؛ فمستقرُّ أرواحِ الأنبياء عليهم السلام في أعلى عِليِّين، وصحَّ أنَّ آخر كلمةٍ تَكلَّمَ بها صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم الرفيق الأعلى، وهو يؤيِّدُ ما ذكر.


عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» متفق عليه. يتحدث الحديث عن بركة صلة الأرحام، فهو يشير إلى أنه من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه. ومعنى ينسأ له في أثره: يعني يُمَد له في أجلِه.


قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخيلَةٍ» أخرجه البخاري في "صحيحه" معلقًا بصيغة الجزم، والنسائي في "سننه" من طريق عمرو بن شُعَيب رضي الله عنه، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا.


عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» رواه مسلم.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ" رواه ابن ماجه في "سننه". يتعرض هذا الحديث لمفهومين متباينين كل منهما في مقابل الآخر، ألا وهما: مفهوم الفأل الحسن المطلوب والمرغب فيه، وذلك قبالة مفهوم الطِّيَرَة والتطير المنهي والمرغب عنه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 56
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33