25 أغسطس 2019 م

نظام القضاء

نظام القضاء

عرفت الحضارة الإسلامية القضاء منذ ظهور الإسلام؛ فلقد حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وخلفاؤه الراشدون بين الناس، وبعث النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم عليًّا رضي الله عنه إلى اليمن للقضاء بين الناس، وبعث كذلك معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، وبعث الخليفةُ الصدِّيقُ أبو بكر رضي الله عنه أنسَ بن مالك إلى البحرين ليقضي بين الناس، وبعث الفاروقُ عمر رضي الله عنه أبا موسى الأشعري إلى البصرة قاضيًا، وبعث عبدَ الله بن مسعود إلى الكوفة قاضيًا.
وقد نزلت شريعة الإسلام المطهرة ساعية إلى إقامة العدل بين الناس؛ وذلك بتعيين الأشياء لمستحقيها، وتمكين كل ذي حق من حقه، وإن تحقيق العدل هو دستور التشريع الإسلامي الذي أقره قول الله تعالى: ﴿إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58].
وإن وجود القضاء في حضارة الإسلام إنما هو تحقيق لفرض أوجبه الشرع على عموم المسلمين بأن يكون بينهم من يفصل في الخصومات، ويقطع النزاعات، ويقيم العدل بين الناس؛ فهو فرض كفاية يجب على المسلمين في كل زمان ومكان بأن يعدوا له من يقوم به على وجهه، ولقد كان في الأساس من الوظائف المنوطة بولي الأمر كما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، وفعله الخلفاء الراشدون من بعده، إلا أن كثرة المسئوليات اقتضت أن يعينوا من ينوب عنهم في ذلك؛ تحقيقًا لهذا الفرض.
وقد أجاز أهل العلم تعدد القضاة في البلد الواحد، وتنوع اختصاصاتهم إن اقتضى الأمر، وهو ما يؤخذ من التطبيق العملي في دولة الإسلام عبر العصور، واستحب أهل العلم أن يكون للقاضي هيئة استشارية من العلماء يرجع إليها في التثبت من أمره، وأن يتخذ كذلك من يعينه من أهل العدالة والأمانة والخبرة في الأمور التي تدخل في أعمال القضاء وتحتاج إلى خبرة معينة؛ مثل تقويم الأشياء وغيرها، ففي مصر مثلًا تحدثنا سجلات المحاكم العثمانية أن القضاة كانوا يستعينون في قضايا القتل بالطب الشرعي ويعتمدون في ذلك على الجراحين الذين يكتبون تقاريرهم للقاضي عما يلاحظونه، وكذلك يستعينون في نزاعات الأبنية والأوقاف بالمهندسين، وهكذا.
وتيسيرًا لعمل القاضي وتحقيقًا للغرض من عملية القضاء عرفت الحضارة الإسلامية ما يسمى بمعاوني القضاة؛ فهناك كاتب القاضي، والحاجب الذي يُقَدِّم الخصوم إلى القاضي بنظام معين، وهناك مَنْ يقوم بإعلام الناس بوقت جلوس القاضي للحكم ووقت راحته، والمترجم الذي يترجم أقوال المدعين أو الشهود عند جهل القاضي بلغتهم، وهناك الشهود، وهم من أعوان القاضي يحضرهم مجلسه ليسمعوا كلام المتخاصمين فيحفظوا إقراراتهم وتستوفى بهم الحقوق وتثبت بهم الحجج، وغير ذلك من الوظائف المعاونة.
وأما القانون الذي يحكم القضاة عبر تاريخ حضارة الإسلام فهو الفقه الإسلامي متمثلًا في مذاهبه المتنوعة، وذلك بحسب المذهب المعمول به في الزمان والمكان؛ ففي بداية العصر المملوكي مثلًا كان المذهب الشافعي هو عمدة القضاء في مصر المحروسة حتى جاء الظاهر بيبرس وجعل لكل مذهب من المذاهب الأربعة المشتهرة قاضيًا، وفي مرحلة الخلافة العثمانية كان المذهب المعمول به هو المذهب الحنفي.

المراجع:
"أدب القاضي" للعلامة الماوردي.
"البيان" للشيخ العمراني الشافعي.
"تاريخ القضاء في مصر العثمانية" للأستاذ عبدالرزاق عيسى.
"تفسير التحرير والتنوير" للعلامة ابن عاشور.
"المغني" للعلامة ابن قدامة.
"نظام القضاء في الشريعة الإسلامية" للدكتور عبد الكريم زيدان.
 

كان لعلماء الحضارة الإسلامية دور مهم في التعرُّف على طبيعة الصوت وإدراك حقائقه العلميَّة من حيث كيفيةُ انبعاثه وانتشاره، ولا نكاد نعرف أحدًا من الأمم السابقة توصَّل إلى هذا المستوى من المعرفة العلميًّة. لقد نشأت الصوتيَّات العربيَّة في أحضان لغة القرآن، وحفاظًا على هذا الكتاب الكريم، كما أدرك علماء العربية أهمية الدِّراسة الصوتية في العلوم اللغويَّة، وارتباطها بما عالجوا من قضايا نحويَّة وصرفيَّة ودلاليَّة وبلاغيَّة، ومن المهم الأخذ في الاعتبار أن علوم العرب اللغوية نشأت أول ما نشأت على السَّماع، ولم تنتشر الكتابة على نطاقٍ واسعٍ بين العرب إلا بعد ظهور الإسلام، وبالتالي فإنَّ الدراسة الصوتيَّة عند العرب هي دراسة أصيلة وليست متأثرةً بالأمم الأخرى؛ كالهند واليونان -كما يزعم بعض المستشرقين-.


من العلوم التجريبية التي أسهمت فيها الحضارة الإسلامية بنصيب كبير علوم الطبيعة (الفيزياء)، وشأن كل العلوم بدأ المسلمون في استيعاب ما وصلت إليه الحضارات القديمة في هذا العلم، ثم ما لبث المسلمون حتى قاموا بالتجديد والتطوير والإضافات الفريدة التي قامت على أسس البحث التجريبي الصرف الذي كان لعلماء المسلمين فضل السبق في إرساء دعائمه. وكان من نتائج المنهج التجريبي لدى المسلمين استنتاج نظريات جديدة وبحوث مبتكرة في قوانين الحركة، والقوانين المائية، وقانون


لم يَخْلُ ميدانٌ من ميادين النُّهوض والتَّقدُّم إلا وأسهم فيه المسلمون إسهامًا متميِّزًا؛ ومن هذه الإسهامات ما قدَّموه في ميدان علم التَّشريح، الذي يُعْنَى بالبحث في أعضاء الكائن الحيِّ وتركيبِها وكيفيَّةِ عملِها؛ حيث اعتبروا ممارسة التَّشريح أمرًا ضروريًّا ليس فقط لفهم وظائف أعضاء الجسد، بل ولسلامة التَّشخيص وتقرير العلاج الناجع أيضًا.


كان للمسلمين دورٌ كبيرٌ في نهضة علم الجغرافيا والتعرف على تضاريس الأرض ومعرفة خواصها، لقد دعا القرآن الكريم الناس إلى السير في الأرض للتعرف على أدلة خلق الله تعالى وعظمة إبداعه وآثار الأمم السابقة، فقال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20]، وقال جل شأنه: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20]، وقال أيضًا:


"الأدب" كلمةٌ ترجع إلى معنى الاجتماع والضيافة والكرم، ومن ذلك تسمية العرب للمأدبة، فكان العرب يقولون: أدِبَ القومَ يأدبهم أدبًا، إذا دعاهم إلى طعامٍ يتَّخذه، وكان إقراءُ الضيوف وتقديمُ الطعام لهم من أرقى الخصال التي يتحلَّى بها المرءُ في هذه البيئَة الصَّحراويَّةِ المُقْفِرَةِ؛ حيث كان امتلاكُ الطَّعام هو السبيلُ الدُّنيويُّ الوحيد تقريبًا للحياة، فكان تقديمُه للضيوف دليلًا على رُقِيٍّ أخلاقيٍ عالٍ، وَسُمُوِّ نفسٍ كبيرٍ.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 21 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 57
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33