04 فبراير 2024 م

بناء المسجد الأقصى ومساحته

بناء المسجد الأقصى ومساحته

المحتويات 

1ــ بناؤه:

كان لتاريخ بناء المسجد الأقصى المبارك أثرٌ في عراقته من جهة، وقدسيته من جهة أخرى، وأهميته ومكانته من جهة ثالثة؛ لأن أول بناء للمسجد الأقصى كان لأبي البشر آدم عليه السَّلام، وما بعد آدم من بناءات لقبلة المسلمين الأولى كان بناءَ تجديدٍ لا بناءَ استحداثٍ؛ كما هو حال الكعبة المشرفة قبلة المسلمين الحالية.

فآدم عليه السَّلام هـو الـذي اختطَّ حدوده بعد أربعين سنة مِن إرسائه قواعدَ البيت الحرام، بأمر من الله تعالى؛ فقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال: قلتُ يا رسول الله، أيُّ مسجد وُضع في الأرض أوَّلَ؟ قال: «المسجد الحرام» قال: قلت: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى» قلت: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعدُ فصَلِّه، فإن الفضل فيه».

وقد أكد علماء المسلمين أن آدم عليه السلام هو بالفعل أول من بنى المسجد الأقصى، وهذا ظاهر مما ذكره الحافظ ابنُ حجر العسقلاني حينما قال في "فتح الباري": وقد وجدتُ ما يشهد له ويؤيِّد قول من قال: إنَّ آدم هو الذي أسَّس كلًّا من المسجدين؛ فذكر ابن هشام في "كتاب التيجان" أن آدم لمَّا بنى الكعبة: «أمره الله بالسَّير إلى بيت المقدس وأن يبنِيَه، فبناه ونسك فيه» وبناء آدم للبيت مشهور.

وكما تتابعت عملياتُ البناء والتعمير على المسجد الحرام، تتابعت أيضًا على المسجد الأقصى المبارك؛ فقد عمره ورمَّمه خليلُ الله سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم تولى بعده هذه المهمة أبناؤه: إسحاق ويعقوب عليهم السلام، كما جدَّد سيدنا سليمان عليه السلام بناءه، وقد ذكرت بعضُ الروايات أنَّ داود بدأ بناءه وأكمله سليمان عليهما السلام.

فيظهر لنا من هذا أن بناء المسجد الأقصى عبر التاريخ، بل ومن بداية إعمار الإنسان لهذه الأرض، من الأمور التي اهتمَّ بها أنبياءُ الله تعالى، اقتداءً في هذا بأبيهم آدم عليه وعليهم جميعًا الصلاة والسلام.

2- مساحته:

إن مساحة المسجد الأقصى لهي إحدى الشواهد على عظمته ومهابته، فهذا المسجد العامر له نصيب كبير جدًّا من مساحة أرض فلسطين المباركة؛ فتبلغ مساحته: 4500 مترٍ مربعٍ تقريبًا، وقد شرع في بنائه: الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي، وأتَـمَّه الوليد بن عبد الملك سنة: 705م، ويبلغ طول بنائه ما يقرب من: 80 مترًا، وعرضه ما يقرب من: 55 مترًا، وأما عدد أعمدته الآن فيبلغ 53 عمودًا من الرخام و49 ساريةً مربعة الشكل.

وقد ذكر العلماء والمؤرخون أن الأقصى اسمٌ لجميعِ المسجد مما دار عليه السُّور؛ لأن المسجد حوله مساحة كبيرة، فكل ما هو بداخل السور من مساحة وبناءات داخلٌ في اسم المسجد الأقصى، وهذا لا شك مساحة كبيرة جدًّا.

ومما ذكروا أيضًا أن هذا الجامع الذي هو في صدْرِه عند القبلة التي تُقام فيها الجمُعة -وهو المتعارف عند الناس أنه المسجد الأقصى- يشتمل على بناء عظيم به قبة مرتفعة مُزينة بالفصوص الملونة، ويوجد تحت هذه القبة المنبر والمحراب.

وهذا (الجامع) ممتدٌّ مِن جهة القبلة إلى جهةِ الشّمال، وعدة ما فيه من العُمُد: 45 عمودًا، منها 33 من الرخام ومنها 12 مبنية بالأحجار، وعمود مبني عند الباب الشرقي تجاه محراب زكريا. وعدة ما فيها من السواري المبنية بالأحجار: 40. فكل هذا يرشدنا إلى كِبر مساحته وعظمتها.

المراجع:

  • فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني 6/ 409، ط. دار المعرفة.
  • تاريخ بيت المقدس، لابن الجوزي ص: 37، ط. مكتبة الثقافة الدينية.
  • بيت المقدس: أرض النبوات ومنبع البركات؛ من خلال السنة النبوية المطهرة، للدكتور شعبان محمود عبد القادر، ص: 25.
  • الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، للعليمي، 2/ 24، ط. مكتبة دنديس.
  • مقال عن: المعالم الدينية والسياحية لمدينة القدس، بموقع: مركز المعلومات الوطني الفلسطيني.

مِن الأنبياء الذين مرُّوا بهذه الأرض المباركة: كليم الله سيدنا موسى عليه السلام، الذي أرسله الله نبيًّا بشريعة بني إسرائيل، واسمه: موسى بن عمران بن قاهِث بن لاوِي بن يعقوب.


مِن الأنبياء الذين مرُّوا وعاشوا بأرض فلسطين المباركة: روحُ الله وكلمته، وعبده ورسوله، سيدُنا عيسى عليه الصلاة والسلام، خاتم أنبياء بني إسرائيل، وأحد الخمسة المرسلين من أولي العزم، فقد وُلد عليه السَّلام في «بيت لحم»، وهي قرية قريبةٌ مِن القدس؛ فجاء في حديث المعراج أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلَّى تلك الليلة في المكان الذي وُلد فيه عيسى، وورد أن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص كان يبعث إلى بيت لحم ببيت المقدس -حيث ولد عيسى- زيتًا؛ لأجل أن يُسْرَجَ المسجد الأقصى ويُضاء به.


مما ينبغي على المسلمين اعتقاده اعتقادًا لا يخالطه أدنى ريب أن نصر الله قريب، وأن الله سبحانه وتعالى سيفتح على المسلمين المسجد الأقصى لا محالة، طال الزمان أو قصر، كثر الطغيان أو قل، وأن هذه البلاد المقدسة ستكون محلَّ خلافة المسلمين، وأن بلاد الشام، ومصر، وهذه الدول لابد أن الله تعالى سيرعاها، ولن يتركها، وأن اشتداد الكربات، وازدياد الأزمات، لا ينبغي أن يؤثر على اعتقادنا وثقتنا في البشارات والوعود التي نطقت بها نصوص الشريعة الإسلامية الغراء.


ليس من الغريب على بيت المقدس أن يغتصبه الغاصبون وأن يعتدي عليه المعتدون، فمن الذين فتحوا بيت المقدس وحرروه من أيدي الغاصبين الجبارين: نبيُّ الله يوشع بن نون المتصل نسبه بنبي الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن الخليل إبراهيم عليه السلام، فتى موسى، وأحد تلاميذه، ووارث نبوة بني إسرائيل من بعده عليهم جميعًا السلام، وهو المراد بالفتى في قصة سيدنا موسى والخضر، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ [الكهف: 60]، وقد ورد في "صحيح البخاري" أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن هذا الفتى هو: نبي الله يوشع بن نون الذي صحب موسى في قصة ذهابه إلى الخضر عليهم جميعًا السلام.


بلاد القدس تشتمل على فضائل ومزايا دينية وروحية كثيرة، ولعل هذا من أهم ما يجعلها مطمعًا لكثير من المعتدين على مر العصور، ولم تكن حالة الاحتلال التي تعيشها الأراضي الفلسطينية هي الأولى من نوعها، فقد تعرَّض بيت المقدس للاحتلال مِن قبل الصَّليبيين سنة ٤٩٢هـ - ١٠٩٩م، وقد نتج عن هذا العدوان والاحتلال فساد كبير؛ فغيَّروا معالمها واعتَدَوْا على أهلِها وأساءوا إلى مقدساتِ المسلمين فيها، ولم يتمكَّن المسلمون مِن استردادِها على مدى تسعة عقود إلى أن سخر الله سبحانه وتعالى للمسلمين قائدًا مجاهدًا قوي العزيمة صادق النيَّة: هو السلطان صلاح الدين الأيوبي، فأعانه الله على جهاد هؤلاء المعتدين، وتمكن من تحريرها سنة 583هـ - ١١٨٧م، فأعاد لها قدسيتها وطهرها من هذا الدنس الذي انتشرت رائحته الكريهة وأفسدت الأجواء على العباد والبلاد.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57