22 نوفمبر 2023 م

الإمام أبو العون محمد الغزي القاري

الإمام أبو العون محمد الغزي القاري

إن بلادًا عاش فيها السادة الأنبياء عليهم السلام والسادة الصحابة الكرام، لا تخلو من العلم والعلماء، ولا تُحرم من بركاتهم، ومن أعيان العلماء الذين سكنوا أرض فلسطين: ولي الله تعالى الإمام العامل الخاشع الناسك شمس الدين محمد أبو العون محمد الغزي القاري الجلجولي الشافعي.

وكان الإمام أبو العون من ساكني حلب، وبعد ذلك توجه داخلًا القدس الشريف، وبعد ذلك توجَّه من القدس إلى زيارة الخليل عليه السلام قاصدًا مكة المشرفة، فقضى مناسكَه، وزار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعاد إلى فلسطين.

وقد عاش هذا الإمام في فلسطين وبلغ من المجد والشهرة فيها ما بلغ؛ فكان مقصدًا للناس يطلبون منه الدعاء ويرجون منه البركة؛ لأنه كان مشهورًا بين الخلق بالولاية والتقوى والصلاح.

ولـمَّا كانت ولاية الإمام أبي العون الغزي مشهورةً منتشرة في الآفاق لم تنقطع عنه أنظار ولا زيارات الناس حتى بعد موته؛ فإنه لما توفي في ربيع الآخر سنة عشر وتسعمائة بمدينة الرملة، ودفن بأرض فلسطين في قبره المعروف هناك، صار الناس يقصدونه للزيارة والتبرك به وبأعماله الصالحة، وهذا مما يزيدنا معرفةً بأن هذه الأرض المقدسة قد جمعت مع رفات الأنبياء والمرسلين والصحابة رفات الأولياء والصالحين؛ فدولة فلسطين مشتملة على مقابر ومقامات ومزارات وأماكن دينية مقدسة.

وإن وجود أمثال هذا العالم الجليل مما يُشعرنا بقيمة هذه الأراضي المقدسة، وبأنها بالنسبة لعامة وجماهير المسلمين في بقاع الدنيا مما يجب الحفاظ عليه واغتنام بركته، وأن التمسك بالحفاظ عليها يُمثل جزءًا كبيرًا من الحفاظ على الهوية الإسلامية؛ لأن هذه المعالم الإسلامية والمقدسات الدينية نالت هذه القدسية وتلك المكانة الروحية من نصوص وقواعد وأحكام الشريعة الإسلامية.

وقد جرت عادة العلماء والصالحين أنهم إنما يسكنون البلاد التي تهوي إليها النفوس وتسكن بها الأرواح وتطمئن فيها القلوب، وهذا مما يشهد به القاصي والداني لدولة فلسطين الحبيبة؛ فإن هذه البلاد المقدسة مع ما تُقاسيه من عدوان غاشم إلا أنها مسكن الأنبياء، ومأوى الصحابة الأتقياء، وملتقى العلماء والأولياء، وفيها من النور والبركة ما لا يعلمه إلا الله تعالى، ولا يشعر به إلا من كان في قلبه صفاء، وفي روحه نقاء، ولم يكن ممن يتجنَّى ويتعدى على الأبرياء والضعفاء.

المراجع:

  • الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، لمجير الدين العُليمي 2/ 72، ط. مكتبة دنديس.
  • الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، لنجم الدين الغزي 1/ 75-78، ط. دار الكتب العلمية.
  • التاريخ المعتبر في أنباء من غبر، لأبي اليُمْن العُلَيْمي، 2/ 243، ط. دار النوادر.

من العلماء المحدِّثين الذين عاشوا بأرض فلسطين المباركة: إسماعيل بن حَمْدَوَيْه البِيْكَندِي، وقد كان عالمًا جليلًا وإمامًا كبيرًا.


فلسطين منذ قديم الزمان تُعتبر موطنًا ومقصدًا للعلماء والصالحين؛ لما تشتمل عليه هذه البلاد المقدسة من الفضل والبركة التي حباها بها الله سبحانه وتعالى بكرمه وفضله. والإمام علي بن سليمان الأذرعي من العلماء الذين جمعوا بين العلم وتولي القضاء؛ فهو ممن ولي القضاء في بلدان عديدة، وشأنه شأن كثير من الأئمة والعلماء، يُحب الرحلة والتنقُّل بين البلدان، ومن البلدان التي استقرَّ فيها قبيل وفاته دولة فلسطين، وهو قبل أن ينزل فلسطين كان قاضيًا ببلدان كثيرة، منها: طرابلس وعجلون وزرع ودمشق، وغيرها.


من التابعين المشهورين بين العامة والخاصة بالزهد والعبادة والورع: عبد الله بن محيريز بن جُنَادَةَ بن وهب القرشي الْجُمَحِيُّ المكي أبو محيريز، ومعلوم أنه من دمشق، ولكنه نزل بيت المقدس، وعاش بها في نهاية عمره، واشتهر بهذا، حتى إنه لم يترجم له أحد قط إلا وذكر أنه نزيل بيت المقدس.


تَوافُدُ الصحابة الكرام رضي الله عنهم على أرض فلسطين بكثرة جعلها بلادًا خصبة للعلم والعبادة، فقد تلقى الناسُ عنهم العلم، ومن هنا فقد كثر التابعون الذين أخذوا العلم عن الصحابة وعايشوهم في رحاب بيت المقدس.


ممن عاش من علماء المذهب الشافعي الكبار على أرض فلسطين المباركة، ودرَّس المذهب الشافعي لأهلها الإمام الجليل: شهاب الدين أحمد بن حسين بن حسن بن علي بن رسلان، رأس الصوفية في عصره.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 22 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 57
العصر
4:33
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33