18 مايو 2022 م

المساواة بين الزوجين

المساواة بين الزوجين

أحاط الشرع الشريف علاقةَ الإنسان بالكون من حوله بجملةٍ من المبادئ والحقوق والواجبات التي تراعي الفوارق الفطريَّة، والخصائص الطبيعية التي يمتاز بها أحد نوعيه على الآخر، وتحقِّق انسجامًا وتصالحًا دون تناقض أو صراع.

ومن ثَمَّ يأتي التأكيد على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة باعتباره حقًّا من حقوق الإنسان في الإسلام؛ حيث تنطق نصوص الوحي الشريف من الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة بأنَّ الإنسان مكرَّم بنوعيه -الذَّكر والأنثى- في أصل خِلقته، وأنَّ كُلًّا منهما مكلَّف بحقوق وواجبات، وثوابٍ وجزاءٍ على قدرٍ مُتَساوٍ إلَّا ما نُصَّ على تخصيصه بأحدهما دون الآخر؛ ويدلُّ على ذلك عطفُ المرأة على الرجل عند ذكر كثيرٍ من هذه الأحكام أو تلك الفضائل، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].

وتؤسِّسُ هذه الآية الكريمة وحدها سمات الإطار العام الذي ينبغي على الزوجين مراعاة أصوله ومظاهره؛ حيث أطنبت في ذكر الخصال الحميدة التي يُمتَدَحُ بها الإنسان شرعًا وعقلًا وعرفًا إذا تحلَّى بحقائقها، وتحمَّل في طيَّات ذلك بيانًا قاطعًا يؤكِّد أنَّ المساواةَ بين الرجل والمرأة غيرُ منحصرة في خصوص خصلة واحدة، بل المساواة بينهما من أصول التشريع ومقاصده؛ فالمرأة تتمتَّع بجملةٍ من الحقوق الفردية والاجتماعية والإنسانية تكافئ ما عليها من واجبات ثقيلة، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228]، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» رواه أبي دواد. وبذلك ساوت النصوص الشرعيَّة بين الزوجة وزوجها أمام تشريعات الحقوق والواجبات وأحكامها، وأيضًا أمام تشريعات الجزاء وأحكامها، فضلًا عن تعليق الشرع زواج المرأة على إذنِها ورضاها سواء كانت بكرًا أو ثيِّبًا، بما يؤكد أنَّ نظرة الإسلام للمرأة تتمثل في كونها إنسانًا مستقلًّا حرًّا مثلها في ذلك كالرجل تمامًا بتمامٍ، ومن ثمَّ قرر أهليَّتها الكاملة واستقلال إرادتها واختيارها وانفصال ذمتها المالية عن ذمة الزوج؛ وفي ذلك يقول تعالى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: 229].

والمساواة هنا ليست بمعنى التساوي المطلق، بل هي مساواة نسبيَّة روعي فيها ما اختص الله تعالى المرأة من فضلٍ وخصوصيةٍ يحتاجُها الرجل، والعكس صحيح، ورتَّب على ذلك أحكامًا متعلِّقَة بالنَّوع والجنس، وهي قليلة بالمقارنة مع جملة الأدوار والأحكام المشتركة بينهما؛ نظرًا للفروق البيولوجية والعقلية والعاطفية بينهما، وليس في ذلك أيضًا ثمَّة خروج عن شِرْعَةِ المساواة؛ لأنَّ ما اختُصَّ به الزوج من أحكام هو من قبيل الفضل الوظيفي، وهو كذلك بالنسبة للمرأة، بل عالج الشرع الشريف ما قد ينتج عن ذلك من شعور بالدونية عند البعض؛ فحثَّهما على ألَّا يتمنَّى أحدهما مميزات الآخر؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: 32].

ويتأكد من خلال ذلك كله سَبْق الإسلام في تقريره لمبدأ المساواة وإطاره العام وصوره الواقعية باعتباره حقًّا أصيلًا من حقوق الإنسان، فضلًا عن كونه مُنْطلَقًا لبناء الأسرة السعيدة وتوفر الأجواء السليمة والصحيَّة لها؛ حيث يشترك كلّ من الزوجين في أغلب الأدوار والمسئوليات داخلها؛ من أجل تحقيق التكامل بين دور كلٍّ منهما.

*****

 

حفظ أسرار الزوجية له أهمية كبرى في بناء الحياة الأسرية السعيدة؛ باعتباره قيمةً أسرية شرعية واجتماعية وأخلاقية؛ لذا حظر الشرع الشريف على كلا الزوجين التحدث عنها والكشف عن مستور هذه العلاقة؛ خاصة أنها ذات طبيعة خاصة مبنية على الامتزاج والميثاق الغليظ ودوام الألفة.


1- الأسرة محل نظر الله فمهما تعرضت لضغوط ومشكلات، فهي قادرة بمدد الله مع إرادة الزوجين على العودة للحياة بتوافق جديد. 2- أقرب طريق لقلب زوجتك الإحسان والود لأهلها. 3- من أهم قواعد إدارة المشكلات بين الزوجين: يجب التفكير في الحلول ومن العبث البحث عن المتسبب والأسباب.


غرس الشرع الشريف جذورًا إنسانية وشرعيَّة جعلت للأمومة خاصة وللمرأة عامة عند المسلمين معنًى رفيعًا له دلالته السامية في تراثهم الديني وموروثهم الحضاري والثقافي؛ فالأم لبنة قوية في الصلات العائلية الـمُكَوِّنة لأصل نظام الاجتماع البشري عبر العصور.


من مقومات الحياة الأسرية السعيدة تفاهم الزوجين واتفاقهما المشترك حول كافة المعاملات، وبخاصة المعاملات المالية؛ فتكون مبنيةً على أسس واضحة وصحيحة بما يضمن استمرار الحب والتراضي والمودة بين جناحي الأسرة.


أَوْلَى الإسلام أمر الأسرة بالعناية والرعاية؛ فأحاطها بسياج محكم يشمل كل جوانب الإنسان؛ حيث ينشأ مع العقيدة ويسري في التعبُّد ووسائل التقرُّب إلى الله تعالى، فضلًا عن كشفه سمات طريقة بناء الأسرة المثالية عبر مراحلها المختلفة، مع ضبطٍ متين لممارسات الأسرة وتفاعلات أفرادها وفق جملةٍ من الشروط والمعايير الشرعيَّة والعرفية.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :22
الشروق
6 :49
الظهر
12 : 44
العصر
4:7
المغرب
6 : 39
العشاء
7 :56